طالبت منظمة أطباء سلطات الاحتلال الصهيوني بوقف التدمير الممنهج لنظام الرعاية الصحية والبنية التحتية الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس، مشددة على ضرورة تنفيد وقف فوري ومستدام للنار، وحاجة 12 ألف جريح لتلقي العلاج خارج غزة.
وحذرت المنظمة في بيان اليوم الخميس، من "تزايد خطر اندلاع صراع إقليمي شامل"، مشيرة إلى أن استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة يؤجج التوترات الإقليمية التي تصل إلى مستويات كارثية، حيث تصاعدت الهجمات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ولبنان، "مع ما يترتب على ذلك من عواقب مدمرة ألمّت بالمدنيين بالفعل”.
وشددت على ضرورة توقف سلطات الاحتلال الصهيوني "فورًا" عن قتل المدنيين العشوائي في غزة، والمسارعة في تسهيل إيصال المساعدات لتخفيف المعاناة داخل القطاع، بما في ذلك إعادة فتح المعابر الحدودية الحيوية، امتثالًا للتدابير التي أمرت بها محكمة العدل الدولية.
وقالت: "يجب على مجلس الأمن الدولي أن يتخذ إجراءات لضمان وقف إطلاق النار باعتباره الضامن للسلم والأمن الدوليين وإنهاء تهاونه مع التدمير المستمر لقطاع غزة”.
أشارت المنظمة على معاناة سكان القطاع الكبيرة من النزوح المتكرر إلى مناطق متضائلة المساحة تحت وطأة القصف والظروف منعدمة الإنسانية، إلى جانب ارتكابها مجازر شاملة أسفرت عن أكثر من 41500 شهيد، و96 ألف جريح.
وأوضح أن الطواقم للمنظمة تتعامل يومياً مع إصابات غير مسبوقة نتيجة القصف الشديد، إذ يعاني الجرحى من حروق بالغة وعظام مهشّمة وأطراف متقطعة، مبينة أن فرق أطباء بلا حدود عالجت منذ بداية الحرب أكثر من 27500 مريض عانوا من إصابات ناجمة عن القصف الإسرائيلي.
وي هذا الصدد، تقول مديرة البرنامج الطبي لأطباء بلا حدود، د. آمبر عليان: "تسبب القصف الإسرائيلي للمناطق المكتظة بالسكان مرارًا وتكرارًا بإصابات على نطاق مهول. فقد أُجبرت فرقنا على إجراء عمليات جراحية من دون تخدير، وشاهدوا أطفالًا يموتون على أرضيات المستشفيات بسبب نقص الموارد، حتى أنهم عالجوا زملاءهم وأفراد عائلاتهم. وفي الوقت نفسه، فككت القوات الإسرائيلية نظام الرعاية الصحية في غزة بشكل ممنهج”.
ونوهت إلى أن فرق المنظمة في غزة كانت قبل الحرب تعالج آثار 17 عام من الحصار والهجمات المتكررة على السكان في غزة، بما في ذلك علاج المرضى الذين يعانون من إصابات طويلة الأمد وأمراض الصحة النفسية والحروق الشديدة.
وشددت عليان على أنه ونتيجة لدك جيش الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة بآلاف الأطنان من القنابل منذ 7 أكتوبر، طرأت زيادة شديدة في تلك الاحتياجات، وتلاشت إمكانية الحصول على الرعاية الصحية.
وبينت أن في قطاع غزة تعمل 17 مستشفى فقط وبشكل جزئي من أصل 36 مستشفى، مشيرة إلى أن هجمات الاحتلال بالقرب من المرافق الطبية هدد حياة المرضى ومرافقيهم والطواقم الطبية.
وتضيف عليان، "مع ازدياد الاحتياجات الطبية في القطاع، لا تزال قدرتنا على الاستجابة محدودة، فلا يمكننا إدخال ما يكفي من الإمدادات الإنسانية والطبية إلى غزة. وليست المستشفيات الميدانية التي أنشأناها كملاذ أخير إلا ضمادة لإصلاح الدمار الذي سببته الحرب وانهيار نظام الرعاية الصحية. وفي ظل الوضع الراهن، لا يمكن للمرافق الطبية التي لا تزال تعمل أن تلبي الاحتياجات الهائلة”.
ولفتت إلى اضطرار الطواقم أطباء بلا حدود ومرضاها إلى مغادرة 14 منشأة صحية مختلفة بسبب الهجمات الإسرائيلية في محيطها، قائلا إنه "في كل مرة يُخلى فيها مرفق طبي، يفقد آلاف الأشخاص القدرة على الوصول إلى الرعاية الطبية المنقذة للحياة لأسابيع وأشهر قادمة”.
وأكدت عليان على أن تلك المعاناة تتفاقم جرّاء ندرة الإمدادات الإنسانية الكافية إلى قطاع غزة، حيث تفرض سلطات الاحتلال بصورة متكررة معايير غير واضحة ولا يمكن التنبؤ بها للسماح بدخول الإمدادات، مشيرة أنه وبمجرد دخول الإمدادات إلى غزة، "غالبًا لا تصل إلى وجهتها بسبب غياب الطرق الآمنة والمتاحة بفعل القتال المستمر"، مشيرة إلى وجود حاجة ماسة لإجلاء 12 ألف شخص من أجل تلقي العلاج في الخارج.
من جانبه قال الأمين العام لأطباء بلا حدود، كريس لوكيير: “إن استمر حلفاء إسرائيل على مدار عام كامل بتقديم دعمهم العسكري لإسرائيل، مع سردية علنية متّسقة تجرد الناس في غزة من إنسانيتهم وتفشل في التمييز بين الأهداف العسكرية وأرواح المدنيين. يمثل الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار السبيل الوحيد لوقف القتل”.
وأكد لوكيير أن الولاءات السياسية أعطت الأولوية للحياة البشرية، مرارًا وتكرارًا، "وبينما يتحدث حلفاء إسرائيل علنًا عن أهمية وقف إطلاق النار وضرورة تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، يواصلون تزويد إسرائيل بالسلاح”.