السؤال: حججت العام الماضي وقد أذنبت بعد ذلك، فهل عليّ أن أحج مرة أخرى؟ 

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...

فيقول فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله:

إن الناس عادة يحجون ليكون هذا الحج إعلانًا بالتوبة إلى الله عز وجل؛ لذلك كانوا قديما يختمون بالحج، الآن تجد بعض المسلمات يقلن نريد أن نحج ونتحجب، وبعض الواقعين في الخطايا يقولون: سأرجع إلى الله سبحانه وأتطهر بالحج وأرجع عن هذه الذنوب، فكثير من الناس يربط التوبة بالحج، ولكن التوبة ليست لها صلة تلازمية بالحج، التوبة واجبة على كل عاص {وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات:11)، بل كل المؤمنين مطالبون بالتوبة {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا} (التحريم:8).

فإذا حج الإنسان فمن المفروض أن الحج يزيده قربًا إلى الله وتوبة إليه عز وجل، لكن الحاج ليس معصومًا، فحتى وإن حج فيمكن أن يقع في معصية فإن وقع في معصية فهي لا تفسد الحج ولا تبطله، إذا أدى الحج بشروطه وأركانه، وكان حجًا لله عز وجل، فمن حج ولم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، يمكن بعد أن يرجع كيوم ولدته أمه، ثم يتنجس ثانية والعياذ بالله، يتلوث بالمعاصي فعليه أن يتوب.

وليس من الضروري أن يحج مرة أخرى، وإن حج يكون أفضل، وإذا لم يحج واعتمر فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلى الجنة"، فإذا لم يستطع أن يحج فليعتمر، وإن لم يتيسر له، فليتصدق بصدقة مناسبة على الفقراء، أو على المجاهدين، أو على أحد المشاريع الخيرية الإسلامية، فالصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.

فإن لم يكن عنده مال، فليفعل الخير ما استطاع، وليأمر بالمعروف وينه عن المنكر، وليساعد الناس بجهده؛ فذلك كله في ميزانه، وهو له صدقة، فإن لم يتيسر له ذلك، فليتب إلى الله وليستغفر الله عز وجل فإن الله غفور رحيم، وقد قال سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر:53).
والله أعلم