إعداد: عبد الحليم الكناني
1- فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي (شيخ الجامع الأزهر)
يقول فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي (شيخ الجامع الأزهر) في مقدمة لأول عدد من مجلة (المنار)، حين كلِّف الأستاذ البنا بإعادة إصدارها بعد وفاة مؤسسها العلاَّمة المجدِّد محمد رشيد رضا، قال فيها: "والآن قد علمت أنَّ الأستاذ حسن البنا يريد أن يبعث (المنار) ويعيد سيرتَها الأولى، فسرَّني هذا، فإن الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالاً وثيقًا على اختلاف طبقاتهم وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة".
2- فضيلة الشيخ حسنين مخلوف (مفتي مصر الأسبق)
(الأئمة في مختلف العهود كانوا أعلام دين وسياسة)
"الشيخ حسن البنا (أنزله الله منازل الأبرار) من أعظم الشخصيات الإسلامية في هذا العصر، بل هو الزعيم الإسلامي الذي جاهد في الله حقَّ الجهاد، واتخَذ لدعوة الحق منهاجًا صالحًا، وسبيلاً واضحًا، واستمده من القرآن والسنة النبوية، ومن روح التشريع الإسلامي، وقام بتنفيذه بحكمة وسداد، وصبر وعزم، حتى انتشرت الدعوة الإسلامية في آفاق مصر وغيرها من بلاد الإسلام واستظلَّ برايتها خلقٌ كثير.
عرفته- رحمه الله- منذ سنين، وتوثَّقت الصداقة بيننا في اجتماعات هيئة وادي النيل العُليا لإنقاذ فلسطين الجريحة، وتحدَّثنا كثيرًا في حاضر المسلمين ومستقبل الإسلام، فكان قويَّ الأمل في مجدِ الإسلام وعزة المسلمين إذا اعتصموا بحبل القرآن المتين، واتبعوا هدْيَ النبوة الحكيم، وعالجوا مشاكلهم الاجتماعية والسياسية وغيرها بما شرعه الله في دينه القويم.
ففي الإسلام من المبادئ السامية، والتعاليم الحكيمة ما فيه، من شفاء لكل مرض، وعلاج لكل داء، وحل لكل مشكلة، وفيه من الأحكام ما لو نفِّذ، ومن الحدود والعقوبات ما لو أُقيم لسعد الناس في كل زمان ومكان بالاستقرار والاطمئنان، وعاد المسلمون إلى سيرتهم الأولى يوم كانوا أعزاء أقوياء.
تلك لمحةٌ من حديثه، وهي عقيدة كل مسلم، وأمل كل غيور على الإسلام، غير أن العلماء حبسوا هذا العلم الزاخر في الصدور، ولم يردِّدوه إلا في حلقات الدروس وفي زوايا الدور.
أما الشيخ حسن البنا- رحمه الله- فقد أخذ على نفسه عهدًا أن يرشد العامة إلى الحق، وينشر بين الناس هذه الدعوة، وينظِّم طرائقها ويعبِّد سبيلها، ويربِّي الناشئة تربيةً إسلاميةً تنزع من نفوسهم خواطر السوء، وتعرِّفهم بربهم وتدنيهم من دينهم الذي ارتضاه الله لهم، فكان له ما أراد، وتحمَّل في ذلك من المشاقِّ والمتاعب ما لا قِبَل باحتماله إلا الرجل الصبور والمؤمن الغيور، الذي يبغي رضاء ربه بما يعمل، ويشعر بدافع نفسي قوي إلى إنقاذ أمته من شر وبيل وذلٍّ مقيمٍ.
من الطبيعي- وهذه دعوته- أن يمس السياسة عن قرب، وأن يأخذ في علاج مختلف الشئون على ضوء التعاليم القرآنية، وهنا يقول الأستاذ بحق ما نقوله نحن ويقوله كل من درس الإسلام وأحاط خبرًا بالقرآن: إن الإسلام دين ودنيا، وسياسة ودولة، والمسلم الحق هو الذي يعمل للدين والدنيا معًا، فقد جاء القرآن بالعقائد الحقة، وبالأحكام الراشدة في العبادات والمعاملات ونُظُم الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وجاء بالأوامر والنواهي وما يصونها من العقوبات والزواجر، وألزم المسلمين كافة العمل بها، وإقامة الدولة على أساسها، فإذا دعا حسن البنا إلى ذلك فقد دعا إليه الله ورسوله، ودعا إليه الصحابة والتابعون وسائر الأئمة والفقهاء وزعماء الإسلام في كل زمان.
يعيب عليه البعض أنه توغَّل في السياسة، وقد نوَّهتُ بالردِّ على ذلك في عدة أحاديث أذعتُها في مناسبات شتى، فالسياسة الراشدة من صميم الدين، والصدارة فيها من حقِّ العلماء بل من واجبهم، الذي لا يدفعه عنهم أحد، وما أُصيب العلماء بالوهن والضعف وما استعلى عليهم الأدنون وتطاول