نعم نستطيع.. هذا هو الشعار العبقري الذي استخدمه أنصار الرئيس أوباما في الانتخابات الأمريكية منذ عام، فساعد إلى حدٍّ كبيرٍ على دفع الناخب الأمريكي إلى المشاركة الإيجابية والتصويت لأوباما الذي استفزَّ فيهم ثقتهم بأنفسهم؛ أنَّ التغيير في بلادهم مرتبطٌ بأصواتهم ورغبتهم.

 

ونحن في مصر في هذين العامين الحاسمين 2010م و2011م في حاجة ماسَّة إلى استفزاز قدرات الشعب المصري، وتنشيط ثقته بنفسه، واستنهاض هـمَّته؛ ليخرج عن رغبته في التغيير دون انتظار الحل الإعجازي، فهل يريد الشعب ذلك؟!

 

إن من نذر نفسه للإصلاح بالمشاركة في العمل العام ينبغي أن يكون دائمًا متفائلاً واثقًا من حدوث التغيير إلى الأحسن، وإلا فليقعد في بيته ويترك المجال لغيره؛ لأن القائد إذا كان يائسًا فما بال الجنود؟!

 

واعلم- أيها القارئ الكريم- أن السنن ثابتةٌ لا تتغير، تقول إن دوام الحال من المحال، وأنه ما ضاع حق وراءه مطالب، وأن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة وأن (تِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).

 

أيها الحبيب.. إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، واليأس أخو الكفر، واليأس والموت سواء، واليائس لا ينجز شيئًا فإن كان من مسموعي الكلمة فهو يقود قومه إلى الاستسلام أو الموت وكلاهـما شرٌّ ولا شك.

 

أما بث الأمل في قلوب العاملين لنهضة أمتهم فهو من أخص صفات القادة والمتصدِّين للعمل العام.

 

أيها القارئ الكريم.. إن شعبنا هذا شعب عظيم، يملك من الصفات الشخصية والقدرات الإيجابية ما يجعله رائدًا في أي مجال يسلكه؛ كل ما يحتاجه أن يكون قائده "قويًّا أمينًا"، انظر إلى إنجازات آلاف المصريين في خارج البلاد؛ لماذا يحققونها هناك وتموت مواهبهم هنا؟
انظر إلى العلماء والأطباء والمهندسين والمعلمين في خارج البلاد ونقلهم للعلم والحضارة إلى بلاد فإذا بها تتقدم وتزدهر، أما هنا فقد نخر الفساد في كل مجال؛ حتى تكاد البلاد تقع على عروشها، فأعمدتها كادت تنهار ومرافقها خربة.

 

وانظر إلى الجندي المصري وهو يجتاز صعاب قلة التسليح وهو يحارب حروبه كلها، انتصر فيها أو انهزم، فهل كانت هزيمته إلا من قيادة مغيبة عن الوعي أو ضعيفة أو جاهلة أو ذات هوى؟!

 

أيها القارئ الكريم.. إن تواتر صور الفساد والاستبداد أمام أعيننا الآن يجعل المواطن البسيط يظن ألا أمل هنالك في الإصلاح، هذا الفساد الذي نسمع هنا عنه يوميًّا بصوره العديدة، هل يمكن إصلاحه؟ وكيف نصلح، وهذا النظام يجثم على صدورنا، يرفض الإصلاح وكل من ينادي به، إما معتقل أو مُحاكم، أو تشوه صورته في الإعلام المأجور، وكل خمس سنوات تُزوَّر الانتخابات لتأتي بمن يريد، وبعد هذا تقولون: إصلاح.. إصلاح، وفي يد الفساد والاستبداد سيف المعز وذهبه؟

 

يا أخي.. إن الإصلاح يكفي فيه أمران؛ الأول: إصلاح سياسي يأتي ببرلمان يمثل الشعب تمثيلاً نيابيًّا صحيحًا لا تزوير فيه، ثم إصلاحٌ اقتصاديٌّ يغلق صنبور الفساد، ويبحث عن كل ما سُرق فيستعيده وعندها تُغلق أبواب الفساد، وقديمًا قال الرجل الصالح لأمير المؤمنين: "عففت فعفوا لو رتعت لرتعوا".

 

انظر أخي الكريم إلى تجارب من سبقتنا من الأمم، كم قضت روسيا تحت الحكم الشيوعي ثم ها هي ذي تقوم بعد سبعين عامًا لتنهض من جديد، وانظر إلى دول أمريكا الجنوبية واللاتينية من حكم طغاة العسكر والتحكم الغربي، ولكنها قامت ونهضت؟، وقل لي كم ظلت إيران تحت حكم الشاه وأبيه تلعق حذاءه صباح مساء حتى ظن أنه لن يُخلع، وخُلع بين عشية وضحاها؟ إنه الشعب الحر الأبي!.

 

وانظر إلى جنوب إفريقيا، من استبداد وظلم وتشريد بالقانون، فإذا هي- في أعوام قليلة- تصير في مقدمة الدول.

 

واعلم أخي الكريم أن كل ذلك لن يتم من دون تضحيات يدفعها حاملو لواء الإصلاح، من اعتقال وسجن وأحكام عسكرية أو التشويه الإعلامي، والاتهامات الباطلة، ومحاولات الإيقاع بين أهل الإصلاح وشغلهم بأنفسهم عن كشف فساد المفسدين.

 

واعلم أيها القارئ الكريم أنك تغيِّر مصر الثقل التاريخي والجغرافي المؤثر، فبتغيير وجه مصر إلى الإصلاح السياسي والدستوري ستصلح حال العالم العربي كله والإفريقي كذلك، وهذا قدر مصر الذي قدره الله لها ولا رادَّ لإرادته.

 

واعلم كذلك أن هذا قدر المصلحين في كل زمان ومكان، وخلَّد التاريخ أسماءهم، وأعطاهم الله أجرهم وغيرهم همل لا يستحق الذكر، وهل هناك أحسن من حياة المجاهدين المصلحين.

عش ساعةً من حياة الأسد واحدةً       ولا تعش ألف عام عيشة الغنم

 

واعلم أن بديل الإصلاح إما أن تكون من الشياطين الخرساء، ترى الباطل فتسكت، ويا لها من حياة الموت أحب منها!! أو مفسدًا مع المفسدين.

 

أخي الحبيب.. أي الطريقين تختار؟!