طفل ذو صحة نفسية وشخصية سليمة، مساعدته في التغلب على مشاكله وتكوين خبرات إيجابية، ولتجنب مراهقة معقدة أو مؤذية؛ ما سبق أهم ما تحققه لطفلك حين تعينه على التعبير عن مشاعره، وهنا يأتي السؤال: كيف يكون ذلك؟

 

الخطوة الأولى: الإنصات لأطفالنا

1- الاستماع إلى الطفل في شكل ملاحظ ومراقب مهتمّ ومتعاطف، وليس ناقدًا أو حاكمًا؛ فإن ذلك يعطيه مزيدًا من الحرية، وبالتالي الرغبة ثم القدرة على التعبير.

 

2- الإنصات الجيد له حين يتحدث مع الإيماء بالرأس والابتسام، لحثه على التعبير.

 

3- الإبقاء على الاتصال البصري مع الطفل أثناء حديثه وعدم الانشغال بشيء آخر.

 

4- فسِّر تعبير طفلك كأفضل ما يمكن أن يكون، وإياك والفزع مما يقول مهما كان.

 

5- استمع إلى المشاعر القابعة وراء كلماته.

 

6- أعِدْ له ما قال بصياغتك ليعرف أنك تستمع جيدًا، مثلاً: "كنت تقصد أنك حاولت بقوة ولكن أحدًا لم يلاحظ مجهودك".

 

7- تأكد أنك أحسنت الفهم بسؤاله: هل فهمتك بدقة أم أحتاج إلى توضيح آخر منك؟!

 

8- ليس معنى أنك تنصت بعمق لأطفالك أنك توافق على كل ما يقولون ولكن يمكنك- بعد الإنصات- التعبير كالتالي: "إذن أنت غاضب لأنك تظن أني كنت أتجاهلك.. لو أن هذا ما ظننت فأنا أتفهَّم غضبك ولك الحق فيه ولكن..........".

 

9- احترس من أربع سدادات للمشاعر توقف أطفالنا الذين يحتاجون لإنصاتنا التام:

 

- التشجيع.

- التحدث بعقلانية.

- إصدار الأحكام.

- الإنكار.

وربما يصيبك العجب من النقاط السابقة، إلا أن الكاتبة دورثي بريجزو فسَّرت محاذيرها تلك في كتابها "تقدير الذات" فقالت:

 

- عند التشجيع: "ستكون بخير" أو "سيكون كل شيء على ما يرام!".. سيفكر الطفل: "لكني لست على ما يرام.. يبدو أنهم لا يعرفون ما أشعر به".

 

- العقلانية: "لكنك استطعت النجاح في ذلك من قبل، إذن لا بد أنك ستنجح هذه المرة".. سيفكر الطفل: "ما زلت قلقًا جدًّا رغم ذلك.. إنه لا يشعر حقًّا بما أمرُّ به".

 

- إصدار الأحكام: "ما كان يجب أن تفكر بهذه الطريقة".. "الطفل المهذب لا يفعل ذلك"..
سيفكر الطفل: "سأنتبه لما أقول في المرة القادمة، أو لن أتكلم.. سيكون ذلك أفضل".

 

- الإنكار: "لا.. لا.. أنت لست قلقًا.. قل لنفسك أنك قويٌّ وتشعر أنك أفضل".. سيفكر الطفل: "إنهم لا يعرفون شيئًا! لماذا أخبرتهم من البداية؟!" أو: "هل ما أشعر به هو القوة.. هذا غريب ظننت غير ذلك".

 

- طبعًا الجمل السابقة مهمة جدًّا ومطلوبة، ولكن ليس في هذا الموضع، موضع الإنصات، وذلك لأننا بصدد تنمية قدرته على التعبير وليس حلَّ موقف بحدِّ ذاته أو توجيهه بشكل معين.

 

- التوجيه وحل موقف ما في حياة الطفل ليس أمرًا معقدًا، ولكن المعقَّد وحجر الأساس فعلاً هو تدريبه على التعرف على مشاعره والتعبير عنها بحرية تامة.

 

- يمكننا أن نستخدم هذه الجمل ما أردنا، ولكن ليس في وقت متزامن مع إنصاتنا لهم؛ لأن ذلك ببساطة سيمنعهم من التعبير الصحيح أو التعبير بحرية، وذلك بدون قصد منا ولا منهم.

 

الخطوة الثانية: تعريفهم بالمشاعر.. أنواعها وأشكالها ومتى نشعر بها؟

 الصورة غير متاحة
 
1- الوجوه المعبرة:

أثبتت الدراسات أن الطفل من 3: 5 سنوات يستطيع تمييز تعبيرات الوجه وما تعبِّر عنه من مشاعر، ولذا نستطيع استخدام أشكال الوجوه المختلفة لتعريفه على أنواع المشاعر المختلفة.

 

ويمكن لصقها على مكعب بحيث يكون كل وجه معبر ملصقًا على وجه من أوجه المكعب، ونسمِّيه مكعب المشاعر، أو ليكن ذلك على نموذج كرتوني مقوَّى لساعة مثلاً.

 

2- الحكايات:

والتركيز على ما فيها من مشاعر وأشكال المشاعر، مثل:

 

"وبكيت البطة؛ لأنها كانت حزينة جدًّا، والبطة تبكي أحيانًا حين تكون حزينة، فالبطة ظلت حزينة وتبكي؛ لأنها لا تستطيع العثور على أصدقائها ولكنها قابلت..".

 

"ظل القرد يقفز ويقفز؛ لأنه كان سعيدًا، وكان مبتسمًا وهو يقفز لأنه كان سعيدًا".

 

"لكن أحمد اندهش كثيرًا وفتح فاه هكذا- مع التمثيل- حين رأى السمكة الزرقاء، ثم قال لها: كم هذا عجيب!..." وهكذا.

 

 الصورة غير متاحة
 
3- كروت التعبيرات:

(وهي رسومات كالموضحة بالشكل المقابل، نعرضها للطفل، ونطلب إليه أن يخبرنا ما المشاعر التي تعبِّر عنها هذه الصور، ويمكننا إعطاءه خيارات مثل "تساؤل/ دهشة/ سعادة/ إحباط/ خوف/ حب.. وغيرها).

 

وهي مناسبة للطفل ما بين سن 5- 8 سنوات لما ينمو لديه من وعي أكبر بالمؤثرات على المشاعر مثل اختلاف العمر والجنس، وكذلك يدرك أن الأفراد يشعرون بمشاعر مختلفة تمامًا عن بعضهم بعضًا حين لا يكون الموقف واضحًا.

 

4- كروت المشاعر:

(مكتوب فيها نوع من المشاعر مثل "الفرح/ الحب/ الدهشة/ الحزن/ الإثارة/ الغضب/ القلق/..." ونسأل الطفل: ما الذي يمكن أن يجعلك تشعر بهذا؟ ويمكن أن تكون الكلمات مصحوبةً بصور معبرة عنها).

 

الطفل من 8: 12 سنة يزيد لديه إدراك وفهم المشاعر والمواقف المعقدة، ولذا فإن الوسيلة السابقة هي الأكثر ملاءمةً لهذا السن.

 

الخطوة الثالثة: تعريفهم بطرق التعبير عن المشاعر

1- الرسومات:

فنوفِّر له الأوراق البيضاء أو كشاكيل الرسم والألوان؛ ليرسم ما يحب، فسيرسم مثلاً عما حدث اليوم في الحضانة أو المدرسة، مع تذكر أن جودة أو وضوح الرسم غير مهم على الإطلاق.

 

2- الكلمات:

فنساعدهم على التعبير بالمرادفات المناسبة لمشاعرهم:

 

- نعلمهم أن الكلمات تعبر عما نشعر به، مثلاً نقول: "أنا أحبك" حين نشعر بالحب و"أنا غاضب منك لأنك.." وهكذا.

 

- نخبرهم أن يقولوا ما يشعرون في كلماتهم الخاصة، وأن هذا فقط ما سيجعل الآخرين يفهمون مشاعرهم.

 

- نبدأ لهم الجملة.. مثلاً: "حين كنت مشغولة اليوم مع أصدقائي وأنت تلعب... !!".

 

- نخبرهم بموقف محاكٍ لمشاعر معينة، مع شرح ما شعر به صاحب الموقف، وكيف عبر عنه في كلمات.

 

3- مكعب/ ساعة المشاعر:

نساعدهم على استخدامه، فنقول لو أنني حزين فسأحرِّك العقرب إلى هذا الوجه، وإذا كنا مندهشين فسنحركه إلى هذا، ونطلب من الطفل أن يشير إلى أي الوجوه تعبِّر عما يشعر الآن ولماذا؟

 

4- المواقف والهدايا:

فنعرفهم أن الهدايا تعبيرٌ عن مشاعر مختلفة مثل الحب والامتنان وغيرهما.

 

كذلك المواقف تعبيرٌ عما نشعر به، مثلا: "حين لا نريد التحدث مع شخص ما" فهذا غالبًا ما يعبِّر عن الغضب منه أو "نبتعد عن مكان أو شخص ما"، فهذا غالبًا ما يعبِّر عن الخوف أو القلق منه أو "الرغبة في إعطاء أحد شيئًا ما".

 

5- البكاء:

ولنعرِّف الطفل أن البكاء ليس سيئًا، وإنما يعبِّر عن الحزن وأحيانًا عن الشعور بالظلم أو اليأس، وأحيانا نادرة عن الفرح، ولكنه ليس تعبيرًا عن الرغبة في شيء إلا للرضع.

 

6- الألعاب:

مثل عرائس اليد.. واحدة في يد الطفل، ويسميها هو "لولا" مثلاً وواحدة في يد الأم مثلاً وتسميها "توتة" مثلاً، ثم تبدأ الأم بسؤاله: كيف الحال يا "لولا"؟ كيف تشعرين اليوم؟ هل أنت سعيدة أنك تلعبين مع "توتة"؟! وهكذا ثم تبدأ بسؤالها- الدمية طبعًا- عن مشاعرها في المدرسة ومع الأصدقاء وغيرها ولكن بتروٍّ وفي عدد من المرات وليس في نفس اليوم.

 

الخطوة الرابعة: التعبير لهم بصدق وصراحة

"لقد حزنت للغاية حين حدثتني بهذه الطريقة، قلت لنفسي لو أنك تحب وتحترم ماما ما كنت لتتكلم بهذه الطريقة".. "في عملي هناك ما لا أفهم أحيانًا، لكني أطلب المساعدة كي أعرف سريعًا".. "أنا أخاف أحيانًا أيضًا، أخاف من كذا وكذا".. "كم أكون سعيدة وفخورة بك عندما تفعل ذلك".. "عندما كنت صغيرًا كنت أحب اللعب أكثر من المذاكرة أيضًا، لكني كنت أذاكر حتى أحظى بالتميز والتفوق وبصيف ممتع!!!!!".

 

الخطوة الخامسة: تدريبهم على التعبير عن مشاعرهم

1- التعبير لهم منذ أول لحظة لميلادهم "أحبك.. كم أنا سعيدة بك.. كم أحزن حين تبكي!......".

 

2- تعمُّد التعبير الجيد والمتنوع للآخرين أمامهم.. "أنا أحبك يا جدو".. "أنا سعيدة جدًّا بهديتك يا تيتا".. "قلقت عليك يا أبي حين تأخرت، ولكني الآن استرحت".

 

3- حثهم على التعبير عن مشاعرهم للأهل والأصدقاء، وذلك في شكل كروت أو رسائل وهدايا وكلمات في المناسبات الخاصة وفي غير المناسبات.

 

4- إعطاؤهم الخيارات لما يشعرون حتى يعتادوا التعبير عنها وحدهم.. "هل أنت قلق من الذهاب غدًا إلى المدرسة أم أنك تشعر بالملل؟".. "أأنت محبط لإلغائنا فسحة اليوم أم هناك شيء آخر؟!".

 

5- جلسة أسرية يوميًّا لمدة دقائق نسمِّيها أفضل وأسوأ ما حدث اليوم، ويعبِّر فيها كل الأفراد بلا استثناء (بشكل مبسط وسريع إن تعذر الوقت).

 

6- مساعدتهم في كتابة ما يشبه المذكرات بشكل شبه يومي عن مشاعرهم تجاه أحداث اليوم.

 

7- مساعدتهم في التعبير عما يشعرون به بعد خلاف أسرى أو حادثة على الطريق أو مشكلة في المدرسة بسؤالهم عما شعروا به خلال ذلك، وأن نعلمهم أن هذه المشاعر طبيعية، ومن الرائع أن نستطيع التعبير عنها.