"يا سيدي نحن في مصر ولسنا تحت الاحتلال الصهيوني، وشرف لي أن أُسجن دفاعًا عن الأقصى"..

 

هذا ما قاله أخي الدكتور أحمد شاهين الضيف الدائم على سجون مصر والمعتقل حاليًّا على خلفية فعاليات نصرة الأقصى، وهو ما يستدعي- وبكل وضوح- فتح ملف الاعتقالات بصفة عامة والاعتقالات المرتبطة بنصرة القضية الفلسطينية بصفة خاصة، فإن كان ثمة مبرر- وهو لا يوجد- من اعتقال الإخوان المسلمين في مصر وبعض دول الاعتدال في زحمة السجال السياسي بين أنظمة الحكم المستبدة الفاسدة وبين تيارات المعارضة الوطنية، وفي القلب منها الإخوان المسلمون، فما المبرر الوطني أو القانوني والأمني لاعتقالات الإخوان على خلفية نصرة فلسطين أرضًا وشعبًا ودولةً.

 

شلالات من الأسئلة الشائكة والحرجة بل والمهلكة أحيانًا من الشباب المصري والعربي، منها: لماذا الاعتقالات؟ الفعاليات لم تطالب بإسقاط نظام ولم تهتف يعيش فلان أو يسقط غيره، فكلهم ساقطون من نظرِ شعوبهم وليس هو موضوع الساعة؟

 

الشعوب تنتفض سلميًّا- وهذا حق مشروع- من أجل المقدسات وضد الكيان الصهيوني المحتل والمغتصب للأرض والثروات، ماذا يضير الأنظمة وأجهزتها المختلفة من هذه الفعاليات التي تُعبِّر عن عاطفة كريمة وحماسة رائعة ووطنية مطلوبة؟ أليست نصرة المقدسات فريضة شرعية ومسئولية قومية على الشعوب والحكومات سواء بسواء؟ لماذا لا توظف هذه الأنظمة العاجزة هذا الغضب المشروع في الاتجاه الإيجابي بالضغط على الكيان الصهيوني ليقف ولو قليلاً عن طموحاته وأطماعه التي ليس لها حدود؟

 

ألا تدرك هذه الأنظمة أن التطرف الصهيوني صناعة مقصودة للضغط على العرب والعالم؟ ألا تدرك هذه الأنظمة أن جماعات التطرف اليهودي تتحرك وفق إستراتيجية مرسومة لهم في مؤسسات صنع القرار الصهيوني؟ هل تحوَّلت الأنظمة وأجهزتها السيادية المعروفة إلى حارسٍ يحمي حمى الكيان الصهيوني؟ هل صار شعارهم وسياساتهم أن أي اعتداء ولو لفظي على الصهاينة يعتبر اعتداءً عليهم وعلى مصالحهم ومشروعاتهم؟ هل أصبح الأمن الصهيوني جزءًا من الأمن القومي العربي؟

 

لماذا لا تنحاز هذه الأنظمة إلى ضميرها الوطني؟ أم أنهم ما عادوا يملكون هذا النوع من البضاعة؟ لماذا لا ينحازون لإرادة شعوبهم ولو شكلاً حتى لا يدخل الشباب المتحمس منطقة التساؤلات المهلكة؟ لماذا كل هذا الذل والهوان والتراجع بل والتآمر؟ لماذا نترك الشباب الوطني في حيرةٍ من أمره لدرجة أنه بات يوقن أن تحرير فلسطين وغيرها من بلدان العرب والمسلمين يجب أن يمر أولاًً عبر تحرير بلدانهم من كل مظاهر الاستبداد والفساد والعمالة؟

 

أليست مواقف الأنظمة هي المسئولة عن ظهور هذا النوع الشائك والحرج بل والخطير من الأسئلة؟ لماذا تخشى الأنظمة العربية الكيان الصهيوني كل هذه الخشية؟ هل لأن رضاه وموافقته هي شرط وضمان وجودهم، كما صرَّح أحد كبار المسئولين العرب مؤخرًا؟ أم أن هناك أمورًا ومشروعات وملفات في يد الكيان يلوح بها كلما استدعت الحاجة؟!

 

هذا جزء من الأسئلة التي أرهقتني في قراءتها فتوقفتُ عن الإجابة تاركًا إياها لمَن شاء.