بقلم : طارق الهاشمي
لولا العجز، لولا الاضطرار ما وافقت اسرائيل على الهدنة رغم انها مؤقتة! وصفها « نتن ياهو « بأنها قرار مؤلم للغاية لكنه الصح !! بمعنى لا خيار لدى اسرائيل في قبوله والظرف الذي تنوء تحت وطأته اسرائيل لاشك حاكم!!
وللتأكيد دعونا نراجع أهداف الحرب التي سطرتها حكومة الحرب المصغرة ابتداء كرد فعل على صولة «طوفان الاقصى» المظفرة …. وتضمنت 3 محاور رئيسية شملت ما يلي:
• ضمان عدم قدرة «حماس» على شن هجمات في المستقبل.
• استعادة ثقة الإسرائيليين بقدرة حكومتهم وجيشهم على توفير الأمن لهم.
• إعادة تأسيس قوة الردع الإسرائيلية بنظر الأصدقاء والخصوم في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
بينما وضع الجنرالات امامهم اهدافا آنية مباشرة في غزوهم البري الذي انطلق في 27 تشرين اول / اكتوبر كانت بإختصار:
• القضاء على حركة حماس.
• الوصول الى الاسرى وتحريرهم (يعتبرونهم مخطوفين ) …
وعلى مدى 46 يوما من الحرب الوحشية على غزة ما يقرب من شهر على انطلاق الغزو البري عجزت اسرائيل عن تحقيق أي من الهدفين !! رغم أنها أسرفت في وحشيتها وبربريتها في توظيف الالة العسكرية وهي بالمناسبة أحدث ماعرفته التكنولوجيا، قتلت اكثر من 14000 انسان، 6000 تقريباً منهم من الاطفال، وما يزيد على 4000 من النساء …ناهيك عن الجرحى والمفقودين …وتدمير 50% من الوحدات السكنية واحكام الحصار على 2,2 انسان شمل الماء والطعام والدواء والكهرباء وبعد استهداف منهجي قصفا وتدميرا للمشافي الطبية، الجامعات والمدارس والجوامع والكنائس والمخابز والاسواق وسايلوات خزن الحبوب بل شملت حتى مراكز الايواء التي تديرها وكالة تشغيل اللاجئين الاونروا …رغم ذلك لم ترفع غزة «الراية البيضاء « ولا توقفت صواريخ القسام، ولا تلاشت المقاومة الباسلة للقوة الغازية على الارض …. والاهم من ذلك، فشل الغزو البري الذي انطلق منذ شهر تقريباً في الوصول الى اسير صهيوني واحد !
لم تفلح ما يزيد على قنبلتين نوويتين القاها الطيران الصهيوني على ارض مزدحمة بالسكان لاتزيد رقعتها على 360 كم مربع في كسر ارادة شعب ولا في ثنيه واجباره على المساومة على ثوابته …على حقه المشروع في الحرية، العيش بكرامة، وتقرير المصير …كنا ندرس في كلية الاركان معارك نموذجية للقتال داخل المدن …كانت ستالينغراد هي المثل !! اعتقد من الان فصاعداً سوف تنزوي ستالينغراد خجلاً امام اسطورية صمود غزة و بسالة القساّمين فيها لتصبح هي المثل الاعلى للشعوب في جهادها ودفاعها عن حقها في الحياة الحرة الكريمة.
يقال بأن الضغوط على الحكومة الصهيونية في الداخل من طرف عوائل الاسرى، والضغط الخارجي الذي اوقع الغرب وفي المقدمة الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي في مأزق اخلاقي وقانوني فريد امام العالم اجمع، هذه الضغوط هي التي اجبرت اسرائيل على تجرع السم ! لكن يقيناً ماكان صاحب القرار الصهيوني ليلتفت لهذه الضغوط - وهو تغافل عنها كل هذه الفترة - لو حقق العدوان العسكري اهدافه على الارض حيث فشل فشلاً ذريعاً.
اللواء أفرايم هليفي، الرئيس الأسبق للموساد يقول:
إن «من المؤسف أن كثيراً ممن يتولون المسؤولية الآن لا يعرفون حماس بشكل حقيقي، ولا يعرفون غزة، ولا يجيدون قراءة خريطة الشرق الأوسط» ومضى قائلاً “ انصح بترك أسلوب التبجح والتهديدات الفارغة والامتناع عن الاجتياح «بشكل كثيف وشرس».
وأكد: «نحن إزاء شيء جدي ويجب التعامل معه بمهنية. واتخاذ القرارات بتروٍ شديدٍ، ووضع أهداف سياسية واقعية». وأضاف: «من يتحدث عن سحق حماس، لا يعرف عما يتكلم. حماس تنظيم كبير وقوي ولديه عزم وإصرار. قوامه نحو 150 ألف عنصر، بينهم عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين بشكل مهني. وفي قيادته مجموعة لا بأس بها من الأفذاذ، الذين لا أحبهم وكلي غضب عليهم، ولكنني أعترف بأنهم ذوو قدرات عالية في القيادة وأذكياء واستراتيجيون. وأقترح على مَن اعتاد الاستخفاف بهم أن يكف عن ذلك. وهم ليسوا تنظيماً سياسياً وعسكرياً فحسب، بل فكر وقناعات. وإذا قضيت على قيادتهم وحتى على تنظيمهم كله، وهذا غير واقعي، فإنك لا تستطيع القضاء على فكرهم. وسينبزون لك من تحت أرض ما في وقت ما. لذلك يجب أن نضع أهدافنا بشكل واقعي وأقدامنا على الأرض».
هذه هي حركة حماس كما يصفها مسؤول اسرائيلي كبير،، و يدعو فيها صاحب القرار الاسرائيلي الى اعادة النظر ومراجعة الكثير من القناعات الخاطئة.
حركة حماس من جهتها حددت غرضين للحرب:
• ردع العدو عن مواصلة جرائمه وعربدته في الاقصى والضفة.
• التعجيل باطلاق سراح الفلسطينيين من السجون الصهيونية.
وقد باتت اقرب الى تحقيق الهدفين مما كانت عليه قبل الصولة المباركة في 7 اكتوبر.
كانت مرتاحة وقد عرضت اخلاء سبيل الاسرى منذ وقت مبكر لكن رئيس وزراء الكيان الصهيوني كان يراهن على القوة العسكرية الغاشمة في تحقيق اهداف الحرب، و هذا يعني انه هُزِم …، وان مقولة (الجيش الذي لا يقهر) والتي مزقتها حركة حماس ….باتت مسلمة يصعب انكارها.
المصدر : الشرق