انتهى مسلسل الجماعة بانتهاء الحلقة الأخيرة بوعد من السينارست وحيد حامد بالجزء الثاني من المسلسل، الذي يتناول فيه مرحلة الخمسينيات والستينيات.

 

انتهى مسلسل الجماعة وانتهت معه مصداقية وحيد حامد عند الناس، وخاصة المثقفين، ولم يعد خافيًا على أحد أنه الوكيل الفني لأمن الدولة والنظام المصري؛ حيث إن الأخير لم يكتف بتحطيم الحاضر بالقضاء على الاقتصاد المصري بالسلب والنهب والفساد، وتحطيم المستقبل بإفساد العملية التعليمية؛ لم يكتفِ بذلك، بل لجأ إلى تشويه التاريخ الجميل في حياتنا وذاكرتنا بتزييف الحقائق، وتزوير التاريخ؛ نتيجة للخصومة الفاجرة من قِبَل النظام لجماعة الإخوان المسلمين.

 

ولعلَّ المُشاهد للمسلسل يلحظ أن الحلقات الأخيرة منه امتلأت بمشاهد القتل والدمار، وإظهار الشهيد الإمام حسن البنا أنه معترف بتحمل الجماعة لتلفيقات وحيد حامد، ومعترف بها، وأن ممارسة الإخوان للسياسة هي التي دفعت الجماعة لهذه الهاوية، وإظهار ندم الإمام الشهيد على ممارسة الجماعة للسياسة؛ لتبقى هذه هي الصورة الذهنية لدى المشاهد عن الإخوان المسلمين في الأيام المقبلة، التي تشهد إجراء الانتخابات النيابية المصرية، وهذه لم تخف على المُشاهد أيًّا كان مستوى ثقافته واطلاعه، إن هذا لخدمة النظام المصري لانتشاله من حالة السخط الجماهيري التي يعاني منها، والتي ازدادت عن مرحلة انتخابات 2005م.

 

أقول للسيد وحيد حامد هل من المصداقية أن تَعْرِض المشهد المصري في مرحلة ما قبل الثورة دون التعرض لعلاقة النظام بالاحتلال الإنجليزي، وما يحدث على أرض فلسطين من سلب ونهب وقتل، وقناعة الإنجليز التامة بأن العقبة الوحيدة أمام تنفيذ مخططاتهم في فلسطين هي القوة الشعبية ذات الثقل والتأثير الكبير في الشارع المصري، وهم الإخوان المسلمون، وأنه لا بد من التخلص منهم والقضاء عليهم؛ لتنفيذ هذه المخططات، وذلك بتشكيل حكومات عميلة لهم تنفذ مخططاتهم التنفيذ الحرفي دون نقاش أو حرص على المصلحة القومية للبلاد والعباد، والمشهد يذكرنا بمشهد اليوم حينما يُعلن النظام المصري ودون مواربة أن له دورًا محوريًّا في تحقيق الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة.

 

ثم ألم تُظْهِر عن نواياك الحقيقية بتعمد عدم تناول المشهد الدموي لقتل واستشهاد الإمام الشهيد حسن البنا الذي من الطبيعي فنيًّا ومهنيًّا وأنت تتناول حياة الرجل أن تذكر لهم كيف انتهت حياته على يد الإنجليز والملك، وتحت رعاية ومباركة الحكومة العميلة آنذاك!! يا سيد وحيد لقد عرَّاك هذا أمام الجميع.

 

إن السيد وحيد حامد وحرصًا منه على تحقيق مستهدفه من تشويه الصورة الذهنية للجماعة لدى المشاهد المصري؛ أظهر كل الحكومات المتتالية قبل الثورة على أنها حكومات وشخصيات وطنية تعمل لمصلحة الوطن، حتى الملك أظهره بأنه حريص على مصلحة مصر ومستقبلها، فإن كان الأمر كذلك فلماذا قامت ثورة يوليو إذن على يد الضباط الأحرار؟!!.

 

أقول للسيد وحيد بعد انتهاء الجزء الأول من مسلسله: لقد حَقَقَت الإخوان مكاسب عدة من وراء هذا المسلسل سواء بين المثقفين المتابعين له وخاصة الشباب الذين دفعهم المسلسل للقراءة عن الشهيد حسن البنا والإخوان ومعرفة الحقائق؛ ما عرَّاك أمامهم، وأحب أن أبشرك بنفاد كتاب مذكرات الدعوة والداعية من المكتبات، وقد بلغ عدد الذين قاموا بتحميله من على الشبكة العنكبوتية عشرات الألوف، وبين البسطاء من أبناء هذا الوطن الطيب أهله، والذين تُرَاهِنُون على توظيف بساطتهم؛ لتضليلهم، ولكن سلامة فطرتهم تقف حجر عثرة أمام تحقيق مستهدفاتكم، ولعلك أتاك نبأ عامل الكاوتش الذي ما إن شاهد المرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ الدكتور محمد بديع إلا وشدَّ على يديه قائلاً: "إننا لا نصدق ما يأتي بالمسلسل، وربنا يعينكم ونحن معكم"، وهل أتاك نبأ الفلاح الذي يركب بجوار سائق الميكروباص (مشغل الكاسيت على الأغاني في نهار رمضان)، وظل ينصح السائق وبصوت مرتفع أن يغلق الكاسيت، ويفتح على القرآن، وبعد النزول اقترب من الفلاح بعض الشباب ليشدوا على يديه ويشكروه على موقفه ففوجئوا بقوله: (أنتم ما بتشفوش مسلسل الجماعة، وشفتم الشيخ حسن البنا وهو بيدعي الناس وينصحهم على المقاهي، يبقى إحنا لا ننصحهم وندعيهم للصح في ميكروباص؟!).

 

وأخيرًا يا أستاذ وحيد إن كنت تظن أن الجزء الأول من مسلسلك قد نجح.. أتحداك أن تنصح النظام المصري الذي تعمل معه أن تكون الانتخابات البرلمانية المقبلة شفافة، وتحت الإشراف القضائي، وترفع وزارة الداخلية يدها عن الانتخابات، وتكون كل مراحلها إعدادًا وترشحًا وتصويتًا وفرزًا وإعلانًا للنتائج تحت السيطرة الكاملة للقضاء المصري النزيه، وإنا منتظرون لكشف الحقائق.