مرَّ عام على الأحكام العسكرية الجائرة التي أصدرتها المحكمة العسكرية العليا في حق المهندس خيرت الشاطر وإخوانه بعد أكثر من عامين من الاعتقال، والمحاكمة في محكمة شهد بهزليتها الجميع.. ورغم التصديق على هذه الأحكام لا تزال هيئة الدفاع تمارس دورها في النضال القانوني ضد الحكم؛ بل ضد الإحالة إلى المحكمة العسكرية، فيما لا يزال النظام الحاكم يمارس دوره في تجاهل ما يحدث ضد هؤلاء الرهائن.
(إخوان أون لاين) يستطلع رأي النخب المصرية، ورجال القانون، وكل التيارات السياسية، والذين اعتبروا أن مثل هذه الانتهاكات وهذه المحاكمات دلالة على عجز النظام عن مواجهة تيار سياسي سلمي بالوسائل السياسية والشرعية.
د. يحيى الجمل.. نظام مغتصب
![]() |
المستشار يحيى الجمل |
يصف الفقيه الدستوري الدكتور يحيى الجمل رهائن الإصلاح في العسكرية بأنهم "سجناء المحتل" في بلدٍ احتلَّ فيه النظام الحاكم ثروات وخيرات البلد، ولم يُبْقِ لغيره فتاتًا، مؤكدًا أنه يومَ تعمُّ الديمقراطية سوف تعود إلى هؤلاء المظلومين وإلى كل شعب مصر المنهوبة كل حقوقه، وطالبهم بالسعي إلى انتزاع حقوقهم بالديمقراطية.
ويشدد على أن الأنظمة التي لا وجود لها في الشارع دائمًا تلجأ إلى أساليب غير شرعية لإقصاء خصومها؛ نظرًا لعجزها عن المجابهة السياسية المشروعة.
وأكد الجمل أن المحاكمات العسكرية هي للعسكريين فقط داخل الوحدات العسكرية، ولا شأن لها بالمدنيين؛ لذلك إحالة هؤلاء المدنيين إلى المحاكمات العسكرية غير شرعية، وغير دستورية.
ويوجِّه الجمل نداءً إلى كل التيارات السياسية بالتوحد وتجنُّب الخلاف لمواجهة نظام أشبه بالمحتل، والمغتصب للسلطة، والثروة في مصر؛ لأن هذه الوحدة أراها هي الأمل الوحيد للخروج من مأزق الاستبداد والفساد الذي تمر به مصر في الفترة الحالية.
ويشير الفقيه الدستوري إلى أنه يمكن أن يختلف مع تيار الإخوان، "لكن هذا الخلاف لا يمنعنا إطلاقًا من الوحدة وتجنب الخلاف؛ لتحقيق الديمقراطية، والقضاء على الاستبداد، وخلق نظام ديمقراطي يحتكم لإرادة الناس ويحترمها، ثم بعد ذلك نتحاور فيما نختلف عليه".
ويؤكد الجمل أنه إذا كان هناك من النظام من يخاف على مستقبل هذا البلد؛ فلا بد من تشكيل لجنة منتخبة لعمل دستور وطني متفق عليه لإنقاذ البلد، وبدون ذلك؛ فإن مصر ستدخل في نفق مظلم لا يتمناه أي وطني مخلص.
المستشار إبراهيم درويش.. كوادر نظيفة
يصف المستشار إبراهيم درويش نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق قيادات الإخوان وراء القضبان؛ نتيجة المحاكمات العسكرية بأبطال التغيير والإصلاح في مصر، قائلاً: "لولا شرفكم وأمانتكم وأن النظام يعلم طهارتكم وقدرتكم ووجودكم في الشارع المصري ما أحالكم إلى محاكماتٍ؛ الكلُّ وصفها بأنها غير شرعية وغير دستورية"، مضيفًا أنه يرى أن التغيير قادمٌ، ولسوف ينال كلُّ ذي حق حقَّه، وسيرى الظالمون أي منقلب ينقلبون.
ويوضح أن النظام لم يَعُد لديه أية حيلة عقلية أو سياسية لمواجهة أي تيار في مصر سوى العصا الأمنية الغليظة وأساليب غير شرعية؛ لأنه بالشرعية سوف يموت، فبقاؤه أصبح مرهونًا بهذه العصا التي لن تدوم في يده.
ويؤكد درويش أن النظام لم يَعُد يطيق وجود أناس على درجة عالية من الطهارة والعبقرية السياسية والاقتصادية بين الناس، وعلى صلة بالشعب، وأن هذه المحاكمات والأحكام التي صدرت عنها يشهد الله ويشهد التاريخ أنها غير شرعية.
المستشار الخضيري.. قاضٍ يتلقى الأوامر
![]() |
المستشار محمود الخضيري |
يقول المستشار محمود الخضيري نائب رئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق لهؤلاء المظلومين: "إنكم وما أنتم فيه هو الأمل الوحيد لخروجنا من مأزق ما نعيشه من استبدادٍ وفسادٍ ومظالم، ولا بد للشعب أن يهُبَّ لنجدة حقوقه ورفع الظلم عنه، ولا بد أن يعرف ثقافة التضحية من أجل التغيير والإصلاح، وإن كنت أرى أن هذا لا يكفي، وليس سجن عدد من فصيل معين هو آخر لبنة في جدار الإصلاح؛ لأن الأمر يحتاج إلى انتفاضة شعب من أجل النهوض بحقوقه، فتحياتي لهم ولكل المناضلين من أجل التغيير من كل التيارات".
ويؤكد أنه لا يمكن للرجل العسكري أن يكون قاضيًا مدنيًّا، وإذا صنعوا منه قاضيًا فلن تتوفر فيه حيثيات الشرف والاستقلالية والنزاهة.
ويشير الخضيري إلى أن "بعضًا من المحامين كانوا يعاتبوننا ويقولون: إن القاضي العسكري دائمًا يستمع لمرافعاتنا بإنصات، ولا يتحدث كثيرًا، فقلت لهم: لأن القاضي العسكري ليس عنده ما يقوله، ولا يملك من معرفته القانونية سوى لوائح الغياب والهروب من الخدمة، وغيرها من الأمور التي تتعلق بالوحدات العسكرية، أما القضايا المُعقَّدة في المدني والجنائي فلا شأن له بها".
ويؤكد أن القاضيَ العسكري يتلقَّى الأوامر والتعليمات من رتب وقيادات أعلى منه؛ لذلك يفتقد الاستقلالية وحيثيات النزاهة والحياد؛ لذلك هذه المحاكمات العسكرية للمدنيين هي غير شرعية، ولا يمكن الاعتراف بأحكامها.
ويرى الخضيري أنه إذا لم يتحرَّك الشعب للمطالبة بحقوقه ووقف مثل هذه المهازل، فسيزداد النظام في استبداده؛ لأن الحقوق تُنْتَزع ولا توهب.
سلامة أحمد سلامة.. أوجاع في المجتمع
![]() |
سلامة أحمد سلامة |
يؤكد الكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة في رسالة إلى ضحايا المحاكمات العسكرية أن الظلم نهايته ظلام على صاحبه، قائلاً: "إن الحقوق لا بد أن تعود إلى أصحابها، ولا بد لأي ظلم من نهاية، والله معكم".
ويضيف أن العامين الماضيين مُحمَّلان بأوجاع ومشاكل تسبَّب فيها النظام الحاكم للمجتمع المصري، وكان أبرزها إحالة فصيل من جماعة الإخوان المسلمين إلى محاكمات عسكرية في قضايا برَّأهم منها القضاء المدني، ولم يُراعِ النظام أن هذه جريمة ترتَّب عليها مظالم وضياع حقوق، ناهيك عن فقدان الشرعية ومخالفة صريحة للدستور والمواثيق الدولية.
وأوضح سلامة أنه كان يجب على النظام أن يعلم أن الخلاف في الرأي لا يمكن أن يترتَّب عليه هذا الظلم وضياع الشرعية، والإساءة إلى سمعته وسمعة الدولة التي يحكمها، والضرب بالقوانين والدستور عرض الحائط.
وعبَّر سلامة عن أمله في أن يراجع النظام نفسه، ويُعيد الحقوق إلى أصحابها، ويُفرج عن هذا الفصيل، وأن يقوم باحترام الدستور والشرعية الدستورية، وأن تكون الحجة بالحجة والرأي بالرأي.
عبد الغفار شكر.. عودة إلى الوراء
![]() |
عبد الغفار شكر |
يؤكد عبد الغفار شكر القيادي بحزب التجمع أن الشعب المصري الذي يقع في القلب منه هؤلاء الرهائن مهما طال صبره؛ لا بد أن ينتفض للدفاع عن حقوقه، موجِّهًا تحياته إلى قيادات الإخوان في المحكمة العسكرية، وإلى كل فصيل شريف، رفض المفسدون وجوده على الساحة، وسيأتي اليوم الذي يأخذ المظلوم حقه من ظالمه.
ويشدد على أن هذه المحاكمات هي عودة بنا إلى الوراء؛ لأن مواجهة التيارات السياسية بالإجراءات الاستثنائية هو دليل قمع، وتسلط وضعف من نظام أصبح بهذه الإجراءات فاقدًا للشرعية.
ويشدّد على أنه يجب على النظام التراجع عن هذه القضية، وإعمال العقل وإعادة الشرعية، إلى هذه القضية والإفراج عن هذا الفصيل ووقف الاعتقالات لهذه الجماعة ودمجها في الحياة السياسية لإثراء العمل السياسي.
ويرى شكر أن النظام إذا كان يظن أنه بهذا الأسلوب يمكن القضاء على هذا التيار فهو على خطأ؛ لأن بهذا الأسلوب سيزداد التعاطف معهم وستزداد شعبيتهم، مؤكدًا أنهم من جانبهم يرفضون هذه المحاكمات العسكرية، ويعتبرونها ضربًا للحياة السياسية وانتهاكًا للشرعية الدستورية، والمحاكمات العسكرية مخصصة للعسكريين في الوحدات العسكرية فقط.
صلاح عيسى.. القضية سياسية
![]() |
صلاح عيسى |
وجَّه الكاتب الصحفي صلاح عيسى رسالته إليهم، قائلاً: "إننا؛ كما رفضنا هذه المحاكمات غير الشرعية لكل الفصائل؛ ما زلنا نكرِّر رفضها لكم ولغيركم، ونطالب بالعودة إلى الشرعية لكم ولكل الفصائل والتيارات السياسية؛ حتى نعيش في جوٍّ سياسي نقيٍّ تختلف فيه الآراء وتلتقي فيه الشرعية، موضحًا أنه سبق وأحال النظام الحاكم الشيوعيين إلى المحاكمات العسكرية في الستينيات، ورفضناها تمامًا، وأيضًا نرفض هذه المحاكمات العسكرية للإخوان المسلمين ولكل الفصائل ولكل المدنيين؛ لأن المحاكمات العسكرية خاصة بالعسكريين داخل الوحدات العسكرية، حتى ليس كل القضايا العسكرية يَبُتُّ فيها القضاء العسكري.
ويشير عيسى إلى أن قضية الفنية العسكرية في السبعينيات- رغم أنها داخل وحدة عسكرية، ومرتكبيها ومتهميها عسكريون- إلا أنهم لم يحالوا إلى محاكم عسكرية، وتمت مقاضاتهم في المحاكم المدنية الجنائية.
ويؤكد عيسى أن هذه القضية قضية سياسية، ولا يستبعد إحالة أي فصيل آخر إلى هذه المحاكم لو استشعر النظام خطرًا على وجوده، وإذا كان الإخوان اليوم فسيحال غيرهم غدًا.
يوسف القعيد.. إحالة مسيئة
![]() |
يوسف القعيد |
الكاتب والروائي يوسف القعيد أكد أن رسالته الوحيدة إلى هؤلاء وراء القضبان أنه يرفض هذه المحاكمات، وليس أكثر من أنه أبدى استعداده لوهب حياته ضد هذه المحاكمات العسكرية ضد هؤلاء أو أي فصيل مصري.
ويشير إلى أنه يمكن أن يختلف مع الإخوان؛ لكن المحاكمات العسكرية هي جريمة في حق المجتمع، وفي حق الحياة السياسية، "ونرفضها تمامًا مع أي تيار سياسي؛ لأننا داخل مجتمع مدني، ولسنا داخل وحدة عسكرية".
ويوضح القعيد أن النظام قد فقد عقله بهذه الإحالات إلى المحاكم العسكرية، وأنه بذلك يسيء إلى نفسه وإلى الدولة المصرية وإلى القضاء المصري، وطالب القعيد بتكاتف كل القوى والتيارات لمنع مثل هذه الجريمة في حق المجتمع والحياة السياسية في مصر عامة.
وأكد القعيد أنه من ناحيته لديه الاستعداد لأن يهب نفسه وحياته ضد المحاكمات العسكرية، "وإلا فلن نشعر بالأمان في ظل مجتمع ودولة بها إجراءات غير شرعية ولا دستورية".
وأكد أيضًا أن القضاء العسكري يفتقد حيثيات النزاهة والاستقلالية، ولا يمكن بتاتًا أن نواجه الفكرة بالعنف والإجراءات الاستثنائية واللا شرعية.
د. وحيد عبد المجيد.. مستقبل بلا معالم
![]() |
د. وحيد عبد المجيد |
الدكتور وحيد عبد المجيد الباحث بمركز (الأهرام) للدراسات السياسية والإستراتيجية يؤكد أن هذه المحاكمات فصلٌ من فصول الصراع بين الإخوان والنظام، وهذا الصراع من شأنه أن يقتل الحياة السياسية في مصر.
ويشير عبد المجيد إلى أن النظام لم يتعلَّم ولم يَسْتفِدْ من دروس التاريخ أنه ليس بمثل هذه الأساليب تواجَه التيارات السياسية، وأنه ليس بالمحاكمات العسكرية وغيرها من الإجراءات الاستثنائية يمكن أن يقضيَ على تيار سياسي له وجوده في الشارع المصري.
ولم يستبعد الدكتور عبد المجيد إحالة أي تيار آخر إلى هذه المحاكمات إذا استشعر خطورته، ويؤكد عبد المجيد أنه يرفض هذه المحاكمات العسكرية؛ لأن المحاكمات العسكرية للعسكريين فقط داخل الوحدات العسكرية؛ لذلك فهي غير شرعية.
ويشدد على أن الأمور لو ظلت على ما هي عليه فلن نستطيع أن نتنبَّأ بمستقبل لهذا البلد؛ لأن الأمور مُبهمة ولا يعرف أحد ما تخبئه الأيام لهذا الوطن.
جورج إسحاق.. النظام المرعوب
![]() |
جورج إسحاق |
بعث جورج إسحاق المنسق السابق لحركة كفاية برسالة إلى الإخوان وراء القضبان، مؤكدًا لهم أنهم أهل مبادئ وعقائد بعكس وصوليي الحزب الحاكم وفاسديه الذين أرعبهم وجود تيار سياسي شريف يسعى إلى التغيير بالشرعية، وعما قريب سوف يُجازَى كلٌّ بما فعل، وأن الظلم مهما طال فلا بد له من نهاية، "وتحياتي إلى الأبطال في سجون النظام الفاسد الذي اقتربت نهايته وهم يعلمون ذلك؛ ولذلك اشتد حقده وغيظه من كل المصلحين وكل الشرفاء في هذا البلد".
ويؤكد أن الإخوان شأنُهم شأنُ التيارات السياسية الشريفة الأخرى التي أصبح النظام لا يطيقها ولا يستطيع مجابهتها سياسيًّا؛ لأنه لا يملك سوى حفنة من الوصوليين والنفعيين وأصحاب المصالح الشخصية؛ لذلك لن يتردَّد النظام في اتخاذ إجراءات قاسية وقمعية ضدهم؛ وذلك للحفاظ على مكتسبات الفاسدين الذين استولوا على ثروات البلد، واحتكروا اقتصاده، وثرواته لأنفسهم، ولم يتركوا سوى الفتات للشعب؛ ولذلك فإن المحاكمات العسكرية غير الشرعية التي أحيل إليها الإخوان منذ عامين وهم يقبعون خلف القضبان ظلمًا، وقمعًا ليست مستغربة عن نظام أصبح مرعوبًا من كل المعارضين الشرفاء، ولم يَعُدْ لديه وسيلة مشروعة لمواجهة أي فصيل، أو أي تيار سياسي.
ويؤكد إسحاق أنه رغم رفض كل القوى، والتيارات خارج مصر وداخلها؛ إلا أن النظام بعناده واستبداده لا يزال مصرًّا على استمرار هذه المهزلة التي أساءت إلى مصر وسمعتها؛ تلك التهمة التي صدَّع النظام رءوسنا بها كلما أراد أن يلفِّق لأحدٍ تهمةً، وهم أول من تلوَّثت أيديهم بهذه الإساءة.