عبدالله صالح
اعلم أن ضعفك ملازم لك، ويحيط بك في (قوتك، بنيتك، مالك، صبرك، تحملك، علمك، إرادتك)، أي أن الضعف صفة ملازمة لك، وأوضح الله هذه الحقيقة في قوله تعالى: "وخلق الإنسان ضعيفا".
ولكن هل من دواء للضعف؟ وكيف يصبح الإنسان قويا في هذه الحياة؟
نعم لقد خُلق الإنسان ضعيفا، ولكن ضعفه هو وسيلة يتقرب بها إلى ربه، ويصل بها إليه، فيعلم جانبا من قوة الله وعظمته، فيلجأ إلى الله، ويتقوى بالله، ويستغني بالله، ويثبت على طريق الله، فيمده الله بالقوة وأسبابها من صبر وصمود وثبات وقوة احتمال وعدم يأس. وبذلك يكون يمكن أن يكون ضعفالإنسان سببا للحصول على القوة وأسبابها.
نعم لقد خُلق الإنسان ضعيفا، وذلك ليعلم الإنسان حقيقة نفسه ويتعامل مع هذه الحقيقة ويتحرك على أساسها ووفق قوانينها في الحياة، فلا يركن إلى ضعيف مثله، وإنما يركن إلى الله ويلجأ إليه ويحتمي به ويتوكل عليه حق التوكل.
كل إنسان عنده نقاط قوة ونقاط ضعف، وحتى مهما كانت نقطة قوتك في عضلاتك وأموالك وشهاداتك وعلاقاتك وغيرها، فهذا لا يلغي حقيقة أنك ضعيف، ضعيف في المجمل، فأنت ضعيف أمام فيروس صغير، أمام حرارة الشمس، امام برودة الهواء، أمام الشهوات، أمام لحظة الغضب، أمام عجزك عن تحقيق أحلامك وتحقيق أهدافك، وأن الدنيا لا تسير على هواك ولا مزاجك.
والحال هكذا ماذا نفعل؟ ابحث عن القوة الحقيقية، أن تقويّ نفسك بالركون إلى الركن الشديد، توكل على الله القوي المتين الذي هو على كل شيء قدير الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء
كيف أتقوى بالله؟
الحل يأتي عن طريق إصلاح ثلاثة أمور: (القلب واللسان والجوارح)، ملخصها فيما يأتي:
1 – أصلح قلبك
2 - حرّك لسانك
3 – أعمِل جوارك
أصلح قلبك: تطهير وتزكية، تخلية وتحلية
1 – طهر قلبك من الكبر والغرور، الغرور الخادع الذي يخدعك ويصور لك أنك مركز الكون وأهم واحد وأحسن واحد وأذكى واحد، وأنك مسيطر على الأمور، وإن كل حاجة تحت السيطرة، وإنك انت اللي فاهم الدنيا ماشية ازاي، (القبور مليئة بأناس ظنوا أن الدنيا لا تسير بدونهم)
2 – إيمانك بضعفك (أن تعلم وتدرك وتعترف أنك ضعيف، لا تكابر وتعاند وتغتر) يدفعك لمعرفة ربك القوي، وتلجأ إليه وتحتمي به وتستجير به وتستعين به وتتوكل عليه. إذن تقرب من الله القوي، ولا تبتعد عن الله، لا تطلب القوة من إنسان ضعيف مثلك، من إنسان كتب عليه المرض والموت والعجز والفقر والجهل والظلم، ولكن اطلب القوة من الحي القيوم الذي لا يموت ولا ينام ولا يضعف ولا يعجز ولا يغيب، سبحانه وتعالى.
3 – كن على يقين أنه لا تحول من حال إلا حال، ولا قوة لك على شيء إلا بالله القوي الجليل
4 - علمك بضعفك يدفعك للرضا بأقدار الله، وبأحكامه الشرعية التي خفف فيها عنك.
حرك لسانك:
- ادعُ الله باسمه القوي في كل أحوالك
- أكثر من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" فهي كنز من كنوز الجنة، ومعناها أن لا تحول من حال إلى حال، ولا قوة لنا على هذا التحول إلا بمعونة الله وقدرته وتوفيقه.
- قل: "قدر الله وما شاء فعل" لو لم يتيسر لك فعل ما خططت له وعزمت عليه، ولا تيأس ولا تحزن.
- توكل على الله في أمورك كلها وأكثر من قول: "حسبي الله ونعم الوكيل"، وقل "حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم".
أعْمِل جوارحك
- اعمل بالطاعات، واشغل نفسك بعمل الصالحات، واعلم – رعاك الله – أنه على قدر قوتك في الطاعة تكون محبة الله جل جلاله لك فأكثر من الطاعات.
- اشكر نعمة الله عز وجل عليك بإعانة غيرك من الضعفاء وبإغاثة الملهوفين بقوتك المادية (المالية والبدنية) والمعنوية (الكلمة الطيبة - النصيحة - التعليم - التربية - الإرشاد - المواساة). لأنك بذلك تستمد قوة الله وعونه لك (والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)
- التوكل: إذا عزمت على خير فتوكل على الله جل جلاله، ولا تسوف ولا تتردد، ولكن استعن بالله وتوكل عليه، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا