استقيتُ هذا العنوان تأدبًا مع القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (سبأ: من الآية 24)، وظني الراجح أن المطالع للمقال سيدرك للوهلة الأولى أني أريد أن أضع مسلسل "الجماعة" في إطاره، أقصد أصحاب المسلسل جميعهم فهم "جماعة" خصوم لجماعة (الإخوان المسلمين)، وحين أضع جماعة "الخصوم" في موقعهم الموضوعي فإنما ألتزم المنهج القرآني، ولا أدع نفسي تتجاوز.

 

تخيلوا!

أدعو جماعات من القُراء المسلمين من غير الإخوان المسلمين أن يتخيلوا أنفسهم في الزمن النبوي، في زيارة سياحية للمدينة المنورة، وفي أثناء الزيارة التقت جماعات الزائرين بجماعةٍ من اليهود للتعرف على شخصية محمد بن عبد الله وأصحابه، فماذا ستسمع وفود السائحين من اليهود بشأن النبي الرسول؟ تخيلوا المعلومات التي يمكن أن يحدثكم بها جماعة "اليهود" عن النبي محمد وأصحابه!

 

ثم تخيَّلوا أنفسكم وقد تركتم جماعة "اليهود" من بني قينقاع، أو النضير، أو قريظة.. ثم مضيتم إلى "جماعة" من المنافقين- وهم تربية اليهود- فسألتموهم عن "محمد بن عبد الله" والذين معه، فماذا عساكم ستسمعون من "جماعة" المنافقين؟

 

وعن "جماعة" اليهود، و"جماعة" المنافقين يحدثنا القرآن الكريم، وتحدثنا كتب السيرة النبوية أحاديث صحيحة ليست مصنوعة أو ملفقة..

 

الآن وضح مقصودي أكثر من اختيار العنوان: (الجماعة، والجماعة)!

 

من أربع إلى مائة!

ليلة ارتفع "حسن البنا" شهيدًا، كانت فكرته للتجديد والإصلاح في أربع دول هي: مصر والسودان والشام واليمن، ولم تكن الفكرة قد اشتدَّ عودها.. فأين تعمل فكرة حسن البنا الآن؟

 

الآن، بعد أكثر من (60) ستين سنة، تعمل فكرة حسن البنا في القارات الخمس، في أكثر من 100 دولة!

 

ما هذا الشأن العجيب، بل الأعجب؟!

أين الماوية بعد موت ما وتسي تونج؟!

وأين الناصرية بعد موت عبد الناصر؟!

أين؟ وأين؟ وأين؟

 

إن الأفكار تخبو، أو تتوارى، أو تموت بموت أصحابها.. فماذا حدث لفكرة التجديد التي بعثها الله من خلال عقل وحركة حسن البنا؟!

 

ما هذا الشأن الأعجب؟؟!!

أدعو جماعة "الخصوم" الذين انهمكوا في إعداد وتقديم مسلسل "الجماعة" يقصدون الإخوان المسلمين، وأدعو الذين أنفقوا الملايين، وأدعو جميع المصطفّين وراءهم للتفكير بموضوعية في هذا الشأن الأعجب، الشأن الخارق لجميع العادات والأحوال المألوفة في عالم الأفكار والدعوات والجماعات والزعامات!

 

الرجل القرآني

"ريتشارد ميتشل" مفكر غير مسلم، وصف "حسن البنا" بالرجل القرآني، وهو وصف ناتج عن معرفة "ريتشارد ميتشل" بالقرآن الكريم، ومعرفته بفكرة حسن البنا للتجديد والإصلاح، أما جماعة "الخصوم" فلا يعرفون القرآن الكريم- رغم أن أسماءهم إسلامية! ولم يتعرفوا على شخصية حسن البنا الشاب المجدد، لم يتعرفوا على شخصيته من خلال كتاباته، ومن خلال كتابات الذين عرفوه، ومن خلال أصحابه الذين عاصروه، ولا يزال بعضهم أحياء يرزقون.. لم تتعرف جماعة "الخصوم" على شخصية "حسن البنا" موضوعيًّا أو هم قد عرفوه معرفةً وصفها القرآن الكريم: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ (النمل: من الآية 14).

 

المستنقعات

لقد سيقت جماعة "الخصوم" إلى مستنقع سياسي وثني علماني، يكره "المنقوعون" فيه الإسلام جملةً وتفصيلاً، سواء الإسلام بفكر الإخوان، أو بأي فكرٍ صحيح.

 

* سيقت جماعة "الخصوم" إلى مستنقع صهيوني معلوم، واسألوا حركة المقاومة الإسلامية "حماس"

 

* سيقت جماعة "الخصوم" إلى مستنقع صليبي معلوم، واسألوا مؤتمرات الدول الكبرى الصليبية منذ الأربعينيات، ثم مؤتمرات حلف الأطلسي المتتالية.

 

* وسيقت جماعة "الخصوم" إلى مستنقع ماركسي، واسألوا عن عبد الناصر، ولماذا أصدر أوامره من "موسكو" باعتقال سبعة عشر ألفًا من الإخوان المسلمين في مصر في ليلة واحدة!.. اسألوا عجائز الاتحاد الاشتراكي- وهم الآن فيما يُسمَّى بالحزب الوطني- الذين اصطفوا حين عودة عبد الناصر من موسكو هاتفين: قتّل قتّل يا جمال!

 

واسألوا السيد النائب الأول لعبد الناصر، النائب الذي أعد الوثيقة المشهورة باسمه (..) ولا أذكر اسمه رحمة بشيخوخته المتأخرة- وثيقة القضاء على جماعة الإخوان المسلمين، الوثيقة التي نشرت في عدد من المطبوعات، ومنها كتابان للشيخ محمد الغزالي، والمستشار علي جريشة.

 

* واسألوا مؤتمرات وزراء الداخلية المذعورين دائمًا هنا وهناك من المحيط إلى الخليج..
ولكني متفائل!

 

* متفائل بمسلسل "الجماعة"، جماعة الإخوان المسلمين؛ لأنه كشف جماعة "الخصوم" الذين اجتمعوا وتعاونوا على الإثم والعدوان.

 

ولقد علَّق بعض المتابعين لمسلسل "الخصوم" بهذه الإشارات:

- مسلسل ساذج!

- مسلسل يعكس الحقائق!

- مؤلف ومخرج وسيناريست دون المستوى العلمي والفني!

- قنبلة دخان على الإخوان قبيل الانتخابات!

- توقيت المسلسل لصالح الإخوان!

- أكاذيب وتلفيقات واضحة، لا سيما على لسان الراوي!

 

ولا أجد ما أختم به هذه التغطية إلا الآية التي قدمتُ بها، وجعلتها إطارًا دعويًّا وموضوعيًّا ومنطقيًّا لجماعة "الخصوم" ولجماعة "الإخوان": ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (سبأ: من الآية 24) صدق الله العظيم.