يتهم مسئولون في الإدارة الأمريكية حكومة الاحتلال الصهيوني بالوقوف وراء محاولة تخريب المحادثات التي كان من المفترض أن تكون سرية بين الولايات المتحدة وحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة.
وأوضح موقع واينت الصهيوني الذي أورد الخبر، اليوم الخميس، أن المسئولين الأمريكيين الذين تحدثوا إلى مسئولين ذوي صلة بعائلات الأسرى الصهاينة في قطاع غزة قالوا إن ممثلي الإدارة الأمريكية الذين توجّهوا إلى الدوحة لم يبلغوا الصهاينة بهذه المحادثات مسبقاً، بعد أن أفشلت جولة سابقة من المحادثات كان من المفترض عقدها الأسبوع الماضي.
وقال المسئولون الأمريكيون إن ممثلي حكومة الاحتلال لا يعارضون فقط وجود قناة مباشرة ومنفردة تُفاوض فيها واشنطن حماس بشأن المحتجزين حملة الجنسية الأمريكية، ولكن السبب الجوهري أكثر هو مخاوف الاحتلال من تقدّم أوسع بالتسويات المستقبلية بشأن قطاع غزة، من دون أن تكون حكومة الاحتلال هي الجهة التي تنقل المعلومات إلى الإدارة الأمريكية. من جهته، نفى ديوان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو صحة هذه الأنباء.
ومع ذلك، يقول المسئولون الأمريكيون إن وفداً أمريكياً كان في الدوحة الأسبوع الماضي، وكان من المفترض أن يعقد اجتماعاً دراماتيكياً بين ممثل رسمي للولايات المتحدة ومسئول كبير في حماس، ربما لأول مرة على الإطلاق، وأن حكومة الاحتلال عندما علمت بالأمر توجّهت إلى كبار المسئولين في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، وأعربت عن معارضة شديدة لعقد الاجتماع نفسه وللمضامين التي كان من المقرر مناقشتها فيه.
ويضيف الموقع الصهيوني أنه حتى ذلك الحين، كان القانون الأمريكي يُفسر بأنه يحظر أي اتصال بين مواطن أمريكي وأي منظمة أو شخص يُصنف منظمةً إرهابيةً أو إرهابياً من قبل الإدارة. وعلى سبيل المثال، امتنع المبعوث الأمريكي للإدارة السابقة لشئون إسرائيل ولبنان عاموس هوكشتاين عن الاجتماع مباشرة مع مسئولي حزب الله، برغم أنهم كانوا الطرف المعني في لبنان، لمناقشة اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، يبدو أن القانون يُفسر الآن بشكل مختلف، أو أن البيت الأبيض وجد طريقة قانونية لعقد مثل هذه المحادثات.
وبعد الكشف عن المحادثات أمس الأربعاء على موقع أكسيوس، لم تنكر كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية لترامب، أن المحادثات المباشرة مع حماس قد جرت. وعندما سُئلت في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض عن سبب قيام الإدارة بإجراء اتصالات مع حماس، أجابت بأن مبعوث ترامب لشئون الرهائن آدم بوهلر، الذي يتولى هذه المفاوضات، "لديه السلطة للتحدث مع أي طرف كان".
ونبع قرار فريق بوهلر إنشاء المسار المباشر مع حماس من فهم أن المفاوضات للإفراج عن باقي المحتجزين، سواء في إطار المرحلة الثانية من الصفقة الحالية أو ضمن اتفاق جديد ومختلف، متعثرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن إمكانية استمرار المرحلة الأولى لتشمل إطلاق سراح محتجزين إضافيين تبدو ضئيلة جداً حالياً. كما تلقى المندوبون الأمريكيون تحديثات تفيد بأن حكومة الاحتلال تُعد لعملية عسكرية واسعة النطاق وعدوانية للغاية في غزة، يمكن أن تبدأ في أي لحظة.
وبناء على هذا التحليل للوضع، والخوف من أن العودة إلى القتال من شأنها أن تعرض حياة المحتجزين الذين بقوا على قيد الحياة للخطر بشكل فوري وبالغ، كما من شأنها المس بشكل كبير بفرص استعادة جثث المحتجزين الآخرين، تقررت في الولايات المتحدة محاولة إطلاق سراح الأسرى الأمريكيين، وهم عيدان ألكسندر، آخر أسير إسرائيلي أمريكي لا يزال على قيد الحياة، وكذلك إعادة جثث أربعة صهاينة أمريكيين آخرين اقتيدوا إلى غزة في السابع من أكتوبر 2023.
ورفضت حكومة الاحتلال باستمرار، وفقاً للموقع الصهيوني، تقديم المساعدة في الجهود التي ارتكزت على عنصر الجنسية غير الإسرائيلية لدى بعض المحتجزين. ولفت الموقع إلى أن هذه مسألة ذات حساسية اجتماعية وسياسية كبيرة، لأنها قد تثير الغضب بين الأسر الأخرى. ولهذا السبب، قررت الولايات المتحدة أن الطريق الصحيح لإنجاح هذا الجهد، الذي يبدو أن نافذة الوقت أمامه توشك على الانغلاق، هو إجراء محادثات مباشرة وعاجلة وسرية مع حماس.
وتابع الموقع الصهيوني أن الوفد الأمريكي الذي كان في الدوحة الأسبوع الماضي سعى إلى تنظيم لقاء مع رؤساء فريق حماس التفاوضي، ولكن "إسرائيل" لجأت بعد ذلك إلى مجلس الأمن القومي الأمريكي. وقد أصدر رؤساء المجلس، تحت ضغط صهيوني، تعليمات للفريق في الدوحة بعدم عقد اللقاء في الوقت الراهن. ولهذا السبب لم يطلع كبار المسئولين الأمريكيين حكومة الاحتلال على اللقاء هذه المرة، وطلبوا إبقاءه سراً خوفاً من تدخل حكومة الاحتلال مرة أخرى لتخريب المحادثات. ولكن المتحدثة باسم البيت الأبيض قالت إن "إسرائيل أُبلغت بالمحادثات"، في حين قال مكتب نتنياهو في رد مقتضب إن إسرائيل "أعربت للولايات المتحدة عن موقفها بشأن المحادثات المباشرة مع حماس".
من جهة أخرى، لفت "واينت" إلى ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز الليلة الماضية عن أن حكومة الاحتلال لم تتلق معلومات عن المحادثات مباشرة من الولايات المتحدة، لكنها علمت بها من خلال "قنوات أخرى". واتصل اللواء نيتسان ألون، المسئول عن ملف المحتجزين والمفقودين في جيش الاحتلال وعضو فريق التفاوض، بالممثلين الأمريكيين في الدوحة، الذين فوجئوا بمعرفته بما يجري. وفُهم معنى المحادثة من قبل واشنطن بأن ألون قصد منها التوضيح للأمريكيين أنهم لم ينجحوا في إخفاء تحركاتهم عن "إسرائيل"، التي كانت منتبهة لما يحدث في هذه القضايا عبر قنوات مختلفة، وأيضاً نوعاً من التوبيخ على العمل الذي لم يُنسّق معها.