بقلم: د. رشاد لاشين

أقبل الصيف بوقته وفراغه وفرصه؛ فمن فضل الله تعالى علينا تغير الجو والأحوال والظروف والواجبات والمشاغل عبر الزمن ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ﴾ (النور: 40) ولولا رحمة الله تعالى بهذا الاختلاف لملَّ الإنسانُ الحياة وسئم من الرتابة والروتين.. فما أجمل التنويع والتغيير!

يمضي موسم الدراسة بجهده وعنائه وبذله وعطائه، ويُقبل علينا موسم الصيف ليستريح صاحب الجهد وليستجمَّ صاحب النشاط؛ ليبعث الحيوية من جديدٍ ويُعيد شحن الطاقة للانطلاقِ القادم، وليغتنم أوقاتًا وفرصًا أتاحها الله تعالى له، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "افعلوا الخير دهركم، وتعرَّضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يُصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم" (رواه الطبراني).

هيا بنا نغتنم الصيف فنعد له إعدادًا جيدًا ونُحقق من خلاله أكبر الفوائد وأفضل الأهداف:

(1) مشروع (وقل رب زدني علمًا):

- احرص بني الحبيب على الاهتمام بحفظ القرآن الكريم واجعله أول شيء في اهتماماتك.
- اهتم بمجالس حبِّ الرسول صلى الله عليه وسلم: بدراسة مجموعةٍ من الأحاديث الشريفة، وكذلك اهتم بدراسة السيرة النبوية الشريفة، وقم بعمل أبحاث فيها واقترح على والدك وإخوتك عمل مجالس تجتمع فيها الأسرة لدراسة أحاديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- وسيرته الشريفة ونُسمي هذه المجالس (مجالس حب الرسول صلى الله عليه وسلم).

- اهتم بني الحبيب بقراءةِ بعض الكتب والقصص الهادفة، واطلب من والدك أو معلمك أو مشرفك التربوي في الصيف أن يدلك على بعض الكتب المفيدة.

- قم بني الحبيب مع أصحابك الصالحين بزيارةِ بعض المكتبات، واستفد من مشروعاتِ المدارس الصيفية مثل القراءة للجميع.

- اهتم بني الغالي بدراسة اللغة العربية (لغة القرآن ولغة أهل الجنة)، واقترح على والدك وإخوتك تخصيص يوم أسبوعي نُسميه يوم اللغة العربية يحرص جميع أفراد الأسرة على التحدث بالفصحى.

- قم بني الحبيب بدراسة خريطة فلسطين الحبيبة من النهر إلى البحر وقم بالتعرفِ الصحيح والكامل على أرضك المقدسة بكل شبر فيها.

- احرص بني الحبيب على الاشتراكِ في المسابقات الصيفية (قرآن- ثقافية- مواهب- ....) فأنت مبدع ونشيط وبإمكانك أن تفوز وتحقق المراكز الأولى.

- اهتم بني الغالي بعمل بحثٍ عن أحد أبطال المسلمين مثل محمد الفاتح أو صلاح الدين.

- اهتمي بُنيتي الغالية بعمل بحثٍ عن إحدى نساء الإسلام الفضليات العظيمات بدءًا بأمهاتِ المؤمنين حتى عصرنا الحاضر.

(2) مشروع (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) (أحب مجتمعي وأحرص على خدمته والرقي به):

- الاهتمام بعمل بحث بعنوان: (دور الأسرة في خدمة المجتمع)

- احرص حبيبي الغالي على اصطحاب مجموعة من زملائك معك في كل أنشطة الخير التي تقوم بها في الصيف مثل: حلقات ودروس المساجد، الأنشطة الرياضية، أعمال البر ومساعدة الآخرين و..

- هيا نسعى جميعًا مع أسرتنا لفعل الخير ومساعدة الفقراء والأيتام: هيا نخصص مبلغًا من المال ونتعود على التبرع بجزء من مصروفنا للفقراء والمساكين.

- هيا نقوم بزيارة أسرة فقيرة أو دار أيتام أو نذهب لزيارة زملائنا الأيتام بالتنسيق مع بعض زملائنا الآخرين فنرشدهم إلى الخير ونتعاون معهم على البر والتقوى.

 

- هيا نقترح على الوالد أن يقوم بدعوة أسرة فقيرة إلى منزلنا لنكرمَهم ونحتفيَ بهم ونقضيَ معهم بعض الوقت.

- هيا نبحث عن العجائز وأصحاب الشيخوخة، ونتعاون لقضاء حوائجهم مثل التسوق- شراء الخبز- وهكذا فقد كان سيدنا أبوبكر الصديق- وهو خليفة للمسلمين- يخدم امرأةً عجوزًا، وكان سيدنا عمر بن الخطاب يُنافسه في ذلك.

- هيا نسهم في نشاطِ بعض الجمعيات الخيرية: مثل جمع الملابس وتوزيعها، وهكذا.

- هيا نقوم بمراسلة الصحف ومواقع الإنترنت أو مراسلة أو مقابلة المسئولين المحليين لإصلاح بعض الشئون المحلية في الحي الذي نسكن فيه.

- هيا نشارك بالتعاون مع أصدقائنا في مشروع للخدمة العامة بالحي للنظافة والتشجير- هيا نشارك معًا في تنظيفِ المسجد يوم الجمعة-..

- يوم تكريم الأم: شهري أو  أسبوعي: تجلس الأم معززة مكرمة لا نسمح لها بمزاولةِ أي أعمال منزلية، ونقوم نحن بجهودِ المنزل كلها: تنظيم- ترتيب- تنظيف- طبخ- إلخ....   ونحتفل بها ونُقدِّر جهدها طوال الأيام، ونعترف لها بالفضل والجميل.

(3) مشروع (روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة):

- من حقك بني الحبيب أن تمرح وتلعب وترتع ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعُ وَيَلْعَبْ﴾ (يوسف: من الآية 12).

- اهتم بني الحبيب باللعب النافع المفيد البعيد عن الأذى للجسم أو الإزعاج الآخرين أو المتضمن ألفاظًا بذيئة أو الذي يُمارَس من خلاله فسادٌ أو سوء خلق.

- احرص بني الحبيب على تنظيم لعبك وتخصيص أوقات خاصة به، واختر زملاء اللعب بعناية، واطلب من والدك بأدبٍ، وخصِّص جزءًا من مصروفك لشراءِ ألعاب مختلفة (رياضية-  كمبيوترية- ترويحية- ثقافية- علمية وهكذا..).

- اهتمَّ بتنظيم أوقاتٍ للعب المنزلي وأخرى للعب خارج المنزل.

- عمل رحلات متنوعة تحقق أهدافًا ترويحية ومعرفية عديدة؛ (هيا نروح عن أنفسنا ونتعرف على وطننا الغالي).

- نحرص على التعرفِ على البيئةِ المحليةِ؛ ثم التعرف على الوطن الصغير مصر؛ ثم التعرف على الوطنِ الكبير العالم الإسلامي ما أمكن.

- رحلة للمصيف مع الأسرة مع مراعاةِ الضوابط والبعد عن أماكن العري.

- رحلة للمتاحف والأماكن الأثرية.

(4) (مشروع التعرف على الأرحام):

اهتم بالتعاون مع إخوتك بعمل (بحث الأرحام)، ويكون البحث مكتوبًا ويتضمن معلومات تفصيلية عن أرحامكم، فتقوموا برصد (شجرة العائلة) من جذورها برصد الأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأبنائهم؛ وذلك بالجلوس مع الكبار وتلقي المعلومات منهم ويمكن تسجيلها على كاسيت أو كتابتها في كراس أو تسجيلها على الكمبيوتر وحفظها جيدًا في الذهن.. بعد ذلك اتفق مع إخوتك واقترحوا على الوالد الكريم أن تقوموا عمليًّا بزيارةِ هؤلاء الأرحام بالتدريج وفْق برنامجٍ يتفق عليه وكذلك الاتصال بهم هاتفيًّا أو تقديم هدايا- كروت- دعوتهم لزيارتنا- قضاء حوائجهم- .... وهكذا ونتعود كيف نعتز بأرحامنا ونسعد بلقائهم أو خدمتهم وتقديم واجبات الضيافة لهم ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض﴾ (الأحزاب: من الآية6).

(5) مشروع قوي البدن:

- هيا نمارس الرياضة اليومية في المنزل على الأقل 10 دقائق بعد صلاة الفجر مثلاً.

- هيا نشترك في أحد الأندية أو مراكز الشباب المناسبة لممارسة الرياضة أو لعبة للدفاع عن النفس.

- هيا نتعلم السباحة أو الرماية أو ركوب الخيل ما أمكن أو ركوب الدراجات أو تعلم قيادة السيارات للكبار.

- هيا نهتم بعمل الكشف الصحي الدوري وإجراء الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة  للاطمئنان على سلامةِ أجسامنا وتحقيق الحديث الشريف "المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف".

(6) مشروع التدريب على احترام المال:

- يمكنك بني الحبيب بالاتفاقِ مع الوالد أن تقوم بإدارة ميزانية البيت لمدة أسبوع، فتأخذ المبلغ اللازم لتدبير شئون المنزل وتوزعه على السبعة أيام كل يوم ثلاث وجبات وتقدر مصاريف كل شيء؛ الطعام والفاكهة وواجبات الضيوف، وتحاول أن تتم ذلك بنجاح حتى تتعلم الحياة وتنجح في ترتيبِ شئونها وتتعوَّد الاقتصاد والتدبير وتبعد عن الإسرافِ والتبذيرِ

- أن تقوم بالتدرب على التسوق وقضاء الحاجات من خارج المنزل.

- يمكنك بني الحبيب أن تمارس عملاً في الصيف في أحدِ المشروعات أو المؤسسات المناسبة فتتعود الاعتماد على نفسك وتتعلم الحياة بشكلٍ عملي فتعرف قيمة العمل وتتدرب على الانضباطِ والبذل وحسن التعامل مع الآخرين.

(7) مشروع تنمية المواهب والمهارات:

- فرصة في الصيف أن نهتم بتنمية مهاراتنا وهواياتنا ونجمع ما يلزم من معلوماتٍ، ونشارك في التدريبات المتاحة، وبالتعاون مع الآباء والمعلمين نحرص على توفير الكتب المتخصصة حسب موهبتنا، ويا حبذا أن نتعاون مع بعضِ الذين يجيدون في الموهبة أو المهارة التي نُحبها ليرشدنا ويرتقي بنا ويصحبنا إلى الأماكن التي تساعدنا على تطوير مواهبنا مثل المكتبة أو نادي العلوم أو مراكز الشباب أو أنشطة الكشافة.

- فرصة للبنات أن يتعلمن فنون التطريز والغزل والنسيج وتعلم فنون الطبخ والترتيب والتنظيم والتنظيف للمنزل يبدأن بالتدريجِ بالملاحظة ثم بالمشاركة ثم بالاعتماد الكامل على النفس وبتطوير الجودة تدريجيًّا شيئًا فشيئًا.

- الاهتمام بتنميةِ مهارات العمل على الكمبيوتر والإنترنت.

إرشادات مهمة:

- احرص بُني الحبيب على ترشيدِ استخدام التليفزيون والكمبيوتر، واختر البرامج بعناية ولا تترك نفسك طوال اليوم على الكمبيوتر والنت بغير اختيارٍ رشيدٍ أو وقتٍ مضبوط.

- إياك والسهر فهو من آفاتِ الصيف، حيث يميل البعضُ للسهرِ الطويل وتكون النتيجة أولاً الضرر الصحي، ثانيًا ضياع صلاة الفجر، ثالثاً الاستيقاظ متأخرًا وضياع بركة اليوم وضياع النظام.

-  احرص على التوازن بين الجلوس في المنزل والخروج مع الأصدقاء فلا نحبس أنفسنا في المنزل وفي نفس الوقت لا نظل خارج المنزل طول الوقت بلا ضوابط من حيث: نوعية الصديق- نوعية النشاط- المدة المسموحة والمتفق عليها مع الوالد أو الوالدة.

-  إعطاء أولوية لتنظيمِ الوقت من خلال برنامجٍ يومي بسيطٍ وسهل ويحمل فقرات تُمثل ثوابت دورية تحترم مع بعضِ المرونة غير المخلة (مواعيد النوم- مواعيد اليقظة- مواعيد اللعب- مواعيد القراءة- التلفزيون- النت- الزيارة- الرياضة-.....)؛ حيث أثبت الواقع أن أضعف نظام يمكن أن يحقق نجاحًا كبيرًا، أما الفوضى فلا تجر إلا إلى الفشل المربك الذريع لذا يجب أن نمارس (فن إدارة الوقت) ونطبقه في الواقع.

 

- يجب أن ندرك أن مفهوم الترفيه لا يعني أبدًا الانفلات الأخلاقي أو انفلات النظام وأن نُحذِّر من إتباع الهوى ونعلم أن النفس إن لم تشغل بالحق شغلت بالباطل.