بعد أن تضامنت الجمعيات الأهلية مع التعديلات المقترحة من المجلس القومي للأمومة والطفولة لقانون الطفل، ووصفوه بأنه قانون مجتمعي، وشدَّدوا على المرجعية الدولية المتمثِّلة في الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل وكافة المواثيق الدولية الأخرى التي التزمت مصر بتنفيذها؛ عقدت تلك الجمعيات حلقاتٍ نقاشيةً حول هذه التعديلات غير المبرَّرة في جميع المحافظات، وخاصةً قضايا ختان الإناث وإثبات النسب والرؤية وقضايا الحماية من كافة أشكال العنف الموجَّه للأطفال.

 

الجمعيات التي اعتبرت نفسها مسئولةً عن أطفال مصر الذين تفوق نسبتهم 40% من تعداد السكان طالبت بتعديل قانون الطفل رقم 12 الصادر سنة 1996 وإحكام خضوعه للمواثيق الدولية كما ورد حرفيًّا في مستهل نص مشروع التعديلات، رغم أن هذه المواثيق ليست فقط "سيئة السمعة"، ولكنها أيضًا مشبوهة الهدف والغرض.

 

فـ"وثيقة الطفل" المصدَّق عليها في الأمم المتحدة في 10 من مايو 2002، وكذلك وثيقة الأمم المتحدة "عالم جدير بالأطفال"، بالإضافة إلى الوثيقة المطروحة حاليًا في الأمم المتحدة "إزالة جميع أشكال التمييز ضد الطفلة الأنثى".. كلها مواثيق تفيض علينا بالفجور والدعوة للشذوذ والرذيلة والانحلال الأخلاقي الذي عشنا بعيدًا عنه بإسلامنا وشرقيتنا المحافظة، وبعد أن طبَّقها الغرب ودمرته، وأحالت المجتمع هناك لمسخ مشوَّه؛ التفتوا لنا بعين الحقد والغيرة ليردونا عن ديننا وعفة مجتمعاتنا لنتبع ملَّتهم حتى يرضَوا.

 

وعدٌ بالفجور

الوفد المصري لدى الأمم المتحدة وعد- في الاجتماع الحادي والخمسين الذي انعقد لاستعراض إنجازات حكومات الوفود الرسمية للدول الأعضاء بشأن تطبيق وثائق الأمم المتحدة للمرأة والطفل والتغييرات المزمع إجراؤها- بالسعي لرفع السن الدنيا لزواج الفتاة في مصر إلى 18 عامًا؛ مما يفتح الطريق للزواج العرفي والعلاقات غير الشرعية بحكم القانون الدولي الذي يحرِّم ما أحلَّ الله، ووعد كذلك بالسعي لضمان حقوق الطفل المولود خارج نطاق الزواج.

 

أمر طبيعي ومتسلسل، بل منطقي جدًّا؛ فبعد رفْع سن الزواج ووضع قيود أخرى فوق تلك الاقتصادية والاجتماعية الموجودة أصلاً، والتي رفعت نسبة العنوسة وهدَّدت المجتمع بالانفجار، لا بد أن نسعى لحل مشكلة نتاج الانحلال الذي مهَّدنا له التربة ليكن ذلك الحل بمثابة العناية الفائقة بغرس النبت الشيطاني في رحم المجتمع المسلم.

 

الوعد الأخير كان برفع التحفظات عن اتفاقية حقوق الطفل، والسعي إلى توفيق قانون الطفل لعام 1996 مع بنود الاتفاقية، وهو الوعد الذي جاء مشروع تعديلات قانون الطفل صارخًا بكلماته ومعناه.

 

وثيقة "عالم جدير بالأطفال"

عندما نطالع مواد وثيقة الأمم المتحدة "عالم جدير بالأطفال" سنجد أنها تضم عدة دعاوى مريبة بإقصاء موقع الدين في حياة الإنسان، وتهميش دور الأسرة، والترويج لمفهوم تحديد الجنس الحيادي والدعوة إلى الشذوذ حتى بين الأطفال، وتقديم الخدمات الإنجابية والجنسية للأطفال والمراهقين.

 

وتزعم الوثيقة الأصولية الدينية أنها صاحبة الدور الأكبر في قهر الفئات الضعيفة في المجتمع ومنها الطفل، وكما هو الحال في الإعلان العالمي لحقوق الطفل الصادر عام 1990؛ فقد تم استبدال لفظ الدين بلفظ "spirituality"، ومعناه الروحانيات؛ وهو معنى شديد البعد عن معنى لفظ "الدين" في إسلامنا الذي يحمل شمول التشريعات الحاكمة لمجريات حياتنا كلها ويُنشئ الأبناء عليها، وليس روحانية للنفس فقط.

 

الحريات والشذوذ

وترى الوثيقة ضرورة إخراج الطوائف المستضعفة، كالمرأة والطفل، من سياق الأسرة التي تعيق بضوابطها التقليدية (المقصود بذلك الدين والنظم الأخلاقية) استمتاعها بحرياتها وكامل حقوقها، كما أوكلت الوثيقة مهمة رعاية الصغار إلى مؤسسات.

 

وتروِّج الوثيقة التي صاحبت الدعوة لمصطلح "الجندر" الذي جاء أول ذكر له في الإصدار الرابع للوثيقة في البند 28 الفقرة 11، مستندةً إلى دعوى أن الناس يولدون محايدين، وأن المجتمع يظلمهم بتصنيفهم إلى ذكور وإناث.

 

فـ"الجندر" مصطلح مبهَم وغامض، كثُر ذكره في الآونة الأخيرة في الوثائق الدولية؛ فهو يعني النوع الإنساني بما يشمل المرأة والرجل معًا وغيرهما من الشواذ؛ بمعنى توحيد اللفظ "جندر" كبديلٍ عن قول رجل أو امرأة أو شاذ.

 

تكمن خطورة فلسفة "الجندر" في وثيقة الطفل فيما حمله من دعوةٍ لتعليم الطفل أنماطًا جديدةً تتعلَّق بحياته، مثل: أن يُترك الطفل يكتشف نوعه من خلال سلوكه الاجتماعي، سواءٌ كان هذا السلوك متماشيًا مع جنسه وتركيبه الجسماني أو مخالفًا له، وأن يقوم الطفل باكتشافِ سلوكه الجنسي بالممارسة الجنسية، سواءٌ كان سلوكًا طبيعيًّا أو شاذًّا دون أي توجيه أو تدخل من الأبوين؛ فإن هذا- تبعًا لمفهوم "الجندر"- نابع من طبيعة الطفل التي قد تجعل منه طبيعيًّا أو مغايرًا لأقرانه، أي شاذًّا!! بينما إسلامنا يحذِّر من خطورة التخنُّث، فضلاً عن الدعوة إليه وإلغاء الفوارق البيولوجية بين الذكورة والأنوثة.

 

الإيدز والشذوذ

واعتبرت وثيقة "حقوق الإنسان العالمية" الشذوذ حقًّا من حقوق الإنسان حسب ما ورد فيها، وأنه لا يصح أن يتصادم موضوع معالجة الإيدز من قريب أو بعيد مع قضية الشذوذ الجنسي؛ باعتبارها قضيةً من قضايا حقوق الإنسان المعتَرف بها؛ وذلك على الرغم من الارتباط الوثيق بين انتقال الإيدز والشذوذ.

 

وقد جاء في الإصدار الرابع للوثيقة في البند رقم 44 الفقرة 2: "التأكد أنه مع إطلالة عام 2010 يكون لدى 95% من الشباب والشابات فيما بين سن 15- 24 سنة المعلومات والتعليم وكافة الخدمات الضرورية لتطوير المهارات الحياتية اللازمة التي تساعد على تقليل إمكانية العدوى بمرض الإيدز"، ويقصد بالخدمات الضرورية استخدام (موانع الحمل، مثل الواقي الذكري أو الأنثوي) لممارسة الشذوذ دون الإصابة بالمرض (الشذوذ الآمن)!!

 

لكن في إسلامنا فالدعوة صريحة لثقافة "العفة" والأخذ بالضوابط الأخلاقية التي تكفل خير وقاية لمكافحة المرض، وهي التربية الأخلاقية التي يدعم تنشئة أبناء الأمة عليها.

 

المراهِقة والإجهاض!!

الوثيقة تعتبر هذه الخدمات خيارًا شخصيًّا للمراهقة الحامل بأي صورة، بما فيها خدمة "الإجهاض الآمن"؛ حيث للمراهقة الحق في إجهاض نفسها متى شاءت كي تتحكم في حياتها كما يفعل المراهق.

 

وأكَّدت الوثيقة توفير هذه خدمات الجنس الآمن في سنٍّ أقصاه 15 إلى 20 عامًا، أي أنها حقٌّ للمراهقين والأطفال قبل ذلك السن الأقصى.

 

أما في "وثيقة الطفل" الدولية التي يريد المجلس القومي للطفولة والأمومة إحكام الخضوع لها سوف نجد (المادة 37 الفقرة 3، والمادة 44، الفقرة 4) تدعو لإتاحة خدمات الصحة الإنجابية للفتيات والفتيان في المراحل الإعدادية، وهذا إقرار صريح بحقهم في ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج، وفي المادة (15) دعوة إلى الاعتراف بالأسر المتنوعة (أي طبيعية وشاذة) والتي تعني بحروف أخرى الاعتراف بالحق في الشذوذ الجنسي!!.

 

وثيقة الطفلة الأنثى

أما عن "وثيقة الطفلة الأنثى" فبنودها لم تأت بأقل مما فات من فجور؛ فالفقرة 115 تقضي "بحق" الأنثى أقل من 18 سنة في تحديد متى تصبح ناشطةً جنسيًّا، ولو عدنا لباقي بنودها لوجدنا أن سن الطفولة حُدِّد أن ينتهيَ عند 18 عامًا، ولوجدنا أنها تحارب الزواج المبكر وتعتبره شكلاً من أشكال العنف ضد الفتاة؛ الأمر الذي نادى المجلس القومي للطفولة والأمومة المصري وفقًا له بمنع الزواج للفتيات أقل من 18 عامًا.. فما هذا التناقض وتلك الإباحية الصارخة؟! نمنع في قانون الزواج أقل من 18 عامًا، ونلتزم بوثيقة دولية تقر حق النشاط الجنسي لأقل من 18عامًا؟!

 

أما الفقرات أرقام 27، 82، 130 من الوثيقة فأوصت بتوفير معلومات الصحة الجنسية والإنجابية للأطفال وللمراهقين؛ لتعليمهم ممارسة الجنس الآمن في المدارس شريطة توفير وسائل منع الحمل والوقاية من مرض الإيدز!!

 

الدين وحقوق الشاذات

وفي الفقرة رقم 96 جاء الحديث عن الحرية للفتيات السحاقيات، والحق في تحديد الهوية الجنسية للفتيات والتوجُّه الجنسي لهن باختيار جنس الشريك، ولم تنس حق الشاذات في التعبير عن آرائهن حول الشذوذ.

 

أما الفقرة 49 من الوثيقة فتعتبر الدين- خاصةً في الدول التي تعتبر فيها الدين أساس التشريع- مقيِّدًا للحرية ويحد من فرص المساواة (قضية الميراث الإسلامي)؛ الأمر الذي رأيناه في كافة مواثيقهم الدولية؛ بدءًا من جنيف، وانتهاءً بالسيداو وبروتوكولاتها وحملاتها لرفع التحفظ العربي عنها، والتي نادت في كل دولةٍ عربيةٍ زارتها بضرورة التحرُّر من الطابع الديني الذي يسيطر على التشريع ويعيق الحريات، ونادَوا بتبجُّحٍ باعتبار المواثيق الدولية هي المرجع الأول للتشريع.. نترك الإسلام وأحكام الله لنستمد مرجعيتنا من مجتمعات الغرب والانحلال!!

 

ولم تنس الوثيقة مفهوم "العذرية" التي افتقدوها ونسَوها في عالمهم، فوصفتها في الفقرة 48 بأنها نوعٌ من الكبت الجنسي، واعتبرتها أحد أشكال التمييز ضد الطفلة الأنثى.

 

تعديلات قانون الطفل

تلك هي حقيقة الوثائق الدولية التي لا تخفى عن دعاة المواءمة المحكمة مع المرجعية الدولية؛ الذين صاغوا تعديلاتهم بلسان غربي حَرَصَ على الوفاء بالوعد السابق ذكره، وجاءت التعديلات بالعديد من البنود المخالفة لواقع وثقافة مجتمعنا، وكان أكثرها خطورةً وإثارةً للجدل خمسة بنود تتعلق بـ:

 

1- تجريم ختان الإناث:

رفض كلٌّ من الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية البند 116 مكرَّرًا (ب)، ونصه: "معاقبة كل من يجري أو يشرع في إجراء ختانٍ لإحدى الإناث بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنتين، أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز خمسة آلاف جنيه".

2- ورفع سن الزواج لـ١٨ عامًا.

3- واشتراط توقيع الكشف الطبي للمقبلين على الزواج وإلا بطل العقد:

البند 7 مكرَّرًا (د) ونصه: "عدم جواز توثيق عقد الزواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ويشترط لتوثيق العقد أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض، ومعاقبة من يخالف ذلك بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".

 

4- ونسب المولود لأمه أو من يعترف بأبوته وأمومته:

"للأم الحق في الإبلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد واستخراج شهادة ميلاده منسوبًا إليها كأم".

 

5- حق الطفل بالتقدم بالشكوى في حين تعرض للعنف والإيذاء من جانب والديه أو متولي أمره وتنقل رعايته لأسرة أخرى أو دار رعاية دون تحديد ما هو نوع التأديب الذي يعده ذلك القانون "عنفًا" ضد الأطفال.. وما هي حدود الاستقلال الذي سيناله الطفل بحياته وممارسته حريته دون أي "عنف" أو تدخل من الآباء؟!

 

المادة 99، وتنصُّ على: "من حق لجان حماية الطفل إيداعه مؤقتًا لحين زوال الخطر عنه لدى عائلة أخرى".

 

المادة 54، وتنصُّ على: "معاقبة الحاضن للطفل إذا ما أعاقه عن التعليم الأساسي بالحبس مدة لا تقل عن شهر، وأكَّد ضرورة أن يُكتفى بالعقوبة المالية؛ حفاظًا على رعاية باقي أطفال الأسرة".

 

وقد سبق وتحفَّظ د. سيد طنطاوي شيخ الأزهر على مشروع القانون الجديد ومقترحات تعديله، وقام بتحويله إلى لجنة البحوث الفقهية التابعة لمجمع البحوث الإسلامية ووعد بعدم التراخي في دعم البنود التي تحقق الحماية والرعاية وحقوق الإنسان كما نصَّ عليها ديننا الحنيف وشريعتنا السمحة.

 

وعلم (إخوان أون لاين) أن اللجنة أصدرت تقريرها الرافض لاقتراحات المجلس القومي للأمومة والطفولة.

 الصورة غير متاحة

 د. مصطفى الشكعة

 

وقال الدكتور مصطفى الشكعة رئيس لجنة المتابعة بالمجلس الأعلى للبحوث الإسلامية إن مجمع البحوث أقرَّ ما يتفق مع الشريعة الإسلامية ورفض ما يصطدم مع الشريعة الإسلامية، وإن المشروع فيه ما يصلح للموافقة وفيه ما يقتضي الرفض؛ لأنه يصطدم مع الشريعة الإسلامية التي يتحقق من خلالها كل الحقوق وتنبذ بها كل محظور.

 

وأضاف الشيخ أحمد عثمان عضو اللجنة: لقد جاء التقرير وفقًا للحكم الشرعي مع تحقيق مصلحة المجتمع وفقًا للمنظور الاجتماعي والفقهي في آنٍ واحد، وقد وافقت اللجنة على بعض التعديلات مثل رفع سن المسئولية، واعترضت على الربط بين توثيق الزواج والفحص الطبي بسبب أن الفحص ليس شرطًا يتوقَّف عليه العقد؛ فالرسول- صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جاءكم من ترضَون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، ولم يعقِّب بعد كلمة "فزوجوه" قائلاً: بعد فحصه طبيًّا؛ فهذا الاقتراح مخالف للشرع وضد عقد الزواج.

 

ووصف النائب د. فريد إسماعيل عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، وعضو لجنة الصحة بالمجلس شكل قانون الطفل بعد التعديل بالخطير، وقال إنه استكمال لقرارات مؤتمرات المرأة في بكين وأنقرة والقاهرة وعمان، وأكَّد أن هدف هذه القرارات محاولة الانزلاق بالأسرة في العالم العربي والإسلامي لمستوى الأسرة في الغرب.

 الصورة غير متاحة

 د. فريد إسماعيل

 

وقال إن مجتمعاتنا العربية يميِّزها التمسك الأسري والقيم الإسلامية العالية، وتلك آخر حلقات التماسك في مجتمعاتنا العربية، ولا يجب السماح بفرطها أو القضاء عليها أبدًا، وقال إن هناك تحفظاتٍ كثيرةً للمجلس على هذا القانون، وحصر أخطر ما فيه في مواد خمس وصفها بالخطيرة والمرفوضة.

 

وعقَّب عليها قائلاً: "إن أول ما هو مستنكر تمامًا المادة التي تسعى لرفع سن الزواج بالقانون لـ18 عامًا"؛ ووصف هذا البند بالمعارض للشرع؛ فالمعيار الوحيد لإمكانية الزواج هو البلوغ فقط، وقال إن سن البلوغ متغيِّر من فرد لآخر كلٍّ حسب طبيعته وتكوينه، ولا يجوز تحديده في عمر موحَّد وشامل للجميع؛ فهناك من يصل لمرحلة البلوغ في عمر مبكر، وهناك العكس.

 

وأدان د. فريد هذا البند بشدة، وقال إنه يشجع على الانحراف والانحلال والفجور، وقال إنه سوف يزيد من نسبة الزواج العرفي.

 

وتطرق د. فريد للبند الذي يوجب إجراء الفحص الطبي قبل الزواج وأن الإسلام أول من دعا إلى تجنب زواج الأقارب لتفادي الأمراض الوراثية، ولا مانع شرعًا من إجراء الكشف الطبي ولكن لا يصح شرعًا إبطال عقد الزواج لعدم إجراء الفحص الطبي، ولا يُلزَم العروسان بقرار الفحص الطبي.

 

واستطرد قائلاً: "إن البند الذي يجرِّم الختان بمشروع التعديلات لا يُسند إلى أية خلفية شرعية، ولكن الأصل هو أنه مباح لمن يريد أن يختن ابنته، ويكون القرار لولي الأمر، والطبيب هو الذي يقرِّر مدى احتياج الفتاة لهذه العملية من عدمه".

 

 الصورة غير متاحة

د. عبد الله سمك

ووصف د. فريد هذه التعديلات بالمخالفة للشرع والدستور الذي أقرَّ في مادته الثانية أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، ولم يقل قوانين ووثائق حقوق الإنسان الدولية، وأضاف واصفًا هذه التعديلات بأنها "لعب بالنار لا بد ألا يُسمَح به، ولا بد أن نحترم شرع الله".

 

وأكَّد د. عبد الله سمك أستاذ علم الأديان بالأزهر أنَّ نَسَبَ الطفل لأمه تحت أي ظرف من الظروف مخالف للقرآن، ووصف أي قانون يحدد سن الزواج بـ18 عامًا أو أية سن محددة أو يوجب إجراء الكشف الطبي على الزوجين لصحة العقد بأنه قانون باطل، وكذلك قال إن أي تشريع يجرِّم الآباء لتأديبهم أو تربيتهم أولادَهم مرفوض تمامًا.

 

 

د. إبراهيم الخولي

واتفق معه الدكتور إبراهيم الخولي الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الذي رفض بشدة البنود الخمس ووصفها بالبعد عن أصل الشريعة الإسلامية، وأنها دعاوى مغرضة لا تريد الإصلاح.

 

ويوضح الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية قضيةَ نسب الطفل بشيء من التفصيل، وقال إن العلماء بالإجماع يرَون أن الطفل نتيجة الزنا من امرأة متزوجة لا يجوز أن يُنسَب لغير الزوج، حتى لو عُرف والده، وقال إن الاستناد في ذلك الحكم إلى قول رسول الله- عليه الصلاة والسلام-: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر"؛ فهذا الحديث يبيِّن أن الولد يُنسَب لفراش الزوجية.

 

وأضاف أن سبب ورود الحديث أن عتبة ابن أبي وقاص كان قد زنى بجاريةٍ يملكها زمعة والد السيدة سودة زوجة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأنجبت منه الجارية ولدًا، ولما أحسَّ عتبة بقرب أجله بيَّنَ لأخيه سعد ابن أبي وقاص أن الولد الذي أنجبته الجارية ولده هو، وطلب منه أن يطالب به، فلما ذهب سعد يطالب به سمعه عبد بن زمعة شقيق السيدة سودة، فاختصم إلى رسول الله، فكان حكم رسول الله "الولد للفراش وللعاهر الحجر".

 

من هنا قال العلماء إن الطفل إذا كان من الزنا على فراش الزوجية لا يُنسَب إلا إلى الزوج، ومن حق الزوج أن ينفيَه ويعلن أنه ليس ابنه عن طريق اللعان؛ واللعان هو أن يشهد أمام الناس 4 شهادات بالله أنه لمن الصادقين فيما رمى زوجته به من زنا، ويقول في الشهادة الخامسة: "وعليه لعنة الله إن كان من الكاذبين"، فإذا فعل أصبحت الزوجة تستحق عقوبة الزنا، لكن الشرع جعل لها أن ترد عنها التهمة بأن تلاعن أيضًا هي فتشهد أربع شهادات أنه لمن الكاذبين فيما رماها به من الزنا، وتقول في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.

 

 الصورة غير متاحة

 د. محمد رأفت عثمان

وأضاف: لم يحدث إجماع على حكمٍ في أمر الولد الذي أنجبته امرأة غير المتزوجة وأراد الزاني أن ينسبه إلى نفسه واعترف وهي اعترفت أنه طفلهما، فرأى البعض أنه لا يصح أن يُنسَب للزاني؛ رجوعًا لنفس الحديث السابق على أنه شامل وعام؛ حيث رأى للعاهر الحجر، ولا يُنسَب له الطفل، وفسَّر جمهور العلماء كلمة الحجر بأنه الخيبة وليس حقيقة العقوبة الحجر؛ لأنه قد يكون غير متزوج وتصبح عقوبته الجلد وليس الرمي بالحجر.

 

أما المازني وابن القيم تلميذه ومجموعة من علماء جيل التابعين، كمحمد ابن سيرين، وسعيد ابن المسيب، وإبراهيم النخعي؛ فيرون أن الطفل إذا اعترف به الزاني من امرأة غير متزوجة يُنسَب إليه ولا يضيع نسب الولد، وهذا الرأي أكَّده وقوَّاه ابن القيم، وقاسَ الأبوة على الأمومة؛ حيث رأى أنه بما أن الأمومة في الزنا من المرأة غير متزوجة قياسًا تكون المرأة هي أم الطفل والرجل هو أبوه طالما اعترف به، وخصَّص قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "الولد للفراش" بما إذا كان هناك فراش أي هناك زوجية.

 

وقال د. محمد رأفت عثمان إنه يختار هذا الرأي الأخير، ويرى إمكانية الاستعانة بمعطيات العلم الحديث وإجراء الاختبارات الوراثية؛ فإذ وُجدت كروموسومات الصبغة الوراثية، وعددها 46 كروموسومًا، في خلايا الطفل نصفها للأم والنصف الآخر للرجل الذي ادعى أبوته يُنسَب الطفل إليهما، وإذا أثبتت التحاليل الوراثية أن الصبغات لا تحمل النصف من الرجل لا يُنسَب له الطفل، وكذلك إذا ادعى الرجل على زوجته أنها زنت وأثبتت الاختبارات أنه غير صادق في دعواه فإنه مُلزَم بالولد، ولا يحتاج الأمر إلى لعانٍ، ولكن الشرط في هذا كله أن يحتاط الاحتياط الشديد الكامل في إجراء الاختبارات الوراثية في أكثر من مركز للتأكُّد من النتيجة.

 

هجمة العولمة

الشيخ أحمد عبد العظيم (من علماء الأزهر) قال إن هذه التعديلات جاءت نتيجة هجمة العولمة ومؤتمرات السكان والمرأة، وأهدافها صبغ مجتمعاتنا بالصبغة الغربية، وتناول البند الخاص الذي ينتقد بشدة ويجرِّم على الآباء إيقاع عقوبة على أطفالهم، معتبرين هذه العقوبة عنفًا، سواءٌ كان جسديًّا أو نفسيًّا، ضد الأطفال؛ فلم يحدِّدوا صفة هذا العنف وأي العقوبات التي تعتبر عنفًا ضد الطفل؛ فنجد طفل الغرب يرفع سماعة الهاتف ويبلغ عن والده إذا عاقبه أو ضربه، وبهذا اختل ميزان التربية لديهم.

 

فرسول الله قال فيما رواه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع"، وكذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لأن يؤدب أحدكم ولدًا خيرٌ له من أن يتصدق بنصف صاع كل يوم" (بحار الأنوار: ج 101 باب فضل الأولاد)، وبهذا جعل رسول الله تأديب الولد أهم من الصدقة، والصدقة برهان على الإيمان، وفي حديث آخر "لاعبوهم سبعًا، واضربوهم سبعًا، وصاحبوهم سبعًا، ثم اتركوهم للحياة".

 

ومجال التربية هو مجال كبير فيه الكثير والكثير من الكلام، وما نفهمه من الحديث هو أننا نلاعب أبناءنا سبع سنين، وبعدها نأمرهم بالصلاة ونضربهم على أخطائهم الأخرى، وعند العشر سنين نضربهم على الصلاة، وعند سن الـ14 نصاحبهم ونمنع عنهم الضرب، وعند سن 21 نترك تربيتهم؛ لأن سن التربية وآخر مرحلة قد انتهت وهي المصاحبة.

 

وتبقى هناك العلاقة الأسرية وما بها من حنان من جانب الأبوين وما بها من بِرٍّ من جانب الأبناء، ولكن لا توجيه ولا ضرب ولا تربية، ولكن نصيحة وحب وأبوة.

 

وقال علماء الدين: أُعطيَ للحاكم ووالي المسلمين حقّ تأديب أحد رعاياه، وكان شارب الخمر يُضرب عند السلف، فلو شرب ابني خمرًا أو سجائر يمنعني القانون ويسلب مني حقي في أن أؤدبه؟!

 

واستنكر بشدة هذا البند من القانون؛ لأنه لم يحدِّد نوع العنف الذين يريدون تجريمه، وقال: "الإسلام والقرآن هما خير قانون؛ فالدين نهى عن الضرب المبرح الذي يفقد الطفل أحد أعضائه أو يحدث فيه عاهة دائمة أو يترك فيه أثرًا يحتاج للعلاج؛ فالإسلام لا يرضى بأن نؤذيَ أبناءنا ولو بجهل منا، وأمرنا بالسعي للتفقه والتعلم في الدين حتى نعرف كل أمور الحياة، ومنها التربية الصحيحة، وأعطى الإسلام الوالدين الحق في تأديب أبنائهما وتعنيفهم وضربهم لتأديبهم بُغيَة مصلحتهم وصلاحهم، ورحمةً بهم".

 

وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ (التحريم: من الآية 6)، وقال الشيخ أحمد عبد العظيم: "لو وجدت ابني يلعب بالنار وأشعلت ثيابه لا بد أن أضربه على يده حتى لا يفعل ذلك مرةً أخرى، وبالقياس: هل أتركه يحترق بنار الفساد والمعاصي والأخطاء؟! أم أؤدبه؟!"

 

وأضاف: "هذا البند باطل يُصدِّره إلينا الغرب بعد أن طبَّقه وأفسد أبناءهم تمامًا؛ لو أرادوا لنا الخير لكانوا بدلاً من أن يصدِّروا لنا هذا الفساد؛ كانوا صدَّروا لنا العلم والتكنولوجيا؛ ولهذه الأسباب هذا التعديل مرفوض تمامًا؛ لأنه لم يأتِ بغرض الإصلاح، والمقصود به هدم بنيان الأسرة المسلمة، وهي اللبنة الأول في المجتمع المسلم".

 

وأكد د. عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن المجمع رفض بعض تعديلات قانون الطفل، وقال إنه غير موافق على رفع سن الزواج لـ18 عامًا، وكذلك رفض تمامًا معاقبة من يزوِّج ابنته أقل من 18 عامًا بالحبس أو بأي شكل من أشكال العقاب، مفسِّرًا ذلك بأن الزواج يصبح في فترةٍ ما واجبًا على المرء، وقال: "إذا خاف الرجل على نفسه العنت وكان قادرًا وجب عليه الزواج فورًا حتى لو أقل من 18 عامًا".

 

وتساءل د. عبد الفتاح: "فرضًا ابنتي جاءها زوج صالح ومناسب والأسرة ترحب به وهي ابنة 17 عامًا.. هل أقول له انتظر حتى تكمل الثامنة عشرة وقد يكون الرجل بحث عن زوجة أخرى يعف بها نفسه وضاعت فرصة الفتاة في الزواج من رجل صالح ومناسب ونرضاه؟!"، وقال: "أليس الزواج إعفافًا للشباب تحت سن الـ18 عامًا؟!"

 

وحول البند الذي نصَّ على معاقبة الأب والأم الذين يوجِّهان عنفًا جسديًّا أو نفسيًّا لأولادهما قال: "يجوز للأبوين تأديب أولادهما بشرط أن لا يصل الأمر لإلحاق عاهة بالطفل أو ضربه ضربًا مبرحًا"، واستنكر أن يترك للأطفال الاستقلالية لتكن حبالهم على الغارب، وكذلك رفض تمامًا نسب الطفل لأمه تحت أي ظرف من الظروف، واستدل بأن الله قال ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ﴾ (الأحزاب: من الآية 5) ولم يقُل: "ادعوهم لأمهاتهم".

 

وأكَّد أنه شخصيًّا يرفض هذه التعديلات تمامًا، خاصةً البند الخاص بإيقاع عقاب بمن يختن ابنته، سواءٌ الأب أو الأم أو الطبيب؛ فلا يجوز تجريم أو تحريم أمرٍ أًصله مباح شرعًا.

 

 الصورة غير متاحة

الشيخ جمال قطب

في حين قال الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف: "هناك حالة بين 20 ألف حاله تحتاج لإجراء عملية الختان؛ فهي عملية أقرب أن تكون تجميلية، والأطباء وحدهم هم أصحاب القرار فيها"، وأكد أن أصلها ليس "الإباحة"؛ فلا يصح أن تُجرى وفقًا للرغبة، ولكن وفقًا للحاجة لها التي يؤكدها الطبيب المختص.

 

 د. عطية عبد الموجود الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الأزهر قال: "إن الختان ليس جريمةً، ولكن الجريمة هي المبالغة في القطع" (قطع قدر كبير)، وأكَّد أن أصل الختان مباح بالنسبة للبنات منذ عصر التشريع إلى الآن، وأي قول يخالف ما عليه السلف بدعة وضلالة.

 

وأكَّد د. عطية أن فرض قانون لرفع سن الزواج لـ18 عامًا مرفوض شرعًا؛ لأن المعوَّل عليه في الزواج ليس السن ولكن القدرة على تكوين بيت والإنفاق عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب.. من استطاع الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء".

 

إذن المقياس هنا هو القدرة المادية والمعنوية دون الارتباط بسن معينة، والتي متى توافرت أحلّ للفرد الزواج وإن كان لم يبلغ من العمر 18 عامًا، وهذا القانون فيه تقييد وتحريم لما أحل الله ولا يستطيع أحد أن يحرِّم ما أحلَّ الله.

 

أما ما يخص وضع بند يُقرُّ الكشف الطبي شرطًا لصحة عقد الزواج؛ فهو مخالف للدين، والدليل أنه إذا صح للزواج القائم على الاستمتاع الجنسي فلن يصح في زواج الونس بين كبار السن، ومن هنا لا يُعمَّم هذا القانون؛ لأنه لا يصلح لكل الحالات، ولا يحقق النفع للجميع ويكون الكشف الطبي اختياريًّا للزوجين، ونتيجته غير ملزمة لهما؛ فلو فرضنا أن الكشف أثبت عجزًا من الناحية الجنسية أو عجزًا عن الإنجاب يكون القرار هنا للزوجين فقط، وإرادتهما وحدهما هي الفيصل، ولا يفرض عليهما البطلان، ويبقى القرار النهائي في إتمام الزواج لهم وحدهم دون تدخل القانون.

 

وفيما يتعلَّق بأمر نسب الطفل لأمه قال: "النسب في الإسلام للآباء وليس للأمهات؛ فالولد يتبع الأب في النسب ويتبع خير الأبوين دينًا ويتبع أمه في الرق والحرية"، وكذلك قال: "إن نسب الطفل لمن يدَّعي أبوَّته أو أمومته مخالف للشريعة".

 

وحول تجريم الآباء في حال توجيه عنف ضد الأبناء قال: "للوالي حق عقاب الأب الذي أضرَّ بابنه وأحدث فيه عاهةً أو ضربه ضربًا مبرحًا، ولكن أن نضع قانونًا خاصًّا بتجريم العقاب الجسدي والنفسي دون أن نحدِّد أي أنواع العقاب يُعدُّ عنفًا؛ أمر مرفوض؛ لأن ضرره يفوق منفعته بمراحل كثيرة، ويسقط مكانة الآباء والأمهات".

 

قانون "مفخخ"

 الصورة غير متاحة

 د. منال أبو الحسن

د. منال أبو الحسن عضو اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل وأستاذ الإعلام بجامعة 6 أكتوبر، قالت: "إن تعديل قانون الطفل يهدف لرفع سن الزواج لـ18عامًا، وكذلك لوجوب حق النَّسَب للمولود الذي جاء من أي طريق؛ شرعيًّا كان أو غيرَ شرعي؛ وبهذا وقع هذا القانون في الفخ؛ لأنه طالب برفع سن الزواج، معتبرًا من هم قبل 18 عامًا أطفالاً مناقضًا نفسه؛ حيث طالب بحق الطفل المولود من طفلةٍ منعها من توثيق عقد زواجها وحرمها من حقها في المواريث وحقها كأم".

 

وأضافت أنه سبق وخرج لنا اليونيسيف بالتعاون مع الأزهر بميثاق لحقوق الطفل أكَّد أنه لا يوجد سن معينة لتحديد الزواج، ولكن بعد ممارسات الضغط خرج لنا مشروع قرار جديد يمنع من هم أقل من 18 عامًا من الزواج.

 

وأكَّدت أن هذه التعديلات لها طابع خاص، والغرض منها ليس التعديل لشيء خطأ أو تالف، ولكن الهدف منها هو التطوير لصالح التوافق مع ما تم التوقيع عليه من مواثيق دولية، خاصةً بالطفل، ودلَّلت على قولها بأن كل ما تمَّ التركيز عليه في هذه التعديلات هي نقاط لم تحدث فيها دراسات لرفع الواقع لتتحدد من خلالها أولويات ما يتم تناوله أو تعديله.

 

وتتساءل عن التناقض الذي تنادي به الأمم المتحدة من حق البنت الحامل في التعليم، وكذلك حرمانها من حقها في الزواج قبل 18 عامًا: الطلب الأول يعني وجود حالات لفتيات يحملن، وبما أنه لا زواج فيكون هذا الحمل بطريق غير شرعي أو بزواج عرفي!!

 

ونقدت ما طالب به المجلس القومي للأمومة والطفولة باكتساب الصفة القانونية لفض المشكلات الخاصة بالطفل بجانب جهة أخرى؛ لأن هذا التقسيم على الجهات كفيل بإضاعة حق الطفل، وكذلك لأن هذا المجلس ليس له أية صفة قانونية أو تنفيذية، وهو ذاته المأزق الذي وجد المجلس نفسه يعانيه عندما عمل الخط الساخن؛ لأنه ليس جهة قانونية أو تنفيذية ليفعل شيئًا للطفل، وأكدت ذلك بتجربة شخصية لأحد معارفها أبلغ عن طفل يتعرَّض للتعذيب عند جارته، وأبلغ الخط الساخن، ولم يتحرك أحد، وظل الطفل يتعرض للتعذيب حتى الليل، وقالت: "ذلك على الرغم من أن مشروع التعديل يدين من يرى طفلاً يتعرَّض للتعذيب ولم يبلغ عنه؛ فلو حدث ذلك في الطريق هل كل المواطنين مدانون؟!"

 

وأكدت أن هذا دليل أن كل ما يفعله المجلس القومي للأمومة والطفولة ما هو إلا دعاية و"بروباجندا" هدفها الفوز بصفة تنفيذية حتى لو اتبعت أسلوب تحميل الأمور حجمًا أكبر من حجمها الفعلي.

 

وتضيف: "نادى مشروع التعديلات بحق الطفل في التعليم، مخاطبًا فئة يعمل أطفالها من أجل الطعام.. فأين حق الطفل في لقمة العيش؟! فالدولة التي لا تستطيع أن توفر لهم رغيف العيش، هل ستوفر لهم التعليم؟!"

 

واستطردت: "هذه التعديلات أجندة غربية و"بروباجندا" غير قائمة على الواقع، ولم تراعِ وضع مصر الاقتصادي ولا وضع عمالة الأطفال".

 

وقالت منال: "نُشر خبر عن زيارة السفيرة مشيرة خطاب للمنيا، وذكرت السفيرة أنهم قالوا لها إن هناك نسبةً كبيرةً للتسرب من التعليم، فهل نحن نعمل وفقاً للقيل والقال؟! وماذا عن الدراسات الميدانية والأبحاث؟! فأهلاً وسهلاً بالتعليم؛ فنحن أمة "اقرأ"، لكن لا أهلاً ولا سهلاً للحرمان من رغيف العيش".

 

مواد رفضها الأزهر

رفض الأزهر ما جاء في المادة 116 بأن من حرَّض طفلاً على ارتكاب جناية أو جنحة أو أعدَّه لذلك أو ساعده عليها بأن تكون العقوبة الحبس للمحرِّض مدة لا تقل عن ستة أشهر، وطالب بأن يُعتَبر المحرِّض للطفل على الجريمة فاعلاً أصليًّا، ويُعاقَب بالعقوبة المقرَّرة بالفعل الذي ارتكبه الطفل.

 

ورفض الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية ما نصَّ عليه قانون الطفل من استثناءٍ من بلغوا الثامنة عشرة من الحكم بالإعدام أو السجن المؤبد أو المشدَّد إذا ارتكبوا جريمةً تستحق هذه العقوبة، واعتبر أن المُستَثنَى فقط هو من لم يبلغ سن الثامنة عشرة.