عام مضى على معركة "طوفان الأقصى"، والذي ظنه البعض أياما معدودات ما تلبث أن تنتهي، أو حلقة من حلقات الصراع مع العدو ما تلبث أن تنتهي وتهدأ الأمور ، إلا أن استمرارها هذه المدة الطويلة واتساعها لتصل إلى الضفة وإلى لبنان وتتفاعل معها بلدان مختلفة إضافة إلى تداعي الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إسنادا للاحتلال، كل ذلك جعلنا أمام مشهد يختلف عما سبقه، ليبدو وكأنه يدشن لمعركة التحرير.

 

" إخوان أون لاين " التقى علي بركة رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حركة حماس لنقف معه على واقع المعركة بعد عام من اندلاعها، وما هي تصورات الحركة لمآلاتها وتأثيراتها، فكان هذا الحوار.

 

  • كيف تقيمون أثر معركة طوفان الأقصى على المقاومة الفلسطينية والموقف الشعبي العربي والدولي تجاه القضية الفلسطينية؟
  • معركة طوفان الأقصى التي انطلقت في 7 أكتوبر من العام الماضي، أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأحداث على المستويين العربي والدولي وأثبتت أن المقاومة الفلسطينية هي الحامي الرئيس للشعب الفلسطيني وقضيته، وقد نجحت المعركة في وقف قطار التطبيع العربي مع الاحتلال الصهيوني، كما أنها جاءت في وقت كانت فيه الدول العربية تتهافت على التطبيع، فكان طوفان الأقصى بمثابة الوقفة التي أعادت الأمور إلى نصابها، وأكدت أن الاحتلال إلى زوال.

 

  • ما التحديات التي واجهتها حماس خلال العام الماضي بعد هذه المعركة، وكيف تعاملتم معها سياسيًا وعسكريًا؟
  • واجهت المقاومة الفلسطينية، وخاصة حركة حماس، تحديات كبيرة منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، أبرزها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي دعم الاحتلال الصهيوني بشكل غير مشروط. كما فرض العدو الصهيوني حصارًا مشددًا على قطاع غزة، إضافة إلى حملات الإبادة والتجويع التي استهدفت المدنيين، مما أسفر عن استشهاد عشرات الآلاف، 70% منهم نساء وأطفال. برغم ذلك، استطاعت المقاومة أن تصمد وتكبّد العدو خسائر فادحة، حيث دمرت الآلاف من آلياته، وقتلت وجرحت الآلاف من جنوده.

 

  • هل أثرت معركة طوفان الأقصى على استراتيجية حماس وتكتيكاتها العسكرية؟
  • المعركة فرضت على المقاومة تطوير استراتيجياتها وتكتيكاتها. ففي 7 أكتوبر، نجحت المقاومة في السيطرة على 600 كم مربع من غلاف غزة خلال ساعات قليلة. وبرغم تفوق العدو في الغارات الجوية، استطاع المقاتلون الفلسطينيون أن يكبدوا الاحتلال خسائر كبيرة في الميدان، وأثبتوا أن جيش الاحتلال، الذي طالما اعتُبر "جيشًا لا يقهر"، يمكن هزيمته بفضل شجاعة المقاتلين الفلسطينيين.

 

  • كيف ترى حماس دور الأطراف الإقليمية في دعم القضية الفلسطينية بعد المعركة، خاصة لبنان؟
  • المعركة لم تنحصر داخل فلسطين فقط، بل امتدت إلى جبهات إقليمية. على سبيل المثال، المقاومة في لبنان قدمت دعمًا كبيرًا لنا منذ اليوم التالي لبدء المعركة. إضافة إلى ذلك، شهدنا مواقف إيجابية من قوى المقاومة في اليمن والعراق، إلى جانب دعم إيران. بما شكل جبهة إسناد ، حيث كان الدعم السياسي والعسكري، سواء بالصواريخ أو بالطائرات المسيرة، لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة.

 

  • ما هي أولويات حماس في المرحلة القادمة؟ وهل هناك استعدادات خاصة لمواجهة التحديات المقبلة؟
  • أولويتنا الأساسية الآن هي وقف العدوان على غزة وحماية المسجد الأقصى من التهويد. هناك مشاريع تهويدية خطيرة في الضفة الغربية والقدس، تسعى حكومة نتنياهو لتنفيذها. أما في غزة، فنحن نعمل على تعزيز صمود شعبنا ومواصلة بناء قدراتنا العسكرية، فالمقاومة الفلسطينية مستعدة لمواجهة أي تحديات جديدة، وسنواصل الدفاع عن أرضنا وشعبنا بكل الوسائل المتاحة حتى تحرير فلسطين بالكامل.

 

  • في ظل الوضع الراهن، هل هناك أي مفاوضات أو جهود وساطة تهدف إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار؟ وما الشروط التي لا تتنازل عنها حماس؟
  • نحن في حركة حماس نرحب بأي جهود تهدف إلى وقف العدوان على غزة، لكن بشروط واضحة. أول هذه الشروط هو وقف العدوان بشكل كامل، ثم انسحاب الاحتلال من غزة، وعودة النازحين إلى ديارهم. كذلك، نطالب بتوفير المساعدات الإنسانية وبدء إعادة إعمار ما دمره الاحتلال. إذا أراد الاحتلال استعادة أسراه أحياء، عليه أن يلتزم بهذه المطالب.

 

  • برغم ما يحدث في غزة، لم نشهد تحركًا كبيرًا في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني يتناسب مع حجم الأحداث كيف تفسرون هذا؟
  • الوضع في الضفة الغربية يختلف كثيرًا عن غزة، حيث إن السلطة الفلسطينية قامت بقمع المقاومة والتعاون أمنيًا مع الاحتلال، مما أضعف حركة المقاومة هناك ، وبرغم ذلك، هناك عمليات فردية ومواجهات مستمرة. أما في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، فإن ظروفهم صعبة للغاية، فالعدو يعاملهم بعنصرية شديدة بعد 7 أكتوبر، ولكنهم يواصلون صمودهم ويحتفظون بهويتهم العربية الفلسطينية.

وأحب أن أؤكد لك أن المقاومة الفلسطينية ستواصل نضالها ضد الاحتلال حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني، والشعب الفلسطيني لن يرفع الراية البيضاء، وحماس لن تتراجع عن طريق المقاومة حتى تحقيق أهدافها.