إن الناظر في تاريخ أمة الإسلام يراه لم يُعدم القدوة التي تعد نموذجًا صالحًا لإقامة الأخلاق في أمة القرن الخامس عشر، وقبل تاريخ الأمة أمام أعيننا شخص النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو قدوة لنا في كل شيء
( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرا) [الأحزاب 21 ]
فقد كان صلى الله عليه وسلم حريصًا على تعليم وتربية الصحابة الثبات على القيم والمبادئ التي من شأنها أن تصنع رجالاً قادرين على فتح الدنيا وقيادتها إلى بر الأمان من أمثال سيدنا بلال وخباب ،وسعد بن أبي وقاص وسيدنا مصعب بن عميررضي الله عنهم وغيرهم الكثير من الصحابة الذين لم تغيرهم الدنيا ولم يتخلوا عن مبادئهم .
ولقد قدمت صفوف هذه الجماعة المباركة لنا نموذجا حياً في ذاكرة تاريخها من أول مؤسسها الأول الإمام الشهيد حسن البنا مروراً بكل من قضوا نحبهم بعده من قادة وعاملين لدعوة الله، والأسماء كثيرة ربما لايسع المجال لذكرها، ورحم الله شهيد الظلال القائل: [إن كلماتنا ستبقى ميتة عرائس من الشموع لا حراك فيها، جامدة حتى إذا متنا من أجلها انتفضت حية وعاشت بين الأحياء] .
لم تعرف البشرية مبدأ ولا ديناً جعل الاستشهاد وبذل الروح أسمى آيات العبادة وقمة سنامها مثل الإسلام ، وإن المبدأ غاية لا تبرره أي وسيلة والمباديء هي روح الحياة، ولم يعهد التاريخ عقيدة تجعل الشجاعة والكرم قمم السمو الأخلاقي وذروة الرفعة البشرية مثل هذا الدين.
ومن ظن المبادئ لعبة، أو لهواً، أو متاعاً يبلغها إنسان بخطبة منمقة مرصعة بالألفاظ الجميلة، أو كتاباً يطبع في المطابع ويودع في المكتبات، أو لقاء قد كان فيه فهو واهم ،و لم يكن هذا أبداً طريق أصحاب الدعوات،وإن الجيل الأول كله إنما يذهب وقوداً للتبليغ، وزاداً لإيصال الكلمات التي لا تحيا إلا بالقلوب والدماء.
لقد تبين لى أن المبادئ والقيم التى تحكم عقلية هؤلاء غير إنسانية، وغير أخلاقية، وغير موضوعية، ولا تحترم ثوابت هذه الأمة. وبالتالى فإن ما يقود عقلية هؤلاء لا صلة له بالمبادئ والقيم، وإنما هو خليط من ممارسة النفعية الوصولية الزبونية المادية والانتهازية السياسية ــ الاجتماعية فى عبثية التسلق والظهور الإعلامى المؤقت الرخيص أو التفاخر بالاستقلالية الذاتية الرافضة للالتزام بمصالح وحقوق غيرها.
فالمبادئ ليست بذات قيمة من غير أشخاص يطبقونها بإخلاص ويؤمنون بها ويحرصون عليها ،صاحب المبدأ لا تخف منه حتى ولو كان عدوك، أما المتلون الذي يميل شراعه مع كل نسمة فاحترس منه فمن باع غيره يوماً قد يبيعك غداً وبأبخس الأثمان.
ما قـيمة الناس إلا في مبادئهم لا المال يبقى ولا الألقاب والرتب
"إلى الذين يؤثرون المبادئ على الأشخاص"، عبارة تسطر بماء الذهب، استعرتها من الكاتب الموريتاني الدكتور محمد بن المختار الشنقيطي، أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان بجامعة حمد بن خليفة في قطر، والتي عنون بها كتابه البليغ: "الخلافات السياسية بين الصحابة، رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ". هذه الرسالة التي قال عنها "إنه يتحكم فيها هم الفصل بين الشخص والمبدأ وهي جملة من القواعد المنهجية المقترحة للتعاطي مع تلك الخلافات (الاختلاف بين الصحابة الكرام) بما يعين على استخلاص العبرة منها لمستقبل أمة الإسلام وآتي أيامها، مع الاعتراف بفضل السابقين ومكانتهم في حدود ما تسمح به المبادئ التي استمدوا منها ذلك الفضل وتلك المكانة.."
وإننا كأصحاب مباديء تربينا عليها وعشنا طويلا متمسكين بها مقتدين بمن سبقنا عاملين بقول الحق " من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " الأحزاب
ونسأل الثبات حتى الممات – لانحيد عن المباديء والقيم والأصول