كتب حسين فودة في العدد الأخير لمجلة الإذاعة والتلفزيون الصادر في 2/6/2007م في الصفحة العاشرة تحت عنوان (دكتوراة لباحث مصري في "كارثة العبَّارة!!):-

 

حصل باحث مصري على درجة الدكتوراة بامتياز من جامعة جلاسجو بالمملكة المتحدة حول أسباب غرق العبَّارة "السلام 98" في عرض البحر الأحمر، وكشف فيها عن تورط أشخاص ومسئولين وهيئات حكومية في الكارثة التي أودت بحياة ما يزيد على 1150 مواطنًا مصريًّا من البسطاء.. كان الباحث المصري أحمد محمد عبد المجيد، الطالب بقسم الهندسة البحرية وعمارة السفن بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية قد تقدَّم بموضوع البحث في عام 2001م وطرح فيه احتمالات غرق العبارات بسبب الحرائق التي تندلع على ظهورها في الأماكن غير المتوقعة، وعرض لسيناريوهات غرق السفن نتيجة الحرائق وطرق مكافحتها.

 

ولما وقعت كارثة العبَّارة "السلام 98" المملوكة لرجل الأعمال الهارب ممدوح إسماعيل، كلفته جامعة جلاسجو بمطابقة السيناريوهات الواردة في رسالته على حالة العبَّارة الغارقة، وكانت المفاجأة أن تطابقت جميع الأسباب التي توصَّل إليها مع ما ورد في الرسالة.. وقررت الجامعة منحة درجة الدكتوراة بامتيازٍ في طرق مكافحة الحرائق في السفن البحرية، والأماكن البعيدة عن أولويات التأمين على ظهور العبارات.

 

وبعد حمد الله سبحانه على إظهار البعد الإستراتيجي الذي تتمتع به حكوماتنا في إدارة الأزمات واستشراف المستقبل نؤكد على بعض المعاني بهذه المناسبة السارة التي جاءت لتمسح الدموع من على وجوهنا:

 

هذا الخبر لم يأخذ حقه الإعلامي الكافي! إذْ كان من الواجب على الصحف القومية إبرازه بالشكل اللائق؛ فكم تحمَّلت الحكومة أقلام المعارضين والمشككين والمأجورين، وها هي إرادة المولى عز وجل تثبت للجميع مدى الحكمة التي تتمتع بها الحكومة! وإلا فكيف كان هذا الباحث المسكين سيتمكن من البرهنة على صدق السيناريوهات التي وضعها في رسالته؟
هل كان سينتظر غرق إحدى سفن دولة أجنبية أو معادية مثلاً؟

 

أم هل من المروءة والمسئولية أن تتركه الحكومة ورجالها- متمثلة في السيد ممدوح إسماعيل- دون أن تساعده في إنهاء رسالته على الوجه اللائق الذي يثبت تقدمنا العلمي؟

 

- إن الجهات والهيئات والمسئولين الذين يقول عنهم الخبر أنهم متورطون في الكارثة؛ قاموا بدورهم الوطني على أكمل وجه بدايةً من تعيين السيد ممدوح في مجلس الشورى وانتهاءً بتسهيل رحلته إلى بلاد الغربة ليواصل كفاحه من أجل تراب الوطن الغالي، وليس هروبًا كما يقول المدَّعون الموتورون.

 

فبتضافر هؤلاء جميعًا حصل الباحث ابن مصر الغالي على درجة الدكتوراة من بلاد الفرنجة ليردَّ على الحاقدين الذين وضعوا جامعاتنا في ذيل الترتيب العلمي العالمي، وحتى يعلم الجميع- القريب منهم والبعيد- أن الحكومة لا تبخل على العلم بأي شيء؛ يشهد على ذلك المرحوم "عبد الحميد شتا" الذي غرق في النيل لعدم تأهله اجتماعيَّا لشغل وظيفة في الخارجية رغم تفوقه واجتيازه الاختبارات بجدارة، وتشهد أيضًا دماء أكثر من 1150 مواطنًا مصريًّا من البسطاء كنا نظن أن دماءهم ذهبت سُدى لقصر في نظرتنا القومية الإستراتيجية ولم نعلم أنهم شهداء العلم والدكتوراة!

 

- لم يبقَ سوى أن نبارك للباحث وندعو الله سبحانه ألا تكون رسالته كمئات وآلاف الرسائل التي تتكدس بها جامعتنا الحكومية والاستثمارية والخاصة والأجرة.... إلخ

 

في الوقت نفسه نرجوه أن يكتفي بهذه الدرجة العلمية، وإن غلبه طموحه العلمي فنسأله بالرحم الوطني الذي بيننا ألا يضع سيناريوهات مرةً أخرى!!