- الغردقة وشرم الشيخ وسفاجا وجدة.. مهدَّدة بزلازل مدمرة

- السيول نعمة ربانية ولكن حكوماتنا لا تعرف استغلالها

- هناك فالق مائل كامن تحت القاهرة يُحتمل نشاطه في أي لحظة

- أسوان تتعرَّض لزلازل يومية بسبب بحيرة ناصر

- تحذيرات غرق الدلتا حقيقة ولا بد من إستراتيجية للإنقاذ

- مفاعل ديمونة يمثل خطرًا كبيرًا على العريش ورفح

 

أجرى الحوار- عبد المعز محمد، شارك فيه- محمد سعيد:

حالة من الرعب والفزع اجتاحت العالم مع تصاعد وتيرة مخاطر الكوارث الطبيعية التي تضرب بلدان العالم من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، فمع الجهود المبذولة لخفض نسبة الغازات المنبعثة من الدول الصناعية وتسببها في ظاهرة الاحتباس الحراري أصبح الوضع البيئي والإنساني على المحك.

 

وجاءت كارثتا هاييتي والسيول في مصر لتزيد من المخاطر التي يستشعرها الناس، فزلزال هاييتي راح ضحيته أكثر 120 ألف قتيل وأكثر من 250 ألف جريح، فضلاً عن تدمير البنية التحتية، وتسببت السيول في سيناء وأسوان في مقتل وإصابة العشرات واختفاء قرى بأكملها وتحولها إلى برك مياه في ظل عجز حكومي فاضح في التعاطي مع الكارثة.

 

(إخوان أون لاين) حاور الدكتور رشاد البيومي أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة ووكيل نقابة العلميين، وعضو الجمعية المصرية الجيولوجية المصرية، وعضو الجمعية الجيولوجية الأمريكية، وعضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين؛ حول أسباب تلك الكوارث المتلاحقة، وأين تقع المنطقة العربية منها، ومدى تأثيرها، وكيفية التعامل معها، وحول خطورة تآكل الشواطئ واختفاء الدلتا واحتمالية تعرض القاهرة ومدن مصرية وعربية لخطر الزلازل؛ فإلى نص الحوار:

* كيف ترى القصور الحكومي الشديد الذي كشفت عنه كارثة السيول الأخيرة التي اجتاحات سيناء وأسوان، وعدم الاستفادة منها؟

** السيول نعمة ربانية وللأسف يتم التعامل معها بشكل سيئ للغاية، وما حدث من عمل إنشاءات في مجرى السيل هو جريمة، فمخرات السيول وخاصة في المناطق المنكوبة معروفة ومحددة، والتعامل معها بهذا الشكل يعد فسادًا يجب محاسبة المسئولين عنه.

 

* وكيف يمكن الاستفادة من السيول وتحويلها من ضرر إلى منفعة عامة؟

** بشكل مبسط لا يحتاج إلى تعقيد، يأتي ذلك من خلال بناء سدود وخزانات على الوديان ومخرات السيول تتم الاستفادة منها في الزراعة لنفع الناس، خاصة أن تلك المناطق التي تحدث بها السيول مناطق قاحلة يندر فيها المطر كما هو الحال في وادي العريش ووادي قنا.

 

كارثة هاييتي

 الصورة غير متاحة

 آلاف الضحايا سقطوا في الزلزال المدمر بهاييتي

 * في نفس الوقت الذي ضربت فيه السيول كلاًّ من سيناء وأسوان، ضرب هاييتي التي تقع على المحيط الأطلنطي زلزال راح ضحيته أكثر من 120 ألف قتيل وأكثر من 250 ألف جريح.. فما الأسباب العلمية التي تقف وراء هذا الزلزال؟

** هاييتي جزيرة بركانية نشأت نتيجة نشاط بركاني تحت القشرة الأرضية، وغالبًا ما يحدث ذلك في تلك المناطق وخاصة منطقة البحر الكاريبي الذي يشهد بين الحين والآخر نوعًا من النشاط الزلزالي والبركاني، ينتج عن ذلك ظهور صخور بركانية من قاع المحيط شكلت عبر آلاف السنين "هاييتي"، وتسمى تلك المناطق بـ"بلوم" الزهرة، لأنها دائمًا تكون غير مستقرة على الإطلاق، وبحسب نظرية الألواح المتحركة، فإن المحيط الأطلنطي ينفرج من 1 سم إلى 1.7 سم كل عام من خلال قياسات علمية محددة، وأن تلك الطفوح البركانية الموجودة في قاع المحيط نتيجة النشاط البركاني، يكون من المتوقع ونتيجة الحركة الدائمة تحت الضغط الكامن داخل الصخور من المتوقع أن يحدث زيادة في الضغط الداخلي مما ينتج عنه الزلزال أو البركان، وهو ما شاهدناه في هاييتي، فالزلزال وصل إلى 8 ريختر، وهو ضخم جدًّا ومدمر فضلاً عن توابعه التي تحدث دمارًا كبيرًا هي الأخرى.

 

* في الآونة الأخيرة وبخاصة عند حدوث زلازل في بلاد تطل على المحيطات يتوقع البعض حدوث ما يسمى بتسونامي.. فما الحقيقة العلمية لذلك أيضًا؟

** هناك مجموعات من الزلازل أكثرها خطورة التي تصل إلى 9 ريختر لأنها عندئذ تكون مدمرة، فضلاً عن توابعها التي تبلغ 6 و7 و8 درجات بمقياس ريختر، وكما قلت لك إن تلك الزلازل نتيجة حركة صخرية داخل المحيطات، فيحدث ما يسمَّى بالتسونامي، وهو عبارة عن كمية كبيرة من المياه والأمواج تهاجم الشواطئ بأكبر من سعتها، فينتج من ذلك فيضانات كبيرة وغزو أمواج؛ ما يتسبَّب في دمار شاسع مثل ما شاهدناه منذ سنوات قليلة في جنوب شرق آسيا مخلفًا وراءه آلاف القتلى وعشرات البيوت المدمرة.

* مع التقدم العلمي الضخم لماذا لا توجد آلية تكنولوجية لتوقع حدوث الزلازل؟

** بالفعل هناك أبحاث علمية كبيرة ومتقدمة للغاية في كثير من دول العالم، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لقياس ذلك الضغط الكامن الذي يتسبَّب في حدوث الزلازل، بل إن بعض الأبحاث استعانت في أبحاثها ببعض أنواع الحيوانات التي لديها القدرة على استشعار الخطر، ولكن رغم ذلك يبقى العلم عاجزًا عن معرفة أو توقع متى وأين وكيف يقع الزلزال.

 

مدن عربية مهددة

 الصورة غير متاحة
* ما أكثر الدول أو المناطق الذي يهددها هذا الخطر؟

** الأكثر تعرضًا لهذا الخطر هي دول جنوب شرق آسيا، وخاصة ماليزيا وإندونيسيا وشبه القارة الهندية، وفي البحر المتوسط تركيا وقبرص، وفي البحر الأحمر المدن الساحلية وخاصة الغردقة وشرم الشيخ وسفاجا، والدول المواجهة للمحيطين الأطلنطي والهادي.

 

* وأين تقع المنطقة العربية من هذه النشاطات البركانية والزلزالية؟

** المنطقة العربية وللأسف واقعة أمام خطر هي الأخرى، وإن كان ذلك بشكل مختلف أو أقل ضررًا، فهناك مناطق بها نشاط بركاني داخلي كالبحر الأحمر الذي ينفرج سنويًّا وبحسب القياسات العلمية من 1 سم إلى 1.5 سم سنويًّا، وينتج من ذلك طفوح بركانية تترسب على شاطئيه، وتسببت في حدوث زلازل في أوقات سابقة، وأتذكر أثناء حضوري مؤتمر في لندن أوائل الثمانينيات كانت هناك تحذيرات علمية للسعودية بعدم بناء مدن سكنية كبيرة على المدن الساحلية إلا على بُعد 100 ميل؛ لأن ذلك الانفراج في البحر الأحمر قد يؤثر بحركته النشطة في تلك المدن، كما أن هناك انكماشًا في البحر الأبيض الذي يضيق سنويًّا بنسب مختلفة، وكذلك هناك حركات نشطة تحت الجزيرة القبرصية حيث يوجد تحتها فالق نشط يتسبب في حدوث زلازل تتعرض له الدول العربية المطلة على البحر الأبيض.

 

مصر والزلازل

* هل معنى ذلك أن مصر بعيدة عن حزام الزلازل؟

 الصورة غير متاحة

مصر شهدت زلازل وعواصف وسيولاً بشكل متكرر

** هذا كلام غير دقيق، فالقاهرة وكما هو معروف علميًّا موجود تحتها فالق كامن، من الممكن أن ينشط في أي لحظة، وأعتقد أن الدول التي تفكر بشكل صحيح تقوم ببناء المنازل وإنشاءاتها طبقًا لـ"كود الزلازل"؛ الأمر الذي يقلل من نسبة الخسائر البشرية والإنشائية في حال حدوث زلازل وهو ما لا نطبقه للأسف؛ ما يعرِّضنا لكارثة في حال حدوث نشاطات زلزالية، لا قدر الله.

 

* الأبحاث العلمية ذكرت أيضًا أن البحيرات الصناعية تشكل خطرًا على الدول التي تقع فيها.. فما مدى صحة ذلك؟

** لا شك أن البحيرات الصناعية الكبرى تمثل خطرًا على الدول التي تقع فيها مما ينتج منها الكثير من الزلازل المدمرة، وبحسب المقولة العلمية الشهيرة "عندما تعمل بركة ينتج منها بالتأكيد زلازل"، وهو الأمر الخطير الذي يتعرض له العديد من أهالي أسوان نتيجة بحيرة ناصر خلف السد العالي؛ لأن هذه البحيرة أدت لوجود خلل في طبقات الأرض بعكس البحيرات الطبيعية، وهذا الخلل تعبر عنه الأرض بزلازل، وهناك بعض الأماكن بأسوان خلف السد تتعرَّض لما بين 3 إلى 4 زلازل أسبوعيًّا، إلا أن الله سبحانه وتعالى كان رءوفًا بنا بوجود فالق الكلابشة الموجود في تلك المنطقة؛ لأنه يمتص المياه من البحيرة ويخفف من حدة تلك الزلازل المتتابعة.

 

ولعلنا نتذكر زلازل العام 92 والذي تسبب فيه الإهمال بتصريف مياه الصرف الصحي في مفيض الريان فنتج منه بركة ضخمة تفاعلت مع القشرة الأرضية فكان ما كان.

 

ملاعب الجولف 

* وهل هناك تأثير للبحيرات الصناعية في القرى والمدن عالية الرفاهية وكذلك ملاعب الجولف التي غزت مصر.. هل من الممكن أن يؤدي ذلك إلى كارثة؟

** علميًّا هذه البحيرات صغيرة الحجم لا تشكل خطرًا ولكن مع انتشارها وقربها من بعضها البعض قد تسبب كارثة، لأن فكرة إنشاء بحيرة قائمة على إحلال المياه بكثافتها العالية محل القشرة الطينية خطر جدًّا، وهو الأمر الذي يسبب خللاً كبيرًا وينتج عنه زلازل وتشققات وتصدعات أرضية.

 

* وما الإجراءات التي يجب أن تتخذها الدولة لإنقاذ ذلك الوضع الخطير؟

** من أهم الأشياء هو تفعيل نظام كود الزلازل، فهناك أكواد معينة كل واحد منها خاص بحجم وطبيعة الخطر الذي تواجهه، والتي يجب الأخذ بها في الإنشاءات بحيث يكون التصميم والارتفاعات والمواد التي يتم البناء بها مناسبة لطبيعة القشرة الأرضية ولكود الزلازل التابع له، بحيث تأخذ تلك المباني الأمواج الزلزالية بشكل مرن دون خطورة على الأرواح البشرية، حتى لا يحدث ما حدث في زلازل العام 1992 الذي كانت قوته 4.5 درجات بمقياس ريختر فقط ولكنه تسبَّب في كارثة إنسانية رغم ضعفه.

 

 الصورة غير متاحة

* هناك كارثة أخرى حذَّر منها العلماء وهو غرق الدلتا نتيجة الاحتباس الحراري، وهو ما قابلته آراء أخرى قلَّلت من هذا الخطر، فما حقيقة الوضع في هذه المنطقة؟

** للأسف تلك التحذيرات صحيحة وواقعية، وهناك عاملان أساسيان يمثلان منطلقين للخطورة؛ الأول: التغيرات التي تحدث في المناخ وارتفاع درجة الحرارة مع تزايد انبعاث العديد من الغازات، وذوبان القطبين الشمالي والجنوبي؛ الأمر الذي يزيد من مستوى البحار والمحيطات، والثاني هو السدُّ العالي، فالسدُّ وما له مكانة كبيرة وتأثير ضخم إلا أنه أصبح طرفًا أصيلاً في تلك الأزمة.

 

* كيف؟

** السد العالي وعلى مدار تاريخه الذي قارب الخمسين عامًا يقوم بحجز فتات الصخور المحملة مع مياه النيل التي كانت تترسَّب على جانبي النهر، وخاصةً في منطقة الدلتا، وكانت تلك الصخور المفتتة يطلق عليها "الغريان" تعمل على تجديد التربة، وهو الأمر الذي حرمها منه السد العالي، فأصبحت الأرض- وكما يقال في العامية المصرية- "مطبلة وملحت"، فضلاً عن المواد الأخرى التي كان يسببها طرح مياه النيل في البحر، وعلى شاطئ المتوسط والتي كانت تختلط بالرمال فينتج منها الرمال السوداء، والتي يُستخرج منها عددٌ من المواد المشعة والذهب.

 

* وهل تلك الكارثة تسير بخطى سريعة أم أنها ستكون بعد عشرات السنين؟

** للأسف تسير بخطى سريعة للغاية، ولعل المصطافين الذي يذهبون إلى مصايف بلطيم وجمصة يشاهدون تسارع تآكل الشوطئ فكل عام يتآكل تقريبًا أكثر من 3 أمتار.

 

* وما الجهود التي يجب أن تُبذل لتدارك تلك الكارثة؟

** هناك من يدعو إلى عمل مصدَّات على الشواطئ لإنقاذها، ورغم فاعلية تلك المصدات فإنها مكلفة للغاية، والمطلوب على وجه السرعة وضع إستراتيجية عاجلة من الدولة والجهات البحثية لتدارك الأمر وإنقاذ الموقف.

 

مفاعل ديمونة

* هناك تقارير علمية حذرت من خطورة المفاعلات الصهيونية القريبة من الأراضي المصرية وخاصة مفاعل ديمونة، وحذَّرت بعض هذه التقارير من حدوث زلازل قوية قد تضرب مصر.. فهل هذه التحذيرات حقيقية أم أن لها بعدًا سياسيًّا؟

 الصورة غير متاحة

 مفاعل ديمونة النووي

 

** هذا خطر حقيقي فعلاً وطبقًا لتقرير أعده علماء الجيولوجيا بهيئة الطاقة الذرية منذ عدة سنوات فإنهم قد حذَّروا من تعرُّض مصر لزلزال مدمر، يفوق 6 درجات بمقياس ريختر؛ بسبب الأنشطة النووية التي يمارسها الكيان الصهيوني في صحراء النقب، ومن الناحية العلمية فإن كثرة التجارب الصهيونية في ديمونة تؤدي إلى احتمال انفجاره إثر انشقاقه في السنوات الأخيرة؛ ما أثَّر سلبًا في وضع القشرة الأرضية في محيط المفاعل وفي محيط المنطقة العربية المحيطة بالأراضي المحتلة خاصة مصر؛ لأن المفاعل يقع في صحراء النقب على الحدود المصرية.

 

وللأسف الشديد وطبقًا لشهادة معدِّي التقرير فإن الحكومة الأمريكية أمرت مراكزها العلمية بالتكتم على الأبحاث التي أثبتت أن قشرة وادي الصدع الكبير والتي تمر بمصر قادمةٌ من بحيرة تنجانيقا حتى جبال لبنان قد تأثرت بشدَّة، وخاصةً في الجزء الذي يدخل خليج العقبة، وبالتأكيد فإن أكثر المناطق المصرية تعرضًا لهذا الخطر هي منطقة العريش ورفح.