يقول المسئولون في الإدارة الأمريكية إن إدارة الرئيس "بوش" أخذت في اعتبارها تقارير الاستخبارات المركزية التي ذكرت أن لعناصر القاعدة الموجودين في إيران دورًا في التفجيرات الانتحارية في12مايو، في المملكة العربية السعودية، فقامت بوقف الاتصالات مع إيران، واتجهت في نفس الوقت إلى تبنّي سياسات مغايرة في محاولة لزعزعة استقرار الحكومة الإيرانية.

وأضافوا أن أركان الإدارة الأمريكية سوف يجتمعون بالبيت الأبيض للتباحث حول إستراتيجية التعامل مع الجمهورية الإسلامية بالتعاون مع مسئولي البنتاجون الذين يضغطون من أجل مساندة القطاعات الليبرالية في إيران، بناءً على اعتقاد أنه يمكن إزاحة النظام الإيراني من خلال انتفاضة شعبية.

ويبدو أن المسئولين في الخارجية الذين شجَّعوا في السابق الاتصالات مع إيرانيين يميلون لقبول مثل هذه السياسة، خصوصًا في حالة عدم اتخاذ إيران أية خطوات ملموسة ضد عناصر تنظيم القاعدة قبل الثلاثاء، ولكن المسئولين في الخارجية يعتقدون أن درجة عدم الرضا الشعبي في إيران أقل كثيرًا من تلك الدرجة التي يشير إليها مسئولو البنتاجون؛ مما يؤدي إلى إمكانية أن تتحقق الإصلاحات الأمريكية في إيران.

وعلى أية حال فإن تفجيرات الرياض قد أنهت بوادر التقارب بين إيران والولايات المتحدة، والتي ظهرت بداياتها أثناء الحروب ضد أفغانستان ثم العراق.

فقد كان مسئولون إيرانيون يتقابلون دوريًّا مع نظرائهم الأمريكيين لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، التي من بينها: مهمات البحث والإنقاذ والقبض على أعضاء القاعدة، ولكن بعد العمليات الانتحارية الثلاث، التي استهدفت التجمعات السكنية في الرياض قامت إدارة "بوش" بإلغاء الاجتماع القادم.

فضلاً عن ذلك فقد حظِي البرنامج النووي الإيراني باهتمام عميقٍ من جانب المسئولين الأمريكيين، خصوصًا وأن هذا البرنامج ينال الدعم من الإصلاحيين المنتخبين وتيار المحافظين في إيران على السواء.

وقد ضغطت إدارة "بوش" على وكالة الطاقة الذرية ولجنة المراقبة التابعة للأمم المتحدة؛ من أجل مناقشة تقرير حول البرنامج النووي الإيراني الشهر القادم، كما اتجه المسئولون الأمريكيون للتباحث مع روسيا والصين، الدولتين الرئيسيتين اللتين تمدان إيران بالطاقة النووية؛ من أجل إقناعهما بأن إيران تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل، وقد وصف مسئول أمريكي هذه الجهود الأمريكية بأنها تحقق نجاحًا.

ولكن كان أهم عامل في الحملة الجديدة على إيران يتمثل في ما يمكن تسميته "بالاعترافات المسببة للمتاعب" قبل وبعد تفجيرات الرياض التي أدت إلى مقتل 34 شخصًا، من بينهم 9 من الأمريكيين، ودلَّت هذه الاعترافات على أن عناصر القاعدة في إيران كانوا ضمن المخططين لهذه الهجمات.

وفي وقت مبكر من هذا الأسبوع قام وزير الدفاع الأمريكي باتهام إيران بأنها تخفي عناصر من تنظيم القاعدة في إيران، ومن جانبهم أنكر المسئولون الإيرانيون بشدة أن يكونوا قد منحوا عناصر القاعدة ملاذًا آمنًا في البلاد.

وبعد وقوع تفجيرات الرياض قال بعض المسئولين الأمريكيين: إن لإيران علاقات تعاون مع القاعدة، فمنذ هجمات11 سبتمبر2001م  كانت إيران مستقرًّا لمسئولي القاعدة باتجاه السعودية وأفغانستان، وأثناء المحادثات الإيرانية الأمريكية كرر المسئولون الأمريكيون تحذيراتهم لنظرائهم الإيرانيين بأنهم في حال تورط عناصر القاعدة الموجودين في إيران في هجمات ضد الأمريكيين، فسيكون لذلك نتائج خطيرة على العلاقات بين الدولتين.

وهذه المحادثات قد جرت بطبيعة الحال بمشاركة ممثلين من وزارة الخارجية الإيرانية،

وقال أحد المحافظين المسئولين- في تحدٍّ لوزارة الدفاع الأمريكية-: إن معظم أعضاء القاعدة – وهم أقل من12 شخصًا- موجودون في منطقة نائية في الشمال الشرقي لإيران بالغرب من الحدود مع أفغانستان.

وقد وصف هذه المنطقة بأنها منطقة ينشط فيها الإرهابيون وتجار المخدرات، الذين تتسامح معهم الشرطة المحلية مقابل الحصول على أموال، مضيفًا أنه ليس من الواضح سيطرة السلطة المركزية على هذه المنطقة، وأضاف "أنا لا أعتقد أن الحكومة الإيرانية تعرف كثيرًا عنهم"، ثم قال "لماذا يجب أن تعاقب البقية الإيرانية؛ بسبب أن الحكومة لا تستطيع أن تمثل في هذه المنطقة؟

"فلابنت لبفريت" الذي ترك البيت الأبيض مؤخرًا ليرتبط بمعهد "بروكيفجز" لسياسة الشرق الأوسط، قال "ربما تغامر الإدارة الأمريكية، ولكن أحمق من يفترض أن الجمهورية الإسلامية سوف تنهار مثل بيت من ورق، ثم قال: ماذا يعني ذلك، سوف ينتهي الأمر عند إيران التي ستمتلك أسلحة نووية، ولا يوجد حوار بينها وبين الولايات المتحدة.

إلا أنه مع إعلان الرئيس "بوش" السنة الماضية عن أن إيران جزء من محور الشر مع كوريا الشمالية، فإن الإدارة كافحت من أجل الدفاع عن سياستها تجاه الجمهورية الإسلامية التي قطعت العلاقات مع الولايات المتحدة بعد ثورة 1979م، وفي يوليو وضع "بوش" خطوطًا حمراء، حيث عبّر بقوة في تصريح رئاسي عن ثنائه الشديد لتظاهرات الشارع الإيراني من أجل الديمقراطية. القادة الرسميون قالوا: إنه في الوقت الذي حجبوا فيه أي أمل في التعامل مع الرئيس "محمد خاتمي" وجناحه الإصلاحي في الحكومة الإيرانية، وحولوا اهتمامهم تجاه الدعوة إلى الديمقراطية بين الشعب الإيراني.

ولكن مشهد الحرب مع العراق أعاد فتح بعض الأدوات العاقلة التي حدثت تحت رعاية الأمم المتحدة في أوربا، هذه الأدوات المشجعة من الإدارة الأمريكية كان يعتقد أنها ستؤدي إلى تعاون أكبر.

في مقابلة في فبراير لـ "لوس أنجلوس تايمز"مع نائب وزير الخارجية "ريتشارد أرميتاج" رسم البعد بين نظرية المواجهة التي اتخذتها الإدارة مع العراق وشمال كوريا، والنظرية المتبناه مع إيران، محور الشر وكان تعليقه مقبولاً، حيث لوحظ وجود اختلاف بين إيران والاثنين الآخرين في الشر.

بعض قادة البنتاجون ضغطوا لتدريب آلاف من (مجاهدي خلق) من أجل استخدامهم ضد طهران؛ ليكونوا مثل تحالف الشمال في أفغانستان.

ولكن مجاهدي خلق مازالوا ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وقد أمر البيت الأبيض البنتاجون نزع سلاح جماعات (مجاهدي خلق) وحرّك القرار الذي كان سرِّيًا كما نقل بواسطة قادة الولايات المتحدة للمحافظين الإيرانيين في الاجتماع بجنيف 3 مايو.