- لا نعرف أهدافه ولا وسائله ولسنا مسئولين عن أي شيء فيه
- نؤيد مساعيَ كل فئةٍ في التعبير عن رأيها للحصول على حقوقها
- لن ننسحب من المحليات مهما حدث وأحكام القضاء ملاذنا الأخير
حوار- أحمد رمضان
أثار البيان الذي أصدره فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بخصوصِ موقف الجماعة من إضراب يوم 6 أبريل القادم الكثيرَ من التساؤلات، وتعالت بعض الأصوات التي أبدت استغرابها من عدم تأييد الجماعة إضرابَ 6 أبريل، كما اتهمت أصواتٌ أخرى الجماعةَ بأنها إن لم تُشارك فيه فإن الإضرابَ سيفشل، وبالتالي تكون الجماعة متهمةً بإجهاضِ تحركات الشارع الذي بدأ يعيش حالةً من اليقظة.
وعلى الجانب الآخر تتسارع وتيرة انتخابات المحليات بتسارع المضايقات وحملة الاعتقالات، فظهرت آراءٌ تطفو على سطح الأحداث وتطالب بانسحاب الجماعة من مهزلةِ المحليات بعدما كشفت وجه النظام القبيح.. فهل يمكن أن يحدث ذلك؟ ولمَ الإصرار على تلك المهزلة؟.
أسئلة طرحناها على د. محمود عزت الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، والذي أدلى بإجاباتٍ واضحة في حوارٍ شاملٍ لـ"إخوان أون لاين".. فإلى التفاصيل.
* في البداية كيف ترون حملة الاعتقالات التي تسارعت وتيرتها في الفترة الأخيرة؟
** لا شكَّ أنَّ النظامَ يتعامل مع الجماعةِ بأسلوبٍ يتراوح ما بين البلطجة الخشنة والبلطجة الناعمة؛ فهو في وقتٍ يستخدم الاعتقالات والمحاربة في الأرزاق والبلطجية والسنج لمنع المرشحين، وفي وقتٍ آخر يمنع الناس بطرقٍ أخرى، مثل الخداع والتزوير والحيل والغش.. كل ذلك لكسر إرادةِ الإخوان عن الإصلاح.
* لكن الجماعةَ تعوَّدت على مثل هذه الأساليب.. فكيف تواجهونها؟
** لا يمكن أن يكون الظلم شيئًا معتادًا؛ فالظلم ظلمات يوم القيامة، وسيحاسب الله عزَّ وجل من ظلمنا وستحاسب الأمة مَن ظلمَها، ويزداد الإخوان إصرارًا كلما واجهوا كل هذا الظلم بأمورٍ أساسيةٍ، وهي:
أولاً: أنه لا بديلَ عن الإصلاح على أساس الإسلام، ثم إذا قصَّر الإخوان في الإصلاح فإنما يُعرِّضون أنفسهم لمسائلةٍ بين يدي الله عزَّ وجل، كما تنزل العقوبة على الأمة إن لم تقم فئة تستمر في دعوة الناس إلى الإصلاح وتصبر على كل ما تُصاب به.
ثانيًا: المعركة في المحليات مختلفة عنها في مجلس الشعب؛ فمع إعلان نتيجة الانتخابات في مجلس الشعب يصبح المجلس سيد قراره، أما في المحليات فإبطال هذه المجالس وكل ما يصدر عنها من قراراتٍ أمرٌ واردٌ عن طريق القضاء.
ثالثًا: أنه رغم كل ما يُستخدم ضد الإخوان من بلطجةٍ إلا أنه وارد في أية لحظةٍ أن تُدرَج أسماء الإخوان في قائمةِ المرشَّحين لظروفٍ لا دخلَ للإخوان بها، ولعل الله يسوقها إليهم كظروفٍ إقليمية أو عالمية، فيتم تنفيذ أحكام القضاء؛ فالعدو الأمريكي مثلاً يبتز النظام المصري عن طريق مسألةِ الحريات.
الأمر الأخير والأهم: هو أننا متأكدون من ثوابِ الله عزَّ وجل، وأيضًا متأكدون أنَّ هذه الأمةَ عندما ترى من يواجهون هذا الفساد تطمئن، وقد تُشارك في تلك المواجهة؛ فنحن ننال إن شاء الله تعالى- إن أخلصنا وأحسنَّا- تمامَ الثواب، وننال المودة في القربى.. (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (الشورى: من الآية 23).
* هل كانت الجماعة تتوقَّع أن يصل التصعيد إلى مثل هذه الدرجة في المحليات؟
** الذي يحدث رغم بشاعته قد يكون أقلَّ مما حدث في انتخاباتٍ سابقةٍ مثل انتخابات الشورى وقبلها مجلس الشعب؛ حيث وصل أعداد المعتقلين إلى ما هو أكبر من العدد الموجود الآن، وهذا ليس مقصدي: أن نقول الحمد لله ويحيا العدل، ولكن مقصدي أنَّ ما يتم من إجراءاتٍ تحمل الجديدَ، وأبرزها محاربة الناس في أرزاقهم واستخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريق المطالبين بحقوقهم.
لن ننسحب
مظاهرات الإخوان ضد إهدار أحكام القضاء |
* إذًا لماذا الإصرار على انتخاباتٍ معروفٍة نتائجها مسبقًا، ولا ينال الجماعة منها سوى المضايقات؟!
** سبق أن أجبت عن هذه الأسباب، وأضيف أنه إن لم يستمر الإخوان في نهجهم النضالي السلمي فإن العاقبةَ ستكون إما يأسًا واستسلامًا من الأمة أو انفجارًا، وهذا ليس في صالحِ وطننا، ونحن نفدي هذا الوطن بأنفسنا ووقتنا وجهدنا والاعتقالات، وهي- رغم بشاعتها- شيء قليل في سبيل مصلحةِ الوطن، ونحن بالتأكيد لا نمنُّ على أمتنا بأية تضحيةٍ مهما بلغت.
* بعض أصوات المعارضة المصرية تقترح على الجماعةِ فكرةَ الانسحاب من مهزلة المحليات بعد أن نجحت في كشفِ الوجه الحقيقي للنظام.. كيف تنظرون لهذه الفكرة؟
** لا يمكن أن يكون نهجنا هو الانسحاب؛ لأن أحكامَ القضاء بإبطال هذه الانتخابات سيكون الملاذ الأخير، وفي هذه الحالة لن ينسحب الإخوان، بل سيطالبون بتطبيقِ أحكام القضاء، وسيُطالبون الشعبَ كله بأن يطبَّق هذا الحكم، ويطالبون الجهات الإدارية بتطبيق هذا الحكم؛ فهذا ليس انسحابًا ولكنه نضال إيجابي؛ لأن مسألة الانسحاب تورث اليأس.
إضراب 6 أبريل
أحد شعارات إضراب 6 أبريل |
* لعل هذا يدفعنا إلى قضيةٍ أخرى أثارت العديد من التساؤلات عند رجل الشارع، بل وعند الصف الإخواني، وهو موضوع إضراب 6 أبريل القادم، وهل ستشارك الجماعة فيه أم لا، وهل ستوجِّه الجماعة الدعوةَ لأفرادها في كل مصر بالمشاركة في هذا الإضراب أم لا؟.
** الإضراب بشكلٍ عام- وكما أوضح بيان فضيلة المرشد- حقٌّ مشروع قانونًا وعُرفًا على الساحةِ العالمية كلها، وهو وسيلةٌ من وسائل التعبير متى حُدِّد الهدف منه وحُدِّد مآل هذا الإضراب والنتائج التي سيصل إليها، وإذا ما حُدِّدت الوسائل والإجراءات التي ستُتَّبع في هذا الإضراب فنحن نُؤيِّده ونُسانده؛ فنحن نؤكد أنَّ كل أخٍ من الإخوان في مهنته وفي فئته لا بد أن يكون إيجابيًّا فيما يخص أهل مهنته؛ فالهدف من إضراب أساتذة الجامعات- على سبيل المثال- كان موضوع كادر أعضاء هيئة التدريس، وهو مطلب مشروع؛ فالإخوان وقفوا منه موقفًا إيجابيًّا كأفراد، وحدَّد المرشد أنه على كلِّ فردٍ من أفرادِ الشعب أن يشارك فيما يتعلَّق به.
* إذا كان هذا موقفكم من الإضراب الفئوي.. فلماذا لم تدعم الجماعة إضراب أعضاء هيئة التدريس؟
** نحن نرى أن كل فئة، بمَن فيهم الإخوان، لا بد أن يطالبوا بحقوقهم وفق الأساليب الدستورية والقانونية المشروعة وبما لا يضر بمصالح هذه الفئة أو مصالح المؤسسة التابعة لها.
* هل معنى ذلك أن الجماعة لن تشارك في إضراب 6 أبريل القادم؟
** لا بد من تأكيد أن الإخوان في تعاملهم مع القوى السياسية يسعَون إلى تشكيل قوى تناهض الدكتاتورية والظلم الذي نعيش فيه؛ ولذلك نحن حريصون على كل التجمعات التي تهدف إلى توحيد المعارضة المصرية، ونحرص على مشاركتهم في فعالياتهم، وهو ما حدث قبل ذلك، ولكن بعد أن يتم التنسيق للموضوع المطروح.
وفي شأن إضراب 6 أبريل فإن الفكرة لم تُطرَح على الجماعة من الأساس، وإنما سمعنا عن هذا الإضراب من جهاتٍ مختلفة، وكل الدعوات التي وُجِّهت إلى الجماعة لم نعرفها إلا عن طريق وسائل الإعلام؛ ولذلك فنحن لا ندري ما هو الهدف من هذا الإضراب؟ ولماذا اختيار هذا الوقت له؟ وما هي آليات تنفيذه؟ وهل هناك تنسيق أم لا؟.
ومع تأكيدنا أهميةَ الإضراب كوسيلةٍ من وسائل الاحتجاج، إلا أن إضراب 6 أبريل القادم أشبه بدعوة دون تحديد مهامها ولا أهدافها، وإذا ما طبَّقنا عليه القواعد الذي سبق أن أوضحتها الجماعة نكتشف أننا لا نعرف الوسائل ولا الأهداف، ولم ينسِّق معنا أحد في هذا الشأن، ولا نعرف النتيجة التي ستئول إليه.
لسنا مسئولين
* ولكن البعض يرى في ذلك تراجعًا للإخوان في مواقفهم، وأنهم سوف يُفشلون هذا الإضراب، وأن الجماعة تغازل النظام قبل الحكم في القضية العسكرية المتهم فيها 40 من قيادات الإخوان على رأسهم المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام.
الأمن يعتقل أحد الإخوان خلال مظاهرات تندد بتجاوزات الانتخابات |
ولا أريد أن أتطرَّق هنا إلى بعض الأحزاب التي ترفع شعاراتٍ رنانةً، ورغم ذلك عقدت صفقاتٍ مع الحزب الحاكم تركت على أساسها بعض المقاعد لهم؛ حتى يكتمل الشكل "الديكوري" للديمقراطية المزيَّفة، وتُظهر هذه الأحزاب الحزب الحاكم المستبد بأنه ديمقراطي.. أليست هذه هي المغازلة في أبشع صورها؟!
أما موضوع إفشال الإضراب لو لم نشارك فيه، فهذا كلام غير منطقي؛ لأنه من المفترض أن يكون الإخوان ضمن اللجنة التي تحدِّد الهدف والوسائل، وهذا لم يحدث، ولم ينسِّقوا معنا؛ ولذلك فإن الجماعةَ ليس لها دخل في إفشال الإضراب أو نجاحه.
أما موضوع المحاكمة العسكرية فهي مهزلة بمعنى الكلمة، وقد فضحت الاستبداد الذي تتعرَّض له الجماعة.
لا للفوضى
* إذا كان هذا هو موقف الجماعة من إضراب 6 أبريل، فما قيمة التصريحات التي يطلقها بعض الإخوان بأن وضع البلد بحاجةٍ إلى ثورة شعبية.. فهل معنى ذلك أن الإخوان لن يشاركوا فيها إذا حدثت؟
** الموقف من الثورة أمرٌ أوضحه الإمام الشهيد حسن البنا بشكلٍ محدَّدٍ؛ حيث أكَّد أنه إذا كان ستحدث ثورة فلن تكون من صنع الإخوان، ولكن تردِّيَ الأحوال هو الذي سينتهي بهذه النتيجة، في المقابل لا يمكن للإخوان أن يمنعوا هذه الثورة؛ فهذه مسئولية النظام؛ لأن الثورة لا عقلَ لها، وتؤدي إلى الفوضى، والنظام هو المسئول عن منع هذه الفوضى من خلال إصلاح الأحوال وإطلاق الحريات، وأن يقوم بمصالحة حقيقية مع شعبه؛ لذلك كان موقفنا من الإضرابات التي لها أهداف محدَّدة ولها وسائلها المحدَّدة؛ فإننا نشارك فيها لما في ذلك من تعضيد للأمة وتأييد لها، ولكن الإضرابات التي لا تتحدَّد أهدافها ولا يُعرف مآلها ولم تتحدَّد وسائلها، مثل إضراب 6 أبريل القادم، يكون موقف الإخوان منه ما أعلنه البيان وما التزم به الإخوان، فليس مهمتي أن أشارك في فوضى ولا أُحمِّل نفسي منع هذه الفوضى؛ فلا أكسرُ محلاً تجاريًّا أو أقفله، فالإضراب أقوم به لكي أُطبق القانون وأُثبت الدستور وأحافظ على كفاءةِ مؤسسات الدولة وليس العكس؛ وهذا ما حدث في فعاليات الإخوان السابقة بما فيها المحليات حاليًا، فلا يكونَ الهدف من الإضراب مثلاً إصابة الاقتصاد القومي لمصر بخللٍ يُلجئنا إلى أعدائنا الأمريكان والصهاينة؛ فإذا كان ذلك فلن نشارك فيه.