- مجلس شورى الجماعة يقبل تقاعد قاضي حسين

- لا جديد في سياسات الجماعة وأهدافها ووسائلها

 

إسلام أباد- القاهرة- أحمد التلاوي ووكالات الأنباء:

في انتخابات داخلية جرت مؤخرًا؛ فاز الشيخ سيد منور حسن بزعامة الجماعة الإسلامية في باكستان خلَفًا للقاضي حسين أحمد؛ الذي قرَّر التقاعد لاعتبارات تتعلق بعامل السنِّ وظروفه الصحية، وسيشغل منور المنصب لمدة خمس سنوات قادمة؛ تبدأ بعد أدائه القسم في غضون الأسبوع الأول من أبريل الحالي، وتنتهي في عام 2014م.

 

وجرت انتخابات داخلية في الجماعة يوم السبت الثامن والعشرين من مارس الماضي لاختيار الأمير الجديد لحزب الجماعة، وتنافس على المنصب مع الشيخ منور حسن كلٌّ من الملا سميع الحق صاحب "المدرسة الحقانية" أشهر مدرسة إسلامية في باكستان، والملا لياقت بلوش، غير أنَّ الاقتراع السري انتهى بفوز الأمين العام للجماعة سيد منور حسن بعد أنْ حاز على ثقة أغلبية أعضاء الجماعة.

 

وقال منور- في أول خطاب ألقاه بعد توليه المنصب- إنَّ انتخابه لن يحقِّق أيَّ تغييرٍ في سياسات الحزب؛ الذي يتزَّعم "مجلس العمل الموحَّد" أكبر تجمعٍ سياسيٍّ للمعارضة الإسلامية الباكستانية، مضيفًا أنَّ أولوياته ستكون منصبَّةً على العمل لوقف التدخل الأمريكي في باكستان، معتبرًا الهجمات العسكرية التي تنفِّذها الولايات المتحدة داخل باكستان تهدف إلى تحويل باكستان إلى مستعمرة أمريكية.

 

وأضاف الشيخ منور أنَّ الجماعة في سبيلها إلى تدعيم جهودها في مواجهة التيارات العلمانية في البلاد، ودعم أجواء من الوحدة بين القوى الإسلامية في البلاد.

 

ويؤدي منور يمين القسم خلال الأسبوع الأول من أبريل، وأعلن مجلس شورى الجماعة الإسلامية قبوله طلب قاضي حسين أحمد الذي يبلغ من العمر 70 عامًا، بعد أنْ أكد أنَّ قراره نهائيٌّ ولا عودة إليه؛ نظرًا لظروفه الصحية، لكنه وعد بأن يظل ناشطًا في الجماعة، "على ألا يكون أميرًا أو قائدًا لحزبها السياسي".

 

وكان قاضي حسين قد استقال من البرلمان في أكتوبر 2007م؛ احتجاجًا على مهاجمة الجيش الباكستاني للمسجد الأحمر في العاصمة إسلام اباد، وقال وقتها إنَّه يستقيل أيضًا احتجاجًا على تعزيز وجود الجيش في المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان.

 

منور في سطور

والشيخ سيد منور حسن من مواليد أغسطس 1944م، وتعود أصوله إلى عائلة مرموقة في نيودلهي الهندية، اختارت العيش في باكستان عقب تقسيم شبه القارة الهندية، ونشوء جمهورية باكستان الإسلامية، فهاجرت إلى كراتشي في العام 1947م.

 

حصل منور على درجة الماجستير في علم الاجتماع عام 1963م، وفي الدراسات الإسلامية عام 1966م، من جامعة كراتشي، وكان ناشطًا طلابيًّا خلال حكم الرئيس الراحل الجنرال أيوب خان، وانتُخب رئيسًا للاتحاد الطلابي عام 1959م، وانضمَّ إلى الجماعة الإسلامية بعد ذلك بعامٍ واحدٍ في العام 1960م.

 

وهو متزوج من عائشة منور الأمين العام للجناح النسائي في الجماعة الإسلامية منذ العام 1974م، وتولَّى منصب الأمين العام المساعد في الجماعة الإسلامية خلال عامَي 1992م، و1993م، وأصبح الأمين العام منذ العام 1993م.

 

وهو الأمير الرابع في تاريخ الجماعة بعد القاضي حسين أحمد؛ الذي تولَّى المنصب منذ عام 1987م، خلفًا للزعيم السابق الشيخ ميان طفيل محمد، الذي تولى بدوره زعامة الجماعة خلال الفترة من عام 1972م إلى عام 1987م بعد تنحِّي مؤسس فرع الجماعة الإسلامية في باكستان أبو الأعلى المودودي؛ الذي أسسها في عام 1941م.

 

عقود من الإصلاح

وتأسست الجماعة الإسلامية الباكستانية في لاهور في أغسطس العام 1941م على يد الإمام أبو الأعلى المودودي (1903- 1979م)، وتبنَّت فكرة الإصلاح الشامل لحياة المسلمين على أساس الإسلام الصحيح النقي، ونشر الفكر الإسلامي السليم؛ القائم على أساس القرآن الكريم والسنة.

 

وقال المودودي معرِّفًا بالهدف الرئيسي من وراء تأسيس الجماعة، في مقالٍ نشره في مجلة (ترجمان القرآن): "لا بد من وجود جماعة صادقة في دعوتها إلى الله، جماعة تقطع كل صِلاتها بكل شيء سوى الله وطريقه، جماعة تتحمَّل السجن والتعذيب والمصادرة، وتلفيق الاتهامات، وحياكة الأكاذيب، وتقْوَى على الجوع والبطش والحرمان والتشريد، وربما القتل والإعدام، جماعة تبذل الأرواح رخيصةً، وتتنازل عن الأموال بالرضا والخيار".

 

وبعد ذلك بعامَيْن، وفي العام 1943م نقلت الجماعة الإسلامية مركزَها الرئيسي من لاهور إلى دار السلام، وهي إحدى قرى مدينة بتهانكوت، وسخَّر المودودي أنشطة الجماعة في مواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين.

 

ومع إعلان قيام دولة باكستان في 28 أغسطس عام 1947م انتقل المودودي مع زملائه إلى لاهور مرةً أخرى؛ حيث أسس مقر الجماعة الإسلامية بها، وفي يناير 1948م بعد قيام باكستان بنحو خمسة شهور؛ ألقى المودودي أول خطاب له في كلية الحقوق، وطالب بتشكيل النظام الباكستاني طبقًا للقانون الإسلامي.

 

واستمرت الجماعة في النشاط في هذين المجالَيْن الرئيسيَّيْن: فلسطين، والدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في باكستان.

 

 الصورة غير متاحة

 القاضي حسين أحمد

ومنذ تولي القاضي حسين أحمد زعامة الجماعة في العام 1987م تبنَّى أجندة عمل طموحة فيما يخص قضايا باكستان والعالم الإسلامي، ومن بينها:

- تطبيق الشريعة الإسلامية في باكستان.

- فرض أجندة إصلاحية في باكستان، والسعي إلى تحقيقها مع شركاء الجماعة في مجلس العمل الموحَّد؛، بما في ذلك ملف مكافحة الفساد.

- مواجهة التيارات التغريبية والعلمانية في باكستان.

- تطوير علاقات الجماعة الإسلامية الباكستانية مع أخواتها في العالم الإسلامي.

- متابعة أوضاع الأقليات الإسلامية في أوروبا والغرب.

 

كما وضع حسين أحمد على رأس أولويات عمله قضايا المسلمين في البقاع الساخنة من العالم؛ بما في ذلك بلده باكستان؛ حيث عارض بقوة دخول الجيش في العمل السياسي، واستقال من البرلمان على خلفية هجوم الجيش الباكستاني على المسجد الأحمر في إسلام أباد.

 

كما كان أحد القوى الفاعلة في الضغوط التي مورست على إسلام أباد لإعادة القضاة المعزولين إلى مناصبهم، وعلى رأسهم القاضي افتخار محمد تشودري رئيس المحكمة الدستورية العليا.

 

وعارض بشدة التدخل الأمريكي السياسي والعسكري في بلاده، ورفض الإستراتيجية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخرًا في أفغانستان وباكستان، وأعلن أنَّ باكستان تخسر سنويًّا عشرة مليارات دولار بسبب تأييدها السياسات الأمريكية في مجال مكافحة ما يُعرف بـ"الإرهاب"، بينما تعهَّد أوباما بتقديم 1.5 مليار دولار فقط لباكستان.

 

وعمل طيلة السنوات الماضية على إنشاء مصالحة بين الحكومة الباكستانية والجماعات الإسلامية المسلَّحة؛ التي تعمل تحت مظلة حركة طالبان باكستان، ومنع المخطط الأمريكي تجاه هذا البلد المسلم المتأزِّم من المضيِّ قدمًا في خططه لإفشال الدولة الباكستانية.