حذَّر صبحي صالح، عضو لجنة التعديلات الدستورية، من إجراء انتخابات رئاسية قبل الانتخابات التشريعة، وقال: إن الأولى في الفترة الحالية بناء مؤسسات الدولة؛ حتى يأتي رئيس الدولة الجديد "متكتفًا" لا يستطيع أن يفرض أية إرادة على الشعب أو على المؤسسات المختلفة.

 

وحول فكرة سيطرة الإخوان في حال الانتخابات البرلمانية المبكرة، أكد صالح أن الإخوان وعوا تخوفات بعض القوى السياسية جيدًا، وأرسلوا رسائل تطمينات واضحة، من خلال إعلانهم أنهم لن يترشَّحوا بأكثر من 30% من مقاعد الشعب والشورى، كما أنهم لن يتقدموا إلى الانتخابات الرئاسية، ولن يكون لهم مرشح على هذا المقعد.

 

ودعا صالح- خلال الندوة، مساء أمس بنادي المهندسين، حول التعديلات الدستورية- القوى الوطنية والشعب المصري إلى الموافقة على التعديلات الجديدة، مشيرًا إلى أن هذه التعديلات نفسها تضمن فكرة إعادة صياغة دستور جديد من خلال لجنة تأسيسية.

 

وقال: "لأول مرة في تاريخ مصر توضع مادة في الدستور تحكم على الدستور نفسه بالإعدام، موضحًا أن المادة 189 (مكرر) ألزمت مجلس الشعب المصري القادم المنتخب بانتخاب جمعية تأسيسية من كل الأطراف والتوجُّهات، وكذلك الخبراء في مصر؛ لإعادة صياغة وبناء دستور جديد للبلاد".

 

وشدَّد على أن الخطر الذي يواجه الدولة في حال عدم الموافقة على التعديلات الدستورية هو فرض الأحكام العرفية العسكرية، موضحًا أن هذه التعديلات مقبولةٌ على الأقل في ضمان نزاهة الانتخابات، وتحقيق عدالة في الترشح، وضمانة في تمثيل حقيقي لما يريده الشعب، فضلاً عن أنها مختارة وواضحة المعالم الآن.

 

وأشار إلى أن الأحكام العرفية والحكم العسكري سيكون ملزمًا ولا استفتاء عليه، وقد يكون أشدَّ وأخطرَ من قانون الطوارئ، وقال: "يجب أن يعود الجيش إلى ثكناته بشكل عاجل، وأخوف ما أخشاه أن يستمرئ العسكر الحكم كما حدث في 1953م في ثورة الضباط الأحرار".

 

وأضاف: "أحذر من الأنانية في المرحلة القادمة، ومصر ستكون في أفضل حالاتها إذا نجحت المعارضة في الالتقاء، ومصر ملك الجميع، يبنيها الجميع، ويحميها الجميع، وأول من سيضيع في هذا البلد وفي هذه الظروف هو الأناني "حيضيَّع نفسه" وأي فصيل سياسي يحاول إقصاء غيره فهو غبيٌّ وأحمق، حتى وإن كان الإخوان أنفسهم، لكنهم حريصون كلَّ الحرص على عدم إقصاء أحد، وأن يشارك أطياف الشعب وتوجهاته الفكرية في المشاركة".

 

وألمح صالح إلى أن "الشرطة تلاعب الجيش" وأن أجهزة أمن الدولة- الذين صرفوا الملايين في انتخابات الشعب الماضية والذين لم يستفيدوا منه- يحاولون حرق الأرض وإفشال الثورة؛ لأنهم المتضرِّرون، وأول من ستحاسبهم الثورة، وقال: "بعض القوى السياسية ما زالت على علاقة بأمن الدولة، وتتعمَّد إثارة الفتنة والفرقة بين صفوف الوحدة الوطنية، وكشف عن ذهاب بعض هؤلاء إلى المجلس العسكري، وتقابلوا مع اللواء محمد العصار، وحذَّروه من سيطرة الإخوان على الحكم في حال إجراء الانتخابات مبكرًا، فقال لهم: "يكفيكم أد إيه عشان تبقوا انتوا الأغلبية والإخوان ما يسيطروش؟!" فلم يجبه أحد.

 

وأوضح أن هذا اللقاء قيل لهم في لجنة تعديل الدستور، وكان رد الجيش عليه: طمئنوا الناس أن كل من أخطأ سيُحاسب، والجيش لن يترك حق أحد حتى لو اضطر إلى أن يقوم بمحاكمات عسكرية.

 

وأضاف: المشير قال لنا: نحن عسكريون ولا علاقة لنا بالسياسة، والذي ستصيغه اللجنة سنوافق عليه، والمشير سامي عنان قال لنا: "إحنا مالنا بالسلطة وطلعونا من الموضوع ده في أسرع وقت، عايزين نرجع ثكناتنا، ونسلم السلطة لمدنيين".

 

وحول فكرة المجلس الرئاسي، أكد صالح أن أجهزة أمن الدولة يمكن أن تُسهم بشكل كبير في إحداث فرقة وجدل حول الأشخاص، فالأحزاب كلها ستطلب التمثيل، وعددها 28 حزبًا، وكذلك الحركات والقوى السياسية المختلفة؛ ما يعني صعوبةً إن لم يكن هناك استحالة للتوافق على أربعة أشخاص فقط.

 

وقال: "كما يمكن لأمن الدولة أن يقوم هو بالتعامل والتسيير لبعض الأفراد منهم؛ مما يعني أن أفضل الحلول في الوقت الحالي هو استمرار المجلس العسكري على ألا يطول بقاؤه".

 

وشدد عضو لجنة تعديل الدستور على أن اللجنة كانت تعمل بأداء أنها لجنة خبراء، منوط بها تعديل الدستور، وليس تغيير نظام الحكم وشكل الدولة، موضحًا أن فكرة تعديل نظام الانتخابات بالقوائم النسبية أو تغيير نظام الدولة إلى الشكل البرلماني أو كل هذه الأمور؛ تحتاج إلى جمعية تأسيسية وليس لجنة خبراء.

 

وقال: "كانت مهمتنا الأولى هي فتح الحريات بدلاً من إغلاقها بالقوانين الماضية ومعالجة عوار الدستور، فنحن كان أمامنا مريض لا بد من معالجته، فقمنا بمعالجته قدر المستطاع؛ ليعيش فترةً وجيزةً ثم اعتبرنا أن هذا المريض ميئوسٌ منه، وحكمنا عليه بالإعدام بعد أن يؤدي مهمته في عمل مؤسسة تشريعية".