الصورة غير متاحة

 د. جمال نصار

المشهد العام في المنطقة العربية والإسلامية لا يبشِّر بخير، فنحن أمام أنظمةٍ وحكوماتٍ لا يشغلها إلا أمر التترُّس والتمسك بالكراسي الزائلة، محتميةً في ذلك بالذراع الأمنية الغليظة التي لا تعرف- في غالب الأحيان- إلا لغة القهر والاعتداء على شعوبها، تارةً بالتضييق في الأرزاق ومحاربة الناس في مصادر معيشتهم، وتارةً أخرى بالإبعاد والاعتقال، وثالثةً بالتشويه العام والخاص، ناهيك عن التخلُّف العلمي والتقني والصحي الذي وصلنا إليه.

 

وهذا أوصل الشعوب إلى حالة من اللا مبالاة واليأس والشعور بعدم الجدوى من أي تحرُّك في أي سياق ومن أي جهة، وهذا للأسف ما يريده أعداء الأمة في الخارج والداخل؛ لتمرير مخططهم وسياستهم في تغييب الشعوب والرضا بالأمر الواقع.

 

هذا الكلام العام أعتبره مدخلاً طبيعيًّا لما يحدث من اقتحام أبناء القردة والخنازير للأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلولا هذا الضعف المهين الذي وصلنا إليه لما تجرَّأ هذا الكيان الغاصب من اقتحام مقدساتنا وتدنيسها، فمِن قبل قالت امرأة: "وامعتصماه" حينما كشف أحد اليهود عن سوءتها، فتحرَّكت الجيوش، وقبلها تحركت النخوة العربية والكرامة الأبية لنجدتها وإنقاذها، فمن يتحرك اليوم لإنقاذ مقدساتها؟!

 

أتصوَّر أن هناك بعض الأمور يجب التحرك من خلالها:

- على الشعوب العربية والإسلامية أن تعرف دورها وتتحرك لإنقاذ مقدساتها بكل الوسائل المتاحة، وتتعرَّف على طبيعة الصراع بين المسلمين والكيان الصهيوني وتبذل كل ما تستطيعه من دعمٍ لإخواننا في فلسطين.

 

- على دعاة التطبيع أن يتقوا الله ويتوقَّفوا عن هذا العمل المهين، ويلتحقوا بشرفاء الأمة من الكتَّاب؛ للردِِّّ عن حياض أمتهم والذود عن مقدساتنا.

 

- على علماء الأمة ودعاتها أن يتحركوا من خلال خطبهم لتوعية الشعوب بطبيعة القضية مع العدو الصهيوني الغاشم وتوجيههم إلى بذل كل ما يستطيعون لنصرة فلسطين.

 

- على المقاومة الشريفة الأبيَّة أن تصمد في مواجهة هذا العدوان الهمجي وتُواصل استعدادها لصدِّ صلفه وعجرفته؛ لأنها تمثل حائط الصد الأول لمواجهة الصهاينة المعتدين.

 

- على الحكام والأنظمة العربية دورٌ كبيرٌ في مواجهة هذا الصلف الصهيوني، ولا أقل من قطع العلاقات مع هذا المغتصب المحتل، وأن يتذكروا أنهم سيسألون يوم العرض أمام الله يوم القيامة عن دورهم في مواجهة أعداء الأمة.

 

- وعلى منظمات الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي أن تتحرك لإنقاذ مقدسات المسلمين، وألا تكتفي بالبيانات والخطابات والشجب، ولكن يجب أن يكون لها دورٌ فاعلٌ وواضحٌ في مواجهة هذا العدوان.

 

- على الولايات المتحدة الأمريكية والغرب أن يعوا أن الشعوب العربية والإسلامية لن تركع لهم، ولن تستكين لمخططاتهم في تمكين الكيان الصهيوني من مقدساتنا، وليعلموا أن هذا خطٌّ أحمرُ؛ فيتوقفوا عن دعم المحتل، وعليهم نصرة الحق والعدل.

 

وفي الختام أحيِّي الشعب الفلسطيني، رجالاً ونساءً وشيوخًا وأطفالاً، الصابر المجاهد على صموده رغم الحصار الظالم.. هذا الشعب الذي يدفع الثمن نيابةً عن الأمة الإسلامية والعربية، ولا أقلَّ من أن ندعو لهم بالثبات.

وفَّقكم الله، وسدَّد على طريق الحق خطاكم.

وسيعلم الذي ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون.. والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

--------

*[email protected]