التقوى هي الحل

قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ (الطلاق).

 

تقوى الله عزَّ وجلَّ تجعل حياتك ميسرةً سعيدةً ومليئةً بالجمال من حيث لا تدري ولا تحتسب.
حياتك بتقوى الله تعالى لا مجال فيها للقلق على مستقبل مجهول، لا هَمّ فيها ولا حزن،
فالله تعالى يتولى أمرك بيده إن كنت من المتقين.

 

وبينما ترصد الإحصاءات تأخر سن الزواج، تلك الظاهرة التي تفرز الكثير من المشكلات، يحكي لنا بطل قصتنا التالية أنه لم يكن يملك من المؤهلات ما يؤهله للزواج؛ لكن تقوى الله عزَّ وجلَّ كانت سببًا في حل مشكلته.

 

من حال لحال

وبطل القصة اسمه عبد الله بن أبي وداعة، يحكي قصته فيقول: كنت أجالس سعيد بن المسيب العالم التابعي الجليل، فتفقدني أيامًا؛ فلما أتيته قال: أين كنت؟ قلت: تُوفيت زوجتي فانشغلت بها، قال: هلا أخبرتنا فنَشهَدها، ثم أردت أن أقوم فقال: هل استحدثت امرأة؟- أي هل تزوجت مرة ثانية- فقلت: يرحمك الله تعالى، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثًا؟ فقال: أنا.

 

ويبدو أن العالم الجليل قد وجد في دين وخلق عبد الله ما جعله جديرًا بأن يختاره زوجًا لابنته قرة عينه؛ رغم الفقر الشديد الذي يعاني منه عبد الله، ورغم أن الخليفة عبد الملك بن مروان قد طلبها لابنه الوليد؛ فأبى العالم الجليل، فقلت: أو تفعل؟ قال: نعم؛ فحمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجني على درهمين.

 

فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح.

لقد رزقه الله من حيث لا يحتسب، وأعطاه ما لم يكن يحلم به.

 

عدت إلى منزلي، وجعلت أفكر ممن آخذ وممن أستدين- كان شديد الفقر- فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي؛ فأسرجت- أضاء السراج- وكنت صائمًا، أرأيت أسباب فرج الله؛ فقدمت عشائي لأفطر، وكان خبزًا وزيتًا وإذا ببابي يقرع.

 

أجمل مفاجأة

فقلت: من هذا؟ قال: سعيد؛ فكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب؛ فخرجت إليه، فإذا به سعيد بن المسيب؛ فظننت أنه بدا له أن يرجع في رأيه، فقلت: يا أبا محمد! لو أرسلت لي لأتيتك؛ فقال: أنت أحق أن تؤتى، فقلت: ماذا تأمر؟ قال: إنك كنت رجلاً عزبًا فتزوجت؛ فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك؛ وإذا هي واقفة خلفه في طوله؛ فدفعها في الباب ورده وانصرف.

 

ألم يشعر بالقلق لكل هذا التيسير في الزواج؟ لم يطلب والدها مهرًا باهظًا ولا شقة، ولا "شبكة" ثمينة؟ هل بها عيب خطير؟

 

قال: ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل النساء، وأحفظ الناس لكتاب الله تعالى، وأعملهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق الزوج.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من يُمْن المرأة تيسير خِطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير مهرها".

 

نداء لمن يهمه الأمر..

لعل من يحذو حذو هذا الرجل العظيم وابنته، يبدأ نقلةً جديدةً وخطوهً مهمة في حل مشكلة تأخر الزواج، ومن سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها.