لا شك أن أسمى ما ترنو إليه نفوس الشعب المصري الذي هو صاحب السيادة الوحيد، ومصدر السلطات في هذا البلد هو وضع دستور جديد يفي بمتطلباته وآماله، وعلى رأسها الحرية والعدل والمساواة والكرامة، ويرسي نظامًا شبه برلماني، يطبق نظام تداول السلطة والمساءلة، ويقضي على الاستبداد، والفساد المطلق الذي استشرى في العقود الماضية، وقد كان هذا ممكنًا وملحًّا لبناء هذا الوطن الحبيب؛ إلا أنه تقرر إجراء بعض التعديلات لتتلاءم مع المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد، لحين تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد.
وانتهت اللجنة المكلفة بتعديل المواد الدستورية في مصر من صياغة التعديلات الدستورية المقترح تعديلها، والتي تتعلق أهمها بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية، ومدة الرئاسة، وكذلك الإشراف القضائي على الانتخابات التشريعية.
وانتهت اللجنة من تعديل 8 مواد بدستور 1971م، وإلغاء المادة 179، وإضافة مادتين تحت المادة 189، وتم عرض التعديلات النهائية على المجلس الأعلى للقوات المسلحة؛ لطرحها للنقاش العام، مع إمكانية تعديل أي مادة، فيما لو اتفقت الآراء على تعديلات جديدة.
ونحن هنا في محاولة لوضع الرؤى والمقترحات والأفكار التي نرى أنها ضرورية، ولازمة خلال هذه المرحلة الانتقالية كمساهمة للنقاش العام، لخلق وعي دستوري لدى جماهير الشعب، وللوصول إلى توافق على إجراء بعض التعديلات على مشروع التعديل قبل عملية الاستفتاء الدستوري.
ولعل أهم ما ورد بالتعديلات الجديدة اشتراطات الترشح لرئاسة الجمهورية؛ بحيث يكون رئيس الجمهورية مصريًّا، ومن أبوين مصريين، وعدم حصول أي منهم، سواء المرشح، أو والديه، على جنسية أخرى بخلاف الجنسية المصرية، وألا يكون متزوجًا من أجنبية، وألا يقل سن الرئيس عن 40 عامًا ودون حد أقصى، واختصار مدة رئيس الجمهورية على دورتين متتاليتين، مدة كل منهما 4 سنوات، ولا يحق له الترشح مرة أخرى مدى الحياة، وأن يعين الرئيس خلال 60 يومًا على الأكثر نائبًا أو أكثر له.. ويحق له بعد موافقة مجلس الوزراء، ونصف أعضاء البرلمان طلب إصدار دستور جديد.
وإذ نثني على بعض ما قامت به اللجنة من جهود خلال هذا الأجل الضيق الذي كان متاحًا لها لإنجاز مهام عملها، ونؤيد العديد من المقترحات مثل فترات الرئاسة، ومدتها، وطريقة إعلان حالة الطوارئ أو مدتها، إلا أنه في نفس الوقت نعلن اختلافنا مع بعض المقترحات التي أعلنتها اللجنة، ونقدم رؤى بديلة لها، ونتطلع إلى بل نراهن على وعي الشعب وسعة صدر اللجنة والمجلس العسكري لهذه الرؤى، والاستجابة لها، ونوجزها فيما يلي:
أولاً: المادة 75 تنص على "يشترط فيمن ينتخب رئيسًا للجمهورية أن يكون مصريًّا من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون قد حصل أو أي من والديه على جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجًا من غير مصرية، وألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلادية".
ويلاحظ أنه بالنسبة للمادة 75 والتي تتعلق بالشروط التي يجب أن تتوفر في الشخص المرشح لرئاسة الجمهورية، والتي توجب بأن يكون مصري الجنسية، ومن أبوين مصريين، أُضيف إليها "ألا يكون هو أو أحد والديه حاصلاً على جنسية أجنبية، وألا يكون متزوجًا من أجنبية، وألا يقل سنه عن 40 عامًا.
ونختلف مع ما ورد بالمادة 75 من اشتراط جعل الحد الأدنى لسن الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية 40 سنة، وكذلك نختلف مع تجاهلها وضع حد أقصى لسن المرشح، فالأصل الدستوري أنه لا يجوز الفصل بين حق الانتخاب والترشيح، باعتبارهما حقين متلازمين، فمن يملك حق الانتخاب يملك حق الترشيح.. وإذ قدرت اللجنة الخروج عن الأصل العام واستندت إلى تقديرات أعضائها، نقترح ألا يقل سن المرشح عند تقديم أوراق الترشيح عن 35 سنة حتى نفتح الباب لقاعدة أوسع من المواطنين، كما نقترح النص في المادة 75 على ألا يزيد سن المرشح وقت تقديم أوراق الترشيح عن 65 سنة، لتأخر قدرات الإنسان بعد هذه السن.
وبالنسبة لعدم زواج المرشح الرئاسي من غير مصرية، فهذا الشرط يخالف مبادئ المحكمة الدستورية التي قضت في الحكم رقم 23 لسنة 16 قضائية بعدم دستورية البند السادس من المادة 73 من قانون مجلس الدولة، والتي كانت تشترط على من يُعيَّن بالقضاء ألا يكون متزوجًا من أجنبية؛ حيث أكدت المحكمة أن اختيار الزوجة جزء من الحرية الشخصية التي لا يجوز تقيدها، ووصفت مثل هذا الشرط بأنه يهدر الحق في المساواة بين المواطنين، والحق في تكافؤ الفرص بينهما، وبالتالي قضت بعدم دستوريته، ومن ثم لا يقبل وضع مثل هذا القيد في نص دستوري على حق من الحقوق العامة.
ونقترح أن يكون النص "وألا يكون متزوجًا من غير عربية"، حفاظًا على القومية العربية.
ثانيًا: المادة (76)، والتي تنص على "ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر".
ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشح ثلاثون عضوًا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب أو الشورى. أو أن يحصل المرشح على تأييد ما لا يقل عن ثلاثين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل؛ بحيث لا يقل عدد المؤيدين في أي من تلك المحافظات عن ألف مؤيد.
وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح، وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله.
ولكل حزب من الأحزاب السياسية التي حصل أعضاؤها على مقعد على الأقل بطريق الانتخاب في أي من مجلسي الشعب والشورى في آخر انتخابات أن يرشح أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية.
وتتولى لجنة قضائية عليا تسمى "لجنة الانتخابات الرئاسية" الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية، بدءًا من الإعلان عن فتح باب الترشيح، وحتى إعلان نتيجة الانتخاب.
وتشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسًا، وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة، وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض، وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة.
وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق، وأمام أية جهة. كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ، أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة في اختصاصها، ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنة.
وتشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التي تتولى الإشراف على الاقتراع والفرز على النحو المبين في المادة 88.
ويعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستور.
وتصدر المحكمة الدستورية العليا قرارها في هذا الشأن خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ عرض الأمر عليها، فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص، أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون، وفي جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزمًا للكافة، ولجميع سلطات الدولة، وينشر في الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره".
ويلاحظ أن هناك تعديلات محددة في المادة 76, وهي الخاصة بإجراءات ترشيح رئيس الجمهورية، والهدف من التعديلات في هذه المادة هو التقليل، والتخفيف من الشروط التي يجب توافرها في الشخص المرشح لرئاسة الجمهورية, وتمثلت في ثلاث نقاط، الأولى أن يؤيد 30 عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، أو الشورى الشخص المرشح لرئاسة الجمهورية, والثانية أن يحصل المرشح على تأييد 30 ألف مواطن من 15 محافظة بما لا يقل عن 1000 مواطن من كل محافظة, والثالثة يمكن لأحد الأحزاب القائمة، وله عضو واحد على الأقل في أي من مجلسي الشعب والشورى "المنتخبين" ترشيح عضو من أعضائه لرئاسة الجمهورية.
ولنا على هذه المادة العديد من أوجه النقد:
1- المادة 76 ما زالت من أطول مواد الدستور الموجودة بالعالم، وكان يمكن أما تقسيمها أو اختصارها على أن ترد التفصيلات في قانون انتخاب رئيس الجمهورية.
2- نختلف مع ما ذهبت إليه المادة 76 من اشتراط قبول أوراق الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية تأييد ثلاثين عضوًا من مجلسي الشعب والشورى لطلب المرشح، أو تأييد ما لا يقل عن ثلاثين ألف مواطن من خمس عشرة محافظة، إذ تُعد قيدًا على حق الترشيح، وتفتح الباب للتلاعب والفساد والرشاوى، ويجب الاكتفاء بما ورد من شروط في المادة 75، وأن نترك للشعب المفاضلة بين المرشحين عبر الانتخابات، فيجب ألا نثقل الحق في الترشيح بالعديد من القيود التي تقلص دائرة الاختيار بين الناخبين، وأن نلتزم بالأصل العام بأن من يملك حق الانتخاب يملك حق الترشيح، ولا نخرج على هذا الأصل إلا في أضيق الحدود.
3- لا يمكن قبول ما ذهبت إليه المادة 76 من جعل قرارات اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها، ونطالب بعدم تحصين أي عمل أو قرار عن رقابة القضاء، فمن غير المقبول إهدار الحق في التقاضي، باعتباره أهم صورة من صور الرقابة الشعبية لضمان صحة، ونزاهة العملية الانتخابية.
4- نعترض على تشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسًا، وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة، وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض، وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة؛ ذلك أن رئيس المحكمة الدستورية يتم تعيينه من قِبل رئيس الجمهورية، وأن أقدم نائب في الدستورية والنقض ومجلس الدولة معيار تحكمي قد يؤدي إلى نتائج غير مقبولة، وكان يجب أن تنتخب كل جهة من هذه الجهات من يمثلها، وتكون اللجنة من ثلاثة فقط منتخبين من الجهات الثلاثة المشار إليها.
5- نعترض على عرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستور من عدمه، فهو خروج على الأصل، وهو الرقابة الدستورية اللاحقة على القوانين، وغل يد المواطنين عن الدفع بعدم دستورية أي مادة من مواد قانون انتخابات رئيس الجمهورية، وتحصين دائم للقانون يفتقر لأي سند مشروع، كما أن تجريب القانون في الواقع العملي قد يوضح مثالبه التي لم تتضح من ظاهر النص، كما أن الرقابة اللاحقة تكفل حقوق الدفاع، وتتيح لأبناء الشعب تفنيد عيوب النص، ومدى مخالفته للدستور.
ثالثًا: المادة (77) تنص على "مدة الرئاسة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدة واحدة تالية".
وبالنسبة للمادة 77، نثني على ما قررته من أن تكون مدة رئيس الجمهورية أربع سنوات ميلادية، ويرشح لمرة واحدة بعد ذلك، أي يحق له الترشح لدورتين متتاليتين فقط.
رابعًا: فيما يتعلق بالمادة (88) والخاصة بالإشراف على الانتخابات, فقد نص المشروع الحالي على أن يكون الإشراف من الهيئات القضائية، بداية من الإشراف على الجداول الانتخابية، وحتى عمليات الانتخابات والفرز وإعلان النتائج.
وأكد قيام لجنة قضائية بحته بالإشراف الكامل على الانتخابات برئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا, وعضوية لجنة قضائية خماسية من محكمة استئناف القاهرة، ومحكمة النقض، ومجلس الدولة، والمحكمة الدستورية, كما تتولى جهات قضائية أيضًا الإشراف على اللجان الفرعية، وقد نص المشروع الحالي "أن يكون الإشراف من الهيئات القضائية، بدايةً من الإشراف على الجداول الانتخابية، وحتى عمليات الانتخابات، والفرز وإعلان النتائج".
وكنا نفضل أن تكون عضوية هذه اللجنة بالانتخاب من قبل كل من الهيئات القضائية الثلاثة، وعدم إشراف أعضاء هيئة قضايا الدولة على عمليات الانتخاب؛ الأمر الذي لا يستقيم مع طبيعة وظيفة أعضائها كمحامين للحكومة، يتولون الدفاع عنها أمام المحاكم، فلا يعقل أن تكون هيئة قضايا الدولة مشرفة على الانتخابات، وفي اليوم التالي تقف كخصم في القضايا التي يرفعها المواطنون طعنًا في إجراءاتها، فكيف تكون خصمًا وحكمًا في نفس الوقت؟.
خامسًا: المادة (93) تنص على " تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب.
وتقدم الطعون إلى المحكمة خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، وتفصل المحكمة في الطعن خلال تسعين يومًا من تاريخ وروده إليها.
وتعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ مجلس الشعب بقرار المحكمة".
ونرى أنه من غير الملائم إطلاقًا أن يترك أمر الفصل في مثل هذه المنازعات للمحكمة الدستورية العليا، وأن تظل الدستورية العليا تمارس مهامها برقابة دستورية القوانين، والتفسير، وتنازع الاختصاص، دون أن نثقلها بمهام أخرى، ونؤكد أن أقدر الجهات على الفصل في صحة العضوية هو مجلس الدولة، لعدة أسباب؛ أهمها أنه الجهة المختصة بالفصل في كافة المنازعات الإدارية، بما في ذلك المنازعات الانتخابية، وأنه الجهة المختصة بالفصل في كل المنازعات المتعلقة بالانتخابات قبل إعلان النتيجة، وأنه الجهة الأقدر، والأسرع على القيام بهذه المهمة، بما يمتلكه من قدرات بشرية، وخبرات عملية في مجال المنازعات الإدارية عمومًا، والانتخابات على وجه الخصوص.
سادسًا: المادة (139) تنص على "يعين رئيس الجمهورية خلال ستين يومًا على الأكثر من مباشرته مهام منصبه نائبًا له أو أكثر ويحدد اختصاصاته، فإذا اقتضت الحال إعفاءه من منصبه وجب أن يعين غيره.
وتسري الشروط الواجب توفرها في رئيس الجمهورية والقواعد المنظمة لمساءلته على نواب رئيس الجمهورية".
وبشأن المادة (139)، فإن التعديلات أوجبت على رئيس الجمهورية أن يقوم بتعيين نائب له خلال 60 يومًا على الأكثر من تاريخ مباشرة عمله، وإذا خلا منصب "النائب" يقوم بتعيين نائب آخر على الفور، ويشترط به ما يشترط به منصب رئيس الجمهورية، من أن يكون من أبوين مصريين، وألا يكون هو، أو أحد والديه حاملاً لجنسية أجنبية، أو متزوجًا من أجنبية.
سابعًا: المادة (148) تنص على "يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال السبعة أيام التالية، ليقرر ما يراه بشأنه.
فإذا تم الإعلان في غير دورة الانعقاد وجبت دعوة المجلس إلى الانعقاد فورًا للعرض عليه، وذلك بمراعاة الميعاد المنصوص عليه في الفقرة السابقة.
وإذا كان مجلس الشعب منحلاًّ يعرض الأمر على المجلس الجديد في أول اجتماع له، ويجب موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب على إعلان حالة الطوارئ.
وفي جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر، ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك".
وبالنسبة للمادة (148) الخاصة بحالة الطوارئ، فإن التعديل يتضمن أن يكون الإعلان عن حالة الطوارئ بعرضها على مجلس الشعب خلال سبعة أيام فقط, ويدعى المجلس فورًا للانعقاد إن لم يكن موجودًا, وألا تزيد مدة حالة الطوارئ عن ستة أشهر، يتم بعدها استفتاء شعبي، ويتقرر من خلاله مدها.
ثامنًا: أما فيما يتعلق بالمادة (179), والخاصة بقوانين الإرهاب, فقد تم إلغاؤها كاملة.
تاسعًا: بالنسبة للمادة (189) والخاصة بتعديل الدستور, أضيفت إليها فقرة جديدة تتعلق بطريقة تعديل وتغيير الدستور، ورد فيها "ولكل من رئيس الجمهورية وبعد موافقة مجلس الوزراء، ولنصف أعضاء مجلسي الشعب والشورى، طلب إصدار دستور جديد، وتتولى جمعية تأسيسية من مائة عضو، ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين من غير المعينين في اجتماع مشترك، إعداد مشروع الدستور في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض رئيس الجمهورية المشروع خلال خمسة عشر يومًا من إعداده على الشعب لاستفتائه في شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء".
وكنا نفضل أن تكون الجمعية التأسيسية خليطًا بين الكفاءات التي تمثل جميع القوى السياسية والاجتماعية، والثقافية والدينية وكل الفئات والمهن، ومجموعة منتخبة من مجلسي الشعب والشورى، فمن ناحية فقد لا تكون كل هذه الأطياف ممثلة في المجلسين، ومن ناحية ثانية، فهذه التعديلات ستجعل القوى السياسية صاحبة الأغلبية في المجلسين، تنفرد بوضع الدستور.
عاشرًا: المادة (189 مكرر) تنص على "يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى تاليين، لإعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور، لاختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها إعداد مشروع الدستور الجديد خلال ستة أشهر من انتخابهم؛ وذلك كله وفقًا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 189".
الحادي عشر: المادة (189 مكرر 1) تنص على "يمارس أول مجلس شورى بعد إعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور بأعضائه المنتخبين اختصاصاته.
ويتولى رئيس الجمهورية، فور انتخابه، استكمال تشكيل المجلس بتعيين ثلث أعضائه. ويكون تعيين هؤلاء لاستكمال المدة الباقية للمجلس على النحو المبين بالقانون".
وقد تقرر تعديل المادة (189 مكرر) التي تتعلق بالوضع الحالي، وانتخابات مجلسي الشعب والشورى الحالية؛ بحيث يجتمع المنتخبون من هذين المجلسين، ويشكلون لجنة تأسيسية من مائة عضو لإعداد دستور جديد للبلاد خلال 6 أشهر من انتخاب المجلسين, ويكون مدة الاستفتاء عليه 6 أشهر أيضًا، ولا شك أن للمادة (189) مكرر واحد "حالة زمنية وقتية، "بالنسبة لمجلس الشورى يقوم الناخبون باختيار ثلثيه بالانتخاب حتى يتمكنوا من اختيار رئيس الجمهورية الذي سيقوم بدوره بتعيين الثلث الأخير لمجلس الشورى.
وأخيرًا.. خلت التعديلات المقترحة من تعديلات تكفل وتضمن حق المصريين في الخارج في التصويت، سواء عبر الاستفتاءات العامة، أو الانتخابات العامة، كما خلت من إلغاء المادة (87) الخاصة باشتراط أن يكون نصف عدد أعضاء مجلسي الشعب والشورى على الأقل من العمال والفلاحين، والمادة (134) الخاصة بجواز أن يكون رئيس الوزراء، أو الوزراء أعضاء بمجلس الشعب أو الشورى، والتي تعد انتهاكًا للحق في المساواة وتكافؤ الفرص، والمادة (62) التي تنظم الحقوق السياسية، وتنطوي على تمييز لصالح المرأة وهو ما يعرف بكوتة المرأة.
لذا يجب على لجنة تعديل الدستور الاستماع إلى كل وجهات النظر، وإعادة النظر في مشروع التعديل قبل عرضه على الشعب، والعمل على زيادة الوعي الدستوري لدى الشعب، ومنح الشعب إمكانية تجزئة التصويت؛ بحيث يوافق على ما يريد ويرفض ما لا يريد، ولا يتم الاستفتاء على التعديلات كحزمة واحدة، فلن يقبل الشعب بعد ثورة 25 يناير إلا ما يتفق وإرادته ويصون كرامته ويحمي سيادته.
------------------
* نائب رئيس مجلس الدولة- والخبير الدولي في حقوق الإنسان