استيقظتُ علَى ضوضاء وجَلَبَةْ، فرأيتُ زوجتي كأنَّ بِهَا حَصْبَةْ، ترتدِي ملابسَ حمراءْ، وترفعُ عَقِيرتَها بالغناء!

فقلتُ: ما كُلُّ هذا الانشراحْ؟

فقالتْ: ألمْ تقرأْ حظَّكَ هذا الصباحْ؟!

فانتابتني ثورةٌ شديدةْ، حاولتُ خلالها تمزيقَ الجريدةْ.

فقالتْ: يا لكَ منْ زوجٍ فظْ، أتريدُ أنْ ينْعَكِسَ الحظْ؟

ثم أقنعتني أنْ نتناقشَ بالمعروفْ، وأغرتني بزيادةِ المصروفْ.

قالتْ: إنَّ برجها برجُ العذراءْ، فيه اليومَ بُشْرَى بالثراءْ، وارتباطٌ بشخصٍ كالأمراءْ، والأفضلُ استخدامُ الألوانِ الحمراءْ.

وقالتْ إنها تشعرُ بالسعادةْ، والتفاؤل على غيرِ العادةْ.

فقلتُ وأنا أكتُمُ ما بداخلي من الغيظْ: اقرئي بالتفصيلِ ما يقُولُهُ الحظْ.

فقالتْ: انتظري اليومَ ثروةْ، بينكِ وبينها خُطْوَةْ، إذا اجتهدتِ بكل قوةْ، وسيقابلكِ اليومَ شخصٌ كريمْ، ذو خلقٍ قويمْ، ملابسُهُ بيضاءْ، ويجيدُ الإطْراءَ والثناءْ، ستتوطَّدُ بينكما أواصرُ المودَّةْ، اليومَ أو بعدَ مُدَّةْ، والحظُّ سيكونُ أحسنَ وأكبرْ، معَ اللونِ الأحمرْ.

 

فأخذتُها في الحالْ، حتى لا أكثِرَ الجِدالْ، إلى جمعيةِ المستثمرينْ، منَ العرَّافينَ والمُنَجِّمينْ، وحَضرنا مُحاضرةً في الصميمْ، ألقاها خبيرٌ في علمِ التنجيمْ، وأكَّدَ أنَّ المُنجِّمَ يُجْهِدُ نفْسَهْ، ليذْكُرَ الشيءَ وعكْسَهْ، فيقولُ مثلاً للساذجِ منَ البلهاءْ: إنك من الكرماءْ، ولكنَّ كَرَمَكَ مقْصورٌ على من يستحقُّ الكرمَ والعطاءْ، أو يقولُ: سيأتيكَ اليومَ كَنْزٌ معلومْ، إذا سارتْ الأمورُ في طريقها المرسومْ!

وهكذا نذْكُرُ أولاً البشارةْ، ثمَّ نطْمُسُها في الجزءِ الثاني من العِبَارةْ، ولقدْ تعلمنا ذلك من الموازناتِ الحكوميةْ، والتصريحاتِ الورديةْ، حينَ يُعْلِنونَ أنَّ الإنجازاتِ مَهُولَةْ، بَيْدَ أنَّ التَّرِكَةَ الموروثةَ ثقيلةْ؛ ممَّا يجعلُ النتائجَ غيرَ مرئِيَّةْ، خاصَّةً للطبقاتِ المطْحُونَةِ التَّحْتِّيِةْ، التي تُعانِي مِنْ ضَعْفِ الرُّؤْيَةِ البصريةْ.

وكذلك عندما يعلنون عن المفاجآتِ والمكاسبْ، ثمَّ يقولون إنها ستعرفُ في وقتِها المناسبْ.

فقالتْ زوجتي: هذه مؤامرةْ، ومحاولةٌ مُدَمِّرَةْ، تُريدُ القفزَ وتجاوزَ حظَّها السعيدْ، الذي تنتظرُه مُنْذُ أمدٍ بعيدْ.

وخرجتْ غاضبةً دامعةْ، لتصدِمَها سيارةٌ مسْرِعَةْ، وتُجْرى لها عمليةٌ جراحيَّةْ، استنفدتْ مُدخراتنا البنكيةْ، وتوطدت على إثرها علاقتنا بطبيب النُّوبتجيَّةْ، وحاصرتنا من كلِّ جانبٍ الدماءْ، بألوانها القانيةِ الحمراءْ.

ولكن زوجتي فاجأتْ الجميعْ، بإصرارها الفظيعْ، على مغادرةِ المستشفَى في الحالْ، هكذا بلا جِدالْ.

فلمَّا أصررتُ على معرفةِ السببْ، تشنَّجتْ وقالتْ بلا أدبْ، وهي تُشيرُ إلى الجريدةْ: ألمْ تقرأْ التنجيماتِ الجديدة، فاليومُ يومُ الانطلاقْ، والتحليقِ في الآفاقْ، إلى دُنيا جديدةْ، وأحداثٍ سعيدة.

فقلتُ: صدقَ المنجمونْ، دائمًا فيما يقولونْ؛ فانطلقي وحدكِ إلى الآفاقْ، فلمْ يَعُدْ لكِ عندي سوَى الطلاقْ.

تمَّت بحمدِ الله ومنَّته.