• الحوار التاسع: رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب عائشة:
  • قالت عائشة رضي الله عنها: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وأنا خفيفة اللحم، فنزلنا منزلاً، فقال لأصحابه:

    "تقدموا"، ثم قال لي: "تعالي حتى أسابقك" فسابقني، فسبقته، ثم خرجت معه في سفر آخر، وقدحملت اللحم فنزلنا منزلاً، فقال لأصحابه: "تقدموا". ثم قال لي: "تعالي اسابقك"، فسابقني، فسبقني، فقال: هذه بتلك...".

    وقد تضمن الحوار فوائد عدة منها:

    أولاً: كثير من الرجال يتشاغلون عن زوجاتهم طوال الاسبوع، ويعتذرون بكثرة مشاغلهم، وهذا هو قائد الأمة وسيد البشر عليه أفضل الصلاة والسلام يجد في جدول أعماله المزدحم وقتاً يلاعب فيه أهله، ويضاحك فيه زوجته.. فمن هم دونه أولى بأن يخصصوا في جدول أعمالهم وقتاً لزوجاتهم وتربية أبنائهم.

    ثانياً: للملاطفة والمداعبة بين الزوجين أثر في النفوس، فالرسول صلى الله عليه وسلم ظل يذكر تلك المرة التي سبقته فيها عائشة على الرغم من طول العهد بها. فقال: "هذه بتلك!!، ولعل من أساليب إيقاظ المحبة في قلبي الزوجين، تذكر الأيام الماضية والمواقف السالفة التي كان لهم فيها أحاديث جميلة وأعمال سعيدة، وقد قال الله تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم ). البقرة ، الآية :237

    ثالثاً: كان عليه أفضل الصلاة والسلام يحرص على ملاطفة وملاعبة الزوج لزوجته حتى قال لجابر رضي الله عنه وأرضاه: "هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك".

    بل إنه عليه أفضل الصلاة والسلام قال: "كل شيء ليس فيه ذكر الله لهو إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعلم السباحة".

    رابعاً: الألعاب الرياضية التي تؤديها المرأة ينبغي أن تكون مناسبة لطبيعة المرأة وبعيدة عن الرجال؛ وإنما ذكرت هذه الفائدة؛ لأن بعض العلمانيين يستشهدون بهذا الحديث على لعب المرأة في الألعاب الأولمبية وقد كشفت عن عورتها في مجامع الرجال!! فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يسابق زوجته عائشة؛ قال لأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم "تقدموا" فانفرد بزوجه عائشة فسابقها، ولذا فإن الألعاب الرياضية التي تمارسها المرأة ينبغي أن تنضبط بالضوابط الشرعية، ومن أهمها:

  • أن تكون في معزل عن الرجال.
  • أن لا تكون في أماكن مشبوهة لا تأمن المرأة فيها أن يطلع عليها الرجال من مكان خفي.
  • أن تكون المرأة ساترة لعورتها.
  • أن تكون هذه الألعاب مناسبة لطبيعة المرأة، ليس فيها تشبه بالرجال وليس فيها ضرر على أنوثتها.
  • وما دمنا نتكلم عن الملاعبة فإننا أيضاً ينبغي أن نتكلم عن المدارسة، فإن كثيراً من الرجال قد يلاعب زوجته ولكنه يغفل عن مسألة المدارسة؛ ولذا فإني أدعو نفسي وإياكم وجميع المسلمين أن يكون لكل أسرة حلقة من حلق الذكر في البيت في وقت من الأوقات المناسبة يتدارس أهل البيت فيها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن الكتب السهلة الفهم، العظيمة النفع لأهل البيت جميعاً، والذي ينبغي لكل أسرة مسلمة أن تقتنيه كتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله.

    الحوار العاشر بين النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها:

  • الحوار الأسري أسلوب لتقويم المخطئ والإنكار على المذنب بأسلوب حكيم ..

    عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: "حسبك من صفية كذا وكذا".

    فقال عليه أفضل الصلاة والسلام: "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته".

    وقالت عائشة رضي الله عنها في حوار آخر: "وحكيت له إنساناً".

    فقال عليه أفضل الصلاة والسلام: "ما أحب أني حكيت إنساناً، وإن لي كذا وكذا".

    والحوار فيه فوائد منها:

    أولاً: عظم إثم الغيبة.. حتى شبهها النبي عليه أفضل الصلاة والسلام بالنتن الذي لو خلط بماء البحر لأنتنه، وشبهها الله عزو وجل بصورة فظيعة شنيعة يقشعر منها البدن فقال: ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ). الحجرات ، الآية : 12

    فالغيبة كبيرة من الكبائر؛ ولذا ينبغي أن نطهر حواراتنا وأحاديثنا منها.

    ثانياً: تعليمه عليه أفضل الصلاة والسلام لأهله العلم الشرعي، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ... وهذه من المسئوليات التي ضيعها – للأسف – كثير من الأزواج فيرى أهل بيته أمام التلفاز .. يسمعون الأغنية الساقطة.. يشاهدون التمثيلية السافلة. ويراهم يطلعون على كثير من الأمور التي لا ترضي الله تبارك وتعالى، ولا ترضي رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يأمرهم بالمعروف ولا ينهاهم عن النكر... يخرج إلى الصلاة ويترك أبناءه في البيت لا يدعوهم إلى الصلاة .... ويترك أهل بيته يجوبون الأسواق بلا محرم، تدخل المرأة المحل وتخلو بصاحبه، وربما تكشف عن وجهها.. إلى آخر المنكرات التي عمت بيوتات المسلمين إلا من رحم الله بسبب تقصير أولياء الأمور في مسئولياتهم تجاه أهليهم .. وقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام: "الرجل راع على أهل بيته ومسئول عن رعيته".

    فهل أعددت لهذا السؤال جواباً، وهل سيكون جوابك صواباً؟

    ثالثاً: الغيبة تحصل بالقدح في عرض الشخص الغائب لغير مصلحة شرعية .. وتكون بالأقوال والأفعال والإشارات. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة ذلك عندما قالت عن صفية ما قالت وعندما حكت له إنساناً، والله تعالى أعلم.

    منقول بتصرف من كتاب -حوارات أسرية – للأستاذ مازن عبدالكريم الفريج