لقد تحرَّك شباب مصر الشرفاء بصورة حضارية أذهلت الجميع في يوم الغضب، كما دعوا أهل مصر إلى جمعة الغضب، وإن المرء ليتعجَّب من حال البقية المترددة في التحرك حتى الآن:

تُفسد قيمها ومبادئها وأخلاقها فلا تتحرك

تُركل بالأقدام وتهان كرامتها فلا تتحرك

تُنهب ثرواتها وأرضها فلا تتحرك

تُعطى خيراتها وقراراتها لأعدائها فلا تتحرك

تُزور أصواتها في الانتخابات فلا تتحرك

يُمزَّق نسيجها الوطني فلا تتحرك

تُغرق في البحار والمجاري فلا تتحرك

تُحرق في القطارات والمسارح فلا تتحرك

تُجبر على إطعام أبنائها الحرام: ميتة أو طعاما مسرطنًا أو رشوة، فلا تتحرك

والأعجب من كلِّ ما سبق، أنهم يتساءلون في ذلة.. وماذا باستطاعتنا أن نفعل؟

 

لن أتكلم مع هؤلاء عن الدرس التونسي العظيم، لكنني أقول لهم تعلموا من الجاموس..
شاهدت ومعي الملايين فيلما منتشرًا على الإنترنت مدته حوالي 8 دقائق عن بعض الأسود وهي تحاول افتراس جاموسة صغيرة فرَّ أبواها، ثم شارك تمساح في محاولة افتراسها، لكن قطيع الجاموس يعيد تجميع نفسه في صفوف متراصة يشد بعضها من أزر بعض، ويقترب من الأسود وهو متردد في البداية، لكن مع مرور الثواني يشجِّع بعضه بعضًا، ويتقدَّم ويزيد اقترابه من الأسود، ثم يهاجمها.

 

الجاموس آكل العشب هو الذي هاجم الأسود المفترسة آكلة اللحوم، لم يجرؤ أسد واحد على مهاجمة جاموسة، ولم تتحد الأسود كما اتحد الجاموس، بل انشغل كل أسد لينجو بحياته، وهربت الأسود واحدًا تلو الآخر.

 

عادت الجاموسة الصغيرة إلى حضن أهلها، وانتصر الجاموس، وعاد سالمًا غانمًا، لم يفقد ضحية واحدة؛ بفضل شجاعته ووحدته في مواجهة الأسود المفترسة ملوك الغابة التي رحلت وهي تجرُّ أذيال الخيبة وتعض أناملها من الندم.

 

لم ينتظر الجاموس قوة خارجية لتنقذه، كما لم يتدخل أحد لإنقاذه، الجاموس فقط اتحد وأخاف الأسود.

 

نعم أَظْهَرَ لهم العين الحمراء والقرون القوية، لكن الجاموس لم يكن بحاجة إلى سلاح..
الجاموس لم يَقْتُل أو يجرح أو يحطم أشجار الغابة..

 

الجاموس لم يخرج عن النظام، واكتفى بحقِّه ولم يتعد على حقوق الآخرين..

 

الجاموس يستحق التقدير.. ويستحق الحياة الكريمة..

 

إنني أدعو الشباب والمعلمين والمربِّين والمصلحين والدعاة والمناضلين أن يقصُّوا على الناس جميعًا قصة الجاموس مع الأسود، وأن يجعلوهم يشاهدونها لعلهم يدافعون عن حقوقهم كما دافع الجاموس عن حقِّه في الحياة الكريمة.

 

إذا الشعب يومًا أراد الحياة      فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي            ولا بد للقيد أن ينكسر

رابط الفيلم: http://www.youtube.com/watch?v=OaZ2c8ccOAY

طالع ملفًا كاملاً عن يوم الغضب