نجح المسلسل في جذب الكثيرين إلى متابعته تعاطفًا معه أو تحاملاً عليه، وقد شدَّني هذا لبعض القراءات حول أحداث المسلسل، ومنها كتاب (الرجل القرآني) للمستشرق الأمريكي "روبير جاكسون"، وهو كتابٌ مترجمٌ بواسطة الأستاذ أنور الجندي، وتحت عنوان "البنا.. الذي يتبعه نصف مليون"، ذكر الكاتب ما يلي:

 

زرت هذا الأسبوع من شهر فبراير 1946م رجلاً قد يصبح من أبرز الرجال في التاريخ المعاصر؛ ذلك هو الشيخ حسن البنا.

 

كان هذا الرجل خلاَّب المظهر، دقيق العبارة.

 

لقد حاول أتباعه الذين كانوا يترجمون بيني وبينه أن يصوِّروا لي أهداف هذه الدعوة، وأفاضوا في الحديث على صورة لم تقنعني، وظل الرجل صامتًا حتى إذا بدت له الحيرة في وجهي قال لهم: قولوا له شيئًا واحدًا: هل قرأت عن محمد؟ قلت: نعم.  قال: هذا هو ما نريده.

 

كل ما أستطيع أن أقوله هنا: إن الرجل أفلت من غوائل المرأة والمال والجاه، وهي المغريات الثلاث التي سلَّطها المستعمر على المجاهدين، وقد فشلت كل المحاولات التي بُذلت في سبيل إغرائه!.

 

وقد أعانه على ذلك صوفيته الصادقة، وزهده الطبيعي، فقد تزوَّج مبكرًا، وعاش فقيرًا، وجعل جاهه في ثقة أولئك الذين التفُّوا حوله، وأمضى حياته القصيرة العريضة مجانبًا ميادين الشهرة الكاذبة، وأسباب الترف الرخيص.

 

وكان يترقب الأحداث في صبر، ويلقاها في هدوء، ويتعرَّض لها في اطمئنان، ويواجهها في جرأة!.

 

وكان الرجل عجيبًا في معاملة خصومه وأنصاره على السواء! كان لا يهاجم خصومه، ولا يصارعهم بقدر ما يحاول إقناعهم وكسبهم إلى صفِّه، وكان يرى أن الصراع بين هيئتين لا يأتي بالنتائج المرجوَّة.

 

كان يقتفي خطوات عمر وعلي، ويصارع في مثل بيئة الحسين، فمات!.

 

أخذ من عمر خصلة من أبرز خصاله، تلك هي إبعاد الأهل عن مغانم الدعوة، فقد ظلَّ عبد الرحمن ومحمد وعبد الباسط- وهم إخوته- بعيدين عن كبريات المناصب، ولطالما كان يحاسبهم كما كان عمر يحاسب أهله، ويضاعف لهم العقوبة إذا قصَّروا.

 

وكان حسن البنا الداعية الأول في الشرق الذي قدَّم للناس برنامجًا مدروسًا كاملاً، لم يفعل ذلك أحد قبله، لم يفعله جمال الدين، ولا محمد عبده، ولم يفعله زعماء الأحزاب والجماعات الذي لمعت أسماؤهم بعد الحرب العالمية الأولى.

 

كان يريد أن يصل إلى الحل الأمثل مهما طال طريقه؛ ولذلك رفض المساومة، وألغى من برنامجه أنصاف الحلول، وداوم في إلحاح القول بأنه لا تجزئة في الحق المقدس، في الحرية والوطنية والسيادة.

 

وكان يبدو حين تلقاه هادئًا غاية الهدوء، وفي قلبه مِرجل يغلي! ولهيب يضطرم! فقد كان الرجل غيورًا على الوطن الإسلامي، يتحرَّق كلما سمع بأن جزءًا منه قد أصابه سوء، أو ألمّ به أذى.

 

وكان في عقله مرونة، وفي تفكيره تحرُّر، وفي روحه إشراق، وفي أعماقه إيمان قوي جارف.

 

انتهي كلام الكاتب..

ويبقي رأي القارئ في المسلسل.