يبدو أن الموقف- أو المحطة- العربي المتأزم، والزاخر بالمساخر، أصبح مستعصيًا على الأفهام والعقول، ونتحدى أكبر المحللين السياسيين والإستراتيجيين أن يشرحوا شيئًا يمكن فهمه أو استيعابه.

 

فالدول العربية اختفت مَن على ساحة الأحداث، عندما استجار بها الشعب الفلسطيني لتحمي خياره الديمقراطي الذي حمَّل حماس مسئولية تشكيل الحكومة، بل ساهمت معظم الدول العربية ببرود شديد في محاصرة هذا الشعب، واتضح للجميع أن العرب لا يشجعون الخيار الديمقراطي، ويكفيهم القرع والكوسة وما شابهها من الخضراوات!!

 

وكان إسماعيل هنية لا يجد من وقتٍ بعض العرب متسعًا لاستقباله، وهو رئيس حكومة شعب عربي مناضل يرزح تحت نير الاحتلال، بينما يتسع هذا الوقت أكثر من اللازم لدرجة استقبال المدعو محمد دحلان!

 

ولا تسأل عن البروتوكول الدبلوماسي أو العرف السياسي، فدحلان يحمل أعلى وسام يسيل له لعاب القاطنين في البدروم العالمي (العالم الثالث سابقًا)، وهو شهادة الرئيس بوش شخصيًّا، عندما قال عنه: "يُعجبني هذا الفتى!!".

 

وللحقيقة وللتاريخ نعترف بأن شهادة بوش لم تكن تكفي دحلان أو تنفعه وحدها؛ بل كان بيت القصيد هو الرضا السامي الصهيوني عنه.

 

وظل المواطن العربي الغلبان يبحث عن أحدٍ يشرح له معنى (الشرعية) عندما يصدر وزير الداخلية أمرًا فيرفض عسكري الشرطة الفتحاوي تنفيذه، أو عندما يُوقِّع رئيس الدولة الفتحاوي وثيقةً للترتيبات الأمنية، فيقطع دحلان وعصابته عليها الطريق تمامًا كما يقطعون رقاب الملتحين والحمساويين في الشوارع، كما يعرف الجميع، خاصةً قادة العرب وفي مقدمتهم مَن يمدونه بالأسلحة ويدربون رجاله وميليشياته... إلخ

 

الماضي والحاضر وما كان يحدث وما حدث أخيرًا يثبت للجميع أن حماس كانت لديها القوة التي تُمكنها من الحسم لو أرادت ذلك من البداية، ولكنها ظلت تتحمَّل وتتحمَّل عسى أن تجد في القوم رجلاً رشيدًا- بالطبع غير رشيد أبو شباك-!

 

ولكن السياسة الفتحاوية ومَن يدعمها عربيًّا وأمريكيًّا وصهيونيًّا كانت لا تتوقع من حماس بصفتها تنظيم ديني متطرف إلا أن تقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل.. اذهبوا يا ظلمة.. ثم تترك الحكم ليقوم دحلان بتصفيتهم سواء في السجون والمعتقلات أو السحل في الشوارع، ولما لا؟ إنه يفعل بهم ذلك وهم في السلطة ويمتلكون الـ(شرعية).

 

ما يُثير الانتباه والدهشة هو تلك الصحوة الفتحاوية لهذه الشرعية التي مرغوها تحت أقدام عصابات دحلان ببجاحة لا يوجد لها مثيل، واحتلت كلمة شرعية أعلى نسبة ترديد في الأيام الماضية، ونشير على الإخوة في فتح ومَن وراءهم، أن يسارعوا بتسجيل هذا الرقم القياسي في موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية، وسيُعضد موقفهم الرضى الأمريكي والصهيوني الذي انهال عليهم بعد حلهم حكومة الوحدة.

 

أما على المستوى العربي فلن نتوقع سوى التصريحات التي تؤيد كل موقفٍ أمريكي؛ ولذلك لا نعول عليها كثيرًا، بينما نضع كل أحلامنا أمام الصوت العربي الذي عبَّر كثيرًا عن الأحداث السياسية بدايةً من (حب عمرو موسى وكره إسرائيل)، وهو المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم، ونُطالبه بسرعة إصدار شريطٍ جديدٍ يواكب الأحداث الجارية والأحداث "الهانم"، والكلمات لن تتعدى:

شر شر شر.... شر شر شرعية!!!

أبو محمود