اهتم كثير من الأدباء العرب بالألغاز الشعرية وعلم البديع، وانتشرت هذه الظاهرة في عصور انحطاط الأدب خاصة، فوصل إلينا كثير من هذه النماذج النثرية والشعرية، أكثرها مغرق في التكلف والصنعة ولا يستسيغه الذوق السليم، بيد أن هذه الظاهرة خلفت لنا بين ما خلفت آثارًا أدبية غاية في الطرافة والروعة.

 

سنعرض لبعض هذه النماذج، على أن تحاول المشاركة بالتفكير معنا في محاولة الوقوف على موضع البديع فيها.

 

هل استطعت أخي القارئ الكريم قراءة الأبيات التي نشرناها سابقًا مقلوبة أي من الخلف إلى الأمام؟ إذا كنت قد فعلت؛ فلا بد أنك وجدتها هي بالضبط! وهذا ما يسمَّى (ما لا يستحيل بالانعكاس):

أَسْ أَرْمَلا إذا عرا          وارْعَ إِذا المرءُ أسا

أَسنِدْ أخا نَباهةٍ              أَبِنْ إخاءً دُنِّسا

أُسْلُ جَنَابَ غاشمٍ              مُشاغبٍ إن جَلسَا

اسْرُ إِذا هَبَّ مِرا           وارْمِ به إِذا رَسا

اسكُنْ تَقَوَّ فعسى           يُسْعِفُ وقتٌ نكَسَا

 

(ألغاز القلب)

واليوم حاول أن تكتشف السر في الأبيات التالية:

باهي المراحمِ لابسٌ     كرمًا قديرٌ مسندُ

بابٌ لكلِ مؤمل      غُنْمٌ لَعَمْرُكِ مُرْفِدُ

 

حاول قراءة الأبيات السابقة من آخرها إلى أولها، فقد كتبها الشيخ "ناصيف اليازجي" لتقرأ طردًا وعكسًا، غير أن طردهما غير عكسهما! أو انتظِرنا إلى الحلقة الآتية، إن شاء الله تعالى.