رصدت صحف العالم الصادرة صباح الإثنين الأزمةَ التي يعيشها قطاع غزة؛ حيث تناولت صحيفة (الديلي تلجراف) البريطانية استمرار الحصار على غزة وقطع الكهرباء، قائلةً: سكان غزة يهرعون إلى الحصول على الطعام والبطاريات بعد انقطاع الكهرباء الذي سبَّبته "إسرائيل" لمحاصره الإقليم، ويقول رفيق مليحة- مدير محطة توليد الكهرباء-: سوف نقطع الكهرباء تمامًا خلال ساعات؛ لأن الإمدادات لم تصل بالأمس من الكيان الصهيوني، كما أن جميع المعابر قد أُغلقت، والمصنع قد استنفد جميع الاحتياطي لديه.

 

وأشارت (الديلي تلجراف) إلى أن قطاع غزة تحت الحصار، بدايةً من شهر يونيو 2007، عندما سيطرت حماس على غزة، وكان الحصار وقتها يسمح فقط بدخول الإمدادات الإنسانية والوقود والمواد الغذائية الأساسية فقط، وتم الحصار الكامل والغلق للمعابر منذ الخميس الماضي عندما أمر إيهود باراك- وزير الحرب الصهيوني- بغلق جميع المعابر المؤدية إلى غزة بعد عدة هجمات صاروخية قامت بها حماس التي قالت في ردِّ فعل جريء ومُتَحدٍّ، على حد وصف الجريدة، إنها لن توقف هجماتها على الكيان الصهيوني.

 

 الصورة غير متاحة

أطفال غزة يمزقون العلمين الأمريكي والصهيوني في مظاهرات تطالب برفع الحصار

وأضافت الصحيفة أنه لم يكن هناك حالاتُ ذعر بين سكان غزة، الذين تعوَّدوا على انقطاع الكهرباء ونقص الطعام، ونقلت الجريدة تحذيرات الأمم المتحدة من أن انقطاع الوقود والحصار من شأنه أن يؤثِّر في المستشفيات ومياه الشرب والمرافق الصحية، ولكن شلومو درور- الناطق باسم وزارة الحرب الصهيونية- قال: إن غزة فيها ما يكفي من الوقود، وإن المسئولين الفلسطينيين يحاولون خلق أزمة لم توجد من الأصل، وإن "إسرائيل" لن تقطع إمدادات خطوط الطاقة التي تمدّ ثلثي الطاقة الكهربائية في غزة.

 

وأشارت الصحيفة أيضًا إلى أزمة الحكومة الصهيونية بعد انسحاب ليبرمان احتجاجًا على مفاوضات السلام مع الفلسطينيين قائلةً: إن ليبرمان يعارض الوجود العربي في الكيان الصهيوني ويدعو إلى إخلائه تمامًا من العرب، وإلى أن يكون دولة لا تضم إلا اليهود.

 

في المقابل كانت صحيفة (الإندبندنت) الوحيدة من بين الصحف البريطانية الجادَّة التي اهتمت بمنطقة الشرق الأوسط؛ حيث نشرت تقريرًا عن استقالة دافيد ليبرمان- زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"- من الحكومة، وكان عنوان التقرير "استقالة المتشددين يبعث الاضطراب في صفوف الائتلاف في إسرائيل"، إلا أن مقدمته تحكي عن الصبي الفلسطيني "أمير اليازجي" الذي قتل في غزة مع والده محمد وعمه عامر حين قصفت طائرة صهيونية سيارة البيك أب التي كانوا يركبونها في شرقي غزة فيما وصفه الجيش الصهيوني بـ"إصابة غير مقصودة"!!.

 

الصحيفة تقول أيضًا: إن دول الاتحاد الأوروبي تمارس ضغوطًا على الكيان الصهيوني لتخفيف معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك بإعادة فتح معبر "كارني" لمرور شاحنات البضائع والذي أغلق منذ يونيو الماضي، ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي لم تذكر اسمه: "نظل في غاية القلق من الوضع في قطاع غزة، إنه ببساطة غير مقبول من ناحية إنسانية".

 

 الصورة غير متاحة

الظلام يخيم على منازل الفلسطينيين في غزة

جريدة (التايم) البريطانية ذكرت في صفحتها الرئيسية خبر انقطاع الكهرباء عن غزة، ومشاركة ما يقرب من 1000 رجل وامرأة وطفل في إضاءة الشموع، مناشدين المجتمع الدولي أن يكونوا إلى جانبهم، وأن يروا معاناتهم التي يعيشون فيها.

 

ونقلت الجريدة مناشدة المشاركين للحكومة المصرية بفتح معبر رفح، وكان من المناشدين أم رضا التي تبلغ من العمر 52 عامًا، قائلةً: "أناشد مصر أن تفتح المعبر لأن أطفالنا ومرضانا يموتون" متسائلةً: "لماذا تُصرُّ مصر على مشاركة الكيان الصهيوني الحصار على الأراضي التي تديرها حماس".

 

كما أشارت الجريدة إلى أن إرسالات الهواتف النقَّالة تضعف، ونفدت العديد من بطارياتها، فأغرقت العديد من المناطق في الصمت كما السواد، بينما ذكر مسئولون في حماس أن قطع الكهرباء سيوقف الخدمات الأساسية والصحة والمياه ومعالجة مياه الصرف الصحي وتوقف مولدات الكهرباء في المستشفيات، كما شجبت مجموعة "ضد الحصار" ما يحدث في غزة، قائلةً: "إن هذا يعتبر معاقبةً للمدنيين بذنب المقاتلين" وقال كريستوفر جنيس- المتحدث باسم الأمم المتحدة-: "إن هذا يتحدى المعايير الإنسانية الأساسية".

 

وذكرت الصحيفة على لسان وزير أمن الكيان الصهيوني أن بلدة سديروت التي هي قريبة من الحدود مع غزة قد وقع بها العديد من الصواريخ في الأسابيع الماضية كادت تؤدي إلى انهيارها.

 

ونختتم جولتنا البريطانية بتصريح لسلام فياض- رئيس وزراء محمود عباس- قال فيه: إن "إسرائيل" قد أخفقت في تعهدها بتجميد التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وإن الشيء الوحيد الذي يهمنا فعلاً هو وقف التوسع الاستيطاني، وإن "إسرائيل" قد أخفقت في أن تقوم بأي تخفيف لجهازها الأمني وإغلاق الطرق ونقاط التفتيش في الضفة الغربية؛ لأنه يهدد الانتعاش الأفقي الذي تُتيحه الجهاتُ الدولية المانحة، والتي تعهَّدت بأكثر من 7 مليارات دولار كمعونة.

 

وأكد فياض- الذي يسافر لبريطانيا اليوم للقاء غوردن براونز (رئيس الوزراء البريطاني)- أنه يخشى على الضفة الغربية؛ حيث إن الإدارة كانت على وشك أن تقع في يد حماس التي وصفها فياض بالمتشددة الصيف الماضي، وأن السلطة الفلسطينية قد حقَّقت تقدمًا ملموسًا في قواتها الأمنية منذ كارثة غزة ولكن يلزم زيادة الجهود.

 

ومن بريطانيا إلى إسبانيا حيث ركَّزت الصحافة الإسبانية على انقطاع الكهرباء في قطاع غزة واعتبرت الصحف أن الفلسطينيين يعيشون حصارًا حقيقيًّا وأوضاعًا مأساويةً تدعو إلى التحرك الفوري، ونشرت جريدة (الموندو) تصريحات لأحد نشطاء حقوق الإنسان؛ حيث قال: إن الحصار الصهيوني يغذي فقط "التطرف" وسط الفلسطينيين.

 

الصحف الأمريكية

"غزة في وسط البرد والظلام بعد وقف الكيان الصهيوني إمداداتها".. هكذا بدأت جريدة (واشنطن بوست) الأمريكية افتتاحيتها، مؤكدةً أن ثلاثة أيام من الحصار وانقطاع الوقود قد استنفدت كلَّ المخزون، وذلك عقب الحصار الذي فرضه الكيان الصهيوني على المعابر وإمدادات الطعام والكهرباء والماء عقب الهجمات الصاروخية التي قامت بها حماس على الكيان الصهيوني.

 

 الصورة غير متاحة

د. باسم نعيم

ونقلت الصحيفة تصريحًا لباسم نعيم- وزير الصحة في الحكومة الانتقالية بغزة- قال فيه: "إن المرضى في خطر فقدان حياتهم، وغرف العمليات ووحدات الرعاية المركزة كلها في طريقها للوقوف، مع وقف الإمدادات، وتعطُّل الكثير من المولدات، وعدم توافر قطع الغيار لها"، مضيفًا أن هذا عقاب لجميع الناس بمن فيهم المرضى.

 

وقد أكد مسئولون بمنظمة الصحة العالمية أن الفلسطينيين أُجبروا على وقف محطة الكهرباء بعد وقف الإمدادات، ولكنَّ الصحيفة نقلت عن الناطق باسم وزارة الخارجية الصهيونية زعْمَه بأن هذه أزمةٌ تفتعلها حماس، وأن إمدادات الكهرباء لم تُقطع؛ حيث إن "إسرائيل" تمدّ غزة بنحو 70% ومصر 5%، وأن الخطوط "الإسرائيلية" التي تمد غزة ما زالت مستمرة!!.