بسم الله الرحمن الرحيم


بعد حكم مشرِّف للقضاء المصري برفض شطْب المرشحين بسبب استخدام الشعارات الإسلامية التي نحرص عليها ونؤكد استمرارَها ونمضي بها في طريقنا إلى تحقيق الإصلاح والاستقرار لوطننا العزيز مصر، وفي انتكاسة جديدة للحياة السياسية والانتخابية المصرية، وفي ظل مخالفاتٍ عديدةٍ جسيمةٍ للقانون والدستور، وفي ظل سيطرة أمنية سافرة وقمعٍ للناخبين ومنعٍ للمراقبين المحايدين وحرمانٍ لأجهزة الإعلام المستقلة من مراقبة التصويت.. تمَّت اليوم 11/6 مهزلة انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى 2007م.

 

وقد جاءت هذه الانتخابات في ظل أجواء سياسية وإعلامية وألاعيب قانونية مارسَها الحزب الوطني الحاكم لتحقيق نتيجة واحدة، وهي فقدان ثقة المواطن المصري في أية إصلاحات أو شعارات يتم الإعلان عنها من قِبَل النظام الحالي، وأن يفقد المصريون إحساسهم بالانتماء إلى هذا الوطن؛ وذلك نتيجة عدم ممارستهم لحقوق المواطنة؛ الأمر الذى سوف ينعكس سلبًا على كل عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 

إن حجم المخالفات والجرائم التي تمَّت اليوم في عملية الانتخاب.. من إغلاق للجان، ومنع المواطنين من الوصول إلى صناديق الاقتراع، والاعتداء بالضرب على الناخبين وعلى المرشحين، وتهديد وإرهاب رؤساء وأعضاء لجان التصويت، والاستعانة بالبلطجية والبلطجيات لافتعال المشاجرات، وتسويد البطاقات، والتزوير بالتصويت لصالح مرشحي الحزب الحاكم والتي سبقتها جرائم أخرى بمنع كل صور الدعاية الانتخابية، وما رصدته بعض منظمات حقوق الإنسان ولجان مراقبة الانتخابات حسب ما أتيح لها.. نقول لهُوَ عملٌ غيرُ مسبوق في تاريخ الانتخابات المصرية، وإن النتائج التي سيتم الإعلان عنها لا تعكس قطعًا إرادة الناخبين المصريين.

 

لقد كانت هذه هي المحكَّ الأول للتعديلات الدستورية المعيبة والمشوَّهة والمشكوك في صدقيتها، والتي لم يوافق الشعب المصري عليها، كما ظهر في مقاطعته للاستفتاء الذي لم يشارك فيه سوى 3- 5% فقط ممن لهم حق التصويت.

 

إن منع الإشراف القضائي، واستمرار حالة الطوارئ، وسيطرة وزارة الداخلية على كل مجريات العملية الانتخابية، والصورة التي ظهرت بها اللجنة العليا للانتخابات؛ حيث لا حيلة لها ولا سلطة تتمتع بها، وفي ظل غياب إرادة سياسية جازمة نحو الإصلاح نقول كل ذلك أدى إلى تزوير كامل للانتخابات.

 

إن الإخوان المسلمين- الذين أصرُّوا على القيام بواجباتهم كمواطنين، وممارسة حقوقهم السياسية كوطنيين- يحذِّرون النظام الحاكم من الاستمرار في هذا السلوك الديكتاتوري القمعي الذي حوَّل البلاد يوم الانتخاب في الدوائر التي شارك فيها الإخوان إلى ثكناتٍ عسكريةٍ حاصرت كلَّ المواطنين ومنعَتهم من ممارسة حياتهم بصورة طبيعية.

 

وإننا نعلن أننا سنستمر في خدمة هذا الوطن ونضحي في سبيل تقدُّمه وازدهاره، وسنعمل دومًا من أجل الإصلاح الشامل في كل المجالات- وفي مقدمة ذلك الإصلاح السياسي- حتى تأتي المجالس النيابية معبِّرةً عن الإرادة الحرة لشعب مصر ويصل صوت الشعب إلى مؤسساته الدستورية، وجارٍ الآن اتخاذُ كافة الإجراءات القانونية للطعن على هذه المهزلة الانتخابية التي أساءت للوطن وأضرَّت بسمعة مصر، وأظهرت ضعف البنية الأساسية لنظامه وعدم قدرته على التعامل مع الشعب المصرى بمصداقية وشفافية، وقد تم عمل تسجيل كامل لكل الوقائع المؤسفة التي جرت في معظم الدوائر، وسوف يتم إعلانها لكل مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان في الداخل والخارج لفضح ممارسات هذا النظام الذي يحارب شعبه ويضعف أهله.

 

ونحن نؤكد لشعبنا وأمتنا أن جهودهم المشكورة وإيجابيتهم المحمودة ستستمر لا محالة بإذن الله، ولن يدوم هذا الحال المؤسف من قبل هذا النظام، فلنواصل مسيرتنا معًا ويدًا بيد، ولن يصح في النهاية إلا الصحيح، ولن يضيع حق وراءه مطالب.

 

وفي الوقت ذاته نقول للإخوان والأخوات: لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خيرٌ لكم، وإذا كان هذا النظام القمعي قد حاول أن يهدر جهودكم ويضيِّعها فلقد رآها العالم ورآها الشعب وسيراها أبناؤكم وأحفادكم، وعلى الباغي تدور الدوائر، فـ(اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ) (آل عمران: من الآية 200) (وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) (محمد: من الآية 35) (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف: من الآية 21).

 

الإخوان المسلمون

القاهرة في: 24 من جمادى الأولى 1428هـ11 من يونيو 2007م