عبد الله المجالي   

من نافلة القول أن المقاومة تواجه حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ البداية منفردة ودون أي دعم أو إسناد على عكس العدو.

ومع ذلك فقد استطاعت المقاومة الصمود إلى الآن أمام عدو شرس متخم بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، وبجسور من الإمدادات العسكرية، وبأسطول من الأقمار الصناعية، وإسناد من شركات تكنولوجية عملاقة.

 

بعد 18 شهرا، يخرج الإرهابي المطلوب للجنائية الدولية يوآف جالانت ليعترف بالفشل الذريع ويقول إن حماس لا زالت تسيطر على القطاع بعد كل هذه المدة.

لا شك أن المقاومة أصيبت إصابات قاسية، ولا شك أنها خسرت الكثير من قياداتها والكثير من أسلحتها، لكنها حتى الآن تمتلك أوراق قوة:

1- عدالة القضية: لا شك أن هذه أقوى ورقة بيد المقاومة، فهي تدافع عن قضية عادلة؛ حيث هناك شعب يرزح تحت الاحتلال والحصار منذ 17 عاما، ومن حق المقاومة، وفق الشرائع السماوية والأرضية كافة أن تدافع عن شعبها وتقاوم الاحتلال.

 

2- إرادة الصمود: إرادة الصمود الذي أذهلت العالم كله، بل أذهلت العدو نفسه، سواء كان ذلك صمود الشعب أو صمود المقاومة. صحيح أن الحاضنة الشعبية تعرضت لأبشع ما يمكن أن يتعرض له شعب محتل، وصحيح أنها لم تعد كما كانت عليه في بداية العدوان أو حتى في منتصفه، وصحيح أن محاولات فض هذه الحاضنة عن المقاومة رهيبة وتقوم بها جهات بعيدة وقريبة، إلا أن الوضع العام لا زال يشير إلى تماسك الحاضنة الشعبية، وأنها لا زالت ورقة قوة في يد المقاومة.

 

3- وضوح هدف المقاومة: يشكل وضوح هدف المقاومة ورقة قوة، فهو من جهة يشد من أزر الحاضنة الشعبية، ومن جهة يوحد صفوف المقاومة؛ فهدفها الواضح والمعلن هو إيقاف الحرب الهمجية على القطاع وانسحاب قوات العدو منه ورفع الحصار وإعادة الإعمار. تشكل هذه الأهداف تطلعات الشعب الفلسطيني في غزة والشتات. وقد وصل الشعب في غزة إلى أن هذه الأهداف تستحق التضحية، وهي لن تتحقق في ظل غياب المقاومة، وهي خير من الموت والفناء على مراحل كما يطمح العدو.

 

4- إرادة القتال: "الهزيمة هي انتفاء إرادة القتال"، وهذا ما لم نر أي مؤشر له في قطاع غزة، بل على العكس، فإنه رغم احتلال ميزان القوة بشكل صارخ لصالح العدو، ورغم الإصابات والجراحات التي أثخنت المقاومة، إلا أن مؤشر إرادة القتال يبقى مرتفعا، والتقارير الصهيونية والغربية تشير إلى أن الالتحاق في صفوف المقاومة مستمر. إن إرادة القتال لدى المقاومة ورغم كل شيء تبقى السد المنيع أمام مؤامرات العدو، بل هي تبقى السيف المسلط على عملاء الداخل. وهي كذلك تشعل الخلافات والانقسامات داخل مجتمع العدو.

 

5- وحشية العدو: إن صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته جعلت العدو يفقد أعصابه ويزيد من وحشيته، وهي الوحشية التي ارتدت لتكون أحد أوراق قوة المقاومة. فإيلاغ العدو في دماء الفلسطينيين، والجرائم اليومية التي يرتكبها، زادت من منسوب التعاطف مع القضية الفلسطينية، كما أنها أكدت عدالة القضية، ما أدى إلى زيادة عزلة الكيان عالميا، وقد تزيد الضغوط عليه حتى يوقف حربه على القطاع.

 

6- ورقة الأسرى: لا زالت ورقة الأسرى تشكل ورقة بيد المقاومة رغم أن أغلبهم قد أفرج عنهم في مفاوضات سابقة، لكن المقاومة وصلت إلى قناعة أن العدو يراوغ في كل مرة، لذلك فإنها حسمت أمرها برفض أي اتفاق لا يتضمن تعهد العدو بإيقاف الحرب على القطاع.

 

لا شك أن الضغوطات كبيرة على المقاومة، ولا شك أن المؤامرات عليها كبيرة وتتزايد يوما بعد يوم، لكن أوراق القوة التي بين يديها قادرة، بإذن الله، على رسم نهاية ترضي الشعب الفلسطيني في القطاع كما ترضي المقاومة.

المصدر: السبيل