- المستشار الخضيري: جبن النظام من الإخوان وراء سياسة الاعتقال
- صبحي صالح: البطش الزائد يبشِّر باقتراب موعد السقوط الكبير
- د. عاطف البنا: القانون أول الغائبين في تعامل النظام مع الإخوان
- محمد طوسون: القتلة وتجار المخدرات هم "أحباب" الحكومة ورجالها
تحقيق: إيمان إسماعيل
في الرابع عشر من ديسمبر الجاري، بلغت مدة الحبس الباطلة للمهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ورجل الأعمال حسن مالك، 4 سنوات في القضية العسكرية الملفقة، والتي طالت 40 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين.
المحاكمة العسكرية هي السابعة في عهد الرئيس محمد حسني مبارك، والتاسعة في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، ورغم صدور حكم من القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بإحالة ملف القضية إلى القضاء العسكري، إلا أن المحكمة العسكرية تجاهلت الحكم، ورفضت الإفراج الفوري عن المتهمين!!.
وتحفظت النيابة على أموال عدد من المعتقلين؛ بدعوى اتهامهم بغسيل الأموال، دون أن تلتزم النيابة بالإجراءات التي حددها القانون لذلك، وتم تجديد الحبس للمعتقلين بأحكام كلها مخالفة للقانون وباطلة، كما أحالهم المدعي العام العسكري إلى المحكمة العسكرية، دون إجراء أي تحقيق معهم!!.
واستمرت المحاكمة لأكثر من 70 جلسةً سريةً، تم منع الإعلام عنها بشكل كامل؛ حيث بدأت في 26 أبريل 2007م، وانتهت بصدور الأحكام الجائرة في 15 أبريل 2008م، بعد أن تأجل النطق بالحكم ثلاث مرات.
ووجَّه المدعي العام العسكري تهمة غسيل الأموال إلى المعتقلين، رغم اعترافه صراحةً في أولى جلسات المحاكمة العسكرية أن التقرير المالي الذي تستند إليه تهمة غسيل الأموال لم ينتهِ إعداده بعد، وتسلمت المحكمة العسكرية ذلك التقرير بعد 5 أشهر من توجيه تهمة غسيل الأموال إلى المدعي عليهم، في مخالفة جديدة صارخة للقانون.
كما عهدت النيابة العامة إلى إدارة الكسب غير المشروع في إعداد ذلك التقرير، بالمخالفة التامة للقانون، الذي حدد وحدة غسيل الأموال بالبنك المركزي للقيام بتلك المهمة، فيما أكد رئيس لجنة الخبراء في الجلسة الـ17، أنه لا علاقة بين الشركات وجماعة الإخوان المسلمين، وأن تلك الشركات لم تمول أنشطة طلابية، ولم تحصل على أموالها من جرائم أو عمليات مشبوهة.
ورغم ذلك أصرت المحكمة العسكرية على توجيه تهمة غسيل الأموال، وأصدرت أحكامًا جائرة ضد 25 من قيادات الجماعة بالسجن لمدد تتراوح بين 3 سنوات و7 سنوات، في مخالفة واضحة للقانون، وكذلك أحكام غيابية بحبس 5 من قيادات الإخوان خارج مصر 10 سنوات!!.
(إخوان أون لاين) فتح ملف القضية الملفقة من جديد وطرحها على خبراء القانون..
المستشار محمود الخضيري |
بدايةً يأسف المستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض السابق، على الوضع المتردي في مصر، والذي أثبتت السنوات الأربع الماضية تدنيه يومًا تلو الآخر، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة أحداثًا مليئةً بالأخطار والصعوبات، في ظل الانتهاكات المتتابعة للقانون وسلطة القضاء، لصالح النظام ولضرب القوى السياسية المعارضة.
ويرى أن الجبن المسيطر على النظام نحو الإخوان المسلمين هو السبب في عدم الإفراج عن المعتقلين بأحكام عسكرية، بعد قضائهم أكثر من نصف المدة، على الرغم من العفو الرئاسي عن مجرمين وجنائيين، منتقدًا إطلاق النظام الحبل على الغارب للأجهزة الأمنية، التي طغت وتكبرت، دون أي محاسب أو رقيب.
وأكد أن قوة جماعة الإخوان المسلمين، التي تمثل أكبر فصيلٍ سياسي معارض للنظام، بالإضافة إلى ثقلها الكبير في الشارع المصري؛ هو سبب تعنت النظام معها، وإصراره على تغييب قيادات الجماعة في السجون؛ لتخوفه الكبير من زيادة شعبية الإخوان في الشارع المصري، خاصةً في ظل شهادة الجميع بأداء الإخوان لسياسات متميزة وحقيقية لها وزنها، وأثرها الملموس على أرض الواقع!.
ذبح العدالة!
صبحي صالح
ويقول صبحي صالح المحامي وعضو الكتلة البرلمانية السابق للإخوان المسلمين: إن الذكرى الرابعة للعسكرية، تحيي في الأذهان يوم ذبح العدالة، وضياع القانون، في أكبر فضيحة عرفتها مصر، مضيفًا: ورغم كل تلك الآلام إلا أن الشرفاء ما زالوا على مبادئهم، ومواقفهم، وما زلنا جميعًا نرفع أيدينا، وتلهج ألسنتنا إلى الله، بأن يزيح الثلة الفاسدة من مصر، وأن يعيننا على الإصلاح.
وتابع: على الرغم من ظلم واستبداد النظام القائم، إلا أن كل المبشرات تدل على قرب زواله، متوقعًا أن يتحسن حال مصر على كل الأصعدة القانونية والسياسية وغيرها، ما دام الشرفاء والإصلاحيون ظلوا متشبثون بتحقيق أهدافهم مهما كان الثمن، ومهما لاقوا من تعنت وقهر وظلم على الطريق.
ويجدد تأكيد عدم شرعية تحويل المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وفقًا للمادة (68) من القانون المصري، والتي تنص على أن التقاضي حقٌّ طبيعي لكل مواطن، ولكن أمام القضاء العادي؛ لما يتوافر فيه من صفات، لا توجد في المحاكم العسكرية، ولا في قضاتها.
ويلفت النظر إلى أن القاضي العسكري لا يمكن أن تتوافر فيه صفة القاضي الطبيعي، والأحكام الصادرة منه بحق المدنيين لا تتمتع بأية شرعية، وعندما يحيل رئيس الجمهورية قضايا الإخوان المسلمين إلى المحاكم العسكرية، فهو يعلم أن القضاة في هذه المحاكم تخضع له في الأوامر، وليس لها الاستقلال الذي يحظى به القاضي المدني.
إرهاب نظام
د. عاطف البنا
ويشير الدكتور عاطف البنا، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة القاهرة، إلى أن النظام الحاكم في حالة من الضعف والوهن الشديد، جعلته يلجأ إلى الإرهاب والظلم، وتغييب الشرفاء خلف القضبان، كمحاولة منه لإفساح الطريق وتمهيده للثلة الفاسدة في البلد.
ويستنكر د. البنا المحاولات الحكومية لتمرير قانون الإرهاب في الدورة البرلمانية القادمة، والتي تعني مزيدًا من القمع وكبت الحريات، مطالبًا بضرورة إنهاء حالة الطوارئ على الفور، دون أن يحل مكانها أي قانون.
ويضيف أن العمل بقانون الطوارئ مستمر منذ أكثر من 30 عامًا متتابعة، وهو ما لم يحدث في أي بلد يحترم أفراده، لافتًا إلى أنه لا يعارض وجود قانون الطوارئ، ولكن بصورة مؤقتة، إذا وجدت الحاجة التي تدعو إلى استخدامه.
ويوضح أن إلغاء قانون الطوارئ سيؤدي حتمًا إلى خروج كل المعتقلين الأبرياء من معتقلاتهم، وسيحرم تحويل المدنيين إلى القضاء العسكري، خاصةً أن المحاكمات موجودة في كل القوانين، ولكن قانون الطوارئ أعطى سلطةً مطلقةً للنظام؛ ليتحكم فيمن شاء ويحوِّل من يشاء إلى محاكم عسكرية، وغيرهم إلى محاكمات أخرى، دون وجود قواعد مفهومة في ذلك.
ويضيف قائلاً: إنه في ظل بطش نظام غاشم، فكل شيء أصبح محتملاً في الأعوام المقبلة، متوقعًا أن تسفر السنوات المقبلة عن مزيد من المهازل، سواء كانت محاكمات عسكرية، أو انتهاكات أخرى لحقوق المواطنين، وعلى رأسهم شرفاء جماعة الإخوان المسلمين.
وينتقد د. البنا تغييب القانون في تعاملات النظام مع الإخوان؛ حيث إن من المسلَّمات أن تقوم الدولة بمؤسساتها على مبدأ المشروعية، وسيادة القانون، والذي بمقتضاه تخضع الدولة في تصرفاتها للقانون القائم، ولا تحيد عنه قيد أنملة، مشيرًا إلى أن ذلك هو ما يخالف الوضع الحالي تمامًا في تعامل النظام مع جماعة الإخوان.
"حبايب" الحكومة!
محمد طوسون
ويؤكد محمد طوسون المحامي، المقرر العام للجنة الشريعة بنقابة المحامين، أنه على الرغم من مرور 4 سنوات على تغييب أبطال العسكرية خلف القضبان، إلا أن السنوات المقبلة ستسفر عن مزيد من "الديكتاتورية"، وكبت الحريات، والتي قد تنتهي إلى محاكمات عسكرية جديدة وأخرى استثنائية؛ نظرًا للواقع المؤلم الذي نحياه الآن في مصر.
ويوضح أن الدولة تضرب بالدستور وبأحكام القضاء وبقوانينه عرض الحائط، معلنةً بذلك اعتداءها السافر على القانون والدستور المصري؛ وهو ما ينذر بكوارث مستقبلية لا تُحمد عقباها.
ويشير إلى أن الدول النامية، التي يطلق عليها "متخلفة"، بها قوانين تحترم من حكومتها وحكامها، وبالتالي مواطنيها، على خلاف مصر التي فاقت كل الحدود.
ويؤكد أحقية الإخوان في الحصول على كل الإعفاءات والامتيازات التي أُقرت للسجناء طبقًَا للدستور المصري الخاص بقوانين السجون، الذي ينصُّ على وجوب الإفراج بعد نصف المدة عن السجناء الذين يتحقق حسن سيرهم وسلوكهم خلال فترة الحبس، خاصةً أن الإخوان من أفضل الناس أخلاقًا في الداخل والخارج، ومن أشدِّ الناسِ التزامًا بالقوانين.
ويضيف أن الحكومة تعلم أنها لو التزمت القانون، وأطلقت للحرية وللديمقراطية العنان، سيختار الشعب الإخوان؛ لذلك هي تتعمد اضطهادهم وقمعهم بأي شكل كان، مستنكرًا أن تجار المخدرات ومتعاطيها هم "حبايب" الحكومة ومصدر فخرها ومساومتها، والدليل على ذلك الإعفاءات التي يحصلون عليها قبل انتهاء نصف المدة، بالإضافة إلى استحالة تحولهم إلى محاكمات عسكرية، مهما كان الأمر!!.