إنها دعوة صريحة، وهمسة صادقة أخاطب بها أقراني الشباب، أدعوهم فيها إلى الجد والعمل، والعودة إلى العلم والكتاب فلا سبيل إلى النجاح دون ذلك، ولن يكون هناك سبيل للنجاح والرقي والتقدم يومًا من الأيام دون كتابٍ نعكف على قراءته، وننهل منه ما نبني به مستقبلنا.

 

يا شباب مهما اشتدت الأزمات، وقست الدنيا علينا، وغطَّت السحب وجه المستقبل حتى طمست معالمه أمام أعيننا، بقينا نحن الأمل القادم، والنصر المنتظر، والمجد الذي تهفو إليه نفوسنا وقلوبنا.

 

يا شباب إن أمتنا وعروبتنا في أمسِّ الحاجة إلى عطاء منَّا يرفعها، عطاء من عقولنا وهمتنا وطموحنا، فهيا نطلق صافرة البدء معلنين الجد.

 

إننا في حاجة ملحة إلى عقل مبدع مفكر يقهر الظروف وينتصر على العوائق.

 

إن ساحة الفكر والإبداع بها فقر شديد لا يكفيها ثلة قليلة من المفكرين والمبدعين في عصرنا، فلم نتركها خربة ونصرف الأنظار عنها؟!.

 

يا شباب إن الأمة اليوم في احتياج لآلاف القرضاوي حتى تبقى فيها أصالة الإيمان ومعاصرة الفكر، وفي عوز شديد لآلاف العقول مثل العوا ومحمد عمارة ومَن على شاكلتهم من مثقفي الفكر المبدعين في كل مجالات الفكر.

 

وفي أمسِّ الحاجة إلى تلاميذ متفوقين لجمال عبد الهادي ومحمود شاكر وعبد العظيم الديب والصلابي يؤرخون لنا صحيح التاريخ وينفضون عنه غبار الشبهات ويخرجونه لنا جليًّا ظاهرًا نعرف به روعة ماضينا ونخطط به لعزة مستقبلنا.

 

إننا نبحث بين الشباب عن عقول مبدعة في إعداد الأعمال الفنية التي تنمو بعقول الشباب وترتقي بالمجتمع في وسط هذا الغثاء من مرضى الفكر، نحتاج إلى مثل هذا الشاب "بلال فضل" ومَن يفكر بمثل عقله، يخرجون لنا ما نعلم الناس من خلاله من أعمال الفن الراقي لا الهابط، النافع لا الضار يوجه الناس إلى الكتاب ويدعوهم إلى القراءة في أكثر مقالاته وكتاباته.

 

نبحث عن مَن يرسمون البسمة على شفاه الناس بكتاباتهم الساخرة الهادفة مثل جلال أمين، ما زالت أمتنا تبحث عن عقول منفتحة مبدعة قوية الحجة في القول والرد مثل عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان، نشتاق ونحتاج تلاميذ مبدعين مثل هويدي والخضيري وبشارة ورفيق حبيب وجورج إسحاق، وغيرهم ممن ملئوا الدنيا بقوة كلمتهم وصمودهم.

 

يا شباب إن هؤلاء رصيد عظيم يدخر لنصرة مصر، وواجبنا أن لا ينفد ويكون من بعده أضعاف وأضعاف.

 

نحتاج أن نقرأ ونسمع لكلمات رائعة تهزُّ النفس وتوقظ الهمم وتطرب السامع من شعراء جدد يخلفون أحمد شوقي وحافظ إبراهيم والبارودي وجويدة، نحتاج لمثل الرافعي والعقاد وسيد قطب ومصطفى محمود وعلي محمود طه وعلي الجارم وعبد الله شمس الدين وغيرهم الكثير، لا أدري لِمَ خلت منهم الساحات وفضت من أمثالهم الديار، فانهار الشعر والأدب وصار ما نسمع اليوم ونرى من إسفافٍ أدبي وفني لا علاقةَ له بالذوق والطرب؟!.

 

يا شباب أين أبناء زغلول النجار وعائض القرني والسويدان ومحمد حسان وصلاح سلطان وعبد الله الخطيب ومَن على دربهم يسير؟!.

 

تكثر النداءات حتى لا يتسع المقام ولا المقال فانتفضوا يا شباب إننا مستقبل العرب والأمة، وشعلة النور التي لن يبدد ظلام العرب غيرها، وفي نفس الوقت نحن الهدف الأعلى عند الشعوب المسلمة وعند أعدائها، فالعدو أكبر آماله أن يفسد الشباب ويبدد قدراتهم وأعظم آمال أمتنا تنصب على عاتقنا.

 

تعالوا يا شباب نقرأ ونتعلم ويبحث كلُّ منَّا في مجالٍ من المجالات التي يجد فيها نفسه وقدراته يقرأ فيها ويتعلم من أساتذتها ويتابع مفكريها ومعلميها؛ حتى يأتي اليوم الذي يكون هو المعلم والمبدع والمفكر، هيا نبني مستقبل الأمة بالعلم والاطلاع ونشر الثقافة بين أقراننا نهدي مَن حولنا الكتب، ونوزع ما أحسنَّا قراءته على مَن لا يملك كتبًا، حتى نشيع بيننا روح العلم فننهض ونرتقي، فتابعوا وتواصلوا مع أساتذة الفكر وعلماء العصر وتيقنوا أنهم لن يدخروا جهدًا في مساعدتكم، ولن يعلنوا الحرب عليكم، بل ستسعد قلوبهم وتبتهج نفوسهم حين يرون لهم نسلاً يمتد، يحيي ثقافة أمتهم ويعلم أبناء وطنهم، وعندها ستبدأ مرحلة الخلاص لتلك الأمة التي علَّمت الدنيا كلَّها.