تختلف أساليب التربية من أسرة إلى أخرى، وقد ينتهج الآباء أو الأمهات أساليب متضاربة خلال العملية التربوية؛ ما يؤدي إلى اضطراب في سلوك طفلهما، والتأثير عليه بشكل سلبي، بل ربما تخليق شخصية ضعيفة مهتزة نفسياً وذهنياً، وصولاً إلى الإضرار بمستقبله.

ويقع الكثير من الآباء والأمهات في خطأ فادح، بتجاهل الاطلاع على نظريات التربية الإيجابية، ومتابعة البرامج المعنية بتطوير قدرات ومهارات الطفل، كذلك الرضوخ لأساليب غير صحية، دون مسايرة التطور التكنولوجي الهائل، وتنامي الحاجة إلى ذكاء ونضج تربوي، يلائم ما يتعرض له الطفل خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة من ضغوط وتحديات.

أولاً: ينصح خبراء التربية بتجنب العقاب والصراخ والضرب المتكرر، أو إيقاع الأذى البدني والنفسي بالطفل، والتنمر عليه، والسخرية منه، ومقارنته بأقرانه، بل يجب الإكثار من أسلوب الثناء والمدح، وتعزيز ثقته بنفسه، من خلال التعليقات الإيجابية، التي ترسخ فيه إيمانه بقدراته ومهاراته، وتدفع به إلى منحى النجاح والإنجاز.

ويوصي الخبراء بأن يكون تقديم الثناء للأعمال الجيدة، وليس المدح فقط، دون مردود إيجابي من الطفل، فيغتر بنفسه، ويفقد الدافع نحو تكرار الأعمال الجيدة، أي تشجيع الفعل الحسن لا مدح الطفل، كأن تقول: «لقد أصبحت ماهراً في حل هذه المسألة»، لا أن تقول له: «أنت عبقري»، على أن يكون الثناء عادة يومية، وأسلوباً تربوياً متبعاً باستمرار.

ثانياً: تطالب المعالجة النفسية أولجا سوبرا خلال حديثها لـ«الجزيرة»، بحسن الاستماع للطفل، والإنصات إليه، وتفهم مشاعره واحتياجاته، ومشاركته أحلامه وتطلعاته، حتى ولو كانت بسيطة أو خيالية، فهذا مما يمنحه الإحساس بالذات، وهو تقدير معنوي لا يقدر بثمن، يشعره بقيمته لدى والديه، وأن باستطاعته تحقيق أحلامه في المستقبل، وحل مشكلاته، وإيجاد الحلول.

ثالثاً: تؤكد دراسات علمية أن أسلوب «العاقبة» لا العقاب من أنجح طرق التهذيب، وهو أن نجعل لكل تصرف خاطئ عاقبة تتناسب معه، مثلاً، إذا لم يلتقط ألعابه من على الأرض، فسوف تقوم بإخفائها عنه طوال اليوم، أو إذا أهمل واجباته فلن يستطيع الاستمتاع بفترة اللعب المخصصة لذلك؛ أي أنك تضع له نتيجة منطقية لأفعاله، دون تهويل، أو عقاب بدني ولفظي.

رابعاً: من الحكمة غرس الثقة في نفس الطفل، من خلال تنمية وازع الاعتماد على النفس، أن يأكل بمفرده، يرتدي ملابسه، يستحم بمفرده، يقوم بترتيب غرفته، وهي نقاط مؤثرة في شخصية الطفل على المدى البعيد، وتجعل منه إنساناً مستقلاً بذاته، متعاوناً مع الغير، يتحمل مسؤولية أفعاله، وينهض بالتزاماته، لا شخصاً اتكالياً يعتمد على الآخرين.

خامساً: تنصح الكاتبة جين نيلسن في كتابها «التربية الإيجابية»، بوضع قوانين ومبادئ واضحة داخل نطاق الأسرة، دون تفريق بين الأبناء، مشيرة إلى أن ذلك يحقق درجة من الارتياح والأمان لدى الطفل، عندما تكون هناك قواعد يحترمها الجميع، مع تكثيف الاجتماعات واللقاءات الأسرية، وتوفير أجواء من الاحترام المتبادل، وإفشاء ثقافة الاعتذار عند الخطأ.

سادساً: الحفاظ على روتين منتظم في المنزل، بداية من الاستيقاظ المبكر، والصلاة في جماعة، وترتيب الأَسِرّة، وتنظيف الأسنان، وتناول الإفطار، فهذا الروتين يخلق شعوراً بالانضباط والنظام لدى الطفل، وينمي لديه القدرة على التخطيط وترتيب الأولويات؛ ما ينتج عنه تعليم الطفل مهارات الحياة وسلوكيات العيش مع الآخرين.

سابعاً: يعزز أسلوب وضع الحدود من كفاءة المنظومة التربوية، ويكفل ذلك عدم خروج الأمور عن نطاق السيطرة؛ لأن هنالك دائماً حافزاً أساسياً يدفع الطفل إلى السلوك الخاطئ، لذلك من المهم معرفة السبب، واحتواء الطفل، دون إفراط في العقاب، واستخدام أساليب تربوية إيجابية كالنصح والتوجيه والتفسير.

ثامناً: تمنح القدوة الحسنة طريقاً واضحاً أمام الطفل للسير عليه، وتوفر له إحدى أهم طرق التعلم بالملاحظة، حيث يتعلم الطفل من خلال مراقبة الآخرين، وتقليد الوالدين في تصرفاتهما وأفعالهما، لذلك يجب أن يكون الأب والأم نموذجين يحتذى بهما، مثلاً يمكن أن تعلم طفلك سلوكاً ما أو معروفاً كالتصدق على سبيل المثال أو صلة الرحم، دون أن تقول له: افعل كذا وكذا، وهو من أفضل أساليب التربية الإيجابية.