بعد رحلة طويلة الدعوة والجهاد والتضحية دامت قرابة ستة عقود رحل القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين، وأحد مؤسسي وقادة حركة "حماس"؛ الشيخ محمد حسن شمعة؛ ليلحق بقوافل السابقين في مسيرة الحق والقوة والحرية، وهو على رأس مجلس الشورى لحركة حماس في فلسطين.

 

ففي يوم الجمعة المبارك (10/6) انتقل أبو الحسن (74 عامًا) إلى ربه بعد ثلاثة أيام من إصابته بجلطة دماغية، وكان يتولى- حتى وفاته، رحمه الله- منصب رئيس مجلس شورى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في فلسطين.

 

الولادة والتهجير

القيادي شمعة من مواليد (25/08/1935م)، في مدينة المجدل داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948م، قبل أن يتجرَّع مرارة التهجير عام 1948م طفلاً وهو في الحادية عشرة من عمره، مع عائلته وآلاف الفلسطينيين إلى قطاع غزة، التي شهدت التحاقه بجماعة الإخوان ليمضي مع قافلة الإيمان، وسرعان ما أصبح أحد أبرز قادتها.

 

تلقى الشيخ داخل بلدته شيئًا من التعليم الابتدائي، ثم أكمل تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين الابتدائية بقطاع غزة؛ حيث أكمل دراسته الثانوية في مدرسة فلسطين الثانوية بغزة، وحصل على شهادة الثانوية العامة في أواخر العام الدراسي 1954- 1955م، وعمل بعدها في مدارس وكالة الغوث قرابة 41 عامًا منذ العام 1955م، واستمر حتى 1996م، وهو متزوج وأب لتسعة أبناء، بينهم ثلاثة ذكور وست بنات.

 

الالتحاق بالإخوان

وخلال فترة الدراسة في المرحلة الثانوية (1953) تعرَّف على الدكتور الشاعر عبد الرحمن بارود، أحد مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين بفلسطين، وسرعان ما التحق به مبايعًا وجنديًّا في طريق الدعوة.

 

وبدأ هو وإخوانه عبد الرحمن العمصي وسعيد المزين، إلى جانب بارود في ممارسة العمل الدعوي قبل أن يضطروا لوقف العمل الظاهر؛ نتيجة للملاحقة من قبل النظام المصري، وانفراط عقد الإخوان في ذلك الوقت نتيجة الهجمة الشرسة عليهم.

 

ويقول شمعة- في مقابلة سابقة مع "المركز الفلسطيني للإعلام"- إنه بالرغم من صعوبة الأوضاع في تلك الفترة بقيت هناك بعض اللقاءات والنشاطات، وكان يتردد على بيته الأخ شعبان البغدادي؛ الذي عن طريقه تقريبًا انضمَّ الشيخ الشهيد أحمد ياسين إلى الإخوان.

 

وفي تلك الفترة انضمَّ الشيخ إلى أسرة إخوانية كان نقيبها أسعد الصفطاوي، وبعد هذه الفترة حصل انقطاع كان خلالها مستمرًّا في الاطِّلاع على كتب الإخوان، عن طريق محمد الغرابلي؛ الذي كان يحضر له بعض كتب الإخوان الخاصة بسيد قطب، وحتى لا يتم الالتفات إلى ما في هذه الكتب كان يتم نزع الغلاف الخارجي للكتاب ويوضع عليه غلاف آخر، قبل أن يتجدد العمل وهذه المرة مع الشيخ الإمام المؤسس أحمد ياسين.

 

تجديد العمل مع الإمام الياسين

بدأت معرفة الشيخ شمعة بالشيخ الإمام أحمد ياسين بعد حدوث النكسة، وعن ذلك يقول أبو الحسن شمعة: "كانت بدايات معرفتي بالشيخ في عام 1967م، وذلك بعد حدوث هزيمة يونيو 1967م، وكنت أعمل معلمًا في مدرسة غزة الجديدة القريبة من معسكر الشاطئ، وكانت حركة الإخوان المسلمين قبل هذا العام مطاردةً من قبل الإدارة المصرية، وكان المتدين في هذه الفترة أشبه بالمنبوذ في المجتمع، وحتى في أجواء العمل في المدرسة قلما كنت تجد مدرسًا واحدًا أو اثنين يقومون للصلاة، وهكذا كان هو الجو السائد في الستينيات".

 

ويتابع أبو الحسن شمعة حديثه عن الظروف التي تعرف بها على الشيخ أحمد ياسين قائلاً: "بحكم معرفة المدرسين بأني متدين، تحدثوا أمامي عن الشيخ أحمد ياسين، وهم متشوقون إلى التعرف عليه، وبالفعل ذهبت مع بعض المدرسين إلى الشيخ في بيته في معسكر الشاطئ الشمالي، ودخلنا غرفته الصغيرة، وكانت ملأى بالشباب، وقام المعلمون الذين رافقوني إليه بتقديمي إليه، وبعد التعارف، وأثناء الجلوس معه شعرت بمدى الاهتمام الذي يعطيه لجلسائه، وأعجبت بحديثه من الجلسة الأولى، وأصبحت أتردد عليه دائمًا وبشكل شبه يومي، وبدأت أيضًا أصلي في المسجد الشمالي (حاليًّا مسجد أحمد ياسين)، وهذا المسجد الذي كان يصلي فيه وانطلقت منه دعوته".

 

شمعة الذي انتقل بعد عام 67 للسكن من حي الدرج إلى مخيم الشاطئ، أشار إلى أن الشيخ اضطر أيضًا إلى استئجار بيت بالقرب من منزله الجديد، وذلك بعد أن كثر زوَّاره من الشباب، وهكذا توثقت علاقتي به أكثر فأكثر.

 

ويقول شمعة عن تلك الفترة: "لقد كنت أقضي معه وقتًا كبيرًا، وكنت أستمر حتى وقت متأخر من الليل، وفي إحدى الليالي عرض عليَّ الانضمام لحركة الإخوان المسلمين التي كانت لي علاقات مع شخصيات منها سابقًا".

 

وبعد قبول الشيخ شمعة الانضمام إلى الإخوان يكمل حديثه عن الشيخ ياسين: "أبلغني عن موعد لقاء كان للأسرة أو مجلس النقباء الذي انضممت إليه، وبالفعل أصبحت عضوًا في مجلس النقباء، وكان حينها في غزة مجلسان للنقباء؛ واحد في غزة البلد، والثاني في مخيم الشاطئ، وكان من ضمن مجلس مخيم الشاطئ الشيخ الشهيد".

 

وكان شمعة حاضرًا مع الانطلاق الحقيقي لدعوة الإخوان المسلمين في بدايات عام 1969م، وذلك تقريبًا بعد سنتين من إعادة إحياء التنظيم عام 1967م، جنبًا إلى جنب مع الشيخ ياسين وعدد قليل من الإخوان؛ حيث عملوا على إعادة تنظيم وتفعيل جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة.

 

المشاركة في تأسيس حماس

- شارك مع الشيخ أحمد ياسين وعدد من القادة في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في ديسمبر 1987م.

 

- وتعرض للاعتقال في سجون الاحتلال في سبتمبر 1988م، ومكث نحو ثلاثة عشر شهرًا في الاعتقال.

 

- وأبعد مع المئات من قيادات وكوادر حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى مرج الزهور في ديسمبر 1992م.

 

- شغل العديد من الأدوار الاجتماعية، منها: نائب رئيس مؤسسة المجمع الإسلامي في غزة منذ العام 1985م وحتى عام 2003م، وعضو مجلس أمناء الجامعة الإسلامية من العام 1993م، وحتى وفاته رحمه الله، ورئيس مجلس أمناء مدارس دار الأرقم حتى وفاته رحمه الله.