سجلت الأيام الأولى لامتحانات الثانوية العامة عودة لظاهرة الغش الجماعي بلجان الامتحانات التي بدأت الأحد الماضي. وقال شهود عيان إن عمليات الغش تجري بتحالف بين مراقبي الامتحانات وأولياء الأمور، مع عدم الانضباط الأمني داخل لجان الامتحانات التي تسمح للطلاب بملاحقة زملائهم في حالة عدم تعاونهم في إتمام عمليات الغش.
وتداولت صفحات مخصصة للغش على مواقع التواصل الاجتماعي أسئلة امتحان اللغة الفرنسية لطلاب الثانوية العامة المصرية، بعد مرور دقائق معدودة من بدء الامتحان، اليوم الثلاثاء. وتقرر فتح تحقيق حول واقعة التسريب، وتتبع الصور المتداولة أملاً في الوصول إلى مصدرها، مشددة على تطبيق العقوبات المقررة ضد الطلاب المسربين، التي تصل إلى حرمانهم من دخول الامتحان لمدة عامين. وذكرت غرفة العمليات المركزية بالوزارة أنها تعمل حالياً على تتبع مصدر تسريب الأسئلة، بعد التحقق من صحتها، بهدف ضبط المسئوول عن تداولها، سواء من بين الطلاب، أو من المشرفين على لجان الامتحان.
من جهتها، أكدت صفحة "شاومينج"، المخصصة للغش عبر تطبيق "تليجرام"، حصولها على امتحان اللغة الفرنسية، ونموذج الإجابة الخاص به، قبل موعد بدء الامتحان في التاسعة صباحاً.
خارج لجان الامتحانات وقفت الطالبة (سندس هـ.أ) تبكي بعد انتهاء اليوم الثاني من الامتحانات في مواد اختيارية للغات تشمل الفرنسية والإنجليزية والألمانية، بما صدم أمها التي ظلت تنتظرها قرب المدرسة بمدينة المنصورة في قلب الدلتا. زادت صدمة الأم عندما علمت من ابنتها أن الامتحانات جاءت سهلة للغاية، بما يمكن الطالب المتوسط من أدائها والحصول على درجات علمية جيدة، لتشرح بأن مشكلتها أن المراقبين طلبوا منها أن تمنح زملاءها الإجابات الصحيحة التي في حوزتها.
"تشاركوا وتعانوا لتؤدوا الامتحانات بسرعة"، هكذا ينصح المراقبون الطلاب، بما جعل سندس تشعر بأن ما بذلته من جهد على مدار العامين الماضيين للاستعداد لسباق الثانوية العامة، بما يحقق حلمها بالالتحاق بكلية الطب، لا فائدة منه، إذ تعلم صعوبة السباق الذي يجري بين نحو نصف مليون طالب، للالتحاق بكليات القمة، التي أصبحت محدودة العدد، وتدرك أن عدم تفوقها سيحول دون تحقيق حلمها، بينما الآخرون يمكنهم تعويض انخفاض درجاتهم العملية بالالتحاق بالجامعات الخاصة التي كثرت أعدادها مؤخرا.
وتذكر سندس لـ"العربي الجديد" أن بكاءها مرجعه إلى مشاركة المراقبين في دفع الطلاب المتميزين لـ"التعاون" في الغش، ونظر الزملاء إلى أن تدوال المعلومات خلال الامتحان على أنه "حق يجب أن يلتزم به من ذاكر لصالح الآخرين". وفي جولة لـ"العربي الجديد"، رصد تعدد شكاوى طلاب من سماح المراقبين لطلاب بحمل الهواتف والساعات المرتبطة بها، بما يسهل تواصلهم مع آخرين وهم بداخل اللجان، وتلقي الإجابات، منوهين إلى أن بعض هؤلاء الطلاب يشوش على غيرهم، الذين يبحثون عن الهدوء داخل اللجان ويجتهدون في حل الأسئلة بدون "غش".
ويبرر مراقبون تساهلهم مع الطلاب داخل اللجان، خشية تعرضهم للاضطهاد من بعض الطلاب أو ذويهم. ويشير مراقب يعمل مدرسا للغة الانجليزية إلى أن اختفاء الحماية الرسمية من وزارة التربية والتعليم، خاصة للمكلفين بمراقبة الامتحانات في مناطق نائية وبها عصبيات قبلية، يدفع المراقبين إلى التهاون مع الطلاب، خوفا من المشاكل التي يمكن أن تحدث لهم، مشيرا إلى تحالف أولياء الأمور في تلك المناطق مع المراقبين لإيوائهم خلال فترة الامتحانات التي تمتد نحو الشهر، وتوفير احتياجاتهم من الأغذية والسكن الذي لا توفره الدولة بكرامة للمراقبين في المناطق الريفية وداخل المدن، مقابل التساهل مع الطلاب للغش، مبينا أن الجهات الأمنية يهمها أن تسير الامتحانات في هدوء، دون التدخل في أية مسارات أخرى تحمي حقوق المتفوقين من الطلاب أو تحاسب المراقبين إذا ما تغاضوا عن الغش الجماعي.
ويؤدي طلاب الشعبتين العلمية والأدبية، البالغ عددهم 768 ألفاً و353 طالباً للنظام الحديث، امتحان اللغة الأجنبية الثانية غير المضافة إلى المجموع الكلي. ولا يتضمن امتحان اللغة الأجنبية الثانية أسئلة مقالية، على غرار المواد المضافة إلى المجموع، إذ إن أسئلته بالكامل بنظام الاختيار من متعدد، تنفيذاً للسياسات التعليمية المرتبطة بنظام الثانوية العامة الجديد. وتُجرى الامتحانات في الفترة من 15 يونيو الحالي حتى 10 يوليو، بنسبة 85% لأسئلة الاختيار من متعدد، و15% للأسئلة المقالية، وذلك للمواد المضافة للمجموع فقط.