بقلم: د. عمرو الشيخ*

 الصورة غير متاحة

 د. عمرو الشيخ

"هل ترانا نلتقي أم أنها كانت اللقيا على أرض السراب"؟!
بهذه الكلمات التي خضبتها الدموع ودَّعت زوجها وشريك حياتها تلك الدموع التي وصفتها بأنها:

"لم تكن قط دموع حسرة أو ندم، فحاشا لله أن تندم نفس مؤمنة على ما قدَّمت، أو على ما قدَّم الأحباب من عمل نال به صاحبه- بإذن الله- الكرامة بالشهادة في دين الله، ولكنه الفراق الطويل ومعاناة الخطو المفرد بقية الرحلة المكتوبة".

 

إنها امرأة مسلمة، وهي مع إسلامها لا تُخفي إنسانيتها بقوتها وضعفها، ولا تكتم مشاعرها وأحاسيسها، تستعلي على الواقع المؤلم حينًا، ويثقل كاهلها تحت الحمل المضني فتجأر بالشكوى، ولكنها لا تسقط أرضًا؛ إذ تأتيها رافعةُ الإيمان التي تنتشلها من كبوة اليأس، وتحصنها من عتمة القنوط.

 

وينبض قلبها بالإيمان رغم عناء المسير ووعورة الطريق، وتعطي العهد على الثبات على درب الحق الذي سار عليه أخوها الشهيد وشريك حياتها.

 

وتُناجي أخاها في ذكرى استشهاده فتقول:

فأهتف: يا ليتنا نلتقي           كما كان بالأمس قبل الأفول

لأحكي إليك شجوني وهمي        فكم من تباريح هم ثقيل!!

ولكنها أمنيات الحنين فما        عاد من عاد بعد الرحيل

                        *******

ولكنني رغم هذي الهموم         ورغم التأرجح وسط العباب

ورغم الطغاة وما يمكرون وما     عندهم من صنوف العذاب

فإن المعالم تبدي الطريق           وتكشف ما حوله من ضباب

                        ********

وألمح أضواء فجر جديد          يزلزل أركان جمع الضلال

وتوقظ أضواؤه النائمين           وتنقذ أرواحهم من كلال

وتورق أغصان نبت جديد           يعم البطاح نديَّ الظلال

                       *********

فنَمْ هانئًا يا شقيقي الحبيب            فلن يملك الظلم وقف المسير

فرغم العناء سيمضي الجميع          بدرب الكفاح الطويل العسير

فعزم الأُباة يزيح الطغاة               بعون الإله العلي القدير

 

وأتخيلكِ الآن وقد التقيت زوجَكِ في الجنة وأنت تقرئين عليه هذه الرسائل التي كتبتيها له يومًا بعد استشهاده، فتقولين:

"هذه الرسائل كلها إليك..

ك