ينتظر الأطفال العيد بفارغ الصبر، فأيام العيد هي أيام تغمرهم بالفرحة والسعادة، وتعمها أجواء المودة والحب، حيث الملابس الجديدة واللعب والحلوى والهدايا والزيارات والنزهات، وكلها أشياء تدخل السرور والفرح الى قلوب أبنائنا، ولذا يؤكد علماء التربية أهمية تنشئة الأبناء  تنشئة إيمانية لتحفظ عليهم دينهم من الشبهات المضلة ولنعدهم للدفاع عن الدين.

وتعليم الطفل دينه في صغره يؤصل عنده الأحكام الفقهية المتعلقة بالمناسبات الدينية، خاصة الأعياد وما فيها مما يتعلمه الطفل من قيم ومبادئ وأصول وعقائد؛ حيث يبقى ذلك راسخا في ذهنه بقية عمره، كما أن تربية الأبناء على أهمية صلة الأرحام والحضور للمساجد وما يحدث في العيد من طهارة والذهاب إلى المسجد وحضور الصلاة يجعل كل هذا يترسخ في نفسية الطفل ويوثق علاقته بدينه والأخلاق الفاضلة.

ولنا في رسول الله القدوة الحسنة، حيث كأن صلى الله عليه وسلم يزرع الإيمأن في قلوب الصغار ويعلمهم دينهم.

الحوار الأسرى والعيدية

العيد مدرسة لمن أراد أن يقتنص منها فوائد تربوية للأبناء، وما أكثرها فبداية يجب تهيئتهم قبل العيد بتعريفهم بفضل هذه الأيام العشر في حوار أسري أو فردي لطيف واستخراج العبر منها، قد يكون الحوار صعبا أو ثقيلا في البداية، خصوصا لمن لم يعتده، ولكنه فرصة للجلوس مع الأبناء؛ لأنهم يريدون الأبوين أكثر من المال، ومع التقليل من وسائل التواصل الحديثة، سيصفو الجو تماما لمثل هذا الحوار.

والأطفال مهما صغروا أو كبروا، سعادتهم كبيرة بالعيدية صبيحة العيد، يدا بيد، لا في أظرف مغلقة، وكلما ارتفعت قيمة العيدية ارتفعت معها معدلات السعادة، وأفضل ما ينفقه الأبوأن على أبنائهم قبل غيرهم، ولابد من الترفع عن الأخطاء والعفو عن الزلل، فكل ابن آدم خطاء ولا أفضل من العيد لتجاوز تلك الخلافات.

ويجب ألا يقتصر العيد على العيدية فقط، دون أن يدرك الأبناء أن في ذلك عبادة أقرها إسلامنا السمح وأن العيد يأتي كجائزة تقديرية لمن سعى بالطاعات لإرضاء ربه سواء في عيد الأضحى بعد طاعاته في العشر الأوائل من ذي الحجة وأدائه فريضة الحج، أو من عيد الفطر كجائزة له بعد امتناعه عن المأكل والمشرب وقراءة القرأن وقيامه بالطاعات في شهر رمضأن الكريم وهما يأتيأن بعد ركنين أساسيين هما الحج وصيام رمضان.

تعليم الأبناء أحكام العيد

علينا أن نعلمهم بعض الأحكام المتعلقة بالعيد مثل: استحباب الاغتسال يوم العيد، والإفطار على تمرة قبل صلاة عيد الفطر، وصلة الأرحام وزيارة الأهل، وأنه من السنة لبس الجديد، ووضع الطيب، ونعلمهم أنه يحرم صيام أول يوم في العيد، ونخبرهم بأنه لو صادف يوم العيد يوم الجمعة فيكون من السنة حضور صلاة واحدة بالمسجد، فلو حضر صلاة العيد تصبح صلاة الجمعة مستحبة، وكذلك نشرح لهم كيفية صلاة العيد لأنها بلا أذان ولا إقامة.

ربط فرحة العيد بالجنة

إن أعظم مفهوم هو أن المسلم سيفرح فرحا حقيقيا ألا وهو دخول الجنة، فالعيد تذكير لمن أطاع الله بالفرح الدنيوي، وتهيئة وتوجيه للفرح الحقيقي ألا وهو دخول الجنة، هذا ما يجب أن نعلمه لأطفالنا في العيد، ونؤكد لهم أن غرس مفهوم «أن المؤمن للمؤمن كالبنيأن المرصوص والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه»، وأن توزيع الأضاحي هي من باب الأخوة والمودة والرحمة.

ويجب تعليم الأبناء أن العيد لا يقتصر على الملابس الجديدة والحلوى والهدايا والتنزه، فالسعادة المادية ليست كل شيء في حياة الأولاد وفي تربيتهم، فهناك جانب أخر جوهري ومهم لا بد أن نهتم به ولا نتغافل عنه وهو الجانب الروحي للسعادة الذي يجب أن ننميه في أولادنا منذ وقت مبكر، فمن الأمور التي يجب ألا تغيب عنا في هذه الأيام المباركة هي تعليم أطفالنا معاني العيد، وزرع روح العطف والإحسان إلى المحتاجين والمساكين، وتوجيههم نحو استشعار أهمية صلة الرحم، وتشجيعهم على زيارة طفل قريب أو صديق في المستشفى، فلنتخذ من العيد فرصة لنغرس في نفوس أطفالنا المبادئ الخلقية السامية، وأهمية القيام ببعض الواجبات الاجتماعية التي توثق صلتهم بالأخرين وتقوي عندهم روح التعاطف والمشاركة الوجدانية مثل تنبيه الأبناء إلى إرسال بطاقات التهنئة إلى الأقارب والأصدقاء أو إلى مدرسيهم الذين لا يستطيعون زيارتهم، كما على الآباء غرس القيم في نفوس الأبناء من صلاة العيد والخطبة والعادات الاجتماعية والتزاور وصلة الاقارب وإقامة الولائم.

مصليات العيد

ومن الأمور التي ينبغي معرفتها وتعليمها لأولادنا أن العيد ليس مجرد لبس جديد أو اللعب بالمنتزهات والملاهي أو الخروج إلى الحدائق والشواطئ، وإن كانت هذه الأمور من المباحات، إلا أنه ينبغي تعليمهم أن العيد من العبادات التي شرعها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وما يتصل بها من أمور، وقديما كأن يوقظنا الوالدان من فجر العيد ويقولون: «قوموا حتى تروا العيد»، وكنا نظن أن العيد شيء ملموس نراه إذا جاء، وكأن المقصود أن نستيقظ للفجر وصلاة العيد، ثم يعلم الوالد أبناءه صلاة العيد، وقد كان الصبيان يخرجون مع أهلهم، قال ابن العباس رضي الله عنهما: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر أو الأضحى فصلى ثم خطب، وبوب عليه البخاري، فقال «باب خروج الصبيان إلى المصلى».

والقدوة الحسنة هي أفضل وسيلة نستطيع بها أن نعلم أبناءنا السلوك الايجابي ونربيهم التربية الدينية المطلوبة وضرورة القدوة المثلى التي يقوم بها الأباء من خلال الالتزام في أفعالهم وسلوكياتهم سواء في حياتهم اليومية أو في المناسبات والأعياد حيث يمتلك الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة مجموعة من السمات تؤهله لاستقبال كل سلوك ايجابي والعمل به، وحين يشب وهو يرى سلوكيات الوالدين تدعو إلى البر والتقوى والإحسان والرحمة والتكافل، لن يتردد في تقليد هذا السلوك.

العيد وغرس القيم فى أبنائنا

يجب أن نستغل كل ماهو جميل لنغرسه في نفوس أبنائنا، لذلك أثناء العيد لابد أن يكون توجه الوالدين نحو الأبناء أكثر مرونة وعطفا مع مراعاة مشاعر الطفل حيث تكون بالنسبة لهم أهم من القواعد الصارمة، كأننا لا نجادلهم أثناء رغبتهم بشراء الهدايا والألعاب مثلا، ولا نغير رأيهم ولا نشعرهم بالذنب ونوجه اللوم لهم بل نبدي تعاطفنا معهم ونلعب دور الموجه ونغرس القيم كالصدق وعدم الإسراف وحسن التدبير، فمن مظاهر العيد الفرحة في عيون الأطفال واللعب، ومن خلال هذه المظاهر نلتزم بممارسة السلوك الراقي مع أطفالنا ليكون مرآة عاكسة ايجابية، كما يجب على الوالدين في العيد التعامل مع الحاضر والاهتمام بالانطباع والكشف عن احتياجاتهم بدلا من التفكير في المثاليات.

العيد يمثل لنا فرصة للتواصل، فيجب أن نحسن العلاقات مع أبنائنا سواء الأطفال أو المراهقين الكبار ونسيان اللغة المعتادة كالشدة بالمعاملة أو رفض المشاعر بعدم الانصات، فالمبدأ الاساسي في الاتصال هو أن ينصب الحديث حول العيد وفرحته وليس التذمر من الاستعداد له، وهناك عدة أساليب للتعبير عن العيد من خلال التجمع العائلي وتجاذب أطراف عن العيد وذكرياته للكبار ورأي الصغار وفرحتهم به وأن نغرس الجانب الديني في شخصية الطفل ونكافئه بالجانب الاجتماعي والنفسي.

والطفل مؤهل لتقبل الملاحظات من والديه وهذا يتوقف على أسلوب الوالدين في إشعار الطفل بمشاعرهم أثناء العيد، وعباراتهم تؤثر على تقديره لذاته واحترامه لها، فعملية القبول تقوم على الثقه المتبادله بذاتية الفرد وبوجوده ومثل هذه الثقه تولد من خلال عدة عمليات تجدد وتطبق والعيد فرصة لا تعوض من كل عام لغرس هذه الثقة في نفس الطفل من خلال فرص المشاركة والاختيار بمستلزمات العيد ودعوتهم للمساهمة في أمور الاستعداد للعيد في المنزل.

محطات تربوية

أولا: لا بد أن يعلم الأولاد أن العيد شعيرة من شعائر الإسلام، وشريعة من شرائعه، ومظهر من مظاهر العبادة لله تعالى.

ثانيا: أن يوم العيد يوم فرح وسرور، وتوسعة على الأهل والعيال.

ثالثا: لا بد من المحافظة على الآداب الإسلامية في العيد، والبعد عما حرم الله تعالى في كل وقت وحين، فالعيد في الإسلام لا كما يتصوره البعض، ركضا وراء الشهوات، أو حلا لزمام الأخلاق، بل هو طاعة من الطاعات.

رابعا: في العيد تمتد فيه مشاعر الإخاء إلى أبعد مدى، حيث يبدو أهل الإسلام في العيد متماسكين متعاونين متراحمين.

خامسا: البعد عن الأشر والبطر، فمن الناس من تطغى عليه فرحة العيد، فتنسيه واجب الشكر والاعتراف بالنعم، وهذا أمر منهي عنه.

سادسا: لا بد أن نذكر أبناءنا بإخوان لهم، قد يأتي العيد على عليهم، وقد ذاقوا من البؤس ألوانا بعد رغد العيش، وتجرعوا من الشقاء كؤوسا بعد وفرة النعيم، فلا ننساهم من دعائنا.

*نقلا عن المنتدى الإسلامي العالمي للتربية