- المواطنون يؤكِّدون: مصر هي الأمل والمخرج للأزمة

- الحصار هدفه تركيع المقاومة والشعب الفلسطيني وضرب حماس

- زيارة بوش كانت بداية التصعيد والحكومات متواطئة ضمنيًّا

 

تحقيق- روضة عبد الحميد وسلمى البحيري

استحوذت أنباء الحصار الذي يتعرَّض له الفلسطينيون في غزة والظلام الدامس وإغلاق المعابر على اهتمامٍ شديدٍ من جانب رجل الشارع المصري من كافة الأعمار والاتجاهات.

 

فتتابعت بشكلٍ لافت للنظر الفعالياتُ الداخليةُ، وارتفعت نبرة الخطاب والتعليقات في الشارع المصري؛ تعليقًا على ما يحدث؛ حيث يشعر المصريون- بفطرتهم- بأنهم المعنيون أولاً بحل أزمة قطاع غزة.
(إخوان أون لاين) رصد في هذا التحقيق رأي مجموعات مختلفة من المواطنين، اختلفت أعمارهم وتوجهاتهم ومستوى تعليمهم، ولكنْ جمعهم الحزن والأسى والتفاعل والبحث عن حلولٍ لهذه الأزمة وهذا الحصار الخانق الذي يتعرَّض له أبناء قطاع غزة!!.

 

في البداية تقول سهير ماضي (65 سنة)- بأسى وحزن اكتسى صوتها-: "أنا صائمةٌ اليوم لأجل أن يرفع الله عنهم بعد أن أدار لهم الجميع ظهره"، ثم تساءلت عن دور الأمم المتحدة واليونيسيف.. هل لا يسمعون ولا يرون الآن؟! هل أصيبوا بالعمى الآن؟! ألا يرون الأطفال والمرضى؟!؛ قائلةً: "سنرى ماذا سنفعل حين نكون بنفس الموقف؛ فكلٌّ منا سيكون عليه الدور"!!.

 

 الصورة غير متاحة

القطاع الصحي في غزة مقبل على كارثة بسبب الحصار

 أما منى عبد الحميد (35 سنة- ربة بيت) فأكدت أن الوضع غاية في السوء؛ فقد تم قطع النور وتوقَّفت مولدات الكهرباء بالمستشفيات، وحتى مضخَّات الصرف الصحي لا تعمل، وبالتالي الصرف الصحي "يطفح ويعود عليهم في المنازل، فحتى لم يحترموا إنسانيتهم وحياتهم الكريمة؛ فلا دواء ولا طعام ولا أي شيء"!!.

 

وأضافت منى أن كثيرًا من الناس أكَّدوا أن الموضوع في يد المصريين؛ حيث إن غزة على حدود مصر، ولم يبقَ لهم أملٌ- بعد الله- سوانا، والتاريخ يروي حين حُوصرت غزة قال صلاح الدين: "لا يطعمنَّ أحدكم طعامًا حلوًا طوال حصار غزة"، فخرج الناس جميعًا وحاصروا المحاصرين لغزة حتى انقضى الحصار!!، وأيام شيوخ الأزهر- كالمحروقي- خرج شيوخ الأزهر في ثورةٍ لفكِّ الحصار عن غزة، فتم فكّ الحصار فعلاً؛ فالأمل في يد مصر والأزهر!!.

 

أما أم عمير (ربة بيت) فقالت: "أولاً هم إخوة لنا في الدين والدم، والوضع الطبيعي أن نتحرك لنجدتهم؛ فهذا الحصار هدفه الضغط على غزة لأجل أن يفرَّ الناس، ولكن هي سلسلة آخرها مصر، وغلق رفح عبارة عن محاولة لهدم المقاومة".

 

علا عادل (دراسات عليا) قالت ببساطة: "لو هُمَّا ذلونا فهو بسببنا وبسبب تخاذلنا؛ فلقد أصبحنا كأننا نسينا القضية، وربما سبَّب هذا النسيان إننا هنفتكر إيه ولا إيه؟!.. العراق ولا فلسطين ولا...!!، فضلاً عن تخاذل الحكام العرب، فحتى (نشجب، ونستنكر، وندين) لم نعد نسمعها، وأصبح الوضع: (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم)".

 

وأشارت علا إلى أن الشعب المصري- كسائر الشعوب العربية- لا يملك إلا الدعاء؛ فقد سمعنا عن مظاهرات بكل مكان حول فلسطين، أما نحن فلم نسمع بعد!!، مؤكدةً أهمية فتح معبر رفح؛ لأنه سيصبح المنفذ الوحيد الذي ستصل منه الإمدادات اللازمة للحياة، وهي الأمل الأخير!!.

 

قشة الأمل

أما حنان طه- مدرسة لغة إنجليزية- فأكَّدت أن الهدف من الحصار والضرب هو زيادة الخناق على الفلسطينيين عمومًا، ولن نقول غزة فقط؛ فنحن لن نسير خلف تقسيم القضية بتقسيم البلد، ولكن الهدف عمومًا إضعاف مقاومة الفلسطينيين وذلّهم ليرضخوا للواقع أيًّا كان!!.

 

وأضافت حنان أن الشعوب العربية لا بد أن تكون إيجابيةً؛ فلا يكفي التعاطف، بل يجب أولاً إصلاح أنفسنا مع الله، كما أن رفح تمسّنا وينبغي أن يكون لنا موقف مشرِّف أمام الله بفتح معبر رفح؛ كي تدخل مساعداتٌ لازمةٌ وملحّة، وإلا بذلك سنكون مشاركين في حصار غزة؛ فنحن من جهة والصهاينة من جهة أخرى!!.

 

وكأنهم مجموعة "فراخ"

بينما وصفت هبة عبد الرحمن (مدرسة علوم) الوضع في غزة من حصارٍ وقصفٍ بأنه يشبه تمامًا حبس مجموعة من "الفراخ" بقفص ثم النزول عليهم بالسكين بعد ذلك؛ فهم قد انتزعوا منهم آدميتهم تمامًا، ويتعاملون مع أهل غزة كأنهم "شوية حاجات ملهاش لازمة" وليس على أنهم بشر؛ فهم يوجِّهون عنايةً كبرى "لكلابهم"، ونحن حين نذبح الحيوانات أو نضربها نصبح أشرارًا منزوعي الرحمة.. فماذا يصبحون حين يذبحون البشر؟!!.

 

وأضافت هبة أن مصر تساهم في الحصار من ناحيتها؛ بغلقها للمعبر الذي يمثِّل قشة الأمل الأخيرة لمليون ونصف المليون روح بغزة، منهم المرضى والشيوخ!!.

 

 الصورة غير متاحة

أطفال وشباب غزة يطالبون برفع الحصار الظالم عن القطاع

 "حسبي الله ونعم الوكيل".. بهذه الكلمات بدأت الحاجة منى أحمد (مهتمة بالأعمال التطوعية) كلامها موضحةً أن الشعب الفلسطيني هو شعب أعزل وما ينقطع عنه شيءٌ هام للأحياء وهو الكهرباء، فما بالنا بالمرضى الذين تتوقف أجهزتهم التنفسية، ويضطرون إلى القيام بتشغيل الأجهزة يدويًّا، فضلاً عن غرف العناية المركزة والعمليات، متسائلةً: "لماذا صمت أهل الغرب فضلاً عن صمت الزعماء العرب؟! وماذا لو قُطعت الكهرباء عن قصور هؤلاء الزعماء؟!".

 

وأكَّدت رشا أحمد (صحفية) أنَّ ما يحدث شيءٌ مؤسفٌ، ونتمنَّى أن نساعدهم، ولكن كسائر الأفراد نعجز عن أي طريقة لمساعدتهم، مضيفةً أن الهدف أصلاً هو الضغط على حماس في محاولةٍ لهزِّ ثقة الشعب فيها من خلال طرح إعادة تقييم لتجربة حماس، فهل كان الأفضل أن تظلَّ بين الصفوف بدلاً من اعتلائها مناصب السلطة؟!، ونأمل أن لا تستجيب مصر للضغوط عليها وتفتح معبر رفح.

 

ذلّ وتخاذل!!

 محمد النجار (بالفرقة السادسة بطب الأزهر) أكَّد أن الحل لدينا بمصر من خلال فتح معبر رفح وتصدير الغاز الطبيعي إليهم، بدلاً من الكيان الصهيوني؛ فالفلسطينيون أقرب، معتبرًا أن أقل شيء يجب عمله هو سحب السفير من فلسطين المحتلة وطرد سفير الكيان المغتصب، ووقف تصدير الغاز وإدخال الغذاء والوقود، مع ملاحظة أن ذلك جاء بعد زيارة بوش الذي يبدو أنه أعطى الصهاينة الضوء الأخضر وفتح لهم الباب، وهو ما برز بمخطط اغتيال هنية بعد صلاة الجمعة أول أمس.

 

أما المهندس فتحي عزام فرأى أن ما يحدث بغزة هو نتيجة عِمالة الأنظمة العربية والإسلامية المتحالفة مع أمريكا ومع العرب؛ لأن بوابة مصر إليهم- معبر رفح- لا يرغب النظام في فتحها، مع العلم أن مصر تقوم بتصدير الكهرباء لتونس، فمن باب أولى وأقرب تصدِّرها لفلسطين، مؤكدًا أن جميع الأنظمة العربية متكاسلةٌ ومتخاذلةٌ، ولا نملك إلا أن نفوض أمرنا إلى الله فيهم.

 

عبد العزيز مجاهد (بالفرقة الرابعة كلية التجارة جامعة حلوان) يؤكَّد أن ما حدث من ممارسات هو حصيلة تراكم سنوات من الذل من جانب الأنظمة العربية؛ فسياسة الاستسلام التي تمارسها الأنظمة العربية، والفشل الذريع الذي لحق بوزارات الخارجية تحوَّلت إلى نوادٍ للالتقاء والكلام دون أن يكون لها تأثيرٌ على أرض الواقع!!.

 

وقال مجاهد: "على الشعوب والعلماء أن يأخذوا بزمام المبادرة والتحرك لاستنهاض هذه الأمة؛ فالناس في غزة يموتون كل لحظة، والأطفال يموتون في (الحَضَّانات).. فهل ننتظر أسوأ من ذلك؟!"!!.

 

بينما استنكر جمال مصطفى (بالفرقة الرابعة كلية الطب البيطري جامعة القاهرة) الوضعَ بشدة، مؤكدًا أن معبر رفح مهمٌّ جدًّا في ظل الوضع الحالي بدون طعام ولا شراب، ولا طاقة ولا أي شيء، موضحًا أن مصر تخاذلت تخاذلاً غير طبيعي ومعها الدول العربية، والرسالة التي وجَّهها مشعل للرئيس مبارك حين نعت مصر بالعظيمة كانت كافيةً لتحريك الحجر، إلا أنه لا حياةَ لمن تنادي"!!.

 

وأكَّد محمد إسماعيل (علاقات عامة) على أن ذلك الحصار يتم الإعداد له منذ نجاح حماس بالانتخابات؛ حيث تم التدبير للقضاء على حماس على عدة مراحل، منها: تشويه صورة حماس والحركات الإسلامية في محاولةٍ لضرب حماس من جانب الشعب الفلسطيني، ثم استخدام الكيان الصهيوني الأسلوب الثاني، وهو الإبادة؛ وذلك إما من خلال التجويع وإما القتل، وكلاهما يُستخدم حاليًا!!.

 

وشدَّد إسماعيل على أن ذلك جاء توافقًا مع زيارة بوش التي كانت تمهيدًا للحصار والقصف؛ حيث أُرغم كل الحكام العرب على السكوت طواعيةً من خلال الوعود، أو إكراهًا من خلال الضغط بالمعونة وغيرها، موضحًا أن القصف هدفه الأساسي أن يرضخ أهل غزة لكل المطالب الصهيونية، ولا شك أن القصف في طيَّاته عقاب للشعب على اختيارهم لحماس من خلال انتخابات نزيهة.

 

كارثة إنسانية

 الصورة غير متاحة

أطفال الحضانات مهددون بالموت بعد انقطاع الكهرباء عن غزة

وأكَّدت شيماء وهمان (طالبة بكلية دار العلوم) أنَّ ما يحدث في غزة هو كارثةٌ إنسانيةٌ على أقل تعبير؛ فانقطاع الكهرباء هو مدخلٌ لكوارث عديدة؛ فعلى الجانب الصحي هناك المئات يموتون من أثر انقطاع التيار الكهربي؛ فالوضع مؤسفٌ، والأكثر أسفًا هو موقف الشعوب العربية، وخاصةً الشعب المصري؛ فهناك حالة برود تعمُّ الشعب المصري وجهلٌ مستنقعٌ في عقولهم.

 

وقالت شيماء: "إن الحصار- قبل أن يكون حصارًا من الكيان الصهيوني- حصارٌ عربيٌّ يرغب في كسر شوكة حماس؛ لاعتبارهم إياها العدو اللدود للحكومات، متسائلةً عن رد فعل جامعة الدول العربية إزاء ما يحدث".

 

أما شيرين محمد (طالبة بكلية التجارة) فأشارت إلى أهمية فكرة المعارضة السلمية التي في متناول الكثير، وهي نشر القضية على المنتديات وفي المواقع على شبكة الإنترنت، والدعاء لهم والمقاطعة، وذلك أقل شيء يمكن أن تقدِّمه من وجهة نظرها؛ وذلك بسبب سياسة الحكومات؛ فالشعوب العربية لا تستطيع أن تقدِّم شيئًا، مؤكِّدةً أن تحرير فلسطين أمرٌ حتمي، ولا محالة من تنفيذه؛ فالقدرة الإلهية هي التي تساعد الفلسطينيين في قطاع غزة.

 

شيماء محمد (طالبة بكلية الآداب) فقالت في أسًى إنها تخاف من قدوم هذا الزحف على مصر؛ فهو قادم لا محالة ما لم يظهر رد فعل عربي قوي يرفض ما يحدث، بل ويقاومه.

 

مهزلة وإجرام

بينما يرى المهندس محسن الريدي أن ما يحدث في غزة مهزلةٌ متوائمةٌ مع الوضع الحالي للشعوب العربية، وأكثر ما استهجنه هو سلبية الحكومة المصرية، مؤكدًا أن لمصر دورًا فعليًّا دائمًا، فلماذا غاب الآن؟! ففي 1982 ظهر موقف مصري قوي إثر اجتياح اليهود للأراضي اللبنانية وضرْب بيروت، فلماذا لم يظهر موقف مماثل الآن؟!!

 

 الصورة غير متاحة

أطفال غزة ورحلة شاقة من أجل الحصول على الماء

 ويوضح محمد سامي (كبير مترجمين) أن ما يحدث ما هو إلا إجرامٌ ونوعٌ من أنواع الضغط على حماس؛ لأنها أساس غزة، ويرى أن الصراع ليس بين اليهود والفلسطينيين، وإنما بين اليهود وحماس، وعلى الرغم من اعتراضه على سياسة حماس، لكنه اعتبر أن هذا ليس مبرِّرًا لما يفعله اليهود في غزة وفلسطين كلها.

 

"لا يوجد شيءٌ يقال".. عجز لسان بيسان كساب (صحفية) عن التعليق على ما حدث في غزة، مؤكدةً أن المسئولية تقع على عاتق الحكومات العربية، وعلى رأسهم الرئيس حسني مبارك، موضحةً أنه من الطبيعي أن يقوم الكيان الصهيوني بالحصار، ولكن ليس من الطبيعي أن يكون هذا ردَّ فعل الحكومات العربية، وأن تظل العلاقات مستمرةً بيننا وبين هذا الكيان، وترى أنه من الضروري نزول الشارع المصري في مظاهرات حاشدة كبيرة وضخمة لمناصرة وتأييد أهلنا في غزة.

 

بينما فسر محمد حسين (محامٍ) إستراتيجية الكيان في الحرب بأنها لا تهاجم بسلاح ناري، ولكنها تلعب على الموارد الحيوية، كالكهرباء والماء، والطعام والدواء؛ فهي حربٌ هدفها الإبادة النهائية للفلسطينيين، ويرى أن هذا نتاجٌ طبيعي لزيارة بوش في المنطقة العربية، وهذه أُولى النتائج، ويوجد غيرها الكثير!!.