نفّذت إيران هجوما بمسيّرات وصواريخ ليلة الأحد في أول عملية مباشرة من هذا النوع تشنّها إيران على كيان الاحتلال الصهيوني بعد حوالى أسبوعين على قصف القنصليّة الإيرانيّة في دمشق.
يأتي الهجوم الذي أكدت الولايات المتحدة مشاركتها في التصدي له، في خضم العدوان الصهيوني المستمر على غزة، منذ 7 أكتوبر الماضي، والذي خلف أكثر من 100 ألف بين شهيد وجريح ومفقود، غالبيتهم من الأطفال والنساء.
وأكّد الحرس الثوري الإيراني شنّ "عملية محدودة وناجحة" بهجوم "بمسيّرات وصواريخ" على الكيان الصهيوني ردا على القصف الصهيوني في الأول من أبريل، و الذي أدى الى تدمير مبنى قنصلية طهران في العاصمة السورية، ومقتل 16 شخصا بينهم قياديّان وعناصر في الحرس.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في بيان أن واشنطن ساهمت في إسقاط "تقريبا كل" المسيرات والصواريخ التي أطلقتها إيران .
وشدد على أنه أكد لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو في اتصال هاتفي "التزام الولايات المتحدة الثابت أمن إسرائيل".
وكان المتحدّث باسم الجيش دانيال هجاري قال في وقت سابق إنّ إيران أطلقت أكثر من 200 مسيّرة وصاروخ.
وفي مؤشر على انتهاء التهديد الأمني في الوقت الراهن، أعادت إسرائيل فتح مجالها الجوي الأحد، بعد إغلاقه تزامنا مع الهجوم، وفق هيئة المطارات المحلية.
كذلك فعل الأردن ولبنان والعراق.
وندّدت دول عدّة بالهجوم، وتخوّفت من خطورة التصعيد فيما يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة الأحد بناءً على طلب الاحتلال الصهيوني للبحث في العملية الإيرانية.
وذكر بايدن أنّه سيدعو قادة مجموعة السبع الأحد إلى تنسيق "ردّ دبلوماسي موحّد" على الهجوم الإيراني .
في المقابل، أعربت الصين عن "بالغ القلق جرّاء تطوّرات التصعيد العسكري في المنطقة وخطورة انعكاساته"، داعية جميع "الأطراف إلى التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب".
من جهتها، كتبت البعثة الإيرانيّة لدى الأمم المتحدة عبر منصة "إكس" أن "المسألة يمكن اعتبارها منتهية. لكن إذا ارتكب النظام الإسرائيلي خطأ آخر، فإنّ ردّ إيران سيكون أشدّ خطورة بكثير”.
وطلبت طهران من واشنطن عدم التدخّل في هذا التصعيد. وأكدت البعثة الإيرانية “هذا نزاع بين إيران والنظام الإسرائيلي المارق، ويجب على الولايات المتحدة البقاء في منأى عنه”.
وسمع دويّ انفجارات فجرا في أجواء القدس، وانطلقت صفارات الإنذار في المدينة. كذلك، أطلِقت الصفارات في شمال فلسطين المحتلة وفي النقب جنوباً.
قاعدة عسكرية… وسفينة
وأفادت وكالة الأنباء الإيرانيّة الرسميّة (إرنا) بأنّ أكبر قاعدة جوّية في النقب تعرّضت "لأضرار جسيمة" بعدما أصابتها صواريخ إيرانيّة ليلاً. وقال التلفزيون الرسمي إنّ "نصف الصواريخ التي أُطلِقت قد أصابت هدفها بنجاح".
إدانات غربية
وكان بايدن قطع عطلة نهاية الأسبوع خارج واشنطن وعاد إلى البيت الأبيض السبت لإجراء مشاورات عاجلة مع فريقه للأمن القومي بشأن الشرق الأوسط.
وأدانت الدول الغربية الهجوم الإيراني، واعتبرت باريس أنه "يتجاوز عتبة جديدة" في زعزعة الاستقرار، بينما وصفه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بـ"المتهوّر" وأكد أن بريطانيا "ستواصل الدفاع عن أمن اسرائيل".
وأعلن مسئول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عبر منصة "إكس"، أن الاتحاد "يدين بشدة" هجوم إيران، منددا بـ"تصعيد غير مسبوق" و"تهديد خطير للأمن الإقليمي".
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش "بشدة التصعيد الخطير" المتمثل في الهجوم الإيراني.
شهادة ميدانية
وقد دوت أصوات الانفجارات في العديد من الأراضي المحتلة من هضبة الجولان شمالا إلى إيلات في أقصى الجنوب، ليلة السبت الأحد، بعد الهجوم الإيراني بالمسيرات والصواريخ.
وأفاد مراسل "القدس العربي" بأنه شاهد العديد من الصواريخ والمسيرات الإيرانية في أجواء جنوب مدينة الخليل وهي تتجه إلى أهداف إسرائيلية في النقب جنوبي الأرض المحتلة.
وقال المراسل إن أصوات انفجارات عنيفة هزت المنطقة لعدة دقائق، وسط محاولات صهيونية لإسقاط الصواريخ والمسيرات الإيرانية عبر أنظمة الدفاع الجوي.
وقد دوت صافرات الإنذار من أقصى شمال هضبة الجولان السورية المحتلة، مرورا بالقدس، والأغوار في الضفة الغربية، وصولا إلى مدينة إيلات في أقصى الجنوب. وقد أظهر تطبيق الإنذار المبكر من الهجمات الصاروخية في الأرض المحتلة، أن مئات المواقع قد دوت فيها صافرات الإنذار، ومنها مدينة ديمونا التي يتواجد فيها المفاعل النووي الصهيوني.
الأردن يعترض صواريخ إيرانية
في السياق ذاته، ذكر مصدران أمنيان إقليميان، أن مقاتلات أردنية أسقطت عشرات الطائرات المسيرة الإيرانية فوق شمال ووسط الأردن، أثناء توجهها صوب الاحتلال الصهيوني.
وقال المصدران إن الطائرات المسيرة أُسقطت في الجو على الجانب الأردني من غور الأردن، وكانت متجهة نحو القدس. وتسنى اعتراض أخرى بالقرب من الحدود العراقية السورية.
وقد أظهرت فيديوهات على مواقع التواصل، أجزاء من الصواريخ التي جرى اعتراضها وسقطت على أحياء في العاصمة الأردنية عمان.
دعم أمريكي وبريطاني وفرنسي
وقد ذكرت القناة 12 التلفزيونية الصهيونية أن "طائرات حربية أمريكية وبريطانية أسقطت بعض الطائرات المسيرة الإيرانية المتجهة إلى إسرائيل فوق منطقة الحدود بين العراق وسوريا”.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني، اليوم الأحد إن فرنسا كانت من بين الدول المشاركة في الدفاع ضد الهجوم الإيراني على "إسرائيل" خلال الليل.
وأضاف "تمتلك فرنسا تكنولوجيا جيدة للغاية وطائرات ورادارات، وأعلم أنهم كانوا يساهمون بعمل دوريات في المجال الجوي"، مشيرا إلى أنه ليس لديه تفاصيل دقيقة عما إذا كانت الطائرات الفرنسية قد أسقطت أيا من الصواريخ التي أطلقتها إيران.
ويأتي هجوم طهران في سياق وتيرة متصاعدة من التوتر والعداء بين طهران وتل أبيب، في خضم العدوان الصهيوني على غزة في السابع من أكتوبر.
وقد خلف العدوان أكثر من 100 ألف بين شهيد وجريح ومفقود، ودمارا واسعا وأزمة إنسانية حادة في القطاع أوصلت سكّانه البالغ عددهم 2,4 مليون شخص إلى حافّة الجوع، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.