نقدِّم في هذا المقال باقات من الورود والرياحين التي سنَّها الإسلام لكل مسلم ومسلمة، هي "العبادة في الإسلام والاعتكاف وليلة القدر المباركة وزكاة الفطر".

 

الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يتوِّجا صيامهما بهذه الجوانب التي أشرنا إليها، ولا يغفل عنها، ولا يسهر إلا لها حتى يستحق الفوز والتكريم؛ فإن جوائز هذه الأيام غالية لا تُشترى من حانات، ولا تُباع في سوق، إنما هي منحة من الله عزَّ وجلَّ، ورحمة من رحماته، وفيض من فيوضاته، وعطاء لا يناله إلا من كان أهلاً له، فهلموا إلى هذه القطوف الدانية، والثمار الشهية حفظكم الله.

 

أولاً: العبادة:

العبادة والعبودية هما الغاية من الحياة، وهما التاج الذي يزين المؤمن في الدنيا والآخرة، جاء في الأثر "يا عبادي، إني ما خلقتكم لأستأنس بكم من وحشة، ولا لأستكثر بكم من قلة، ولا لأستعين بكم لدفع أمر عجزت عن دفعه، أو دفع مضرة، وإنما خلقتكم لتعبدوني طويلاً وتذكروني كثيرًا، وتسبحوني بكرةً وأصيلاً".

 

والحق تبارك وتعالى يقول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)﴾ (الذاريات).

 

لقد وسع الإسلام في مفهوم العبادة؛ ليظل المسلم موصولاً دائمًا بربه أينما حل، وفي أي مكان وجد ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ (البقرة: من الآية 115).

 

﴿قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (١٤٢)﴾ (البقرة).

 

ومن عجائب الإسلام أن أي عمل يقوم به الإنسان إذا صدقت فيه النية فهو عبادة، حتى في معاشه وفي أموره الخاصة حتى علاقته مع زوجته، جاء في الحديث "وفي بضع أحدكم صدقة"! قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته وتكون له صدقة؟ فقال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أما تكون عليه سيئة؟".

 

بل إن كل عمل صالح يفعله الإنسان مخلصًا فيه؛ امتثالاً لأمر ربه وابتغاءً لمرضاته؛ هو عبادة يُثاب عليها ثواب المتعبدين، فتناول الطعام الحلال والنوم والنزهة البريئة وطلب العلم وتعلُّم الصنعة والحارس في الحق؛ كل ذلك وغيره من الأعمال التي تتطلبها طبيعة الإنسان وله فيها رغبة إذا فعلها؛ امتثالاً لأمر الله تعالى فيما أباح له، وسعيًا في صيانة وإعفاف نفسه بالحلال، وتقوية جسمه بالأكل والنوم والرياضة والنزهة؛ كي يصبح قادرًا على القيام بالواجبات التي أوجبها الله عليه، فالساعي على الأرملة والفقير هو في عبادة، والذي ينذر نفسه لرعاية الآباء والأمهات عبادة، بل هي جهاد، وقد قال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة وقد كان يرعى أبويه "الزمهما ففيهما فجاهد"، راجع كتابنا "العبادة.. جوهرها وآفاقها"، ويرى العلماء أن العمل الذي يقوم به الإنسان لمعيشته والسعي على نفسه وأهله من أبواب العبادة والقربات إلى الله إن التزم فيه الشروط التالية:

1- أن يكون العمل مشروعًا في نظر الإسلام.

2- لا تعتبر من الأعمال المقبولة إذا كان ينكرها الدين، كالعمل في الربا والحانات والمراقص ونحوها، فلن تكون عبادة أبدًا؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.

3- أن تصحبه النية الصالحة؛ نية المسلم إعفاف نفسه وإغناء أسرته، ونفع أمته، وعمارة الأرض كما أمره الله تعالى.

4- والذي يقوم بدعوة الناس إلى الله وتذكيرهم به وترغيبهم في الخير وحثهم على الطاعات، وتربيتهم على هذا الدين؛ فهذا في قمة الأعمال الصالحة والطيبة التي يتقبلها الله عز وجل ويرفعها إليه ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ (فاطر: من الآية 10).

5- ويشترط في هذه الأمور جميعها أن يؤدي العمل بإتقان وإحسان، ففي الحديث "إن الله كتب الإحسان على كل شيء"، وفي الحديث أيضًا: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".

6- أن يلتزم فيه حدود الله؛ فلا يظلم ولا يخون ولا يغش ولا يجور على حق غيره.

7- ألا يشغله عمله الدنيوي عن واجباته الدينية، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩)﴾ (المنافقون).

 

وقوله جل شأنه: ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧)﴾ (النور).

 

مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلده ونشاطه فقالوا: يا رسول الله لو أن هذا في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا؛ فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها؛ فهو في سبيل الله، وإن كان خرج على أبوين شيخين كبيرين؛ فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرةً؛ فهو في سبيل الشيطان".

 

أيها الأحباب.. نذكر في هذا الموقف أن الكون كله بما فيه جمادات وأشجار وأنهار ودواب، يسبح ربه ويسجد طاعة لله، قال تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)﴾ (التغابن)، وقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ (النحل: من الآية 49)، وقال تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤٤)﴾ (الإسراء).

 

يا أخي.. أرجوك أن تفتح المصحف وتتأمل هذه الآفاق من حولك، الكون كله عابد، الكون بما فيه ساجد، الكون بما فيه مسبح، وأين أنت؟ وما هو دورك في هذا الجانب؟ شغلتنا الدنيا، يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢)﴾ (يس).

 

بهذه النصوص التي أوردناها، نستطيع أن نقول إن أرجاء الوجود كلها تتجاوب بالتسبيح والتحميد والتكبير لله عز وجل، ونأخذ من هذه الآيات أن كلاًّ من السماوات والأرض له روح يتوجه بها إلى خالقه بالتسبيح، وقد جاء في القرآن الكريم: ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠)﴾ (سبأ)، فإذا الجبال كالطير تؤوب مع داوود عليه السلام، وأخرج مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بمكة حجرًا كان يسلم عليّ ليالي بعثت؛ إني لأعرفه الآن"، وروى الترمذي عن علي بن أبي طالب، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله شجر ولا جبل إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله.

 

وروى البخاري عن أنس بن مالك قال (خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جذع، فلما صنعوا له المنبر، فخطب عليه، حن الجذع حنين الناقة فنزل الرسول فمسحه فسكن)، وآيات القرآن التي أوردناها صريحة وواضحة وضوح الشمس في تقرير هذه الحقيقة الكونية، وهنا نقول: إذا كان الكون كله- كما بينَّا- ساجد وعابد ومسبح لله عز وجل، فمن هو الشاذ إذن؟ ومن هو الغريب في هذه الحياة؟ إنه البعيد عن الله عز وجل، الذي أغلق قلبه ومشاعره عن ربه، وأصم أذنيه وعقله، ففقد الحياة وصار من الأموات بعدم طاعته لله، وعبد الشيطان.

 

ثانيًا: الاعتكاف:

والحكمة من الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكفها حتى لقي ربه؛ هي إحياء هذه المعاني التي ذكرناها، وردُّ الإنسان إلى ربه، وجمع القلوب على الله، وتقوية الروح، وتوديع شهر رمضان المعظم بهذه الصورة الكريمة من البعد عن الدنيا، والتأمل والتدبر العميق في هذا الكون، وقد أمرنا القرآن بهذا ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)﴾ (محمد).

 

- وحكم الاعتكاف: أنه سنة مؤكدة، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"، فالمواظبة عليه من النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أنه سنة.

 

ويجب على المعتكف أن يصوم عن الدنيا، وأن تتعلق روحه وقلبه بالمسجد، وأن يكون مرابطًا فيه؛ فإن الملائكة تجالسه، فإن غاب بحثوا عنه، وإن مرض عادوه، ولا يحرم من دعائهم واستغفارهم.

 

- وشروط الاعتكاف: الإسلام، والنية، والطهارة من الحدث الأكبر، وخلو المرأة من الحيض والنفاس.

 

ويفسد الاعتكاف بارتكاب جميع المحظورات التي نهى الشرع عنها وحرَّمها الإسلام، ويعتكف في مسجد تقام فيه الجماعة.

 

- ما يستحب للمعتكف أن يشغل نفسه به:

يستحب له الانشغال بالصلاة، وتلاوة القرآن، وذكر الله تعالى، والتفكر والتأمل، والدعاء، ودراسة العلم، واستذكار الحديث، وسير الأنبياء والصالحين، وغير ذلك من القربات.

 

ويجوز للمعتكف التنظيف والغسل والحلق والتزين والتطيب والأكل والشرب في المسجد على وجه لا يؤدي إلى إيذاء المصلين، ويباح للمعتكف الكلام للحاجة، وتوديع زائره، وزيارة امرأته له، وعيادة المريض، وصلاة الجنازة خارج المسجد.

 

ويجب على المسئولين عن بيوت الله أن يعدوها لهؤلاء الأبرار، وأن يستقبلوا هؤلاء الطائعين ويرحبوا بهم لأنهم من الذين قال الله فيهم ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٨)﴾ (النور).

 

ثالثًا: ليلة القدر:

هذه الليلة الموعودة والمشهودة التي كانت مهرجانًا، سجَّله الوجود كله في فرح وغبطة وابتهاج، ليلة نزول الدستور الإسلامي الخالد، ليلة نزول القرآن الكريم على قلب سيد المرسلين بلسان عربي مبين؛ لينذر من كان حيًّا ويحق القول على الكافرين.

 

هذا المهرجان في ليلة اتصال الملأ الأعلى بالأرض، ليلة ذلك الحدث العظيم الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته، وفي آثاره الطيبة في حياة البشرية جميعها، وهذه الليلة المباركة التي نتحدث عنها هي الليلة التي ذكرها القرآن في سورة الدخان في قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)﴾ (الدخان)، ومن المعلوم أنها ليلة من ليالي شهر رمضان لقوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ (البقرة: من الآية 185).

 

وسميت (ليلة القدر) من التقدير والتدبير، ومن العجيب أن هذه الليلة خير من ألف شهر، أي من ثلاثة وثمانين عامًا.

 

إنها ليلة عظيمة القدر جليلة الشأن، وهي ليلة عظيمة باختيار الله لها؛ لتكون ظرفًا يتنزل فيها القرآن، ويفيض فيها النور على الوجود كله.

 

إنها ليلة عظيمة حقًّا بكل المقاييس، لقد نزل فيها الوحي المبارك القرآن العظيم؛ فأين هو الآن في حياة المسلمين؟ أين الدستور الخالد؟ أين مصدر الهداية؟ لماذا لا يحكم حياة البشر ليهديهم سواء السبيل، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٠)﴾ (الإسراء).

 

إن البشرية اليوم قد جهلت هذه الليلة- إلا من رحم الله وعصم- وهذه الأكثرية من البشر منذ تنكبت الصراط المستقيم وجهلت قدر هذه الليلة وما كان فيها من نعم وهدايا من رب السماوات والأرض؛ فقدت بهذا البعد والغفلة أعظم نعم الله عليها، وحرمت نفسها من النور الذي أشرف وأفاض، وحملة الأبرار إليها، وصدق الله إذ يقول: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)﴾ (طه).

 

ونحن المؤمنون مطالبون بألا ننسى هذه الذكريات الغوالي؛ لأنها جزء من رسالتنا ومن دعوتنا التي عاهدنا الله عز وجل أن نعمل لها، وأن نرد الناس إليها مهما كلَّفنا ذلك، فأحيوا ليلة القدر بالدعاء والتسبيح، والتمسوها في العشر الأواخر كما قال صلى الله عليه وسلم "أحيا الله قلوبكم في يوم لا ينفع فيه مال إلا من أتى الله بقلب سليم".

 

رابعًا: زكاة الفطر:

وهي نوع فريد من الزكاة، وهي معونة ومنحة عاجلة للفقراء حتى يظهروا في يوم العيد بمظهر كريم لائق بالمسلم، بعيدًا عن ذل الفقر والحاجة، وهو يوم الفرحة ويوم السعادة.

 

- ومشروعيتها تكمن في الانتهاء من الصيام، والدخول في العيد شكرًا لله على نعمة التوفيق في الصيام، ونعمة الفرحة بالعيد ومواساة من المسلم لإخوانه المحتاجين، وإغناء لهم عن السؤال في يوم العيد.

 

وإنها من عظمة الإسلام في تعويد جميع المسلمين على فعل الخير والإحسان والبر، وإشعار المسلم بكرامته وشخصيته حين يمد يده معطيًا لا آخذًا، ولهذا كان من صفات المتقين ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)﴾ (آل عمران)، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صاع من بر أو قمح عن كل اثنين؛ صغير أو كبير، حر أو عبد، ذكر أم أنثى؛ أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد عليه أكثر مما أعطاه".

 

- ومقدار الزكاة: الحد الأدنى 5 جنيهات ومن وسَّع بعد ذلك وسَّع الله عليه.

 

اللهم أعد علينا رمضان بالخير والسعادة.. اللهم حرِّر أوطان المسلمين.. وادفع البغي عنهم.. وأمنهم في ديارهم، اللهم عليك بمن ظلمهم وبغى عليهم.. اللهم ارحم أهل فلسطين الذين أُوذوا كما لم يؤذ أحد، وصبروا كما لم يصبر أحد، واعتصموا بربهم ولاذوا بجواره، اللهم أكرمهم، اللهم عليك باليهود ومن شايعهم ومشى في ركابهم، اللهم دمرهم، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وكل عام وأنتم بخير.

------------

* من علماء الأزهر الشريف