الزواج.. مشوار العمر كما أطلق عليه العلماء، ومع تزايد الضغوط الحياتية ومشاغل الناس يزيد التخوف من الزواج الذي تحوَّل من سعادةٍ وطمأنينةٍ إلى أزمة ومشكلة عند البعض، وهو ما دفعنا إلى تقديم 20 سؤالاً وجوابًا من واقع الاحتكاك اليومي مع المُقبلين على الزواج، لنتعرَّف معًا على أسباب المشاكل والفشل، ونصل إلى نقطةِ انطلاقٍ من أجل بيت سعيد يرفع شعار "لا للمشاكل ونعم للتفاهم".

شجار قبل الزواج

تسأل إحداهن: "أنا في طريقي إلى الزواج، وأشعر أنني مختلفة كليًّا عن زوجي، يحدث بيننا شجار هائل في كل صغيرةٍ أو كبيرة، فأنا مرعوبة من مستقبل زواجنا".

 

وأخرى تقول إن زوجها المستقبلي بخيلٌ جدًّا وهو يبرر ذلك بأنه حريص.

 

وتشكو ثالثة من أن زوجها كثير التعريض في القول لدرجةِ الكذب.

 

ورابعة تقول إن أم زوجها وأهله فوق كل شيء عنده.

 

وهناك مَن تقول: "إن زوجي يقرر كل شيء بمفرده وكأنني لستُ في حياته".


وهذه فتاة تسألني وهي في غايةِ الرعب وتقول: "خائفة من الطلاق.. معظم صديقاتي طُلِّقْن في أول سنة زواجًا، كما أنني كلما طالعت الصحف أجد نسبة الطلاق في زيادةٍ مطردة في جميع أنحاء العالم على اختلاف المستويات المعيشية والثقافية والمادية والاجتماعية".

 

وأخرى تقول إن زوجها لا يهتم بها من الآن، فكيف بعد الزواج والتعود على بعضهما، وبالتالي اللا مبالاة وعدم الشعور بها كليًّا؟!

 

وهناك سؤالٌ لأخرى: "إن زوجي شديد الدقة، وكل أمر أظنه تافهًا لا يستحق أجده يفتح له سجلاً ويُدوِّن الأخطاءَ وكيفية معالجتها بالشكل الصحيح، وليس لديه مرونة كافية، والأمور عنده إما خطأ أو صواب؛ ليس هناك ثالث بينهما، ولا مجالَ للحوار".

 

وتقول أخرى: "أنا سوف أتزوَّج من أخرس؛ فزوجي شديد الصمت لا يتكلم إلا إذا حدثت كارثة أو أمر مهم".

 

وهذه تقول إنها درجة ثانية عند زوج المستقبل؛ "فهو يتحدث عن نفسه وأسرته وعمله فقط، وأشعر أنه لا يعطيني ولا أهلي قدرًا ومكانةً، وهذا يؤلمني".

 

وغير ذلك الكثير والكثير من التساؤلات عن سلبيةِ الرجل وعدم وجوده والتشاؤم والقلق المجهول.

 

وفي السطور القادمة محاولةٌ للوصول إلى نقطة التقاء حتى تعلم كل أمٍّ مَن تربي وكيف تربي ابنتها على مسئوليتها القادمة وكيف تساندها في اجتياز خطواتِ الزواج بنجاحٍ وسعادةٍ وتوفيقٍ من الله عزَّ وجل.

 

فالكثيرون ينتظرون السعادة ربما طوال عمرهم بعد أن يحصلوا عليها، ولا يدركون أن الحياة الهانئة هدفٌ لا يُحقَّق إلا بالجهد، وأن منغِّصات الحياة أيضًا فرص سعادة خفية لمَن يتقنون فن الصبر والاحتساب والرضا واليقين، وأن آفاق السعادة الرحبة ليست مكانها الدنيا وحدها.

 

والكثير من الأزواج والزوجات يبدءون حياتهم متوهمين أن السعادة قادمةٌ لا محالة وستأتي إليهم وهم مسترخون في أماكنهم، ولكن السعادة الزوجية هدفٌ غالٍ على كلِّ زوجين تعلَّما كيف يحققان وكيف يتقنان فن السعادة المشتركة.

 

أرى ابتسامةً فيها راحة وأمل وتفاؤل قد علت وجه كثيرٍ من بناتي، ولأنني لم أخاطبهن وحدهن هذه المرة، بل أخاطب شريكها الآخر أيضًا؛ فالحديث هنا للزوجين معًا، وكيف يسعيان معًا إلى تحقيق سعادتهما ويعيشان معًا في جنتهما على الأرض، ويلتقيان في ظلها اليوم، متحابَّيْن يوم لا ظلَّ إلا ظله، فتكونين له أجمل من الحور العين في الجنة، على الأرائك تنظرون؛ حيث السعادة والنعيم والراحة المطلقة الأبدية.

 

النشأة المختلفة

نتخيَّل أن امرأة القطب الجنوبي التقت برجلٍ من وسط إفريقيا، فكيف سنتخيَّل حياتهما على الأرض رغم بيئات النشأة المختلفة، إضافةً إلى الصفات المختلفة للمرأة عن الرجل على مستوى الشكل والجوهر والفطرة، ولنا أن نتعلَّم صفات ونكتسبها دون أن نلويَ عنق الصفات الفطرية، فلنردد معًا: هكذا خُلقنا، وفي الحديث "كلكم لآدم وآدم من تراب"، و"اعملوا فكل ميسر لما خُلِقَ له".

 

فإن الله إذا أراد شيئًا هيَّأ أسبابه، من ثَمَّ أتعسُ نفسًا مَن أراد أن يكون غير نفسه، والذكي الذي يدرس نفسه وصفاته ويسد الفراغ الذي وُضِعَ له.

 

للمرأة شأن وللرجل شأن آخر، ولكن نتعاون معًا فيما استطعنا؛ فحسان بن ثابت لا يجيد الأذان؛ لأنه ليس بلالاً، وخالد بن الوليد لا يقسِّم المواريث؛ لأنه ليس زيد بن ثابت، ويجمع علماء التربية على أنه ينبغي للمرء أن يحدد موقعه فلا يذوب في شخصيةِ غيره.

 

إن جمال صوتك أن يكون متفردًا، وجمال شكلك أن يكون متميزًا، ومع ذلك فإننا لسنا غرائب، والواقع المشترك يهمك أنت من خلال صفاتك وقدراتك؛ فإن الله لم يخلق اثنين يتفقان في الصورة الخارجية، فلماذا نريد أن نتفق مع الآخرين في صفاتنا ومواهبنا وقدراتنا والمرء بصفاته الغالبة؟!

 

فالتراب يحمل الكثير من الخير ويلتحق به القليل من الدرن، فيا سعادةَ من تغلب صفاتُ الخير فيه صفاتِ الذم فيساق إليك الثناء على شيء ليس فيك أحيانًا، ولا يقبل الناس فيك ذمًّا ولو كان صحيحًا.

 

لغة المرأة التي لا يفهمها الرجل

نخلص من الفقرة السابقة إلى أهمية فَهْم سنة الاختلاف؛ فالمرأة لها لغة لا يفهمها الرجل مباشرةً أو كما هي، وكذلك الرجل لغته مباشرة، وقد لا تفهمها المرأة كما يقصد؛ فعلينا أن نعيَ هذه السنة الكونية في كل شيء أمامنا.. الأرض والكواكب حولها الطيور والأسماك الحيوانات وأصغر المخلوقات، والفصول والأزمنة، حتى شكل الأرض يتغير كل فترةٍ من الزمن؛ فالإنسان الواحد داخله الاختلاف في الأجهزة ووظائفها، وكذا درجة حرارة الجسم كله تصل إلى 37 ْ أم الكبد فتصل إلى 90ْم، ونرى في النهاية إنسانًا متكاملاً ليس به خلل.

 

في كل لحظةٍ نرى الأضداد تسير معًا: الموت والحياة، "ميلاد طفل وموت إنسان"، الاستيقاظ والنوم، الخروج والدخول، الضحك والحزن، وهكذا يسير الكون في تناغمٍ عجيب رغم كل هذه الاختلافات في نفس اللحظة كما تختلف اللغات.. قال تعالى: ﴿وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾ (الروم: من الآية 22)، ﴿وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾ (فاطر: من الآية 27).

 

هذا الاختلاف يولِّد الإبداع، التكامل، التناغم، الابتكار، الجمال، التجديد، التفاؤل، الأمل، الطموح، إلى غيرها من الصفات من طلاقة، وقوة، ونماء التي تعني في مجملها "الإعمار"، ولهذا خُلقنا.

 

التوازن

الاختلاف يعني التوازن لا التنافر أو التطابق أو الاندماج شبه الكلي، ولتسأل كل واحدة نفسها، وكذا كل شاب: من أين أتى شريكة الآخر؟ أي من أين أتت الزوجة وكذا من أين أتى الزوج؟ من أين أتت امرأتي؟ ومن أين أتى رجلي؟ وسوف نجد أن لكلٍّ منهما صفاتٍ مختلفةً.

 

- مَن أسرته؟ من حيث المستوى الاجتماعي والمادي والثقافي والديني والخلقي.

 

- من الإخوة سواء للزوج أو الزوجة؟

 

فهل الرجل وسط أخوات بنات أم أن له بنين وبنات؟، وكذا البنت؛ هل إخوتها ذكور أم بنات فقط أم الاثنان معًا؟، ومن ثَمَّ نرى أن البنت وسط أولاد ذكور تتصف ببعضٍ من صفات الرجال؛ لذا قد تعاني في زواجها؛ لأنها قد تتناسى أنوثتها وكذا الرجل بين أخواتٍ بنات.

 

وقد يحدث العكس أن تكون المرأة أكثر خبرةً وحنكةً في التعامل مع الرجال بحكم معايشتها إخوتها الذكور، وكذا الرجل قد يجيد التعامل مع زوجته لتفهمه طبيعة المرأة وكيفيه التعامل معها.

 

كذلك ترتيب الفتى أو الفتاة في الأسرة؛ فالصغير يكون أكثر تدليلاً، وأقل تحمُّلاً بالمسئولية في معظم الأحوال، كما أن قد يكون المقرَّب للأبوين، وفي كثيرٍ من الأحيان تكون شخصيته اتكالية سلبية، ولكن سوف يكون حنونًا ودودًا؛ لما وجده من رعاية زائدة من الوالدين.

 

أما الأكبر في الترتيب فغالبًا يكون أقل اجتماعيًّا، جادًّا، أكثر تحملاً للمسئولية، صديقَ والديه قريبَ السن لهما، عايشهما في شبابيهما، لديه خبرة تطور مراحل العمر المختلفة وكيفية التعامل أثناءها، ومدى علاقته بالآخرين؛ جيرانًا وأقاربَ وأصدقاءَ.. هل أنتما أولاد جيل واحد؟ أي ما فارق السن بينكما؟

 

كل هذه وغيرها أمور التي تدور بداخلكما لها مدلول ومؤشر على شكل العلاقة وطبيعتها قبل الزواج وبعده، وهكذا نجد أن المرأة والرجل لا يقترنان بالحب فقط، ولكن هناك أشياء أخرى تؤكد وتُبقي على هذا الارتباط؛ فكلاكما صورة لمجتمعٍ عشنا فيه؛ فالرجل والمرأة وليدا أسرة وأخوات وبيئة معينة قد لا يكون سببًا في هذه البيئة أو هذا المجتمع، ولكن بوسعكما أن تختارا مجتمعكما الجديد المكون منكما وأسرتكما الصغيرة فيما بعد.

 

والخوف من الحياة الزوجية القادمة والفشل فيها ونهايتها بالطلاق بناءً على أخبار بعض الأصدقاء أو الذين فشلوا في حياتهم الزوجية ليست مقياسًا لحياتكما.

 

فحياتكما من صنع أفكاركما؛ فالأفكار التي تستثمرانها وتُفكِّران فيها وتعيشانها هي التي تؤثر في حياتكما، سواء كانت في سعادة أو شقاء.

 

لا تحزنا مما يُتوقَّع؛ فكثير مما يتخوفه الناس لا يقع؛ فإن الأوهام في الأذهان أكثر من الحوادث في الأعيان؛ فإن كثيرًا من الأخبار والتوقعات لا صحةَ لها.

 

قال تعالى: ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا﴾ (غافر).

 

ولا تحطمْكما التوافه: هي قالت وهو قال.. أمه قالت.. أمها قالت.

 

اطرحا التوافه تذهب أكثر بهمومكما وتكونا فرحين مسرورين، واعلما أن مركَّب النقص قد يكون مركب كمال أو قوة قال تعالى ﴿لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ (النور: من الآية: 11).

 

فالرضا بالشكل والأهل والدخل والوظيفة والأبناء والمسكن يجعلكما في غاية السعادة ولا يعني كلامي القعود والاستسلام، بل العكس فالطموح للعلا من شيم العظماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يغرسها فليغرسها".

 

تلك دعوة- تكاد تكون فريضة- إلى العمل المستمر والمبدع حتى في أحلك الظروف وأصعبها حتى في نهاية العمر، فلا تنظرا إلى الجانب المظلم من الحياة، ولكن انظرا إلى المشرقِ منها، قال تعالى ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ (إبراهيم: من الآية 7).

 

وفي الحديث: "مَن أصبح والآخرة همه جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة، ومَن أصبح والدنيا همه فرَّق الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينه، ولم يأتهِ من الدنيا إلا ما كُتِبَ له".

 

استكشاف حاجاتنا

بناتي وأبنائي.. أعلم أنكم تقولون الآن: "هذا الكلام نسمعه كثيرًا، وممكن أن نقول أحسن وأكثر منه، ولكن ما الكلام العملي القابل للعمل به حتى نحصل على السعادة؟" وأقول أنا معكم في ذلك، وكنتُ في هذه اللحظة سوف أبدأ في الكلام العملي كما تقولون، ولنبدأ بالاحتياجات للرجال والنساء:

فإن استكشاف حاجاتنا العاطفية المختلفة قد يكون صعبًا إذا لم نتدرب عليه منذ الصغر، وهنا في هذه النقطة خاصةً فأنا أُعطي للجيل الحالي وسامَ الثقة بالنفس والقدرة على التعيير عن مشاعره واحتياجاته بكلِّ وضوحٍ وصراحة دون إخفائها على العكس من الأجيال السابقة، فكان منهج مداراة المشاعر السلبية وكتمانها السبيل الوحيد لديهم للعيش في عُشِّ الزوجية.

 

فلا تجد امرأةً تبوح بما لديها من مشكلاتٍ حتى تسير الحياة بدون مشاكل ولا شجار، وهذا يعد بمثابة بركانٍ يغلي بداخلها، ونجد أن الكثيرَ من البيوت تعيش على فوهةِ ذلك البركان، وأحيانًا ينفجر وتُهدم البيوت بعد عشراتِ السنوات من العيش الصوري معًا أمام الناس فقط أزواجًا، وداخليًّا لا تتعدى علاقاتهما كونهما جارين في مسكنٍ واحدٍ فقط.

 

الشفافية الدائمة

وهذه نصيحتي لكما: عبرا عن مشاعركما سواء كانت سلبية أو إيجابية؛ مما يُوجد بينكما الشفافية الدائمة، ولا يدع مجال لسوء فهم أحدكما للأخر، كما لا يُوجِد مجالاً لتراكم المفاهيم الخاطئة داخل كلٍّ منكما، وكذلك يُعين على قوةِ التفاهم بينكما، ويُعدُّ ذلك تدريبًا على القدرة على التعبير عمَّا بداخلكما سواء في العمل أو مكان الدراسة مع الناس في كل مكان؛ مما يُعين على التجديد والتطوير وتلافي الأخطاء في التعامل.

 

أحبابي.. أتركُ لكما طريقة التعبير؛ لأنها تعدُّ من الذوق الرفيع، فكلما كانت بشكلٍ رقيقٍ راقٍ كانت أكثر تأثيرًا وأدوم فعاليةً، فكما تحرصان على العنايةِ بالظاهر فليكن حرصكما على العناية بالباطن أيضًا؛ بالنفس الصافية من الكدرِ والغم والمشاكل.

 

نعمة الألم

وقد تظنان أن التعبير عن المشاعر السلبية يسبب الألم النفسي ويعده كلٌّ منكما لومًا للآخر أو أن أحدكما سببٌ في تلك المشاعر السلبية، وأقول حتى لو كانت كذلك في البداية، فالحمد لله على نعمة الألم؛ لأنني إذا لم أعرف أن الطرفَ الآخر يكره سلوكًا معينًا لديَّ، وإذا لم أتألم لما سعيت للتغيير، فالدعاء لا يأتي إلا مع الألم، والألم الذي يشعر به الطالب أثناء المذاكرة والامتحانات يجني به ثمرة نجاحه وتفوقه، أما الذي لم يعرف الألم وخلد إلى الراحةِ فلن يعرف طعم السعادة والتفوق.

 

كما يترتب على نعمة الألم نعمة المعرفة؛ حيث يسعى كلاكما لمعرفةِ الطرق الصحيحة للعيش وكيفية التعامل مع الطرف الآخر.

 

متى يفشل الحب؟

عندما يعتقد أحد الطرفين أنه يبذل أو يُعطي أكثر من الآخر، فالحقيقة أن كلاكما يُعطي ولكن لا أحدَ منكما يحصل على ما يريد أو يحتاج، فبإدراك الحاجات وفهمها يبلغ الحب هدفه، وتصبح العلاقة أكثر سهولةً عندما يُبذل ما هو مطلوب، فيجب أن تتعلم المرأة كيف تُقدِّر الرجل وتُشعره أنه قرة عينها، وأنها منبهرة ومعجبة به أيما إعجاب، كما هو دون تغيير، وكذلك الرجل يتعلم كيف يراعي المرأة ويُخلص لها ويحترمها ويفهم مشاكلها ويجعلها تشعر بالأمان والطمأنينة.

 

مظاهر اختلاف

المرأة تُقدِّر الحب والتواصل والجمال والعلاقات ويقضين وقتًا طويلاً في مساعدةِ الآخرين ورعاية بعضهم البعض، فالاحتياج للمساعدة ليس دليلاً على ضعفها، ويُحدد مفهوم الذات لديهن بنوعية علاقاتهن، ويشعرن بالإشباع عن طريق المشاركة والتواصل.

 

بينما يُمجد (الرجال) القوة والكفاءة والفعالية والإنجاز، ويُحدد مفهوم الذات لديهم قدرتهم على تحقيق النتائج، ويشعرون بالإشباع عن طريق النجاح والإنجاز في حين نجد أن تقديم مساعدة للرجل يجعله يشعر بالعجز والضعف وربما عدم الحب.

 

همسة في أذنك أيها الرجل

فالمرأة تحتاج عندما تشتكي من التعب والألم سواء كان نفسيًّا أو بدنيًّا إلى مَن يسمعها ويشعر بها حتى دون أن يُقدِّم لها حلولاً، بل يكفيها لمسة حنان أو كلمة رقيقة تُزيل كل متاعبها وتُجدد طاقتها.

 

فإذا ما زلْتَ ابنًا صغيرًا لأم تدرب على مساعدةِ أمك على إزالةِ ألمها، وإذا كنتَ أخًا لأختٍ أصغر منك فحاول أيضًا مساعدتها على إزالةِ ألمها بالطريقة السابقة، فسوف تجد نفسك مبرمجًا لإزالةِ المتاعب والآلام عن زوجتك وبناتك في المستقبل، وأنتِ حبيبتي أشعري رَجُلكِ بتفوقه وقدرته الهائلة على الإنجاز ولا تُشعريه باللوم والعجز.

 

كلنا أنتِ: معظم السيدات إن لم يكن جميعهن يشعرن أنهن يجب عليهن أن يُعطين ويُعطين دون تلقي المقابل من دعم وحب وعطاء، وفي داخل أعماقهن يشعرن بعدم الإحساس أو انعدام الحب بينهما وبين أزواجهن، وأنهن لم تعدن مناسبات لهم، ويمكنهم في أية لحظة مقارنتهن إلى غيرهن، وهذه لحظات هدَّامة في حياةِ المرأة- حبيبتي- فلا تستسلمي لها، فالمرأة لديها قدرة ذاتية على إعادةِ بناءِ الثقة بنفسها.

 

حبيبتي.. ارفقي بنفسكِ

فيجب عليك الاستجمام المعين على مواصلة السير، فرسولنا- صلى الله عليه وسلم- كان يمزج ولا يقول إلا الحق، وكان يتخول الصحابة بالموعظة كراهيةَ السآمة، فالعاقل له حد أدنى في العمل يداوم عليه فإن نشط زاد وإن ضعُف بقي على أصله، فللنفوس إقبال وأدبار فاغتنموها عند إقبالها وذروها عند إدبارها.

 

وفي حين تُعطي المرة أكثر وأكثر دون أن يُطلب منها، نجد الرجال على العكس لا يعطون إلا إذا طُلِبَ منهم.

 

كفِّي عن إسداء النصح دون فهم لطبيعة الرجل

ففي الكثير من الأحيان تجرحين مشاعره، فالرجل يجب أن يصل إلى هدفه دون مساعدةٍ ولا يحب المساعدة من أحد إلا إذا طلب منه.

 

وعمومًا حينما تُقدِّم المرأة نصيحةً دون أن يُطلب منها لمساعدةِ الرجل ونيتها التعبير عن حبها له، فإن ذلك يُضايقه ويجرحه وقد يكون رد فعله عنيفًا.

 

وكذلك تجدين- حبيبتي- أنَّ الرجلَ والمرأةَ يستخدمان نفس الكلمات بمعانٍ مختلفة، وبالتالي يحتاجان إلى ترجمة صحيحة حتى لا يُساء فهم ما يُريد كل منهما.

 

إليكم بعض التعبيرات من قاموس المفردات الخاص بالمرأة وترجمته إلى اللغة التي يفهمها الرجال.

وهكذا تعبر المرأة عن شيء معين ويفهمه الرجل شيئًا آخر.

وبعد استعمال القاموس لعدة سنوات لن يحتاج الرجل إلى الترجمة، لأنه سيفهم وقتها كيف تُفكِّر النساء وكيف يشعرن، فقد تعلَّم هذه المفردات المثيرة التي يجب ألا تُؤخذ حرفيًّا عند التعبير عن مشاعرهن.

كما أُقدِّم إليكم أحبابي بعض من مفردات القاموس الرجالي/ النسائي.

 

وهكذا هناك الكثير من المفردات، ومن هذا القاموس رأينا أن كلام الرجل عبارة عن اختصارات.

لماذا يتحدث النساء وصمت الرجال؟

يتحدث النساء:-

1- لإيصال أو جمع معلومات.

2- لاكتشاف ما تريد قوله؛ أي لتفكر بصوتٍ عالٍ.

3- لتشعر بتحسن وتوازن أكثر إذا كانت متضايقة (فضفضة).

4- لخلق المودة عن طريق التعبير عن مشاعرها الداخلية لتكون قادرةً على معرفة ذاتها الودودة.

 

ويصمت الرجال:

ليقرر في داخله ماذا يريد أن يقول

1- عندما يكون متضايقًا ويعاني من ضغط.

2- لكي يجد ذاته مرةً أخرى ويستجمع نفسه، فالكثير من المودة تُفقده ذاته.

3- وكذلك قد يتحدث الرجال لإيصال المعلومات.

 

فالنساء يسألن عن سبب صمت الرجال وتتخيل الأسوأ أنه أصبح لا يحبها؛ لأن الأوقات الوحيدة التي تكون المرأة فيها صامتة هي عندما تريد أن تقول شيئًا مؤلمًا.

 

وإليكِ وصية أم هندية للفتيات المقبلات على الزواج بأن:

يتذكرن أن الرجل إذا كان يعاني ضغطًا فسيذهب إلى داخل كهفه، فيجب عليها ألا تأخذ الأمر بصفةٍ شخصيةٍ؛ لأن ذلك سوف يحدث من وقتٍ لآخر، وهذا لا يعني أنه لا يحبها.

 

وكذلك حذرت الفتاة من اللحاق به إلى كهفه فإن فعلت فإنها عندئذ ستُحرق من حارس الكهف.

 

التنين

فعندما تسألينه عما يضايقه وتحاصرينه بالأسئلة فسوف يفقد السيطرة ويبدأ في قول أشياء سيندم عليها لاحقًا ويخرج تنِّينه ويحرقها.

 

حبيبتي.. أراكِ الآن تحملين الكرة الأرضية على رأسك وتقولين في "تنهيدة": "يبدو الأمر في منتهى الصعوبة فعلاً؛ فأنا على مشارف حرب"، وأقول لك: "حبيبتي.. رفقًا؛ فالأمر في منتهى البساطة؛ فكل ما قيل: احرصي على مراعاة الاختلاف؛ فأنتما من كوكبين مختلفين، أي إنكما مختلفان، ولكلٍّ طريقته؛ فلا يكن قلبك كالإسفنجة؛ يتشرب الشائعات وينزعج للتوافه ويضطرب لكل شيء؛ فهذا قلب كفيلٌ بأن يحطم صاحبه".

 

أسمع في أذني صيحةً مدويةً من زوجك المستقبلي يناشدك: "أرجوكِ.. لا تحاولي تغييري.. توقفي، توقفي الآن".

 

حبيبتي زوجة المستقبل.. اسمعي: عندما تحدَّث زوجك فكان يقصد أنه يحتاج إلى أن تقبليه بغض النظر عن عيوبه، وهو لا يقصد أنه لا يريد إصلاح عيوبه، بل يقصد الأسلوب المناسب، كذا التدرج؛ فهناك نوعان من الرجال: أحدهما يصبح دفاعيًّا ومعاندًا لدرجة كبيرة عندما تحاول المرأة تغييره، وآخر يوافق على إحداث التغيير، ولكن يتغيَّر بصعوبةٍ بالغةٍ، ولكي يتحسَّن الرجل يجب أن يشعر أنه مقبولٌ ومحبوبٌ، ثم يبحث هو بطريقته عن الطرق التي يتحسَّن بها.

 

ولكنك حبيبتي تسيئين تفسير استجابته، وتظنين أنه غير مستعد للتغيير، وأنه لا يحبك بدرجة كافية، كذلك لا تعتمدين عليه ليجعلك سعيدةً؛ فسعادة الإنسان من داخله؛ فمقومات السعادة: قلبٌ شاكر، لسانٌ ذاكر، وجسم صابر.

 

كذلك عندما تريدين الإشارة إليه لتقولي له إنه مخطئ ويجب أن يتغيَّر، فأنت تشيرين بإصبع واحد له وتشير يدك بثلاثة أصابع إليك لتعبِّر لك عن أنه كما أنه به أخطاء فأنت كذلك أنت مخطئة.

 

فهيا اعقدا صفقه: لا أنت مثالي ولا هي كذلك؛ فكل ابن أدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوابون فهل تتوبا؟!

وبناءً عليه فليس أمامكما سوى أن يتقبَّل كلٌّ منكما الآخر كما هو.

 

التعامل مع الاختلافات

إن أحد أكثر التحديات صعوبةً في علاقتكما التعامل مع الاختلافات والخلافات، وهذا لا يمكن تفاديه من وقتٍ لآخر، ولكن عمليًّا معظم الأزواج يبدءون الجدال حول أمرٍ واحدٍ، ثم بعد خمس دقائق يتجادلون حول الأسلوب الذي يتجادلون به؛ فقد جرح كلاكما الآخر، قال تعالى ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل: من الآية 125) ﴿وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً﴾ (الكهف: من الآية 54)؛ فهناك سورة قرآنية تسمى المجادلة لعظم المجادلة وخطورتها على البيوت؛ فإن كليكما يبدأها ثم لا يستطيع إيقافها، أقصر الطرق لإيقافها الاعتذار:

"حبيبتي.. أنا آسفة"، "بل أنا الذي أعتذر لك حبيبتي".. أقصر حوار يجعل الخلاف الحاد الذي اشتعل منذ لحظات بردًا و سلامًا.

 

والذين جرَّبوا فنَّ الاعتذار في علاقاتهم الزوجية عرفوا طعم السعادة ولذة العفو والتغافر، فأتقنا هذا الفن الجميل تسعدا.

 

ولكن ما زال كلاكما لا يستطيع الاعتذار بعد، فيلجأ كل منكما إلى أساليب أخرى، فيلجأ الرجال إلى القتال- شعاره أفضل دفاع هو الهجوم القومي؛ حيث يُحوِّل الخطأ إلى زوجته ويظن أنهم انتصروا ولكنه خسروا، وأحيانًا يلجأ الرجل إلى الهروب لتفادي المواجهة وهو بذلك يُعاقب زوجته بُبعده عنها.

 

وتتخذ المرأة درعًا واقيًا التظاهر بأنه ليس هناك مشكلة لتفادي التعرض للألم في أية مواجهة حتى إنها قد تخدع نفسها وتعتقد أن كل شيء على ما يُرام لتفادي احتمالية الصراع.

 

وأحيانًا أخرى تلجأ إلى التطويق أي الاستسلام والاعتراف بالخطأ وتقبُّل اللوم وتحمل مسئولية أي شيءٍ يُزعج زوجها، وهي بذلك تتنازل عن ذاتها.. فكلاكما يتخذ هذه الأساليب حتى يقلل من ألم المجادلات.

 

مَن البادئ؟

كلاكما لا يشعر مَن بدأ الشجار أو الجدال، وما وصل إليه، وقد تعلما ذلك عند التصالح بقولكما مَن بدء الجدال؟!!

 

عمومًا للرد على هذا السؤال ليس مهم؛ لأن الجدال ينشأ من طرفين، والمهم مَن يُوقفه، وهناك مشكلات تنشأ منهما المجادلات، مثل أن يشعر الرجل باستهجان وجهة نظره أو أن تستهجن المرأة الطريقة التي يُخاطبها بها الرجل، والرجال يكونوا أكثر ميلاً للجدال عندما يرتكبون خطأً.

 

وإليكما بعض الأمثلة التي توضح ما أعني:

قد تسألي بطريقةٍ غير مباشرة عن رفضكِ لتأخره مثلاً وتقولي: لماذا لم تتصل وتخبرني أنك سوف تتأخر؟ وطبعًا يحدث ذلك بنبرة صوت عالية مملوءة بالضيق الشديد، وأنت تصري على أنه ليس هناك سببٌ معقولٌ لتأخره فيشعر بأنه غير مسئول ولا يهتم بمشاعرك فيبدأ بالهجوم ولتصبحي أنتِ المخطئة بقوله أنتِ لا تعلمي ما بالخارج من ضغوطٍ وزحام- لم أُدرك بأن الوقت مرَّ بهذه السرعة- أنتِ في بيتكِ فما الضرر الواقع عليك؟ وغير ذلك من هذا القبيل.

 

وهكذا يزيد من ضيقك، فكان يكفيكِ أن يعتذر بقوله لن أنسى في المرة القادمة إن شاء الله أن أتصل بك، معكِ حق، لا تقلقي يا حبيبتي.

 

عند رجوعه من عمله وهو ما زال منشغلاً بالعمل أو بنفسه فقط، قد يشاهد التليفزيون أو يكمل اتصالاتٍ هاتفية أو يذهب إلى والديه لو كانوا قريبين، أو يتطلع إلى الجديد من خلال الكمبيوتر والتنزه بين المواقع، وهكذا.. وهذا سوف يتكرر بشكلٍ كثيرًا، فيجب عليكِ أن تتركيه فترةً وجيزةً يأخذ بعض الوقتِ بمفرده ليستعيد نفسه حتى يستطيع أن يكون معكِ بشكلٍ يُرضيك، واعتبري هذا الوقت أنه ما زال يمارس عمله أو نشاطه الذي يُحبه أو أنها صلة الرحم التي لا بد منها، والتي تُثابين أنتِ عليها، وأحيانًا اذهبي معه للوالدين، وأخرى اتركيه معهما، فهما في حاجةٍ إليه وحده لاسترجاع ذكرياتٍ عاشوها معًا دونكِ، فلا يُحزنكِ ذلك، وتذكري أنكِ في القريب سوف تكونين أمًا ولكِ نفس مشاعر أم زوجك.

 

وهناك الكثير والكثير من المواقف اليومية، والتي يُمكن أن تتحول إلى جدال، ولكن بالحبِّ والتفهم والتدريب على الأفضل سوف تقل هذه المجادلات في بيوتنا إن شاء الله، ونرى ذلك في بيوتنا؛ عندما نجد الأب شديد الثورة والانزعاج نجد الأم تتصرف باللباقةِ وحكمةٍ يُعجب لها، وتقول الأم "أنا عارفة أباكم".

 

ويمكننا تفادي الخصام بألا نُؤذي مشاعر بعضنا بعضًا، فالحب لا يعني النطق بالكلام دون مراعاةِ الطرف الآخر، فيجب أن يأخذ كلٌّ منكما مشاعر الآخر في الاعتبار تدربًا على أسلوب أكثر لطفًا وأمانًا.

 

إليك زوج المستقبل همسة:

- إن زوجتك عبارة عن مستودعٍ للمشاعر الحبِّ فعليكِ بملئه لتكون قادرةً على العطاءِ دائمًا.

 

- لا تتسرع في الردِّ عليَّ بقولك إني أُقدر مشاعرها دائمًا وأُقدم لها أغلى وأرقِّ الهدايا حتى تشعر بذلك الحب، وهذا خطأً؛ لأن المرأةَ لا تسعد بالهداية الثمينة التي تُهديها إياها في المناسبات بل لكل مناسبةٍ هدية بسيطة أو تعبير جميل أو رسالة رقيقة، فالأشياء الصغيرة تُحدث تأثيرًا أكبر لديها.

 

** إليك بعض الأمثلة تُعَد بالنسبة لها أغلى الهدايا:

- عِدْ لها فنجانًا من الشاي عندما تكون متعبة.

- أخرجْ لها سلة القمامة.

- تولَّى تجهيز نفسك صباحًا وهي في قمِّةِ الانشغال.

- لا ترد على الهاتف وتطيل.

- اشترِ بعض الاحتياجاتِ المنزلية من الخارج.

- اسألها عمَّا تشعر به في كل لحظة.

- أثنِ على شكلها ولبسها.

- قُمْ بإعدادِ نزهة لها خاصة.

 

وبذلك أيها الرجل العظيم تكون قد أحرزت نِقاطًا لدى زوجتك، وعليكِ زوجتي أن تشكري له صنيعه؛ لأن ذلك يجعله أكثر قدرةً على العطاء.

 

الكلمة الطيبة

تحكي منى وتقول: شَعَرَ زوجي بابتسامتي والاهتمام به وتغير سلوكي نحوه فقلتُ له: أنت سبب ذلك لأنني منذ فترة كنتُ متعبةً ولم أستطع إعداد الطعام ولم يُمثِّل عندك هذا مشكلة، بل أعددت وجبةً بسيطةً جميلةً، كما قلتَ لي لو كنت في أول الشهر لاشتريتُ لكِ كبابًا، ثم أعددتَ لي الفراش لأرتاح، حدث ذلك منذ 20 سنةً، ومن يومها وخزائن قلبِ كلِّ منهما مفتوحة أمام الآخر، لقد اهتديا معا إلى "افتح يا سمسم" الخاصة بهما، إنها الكلمة الحلوة والبذل والعطاء ليس الزائد ولكن المناسب.

 

فالباب أنا زوجتك.. بالباب أنا زوجك الحبيب.. فلا تغلقا القلب بالأقفال، ولا تُضيعا المفتاح، ألا وهو "الكلمة الطيبة".

 

ورقة وقلم

ماذا تفعلان عندما تمسكان بورقة وقلم؟

قد ترسمان خطوطًا متشابكةً تُعبِّر عن معركة أو انفجار، أو خطوطًا أقل تشابكًا، أو أشكالاً لها مدلولات معينة، وقد تكتبان كلماتٍ تُعبِّر عن الخوف أو الحزن والتعب والملل، وأحيانًا كلمات وكأنما طائران يطيران من الفرحة مغردَين، وأنتما بذلك تعبران عما يدور بداخلكما.

 

وتُعَد هذه التعبيرات رسائل تتوجه إلى النفس، فلتكن تلك الرسائل إيجابية ولا تدعا الرسائل السلبية تُسيطر عليكما.

 

كما أن هذه الوسيلة رائعة لإخراج ما بداخلكما؛ لأنها تقلل من الثورة والتوتر وتجعل المشاعر هادئة، وتجعلك كل واحد منكما يفكر بعقلانية وحكمة تجاه الآخر، فلا ننقل المشاعر السلبية، حتى تصبح المشاعر أكثر إيجابيةً.

 

تستطيعان إرسال رسائل في كلِّ مناسبة، والآن أصبح ذلك في غاية السهولة عن طريق التليفون الجوال، هيا امسكا بالورق والقلم وأرسلا رسائل حُبٍّ للوالدين، كلٌّ منكما يكتب للآخر رسالة يعبر فيها عن مشاعره الحقيقية.

 

همسة أخيرة.. حبيبتي:

اسمعيها مني قبل أن يقولها لك "لا تُحيريه"؛ أي لا تضعي نفسك في خانة واحدة مع أمه وأنتِ لكِ في قلبه مكانًا لا يملؤه غيرك، ولأمكِ مكانًا لا يملؤه غيرها، ولكلاكما حُب خالص له طعم ومذاق خاص، لا يشاركه فيه أحد.

 

زهرات يقطفها مَن أراد الحياة السعيدة الهانئة:

1- لا تغضب.. لا تغضب.. لا تغضب.

 

2- إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وانظر ماذا سوف يكون حالك في ذلك اليوم؟ فابن آدم ثلاثة أيام؛ أمسك وقد ولي، وغدك ولم يأتِ، ويومك فاتق الله فيه.

 

3- انسَ الماضي ولا تنشغل بالمستقبل المجهول، ولهذا ليس معناه ألا نأخذ بالعبرة ولا نطمع للمستقبل، فعليك بالأخذ بالأسباب ولا يقعدك ما مضى عن التقدم، فاعمل بجد واهجر الفراغ.

 

4- اعلم أن النقدَ يُساري قيمتك

 

5- لا تنتظر شكرًا من أحد ووطِّن نفسك على تلقِّي الأسوأ.

 

6- أن الله إذا حبَّ قومًا ابتلاهم.. فكِّر في النعم واشكر.

 

7- إذا أردت الاطمئنان والهدوء والراحة فعليكَ بذكر الله والإيمان به والعمل الصالح يهنئ عيشك.

 

8- لا تذوب في غيرك، أنتَ بما عندك فوق كثيرٍ من الناس، كن أنتَ ولا تكن غيرك.

 

9- لا تقضي عليك التوافه فكل شيء بقضاءٍ وقدر.

 

10- ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)﴾ (الذاريات)

 

11- لا تصدق الشائعات ولا تكن سببًا فيها فأكثر ما يخاف لا يكون.

 

12- اطرد الملل من حياتك فلا يعيش على وتيرةٍ واحدة، فالكون كله من حولك متنوع ومختلف حتى العبادات قلبية وقولية وفعلية ومالية، فالنفس ملولة تواقة للتجديد.

 

فن السرور

من أعظم النعم سرور القلب واستقراره وهدوؤه؛ لأن في سروره ثبات الذهن وجودة الإنتاج وابتهاج النفس، فمَن عرف كيف يحصل عليه يسعد بمباهج الحياة ويهنئ بالعيش، والأصل في طلب السرور قوة الاحتمال وبحسب قوة القلب تُشرق النفس.

 

ومن أعداءِ السرور ضيق الأفق وضحالة النظرة والاهتمام بالنفس فقط ونسيان العالم بما فيه فقد وصف الله أعداءه بأنهم ﴿أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ (آل عمران: من الآية 154).

 

فهؤلاء يرون الكون في داخلهم، فلا يُفكِّرون في غيرهم، ولا يعيشون لسواهم.

 

أصول فن السرور

- لا تجعلا تفكيركما يشرد في الماضي الجريح ويجرجركما إلى المستقبل المخيف.

 

- لا تعطيا الحياةَ أكثر من قيمتها، فهي لا تستحق العبوس والتذمر.

 

- اصطنعا السرور، وعليكما بضبط المشاعر والعواطف، ففي الأثر "أحبب حبيبك هونًا ما فعسى أن يكون بغضيك يومًا ما، وابغض بغضيك هونًا ما، فعسى أن يكون حبيبك يومًا ما"، وفي الحديث"وأسألك العدل في الغضب والرضا"، فمَن ملك عاطفته وحكم عقله ووزن الأشياء أبصر الحق ووصل للحقيقة، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ (البقرة: 143).

 

- عليكما بالصدق في الأخبار، والعدل في الأحكام، والأقوال والأفعال والأخلاق، ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً﴾ (الأنعام: من الآية 115)، "خير الأمور أوسطها".

 

- رويدًا رويدًا أيها الزوجان، لا تصبا الحبَّ صبًّا في أول الزواج، ثم يفرُّ منكما فرارًا بمضي الأيام، وليسعكما بيتكما الذي أرجو من الله عز وجل أن يكون روضةً من رياض الجنة على الأرض.

 

- لا تضيعا وقتكما وعمركما فيما لا يُفيد، فالشيطان يكون أغيظ ما يكون عندما يرى سعادتكما.

 

- وسلِّما لسانكما من الغيبة، وقلبيكما من القلق، ونفسيكما من الحقد وسوء الظن.