دعا فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف- المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين- الحكومات العربية والإسلامية إلى ضرورة مراجعة مواقفها تجاه القضية الفلسطينية بصفة عامة، والشعب الفلسطيني "المحاصر" بصفة خاصة؛ حتى يُرضوا ربهم.

 

كما دعا فضيلته في كلمته أمس خلال ختام فعاليات مؤتمر القدس بإستانبول- والتي ألقاها نيابةً عنه الدكتور محمد البلتاجي ـ الأمين العام الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب المصري- الشعوبَ العربية والإسلامية إلى أهمية دعم الشعب الفلسطيني والضغط المتواصل من أجل كسر الحصار الظالم المفروض على الفلسطينيين.

 الصورة غير متاحة

أ. محمد مهدي عاكف

 

وطالب فضيلة المرشد العام الفلسطينيين بوحدة الصف ونبذ الفرقة، والتمسك بخيار المقاومة وثوابت الشعب الفلسطيني، والبعد عن الاقتتال الداخلي حتى تزداد وحدتهم وقوتهم.

 

وأكد قائلاً: "سوف تتحرر القدس، وستتحرر فلسطين، وسوف تتحرر إرادة الأمة بإذن الله تعالى، طالما استمرت هذه الجهود المباركة، وخلُصت النيات، والتزم الجميع بمنهج الإسلام العظيم".

 

وأضاف أن الإخوة الفلسطينيين هم قادة الأمة، والأمل معقود عليهم، مطالبًا إياهم بالتمسك بحقوقهم، والدفاع عن شرف هذه الأمة وكرامتها، والدفاع عن مقدساتها، مشيرًا إلى أن الإخوان المسلمين يضعون أنفسهم في طليعة ركب الأمة المجاهدة؛ من أجل إعلاء كلمة الله فوق كل شبر من أرضها وفوق كل ذرةٍ من ترابها.

 

وقد اختُتمت فعاليات المؤتمر تحت شعار: "اليوم في إستانبول وغدًا في القدس"، وأكد المشاركون على ضرورة تفعيل المقاطعة؛ باعتبارها سلاحًا مهمًّا من أسلحة المقاومة.

 

وأصدر المشاركون في المؤتمر بيانًا جاء تحت عنوان "إعلان إستانبول لنصرة القدس"، أكدوا فيه أن الممارسات الاستيطانية العنصرية التي تستهدفُ محو معالم القدس، وانتهاك الحقوق الوطنية والقومية والدينية لشعبها الصامد- وذلك بإحاطتِها بأحزمةٍ وكتلٍ استيطانية، وخَنْقِها بالجدارِ العنصري، لتهجيرِ أهلها وعزلِها عن محيطِها الفلسطيني- كلُّها محاولاتٌ مرفوضةٌ ومدانة.

 

 الصورة غير متاحة

عدد كبير من العلماء شاركوا في فعاليات المؤتمر 

 

وطالب إعلان إستانبول لنصرة القدس شعوبَ العالم أجمع بالتصدي للاعتداءاتِ الخطيرة على المقدساتِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ، لا سيما المسجد الأقصى المبارك، وما يتعرضُ له من حفرياتٍ تهدد بانهيارِهِ؛ بهدفِ إقامةِ الهيكل على أنقاضه.

 

مؤكدًا أن هذه الاعتداءات تشكِّل تهديدًا للسلم والاستقرارِ في المنطقةِ والعالم، وهي اعتداءٌ على الإرثِ التاريخي للحضارةِ الإنسانية، فضلاً عن تهديدها للقدس وفلسطين، داعيًا القوى المناهضة للاستعمار والظلمِ والاحتلالِ بدعم صمودِ الشعب الفلسطيني ومقاومته من أجل تحرير وطنه.

 

وأكد إعلان إستانبول أن هذا الملتقى العالمي شَكَّلَ تجسيدًا حيًّا لوحدةِ الإنسانية كلِّها من أجلِ نصرةِ القدسِ وفلسطين، داعيًا أحرارَ العالمِ في جميع الشعوب إلى أوسع اجتماعٍ إنسانيٍّ وحركة عالمية لإنقاذ الشعبِ الفلسطيني، ولإقرارِ العدالةِ والسلام في الأرض.

 

كما توجَّه بالنداءِ إلى الإخوةِ المحاصرين في فلسطين وحثّهم على الوحدةِ في مواجهةِ الاحتلال، وذَكَّرهم بقوله تعالى ﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ (الأنفال: من الآية 46)، "آملين أن يكونَ هذا اللقاءُ الجامعُ دافعًا من أجل استعادةِ أجواءِ الحوارِ والتفاهمِ بين أبناءِ القضيةِ الواحدةِ".

 

نص البيان

إعلان إستانبول لنصرة القدس

السبت 17 نوفمبر 2007م= الموافق 7 من ذي القعدة 1428هـ

1- القدسُ مدينةُ السلام، وملتقى الحضارات، والأرضُ المقدسةُ والمباركةُ- التي بسلامتها تطمئنُ البشريةُ، وبالاعتداءِ عليها تشتعلُ النزاعاتُ والحروب- يجب أن تظلَّ نموذجًا للتواصلِ الحضاري، ورمزًا لأسمى معاني التسامحِ والعدلِ والتعايشِ الإنساني.

2- إن القدسَ مدينةٌ عريقةٌ بناها اليبوسيون قبل أكثر من خمسةِ آلافِ عام وأسموها "أورسالم" (مدينة السلام)، وحافظ عليها أبناؤها الذين قَدِموا من جزيرةَ العرب، وعلى الرغم من أن أقوامًا شتى توالَتْ عليها، فقد استمرَ وجودُ أهلِها الكنعانيين العرب والفلسطينيين، ومن لحق بهم من موجات القبائلِ العربية، وظلوا يعمرونها دونما انقطاع، فهم الذين أعطوا القدسَ هويتَها العربية، ولا يمكن منازعتُهُم في أيٍّ من حقوقِهِم فيها.

3- إن الاحتلالَ الصهيوني للقدسِ غربيِّها عام 1948 وشرقيِّها عام 1967، هو احتلالٌ عنصريٌّ استيطانيٌّ إحلاليٌّ إرهابيٌّ ضد حركةِ التاريخ، يمثل ما تبقَّى من الظاهرة الاستعمارية التي قامت على الظلمِ والقهرِ واغتصابِ الحقوق، وهو احتلالٌ لا بد أن يزولَ عن القدسِ وفلسطينَ وعن الجولانِ ومزارعِ شبعا، كما يجب أن تزولَ كلّ بقايا الاستعمار والاحتلال في العالم.

 

ولذا فإن على القوى المناهضة للاستعمار والظلم والاحتلال دعمَ صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته من أجل تحرير وطنه.

4- إن الصهيونية حركة عنصرية إرهابية، وسبق للجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارِها الشهيرِ أن قرَّرت أن الصهيونيةَ شكلٌ من أشكال العنصرية، كما أكد ذلك مؤتمرُ ديربان سنة 2001م.

5- إن الممارساتِ الاستيطانيةِ العنصريةِ التي تستهدفُ محوَ معالمِ القدسِ، وانتهاك الحقوقِ الوطنيةِ والقوميةِ والدينيةِ لشعبِها الصامدِ، وذلك بإحاطتِها بأحزمةٍ وكتلٍ استيطانية، وخَنْقِها بالجدارِ العنصري، لتهجيرِ أهلها وعزلِها عن محيطِها الفلسطيني، كلُّها محاولاتٌ مرفوضةٌ ومدانة.

6- إن الاعتداءاتِ الخطيرةَ على المقدساتِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ، لا سيما المسجدَ الأقصى المبارك، وما يتعرضُ له من حفرياتٍ تهدد بانهيارِهِ بهدفِ إقامةِ الهيكل على أنقاضه، تشكِّل تهديدًا للسلم والاستقرارِ في المنطقةِ والعالم، وهي اعتداءٌ على الإرثِ التاريخي للحضارةِ الإنسانية، فضلاً عن تهديدها للقدس وفلسطين؛ الأمر الذي يوجب على شعوبِ العالم مواجهتها وإيقافها دون إبطاء.

7- إن استمرارَ الاحتلالِ الصهيوني للقدسِ وفلسطين- بما يملكه من أسلحةٍ نوويةٍ ومن نوايا عدوانيةٍ توسعيةٍ- يظل عاملَ احتقانٍ وتوترٍ، ومبعثَ قلقٍ لدى محبي السلامِ وداعمي حقوقِ الإنسانِ في العالم، وسيظل هذا الاحتلالُ مصدرَ تهديدٍ رئيسٍ لإغراقِ المنطقةِ في مزيدٍ من الحروبِ، وتهديدِ السلمِ العالمي والتطورِ الإنساني.

8- تأكيدُ حق العودة للاجئينَ والنازحينَ والمهجَّرينَ إلى القدس، كما لكل الأرضِ الفلسطينيةَ، باعتباره حقًّا فرديًّا وجماعيًّا لا يمكن لأيٍّ كان المساومةُ عليه أو التنازلُ عنه، وتأكيدُ حقِ الشعبِ الفلسطيني بممارسةِ جميعِ حقوقِه الوطنية على أرضِه التاريخية، بما في ذلك حقوقُه السياسيةُ كغيرِه من الشعوب.

9- مطالبةُ الدولِ العربيةِ والإسلاميةِ وجميعِ الدولِ المحبةِ للسلامِ والمؤسسات الدولية، بتكريس كل الجهود لإنهاء الاحتلال الصهيوني للقدس، والحفاظِ على هويتِها العربيةِ ومقدساتِها الإسلاميةِ والمسيحيةِ، وتنفيذِ مختلفِ المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والثقافية والتربوية التي تدعمُ صمودَ أهلِها على أرضِهم، وتساعِدُهم على تحريرِها من الاحتلال، ووقف كلِ أشكالِ التطبيعِ مع الصهاينة.

 الصورة غير متاحة
 

إن تجارب الشعوبِ عامةً، وتجربةِ الصراعِ مع العدوِّ الصهيوني خاصةً، والتي أكدت أن المقاومةَ بكلِّ أشكالِها ومستوياتِها، المستندة إلى الوحدةِ الوطنيةِ الجامعةِ، والمشاركةِ الشعبية الحرة، هي الطريقُ الأنجحُ لمواجهةِ الاحتلالِ وتحرير الأرضِ في القدسِ وفلسطين وسائرِ المناطقِ المحتلةِ في بلادِنا العربيةِ والإسلاميةِ، وفي كلِ بلاد العالم، كما أثبتَتْ عدمَ جدوى المؤتمراتِ الدولية، المنعقدةِ تحت الرعايةِ الأمريكيةِ الملتزمةِ دائمًا بدعمِ الاحتلالِ وتبريرِ جرائمِهِ، وتصفيةِ قضيةِ فلسطين، وخدمةِ مشاريعِ الانقسامِ الداخلي، وتمزيقِ التماسكِ العربي والإسلامي.

10- إن الأممِ المتحدة- وقد كانت معظم قراراتُها من أسباب النكبةِ التي حلت بالشعب الفلسطيني- مُطالَبةٌ بالالتزامِ الكاملِ برفع العدوانِ والحصارِ عن هذا الشعبِ، ومطالبتُها أيضًا بتفعيل دورِ لجنةِ حمايةِ القدسِ التي تأسست عام 1947م، كما أن الدولَ العربيةِ والإسلاميةِ وسائرَ الدولِ المحبةِ للسلام مطالبةٌ أيضًا برفعِ هذا الحصار، ومساعدةِ أهلِنا بكل ما يحتاجون إليه.

11- إن هذا الملتقى العالمي شَكَّلَ تجسيدًا حيًّا لوحدةِ الإنسانية كلِّها من أجلِ نصرةِ القدسِ وفلسطين. وهو يتوجه إلى أحرارِ العالمِ في جميع الشعوب، يدعوهم إلى أوسعِ اجتماعٍ إنسانيٍّ وحركة عالمية لإنقاذ الشعبِ الفلسطيني، ولإقرارِ العدالةِ والسلام في الأرض، كما يتوجَّهُ بالنداءِ إلى الإخوةِ المحاصرين في فلسطين يطالِبُهم بالوحدةِ في مواجهةِ الاحتلال، ويذكرُهم بقوله تعالى ﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ (الأنفال: من الآية 46)، ويأملُ أن يكونَ هذا اللقاءُ الجامعُ دافعًا من أجل استعادةِ أجواءِ الحوارِ والتفاهمِ بين أبناءِ القضيةِ الواحدةِ.

 

كلُّنا عاملون من أجلِ القدس.. يدًا بيدٍ، كتِفًا إلى كَتِفٍ.. نمضي معًا في الطريقِ إلى القدس.. صامدون مهما طالَ الزمن، وغلَتْ التضحيات.. فاليوم ملتقىً من أجل القدس، وغدًا الملتقى في القدس إن شاء اللهُ.