تمر مصر الآن بحالة مخاض، بقلقها وآلامها، وآمالها وأحلامها.. وينتظر الشعب المصري وليده الجديد، المتمثل في الوصول إلى حالة الاستقرار المبنية على ديمقراطية حقيقية، تؤكد سيادة الشعب وحقه في وضع دستوره واختيار نوابه وحكامه، كأساس لتحقيق النهضة والبناء والعدالة الاجتماعية والإخاء والحرية واستقلال القضاء.
لقد قال الشعب كلمته في استفتاء مارس الماضي وكان على الجميع أن ينصت، واتخذ قراره وكان على الجميع أن يمتثل، إلا أن فئةً قليلةً لم يحترموا هذه الإرادة الشعبية، ودعوا إلى وضع الدستور؛ في التفافٍ واضحٍ على نتائج ذلك الاستفتاء، واغتصابٍ صريحٍ لحق الهيئة التأسيسية التي سينتخبها البرلمان ويسند إليها وضع الدستور، إضافةً إلى إهدار حق الشعب في منح نفسه الدستور الذي يريد، فالدستور يصدر من الشعب، ثم يوافق عليه الشعب، في استفتاء عام، ولا يهبط عليه من فئة ما، فلما رفضت القوى الوطنية والسياسية اغتصابهم لهذا الحق، شرعوا في وضع مواد أسموها مواد فوق دستورية، وهذا أيضًا ليس من اختصاصهم، والأدهى أنهم زعموا أنهم يفعلون ذلك بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو ما أثار الريبة والبلبلة بين الناس، ودعاهم إلى الدعوة للتظاهر يوم الجمعة 29/7/2011م؛ حفاظًا على حقوق الشعب وسيادته، واحترامًا لاختصاصات الهيئة التأسيسية المنوط بها كتابة الدستور.
والإخوان المسلمون يعلنون مشاركتهم في هذه الفعاليات، ويطلبون من الآن من المجلس العسكري أن يحدد موقفه من هذه القضية، وأن يعلنه على الملأ، وخصوصًا أن الغالبية العظمى من الشعب ترفض مسلك هذه الفئة، إضافةً إلى أن هذا المسلك يتعارض مع الإعلان الدستوري، كما أنه يكبِّل الإرادة الشعبية وحرية الهيئة التأسيسية.
ولا ريب أن إعلان المجلس العسكري برفض مسلك هذه الفئة وامتثاله لإرادة الشعب واحترام الدستور؛ من شأنه أن يهدِّئ النفوس، ويطمئن الناس، ويزيل اللبس والاحتقان، وفي هذه الحالة فإن الإخوان سينزلون إلى الميادين لدعم هذا التوجه، والدعوة إلى الاستقرار، وإتاحة الفرصة للوزارة لتلبية المطالب الشعبية ومتابعتها في ذلك.
والإخوان المسلمون يعلنون- رغم ذلك- استنكارهم الشديد لكل المحاولات المشبوهة للوقيعة بين الجيش والشعب، ويقدِّرون موقف الجيش في حماية الثورة والبلاد، ويدينون كل الإدانة محاولة الاعتداء على مقرات الجيش والصدام معه من قلة لا ندري بواعثهم، ولكننا نؤكد أن هذا الصدام هو غاية قوى كثيرة في الداخل والخارج؛ أملاً في إجهاض الثورة ونشر الفوضى وخراب البلاد.
وقى الله مصر من كل المؤامرات والشر، ووفَّق أبناءها، مدنيين وعسكريين، إلى الحكمة والصواب، وجمع قلوبهم على الهدى والرشاد.
الإخوان المسلمون
القاهرة في: 22 من شعبان 1432هـ= الموافق 23 من يوليو 2011م