حملت الصحف المصرية المسمَّاة بالقومية- وهي بالمناسبة غير قومية إمبابة- حملةً شعواء على السيد بوش؛ بسبب تصريحاته في مدينة براغ، التي تعرَّض فيها للحريات في بعض الدول، وضرب مثالاً بمصر وقضية أيمن نور، وهو الأمر الذي عبَّرت بسببه الخارجية المصرية عن دهشتها واستيائها، ولم تنسَ الخارجية في بيانها أن تؤكد أن (قوة العلاقة المصرية الأمريكية) تسمح لمصر أن تُبدي تلك الدهشة وذلك الاستياء!!

 

ولكنَّ صحف السبت 9/6/2007 اكتظَّت بمقالات السادة كبار الكتاب تهاجم بوش بطريقة لم يهاجمه بها أحد من قبل؛ لدرجة أن الصحفي ممتاز القط يصف سياسات بوش وتصريحاته بأنها لم تعُد تثير اهتمامًا، بقدر ما تثير اشمئزازًا وإدانةً لبلاده!! ويضيف: "تصريحات بوش حول أوضاع الديمقراطية وحقوق الإنسان هي ستار يُخفي حالة العجز والفشل، التي مُنيت بها سياساته في كل أنحاء العالم".

 الصورة غير متاحة

 بوش ونور

 

والمقالات جميعها تذكِّر القراء بدور مصر الرائد في الحريات التي لا يستطيع بوش ولا أبو بوش أن يزايد عليه، كما تذكِّر القراء بدور مصر في تحذير بوش من سياساته الحمقاء في فلسطين والعراق، ولكنه كان دائمًا يركب رأسه ولا يستمع للناصحين الأمناء المخلصين له من أصدقائه في مصر!!

 

ونحيل إلى قراءة هذه المقالات في مصادرها الأصلية في الصحف الحكومية؛ لأن أي اختزال أو اختصار سيفقدها قيمتَها القومية في إضحاك الشعب المصري المكدود والمطحون والمُتخصخص.

 

ولن نسأل السادة الذين تحوَّلوا فجأةً لسبِّ وشتْم بوش، لماذا لم نسمع أصواتكم هذه الحرة القوية عندما دمَّر العراق واحتلها؟ أو عندما وقف بكل قوته خلف الاحتلال والاستئصال اليهودي للشعب الفلسطيني؟! لم نسمع لكم صوتًا حين فرض بوش حصارًا مجرمًا على الشعب الفلسطيني، بل للأسف أنتم الذين كنتم تبرِّرون إجرامه!!

 

وللأسف لو كان لكم صوتٌ قويٌّ ضد بوش وسياسته- كما تدعون اليوم- لكانت أموال الجامعة العربية وأموال المتبرعين وصلت إلى الشعب المحاصر في فلسطين، ولم تكن أي قوة في العالم- بما فيها بوش الصغير- تستطيع منع مصر من أداء واجبها!!

 

يا أبطال القلم، ويا ثوَّار الوطنية عبر جرائدنا القومية، ويا دعاة السيادة الوطنية.. أنتم الذين نصبتم هذا البوش راعيًا للعولمة، وأنتم الذين تسابقتم لتبرير إجرامه بدعوى محاربة الإرهاب، وأنتم الذين وافقتم على كل أوامره المستفزة، كتحديث الخطاب الديني، ومراجعة المناهج التعليمية، وتقرير مادة الأخلاق لتحل مكان الدين.. إلخ.

 

على العموم نحمد الله سبحانه وتعالى أن هذا المجرم بوش لم يذكر المحالين إلى المحاكمة العسكرية، ولم يذكر مئات أو ربما الآلاف الآن من الإخوان بسبب الانتخابات، وإلا كانت الجنازة الصحفية القومية لن تنتهي هذا الصيف وربما احتلت الموسم الشتوي أيضًا.

 

وفي النهاية ندعو المولى ألا يبيت حبيب لبوش وهو غضبان عنه أبدًا، خاصةً في صحفنا القومية التي تربَّت على حبه وأحيانًا على خيره ومعوناته!!