رمضان الصالحين صيام بالنهار وقيام بالليل، وغايتهم الله رقا وتعبدا وذلا وتهجدا، للحديث الذي رواه البخاري أن النبي صلى عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه: "قال الله تعالى الصوم لي وأنا أجزي به".

وروى البخاري ومسلم بسندهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر"، فهم بين سباق إلى الله وسعي لتبييض صفحاتهم بإزالة سواد السيئات بأنوار الحسنات.

ورمضان الطالحين كبائر بالنهار وموبقات بالليل، عبادة للهوى والشيطان كما قال الله تعالى: "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ" (الجاثية:23)،

وقال تعالى: "أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" (يس:60)، فهو يهوي إلى دركات الشقاء في قعر جهنم، وكان ابن عباس يرى أن المعاصي في الأماكن والأزمنة الشريفة مضاعفة كما تتضاعف فيها السيئات مستدلا بقوله تعالى عن الحرم المكي: "وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" (الحج: من الآية25).

رمضان الصالحين التحام مع القرآن بالعقل تدبرا، وبالقلب تأثرا، وبالنفس تغيرا، لأن شرف رمضان لبدء نزول القرآن فيه وارتباط القرآن بالصيام جلي في القرآن والسنة حيث قال تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر"، وأورد السيوطي في الجامع الصحيح حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصيامُ: أيْ ربِّ إنِّي منعتُه الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفعْنِي فيهِ، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعْنِي فيهِ، فيُشَفَّعَانِ".

ورمضان الطالحين مع النت صفحات عاهرات، وأخبار كاذبات، وحوارات فارغات من اللغو، وكم من شباب أدمن النت فأسرف فعينه منكسرة مع "الآي باد" و"الجالكسي" و"الآي فون" أكثر من نظره في الكتاب المسطور، والكون المنظور ليعمق حبه لله الغفور فتراه لاهيا مدمنا مسرفا مع الفاضحات والفارغات والإسراف في المباح حرام فكيف بالإسراف في الحرام البين؟!!!.

رمضان الصالحين جهاد الظالمين، ومقاومة المستبدين، وانتصار للمستضعفين وقد أدى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في رمضان ٢٢ سرية وغزوة بالتوالي في ٨ سنوات بعد نزول الإذن بالقتال فصار رمضان علامة بارزة للانتصار على الهوى والشيطان داخليا وانتصار على المعتدين في الميدان كما قال الشاعر:

قالوا نزال فكنت أول نازل

وعلام أركبه إذا لم أنزل

وقد كانت المعارك والانتصارات الكبرى في رمضان منها بدر والأحزاب وفتح مكة والزلاقة وحطين وعين جالوت ونصر العاشر من رمضان فصار رمضان رمزا وحقيقة معا في الأمل العميق العريض في الانتصار على المشركين والصليبيين والمغول والصهاينة ويقينا سيكون بإذن الله رمضان شهر الانتصار على المجرمين المغتصبين في أي زمان أو مكان "فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا" (فاطر: من الآية43)، ورمضان الطالحين انقلابات على ثورات الشعوب ومكتسبات الثورة في مصر من دستور للبلاد صوَّت عليه ثلث الشعب المصري، ورئيس شرعي انتخبه الشعب انتخابا حرا نزيها من شبهات التزييف، ومشاريع انطلقت لصناعة أول سيارة مصرية ١٠٠٪، وجهاز "آي باد" مصري، ومشاريع قناة السويس، والاستغناء بالقمح المصري عن الأمريكي الملوث بالإملاءات الصهيوأمريكية لتبقى مصر قزما لا هرما، وطفلا لا شابة، وراكدة لا رائدة، وراكعة لا شامخة، وتبقى سوريا ممزقة يرتع كبير مجرميها جزار الأسد في دماء وأعراض شعبه دون رادع أو وازع، وتمدد الكيان الصهيوني في كل شبر من فلسطين، ويهدم الأقصى، ويبتلع ما بين النيل والفرات أرضًا، ومن المحيط الى الخليج غربا، وشرقا سياسة وتجارة وثقافة، وتبقى أمة الاسلام تقرأ في الصلوات آيات لا تتجاوز الحناجر والمساجد الى إصلاح السياسة الاقتصاد والتعليم والأمن والقضاء والإعلام والعلاقات الدولية ويقيننا الذي لا يخالجنا فيه أدنى شك أن الله ناصرنا في رمضان بدعوات الصالحين ورباط المجاهدين وقبل ذلك وبعده رحمات رب العالمين التي تفيض أنهارا في رمضان على الصالحين، ولعناته غضبة على الفاجرين الظالمين و"للَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" (الروم: من 4و5).