بالعملة المعدنية.. نفرَّح أولادنا..

نقضي طلباتنا..

نعمَّر بيوتنا..

 

هذه النداءات أطلقتها مصلحة "سك العملة المصرية"، عبر حملة إعلانات ضخمة في جميع الصحف الحكومية منذ أكثر من أسبوع بمساحة نصف صفحة كاملة بالألوان تحت عنوان (العملة بقيمتها.. مش بخامتها).

 

وحددت المصلحة رسالتها بالنداء التالي:

تعاملك بالعملة المعدنية يحقق لك النفع في كثير من احتياجاتك اليومية ومتطلباتك الحياتية.. فلا تتنازل عنها ولا تستبدلها بأشياء لا تفيدك ولا تحتاج إليها.

 

لن نتعجب ولن نسأل عن الآلاف المؤلفة التي دُفِعَت ثمنًا لهذه الحملة العبقرية.

 

فالمُعلن هو مصلحة سك العملة، التابعة لوزارة المالية، فلا مشكلة مطلقًا وأبدًا في توفير سيولة واعتمادات لهذه الحملة أو حتى لحملة فريز أو نابليون إن أرادوا!.

 

فالمصلحة هي التي تسك العملة، والوزارة هي التي تسك المواطنين على أقفيتهم بالضرائب.

 

فلا عجب أن تبعثر بعض الملايين العشوائية على الصحف الصديقة، لزوم الوجاهة وعدم كنز المال؛ حتى لا ينفجر من الكبت في المصلحة لا قدر الله.

 

لن نسأل مَن بيده مال الشعب؛ لماذا تبعثره؟ فقديمًا قالوا: (اللي معاه قرش لم يأخذه منه وزير المالية ومحيره؛ يعمل إعلان ويصوره).

 

ولكننا نسأل ما الهدف من هذه الحملة؟

هل هو توعية المواطنين وحثهم على استعمال العملة المعدنية؟

 

إن المصلحة طرحت هذه العملة منذ سنوات، وربما لو كانت هذه الإعلانات مع بداية هذا الطرح لكان الأمر مستساغًا، أما وقد أصبحت العملة المعدنية أمرًا واقعًا، وانتهت الأزمات المصاحبة لبدايات استخدامها؛ فلا معنى ولا قيمة لهذه الإعلانات الباهظة إلا ما يعرفه كل مواطن عن حاجة المصالح والوزارات إلى استحداث موارد صرف لمحاباة الأصدقاء أو للنهب المقنن وكله في النهاية مصلحة!!!.

 

الأمر الأكثر أهمية أن الوزارة التي تتبعها المصلحة، وهي وزارة المالية، ترفض استلام العملة المعدنية من محصلي النقل العام؛ مما دفعهم إلى الشكوى إلى الصحف والاستغاثة بأولاد الحلال للتدخل لحل هذه المعضلة المضحكة المبكية.

 

فهل تقصد مصلحة سك العملة توجيه الرسالة والتوعية إلى رعاياها في الوزارة، أقصد موظفي المالية، لقبول هذه العملة التي تُقدر بقيمتها وليس بخامتها كما تقول إعلاناتها الفاخرة؟

 

أم أن السادة مسئولي المصلحة والوزارة شاهدوا المصريين وهم يقذفون العملات المعدنية في الشوارع، رافضين اقتناءها؛ مما يسبِّب ضررًا بالغًا بالأرصفة والطرقات والبنية التحتية التي يتحدث عنها نظامنا الحاكم منذ أن حكم علينا؟!.

 

ألا يعرف السادة الأثرياء في مصلحة سك العملة أن المواطن أصبح في حالة تجعله يبحث في القمامة؛ ليجد شيئًا يقتات به ويقيم به أوده، أو يقتل أبناءه لعجزه عن إطعامهم أو تربيتهم؟!.

 

إن المواطن بسبب إنجازات الحزب الوطني إذا وجد "سحتوتًا" أو مليمًا لن يتنازل عنه سواء كان من الصفيح أو من البلاستيك.

 

فلا داعي لهذه البعثرة والبعزقة في أموال المساكين من أهل مصر المحروسة، فالأجدر أن تحلوا مشكلة محصلي النقل العام مع وزارتكم إذا كنتم جادين في حملتكم، وإلا فسكوا على مثل هذه الاستفزازات يا أهل المصلحة أصلحكم الله!.